فخ التلفزيون !!
إعجاب فانجذاب فتحكّم انتبه! هكذا تقع في فخّ التّلفزيون!
إنّه ينقل إليك العالم إلى بيتك، فترى بعينيك وتسمع بأذنيك، وتتلذّذ بقضاء وقت ممتع معه. إنّه جذّاب من الطّراز الأوّل، وصُورة حيّة متحرّكة، وألوان وصوت. تجلس أمامه فيمتلكك، والموعد معه لا يُؤجّل. حديث العهد، وغنيّ عن التّعريف، إذ له مكانة محفوظة في كلّ بيت. إنّهاختراع ناجح من دون منازع، ومميّز وذكيّ بقدر ذكاء مُخترعه. ولكن انتبه! إ نّه مرض فتّاك وخطر!
لا شكّ في أنّ التّلفزيون من أنجح وسائل الإعلام وأجذبها؛ فالتّقنية الّتي يعمل على أساسها تجعل منه وسيلة إعلاميّة مميَّزة عن سائر الوسائل الأخرى المعروفة، بخاصّة الرّاديو والصّحيفة، إذ إنّ الصّورة الّتي يبثّها مرفقة بالصّوت هي سرّه أوّلاً وأخيرًا. ومنذ ولادة هذا الاختراع إلى يومنا هذا، ازدادت وظائفه وتنوّعت: فهو وسيلة إعلام وأخبار، وتثقيف وتنشئة، وتسلية وترفيه، وإعلان وتسويق... وعلى الرّغم من وظائفه البنّاءة، للتّلفزيون آفتان رئيستان: الأولى، برامجه الّتي يمكن أن تكون فاسدة ومُفسِدة؛ والثّانية، كثرة مشاهدته الّتي يمكن أن تؤثّر سلبًا في الإنسان.
وتحت هذين العنوانين العريضين، تندرج مساوئ كثيرة، أهمّها أنّه:
- يتحكّم في وقتك، فيُبرمِج حياتك على أساس شبكة برامجه.
- يقتل وقتك، ويشلّك عن الحركة والقيام بواجباتك أو ممارسة مواهب تحبّها، ويتحوّل بذلك إلى وسيلة تسلية رئيسة، على الرّغم من وجود وسائل تسلية أخرى أكثر نفعًا وتشغيلاً للفكر.
- يعلّم الكسل واللاّمبالاة والإهمال، فتُبَدّي برامجه على ما هو أهمّ وأوّلي، وهذا يمنعك بالتّالي من تحقيق أهدافك، ويجعل منك إنسانًا سطحيًّا يتجنّب الغوص في التّفاصيل والتّعمّق في الدّرس.
- يحدّ من اتّصال أفراد العائلة الواحدة بعضهم ببعض، إذ يكون الكلّ مأخوذًا بالمشهد؛ فالصّمت تامّ والكلام ممنوع. كما يخلق نوعًا من الوحدة والانعزال مع شاشة التّلفزيون، بخاصّة في البيوت الّتي تملك أكثر من جهاز واحد.
- يُصبح مصدر إزعاج لأهل البيت، وللزّائرين والجيران.
- يُضعف النّظر، ويشدّ أعصابك نحوه، ويمنعك من النّوم، ويُعوِّد جسدك على الكسل.
- يُصيِّر المسلسلات والبرامج حديث النّاس، فيلهجون بها في الصّالونات أو على الهاتف.
- يقود المُشاهِد، بخاصّة الأولاد والمراهقين، إلى تقليد أبطال المسلسلات؛ فيحاولون تقليدهم في التّصرّف والكلام، ويتّخذونهم مثالاً أعلى لهم.
- يُشجّع المراهقين، في بعض أفلامه، على العنف والإجرام والفساد الأخلاقيّ، فيتصرّف المشاهِد متأثّرًا بما يسمع ويرى.
- يبثّ المبادئ المغلوطة وغير الأخلاقيّة ، ويفرضها على مجتمعنا الشّرقيّ، ضاربًا بذلك قِيَمنا، وقالِبًا المقاييس الّتي نتربّى عليها.
هذا، وتؤثّر هذه السّيّئات روحيًّا في المؤمن الّذي يجلس أمام شاشة التّلفزيون متابعًا برامجه، فينتج من ذلك:
- تحكّم التّلفزيون فيه وقتل إرادته.
- شلّه عن القيام بالخدمات الرّوحيّة، كالصّلاة وقراءة الكتاب المقدّس، أو أيّ موهبة روحيّة.
- منعه من التّقدّم في النّموّ الرّوحيّ.
- جعله إنسانًا غير اجتماعيّ، فيفقد بالتّالي محبّته للخطاة والإخوة.
- الحدّ من صدى شهادته للجيران والزّائرين عندما يرونه مُسمّرًا أمام شاشته.
- إرهاقه جسديًّا بالسّهر أمامه.
- عمله على تحطيم مبادئه الرّوحيّة والأخلاقيّة، وبثّه فيه مبادئ سامّة ومغلوطة تتضارب مع إيمانه الكتابيّ.
- حلول مشاهده ومؤثّراته الصّوتيّة، في ذهنه وذاكرته وفكره، مكان كلمة الرّبّ.
- تحوّل مسلسلاته وبرامجه محطّ أحاديثه، فيلهج بها بدلاً من كلمة الرّبّ.
- قيادته المؤمن إلى التّمثّل بأبطال الأفلام وبمواقفهم وتصاميمهم، ناسيًا مثاله الأعلى الرّبّ يسوع المسيح.
قد تتفاوت هذه الظّواهر بين مؤمن وآخر. فإذا كنتَ من مُشاهدي التّلفزيون، فسوف تلاحظ جميع هذه الظّواهر فيك، أو ربّما بعضها. وممّا لا شكّ فيه، أنّ للتّلفزيون جاذبيّة كبيرة. لاحظ نفسك عندما تنجذب إلى أحد برامجه، فتتابعه حتّى النّهاية ولا تفوِّت عليك فرصة مشاهدة أيّ حلقة من حلقاته. وبعد انتهائه، تبدأ بالبحث عن محطّة أخرى؛ فتُصبح أسيرها، وتحفظ شبكة برامجها وأوقاتها، وتتابعها جميعها. وهكذا، يتحكّم بك تحكّمًا تامًّا، كما إحدى السّيّدات الّتي تستيقظ عند بدء البثّ التّلفزيونيّ، وتنام عند انتهائه.
ما هو الحلّ؟
التّلفزيون في بيتك، هذا واقع لا مفرّ منه. ولكنّ الحلّ يبقى بين يدَيك ورهن إرادتك؛ فلَمْ ولَنْ يُجبرك أحد على مشاهدته أو عدم المشاهدة. ابحث بإخلاص في المنافع والأضرار التي تُسبّبها مشاهدة الشّاشة فيك، وقرّر لنفسك كيفيّة استخدامها. ولا تنسَ، أنّ انشغالك بالأمور الرّوحيّة والخدمة سوف يوجّه أنظارك عن التّلفزيون نحو شخص الرّبّ. وبالتّالي، تصير إنسانًا حرًّا من قيوده، ومنتصرًا على شروره، ونافعًا للآخرين، ومُثمِرًا في الحياة الرّوحيّة.