╬ الهــزيع الرّابــــــع ... ╬

الهزيع الرابع .. وضـعَ لسقوط وقيام كثيرين :
قسم الشعب في القديم الليل الي أربعه فترات . والهزيع هو فتره زمنيه تمتد الي ثلاث ساعات. فكان الهزيع الأول يبدأ من الساعه السادسه مساء الي التاسعه مساء ثم الهزيع الثاني من الليل يبدأ من الساعه التاسعه الي الثانيه عشر والهزيع الثالث من منتصف الليل وينتهي الساعه الثالثه بعد منتصف الليل والهزيع الرابع يبدأ من الساعه الثالثه الي الساعه السادسه من صباح اليوم التالي. وكما هو معروف ان اشد الساعات ظلمه هي الساعه التي تسبق فجر النهار. فيكون الهزيع الرابع من الليل هو أشد الساعات ظلاما . وشبه اباء الكنيسه الهزيع الرابع بعمق التجربه التي قد يعبر فيها الأنسان فكما انها اشد الساعات ظلمه فهي ايضا الساعه التي يأتي فيها الله منقذا ومعصبا وشافيا ويكون مجيئه في هذا التوقيت كشبيه للفجر الذي ينبثق من عتمه الظلام و تأمل الأباء كثيرا في الهزيع الرابع من الليل الذي احاطت فيه الأمواج بسفينه التلاميذ وهم يبحرون ليلا
" متي 27 : 14 "
فكادت السفينه التي تقلهم ان تغرق وصرخ هؤلاء الصيادين الذين تمرسوا طوال حياتهم في البحر وأعتادوا امواجه وضجيجه ولكن لم تصمد معرفتهم وخبرتهم امام هول االعاصفه في تلك الليله الي أن جاء رب المجد لهم ماشيا علي المياه فكان هو الفجر الذي أنبثق من حلكه الليل! ليس هناك قامه روحيه تعلو امام تجارب الله ! فأذا ظن أنسان في نفسه انه شئ أتي الله بموج يفوق قامته ويعلوها ! هكذا هو الله لايكف عن ان ينقي بيدره ولا يتواني عن ان يقلم اغصان كرمته وكلما أثمر غصن وأتي بثمار. ينقيه الكرام الأعظم لكيما يأتي بثمر أكثر
" يوحنا 1 : 15 " .
ونحن البشر أغصان في كرمه الله وهو له المجد الكرام الأعظم ومثلنا كمثل الأغصان الطبيعيه بعضنا لايحتمل ريح التجربه القويه ولا بروده الهزيع الرابع من الليل فينكسر للتو ويسقط. والبعض الأخر منا يثبت في الشجره ويتمايل مع ريح التجربه يمنا ويسارا ويئن ويصرخ من الألم وقد يتذمر ويعلو صوته ويعطي ظهره للرب ويشكو عدم عدله متمنيا لو لم يكن قد عرف طريقه يوما ولولا مراحم الكرام لتركه لحال سبيله فينكسر ويجف ويجمعونه ويحملونه بعيدا حيث لاينفع نفسه ولا غيره ! أن الهزيع الرابع من الليل هو وقت التجربه الذي وضع لسقوط وقيام كثيرين ! وهناك منا أيضا الأغصان الغليظه القويه والتي تتباهي بعمق وطوال عشرتها في الكرمه ويأتي عليها الوقت فيرتفع قلبها وتشمخ روحها وبدلا من ان تستر بظلها الذين يلجأون ليستظلوا بأوراقها تقوم وتنتهروتتسلط فيهرب منها من ظنها ملجأ من قيظ النهار وحراره الشمس فيأتي الكرام بغضب شديد وينقي هذا الغصن السميك ويقلمه بسكين هنا وهناك حتي يئن الغصن من الألم ويصرخ الي الكرام : كفاني وكفي والكرام يسد أذنيه الي ان يفرغ من عمله وعندما ينتهي من تأديبه يستدير الي الغصن السميك قائلا : العلك كنت تقول كفي ! فيبكي من ارتفع قلبه قائلا : ماتراه حسنا في عينيك هذا أفعله! نعم ليس هناك قامه تعلو امام تجارب الرب! وهناك مننا أغصانا أخري ترتجف من مشرط الكرام مهما طال بها زمن معرفته وتثمرفقط لأجل الخوف من التجارب لعل الكرام ينظر ويرحم ويبعد تجارب تنقيته عنها فلا هزيع اول تحتمله فكم يكون بالرابع والكرام الطيب فاحص القلوب والكلي يترأف علي هؤلاء فيعبر بتجاربه عنهم فيتنفسون الصعداء وهم لايعرفون أنهم قد خسروا مذاق عشره الكرام ومتعه الألم الذي يثمر ثلاثون وستون ومائه! وهناك قديسين يعيشون بيننا وهم كالأغصان المورقه المثمره والتي تنحني من ثقل وكثره ثمارها . هؤلاء المثمرون المختبرون يشتاقون الي الكرام متي يأتي ويرهفون السمع الي خطوات قدميه ويتساوي معهم مشرط التقليم او ان يربت بكفه الحنون عليهم ! فالتجارب وألمها أو لمسه اليد الشافيه وحنوها كلاهما بيد الكرام الأعظم وهذا يكفي . هؤلاء يأتي الكرام بأولاده ويستظل تحت اوراقهم اما هم فطوباهم . الهزيع الرابع لهولاء هو ضيقه يروا فيها الله ويتنعمون بقربه ويسكرون بحبه وحلاوه تسبيحه ويسمعون صوت المسيح القائل لهم " أنتم الذين ثبتم معي في تجاربي" لوقا22:28. قد يسمح الله يوما لأي منا ان يجتاز الهزيع الرابع من الليل فلعلنا نتذكر حينئذ أنه الظلام الذي يلد فجر النهار وأن "الذي يصبر الي المنتهي فهذا يخلص
" متي 10 : 22 "
المصدر / الأهرام القاهريّـــة .