من التاريخ ..
تعرف إلى قصة " أوغست لاندمسر " الألماني الذي رفض تحية الزعيم النازي هتلر !
بقلم / سفيان عشي :
لا يمكننا معرفة العدد الكبير من الرجال في تلك الصورة الذين كانوا يتصرفونبداعي
الخوف والرعب، فكلهم كانوا واعين جدا بأن عدم تحية الـ ” الفهرر “ Fuhrer هو بمثابة
إمضاء شهادة الوفاة الشخصية بنفسك.
وعندما تعرف بأن الرجل الواقفأمام كل ذلك الحشد هو الزعيم النازي أدولف هتلر،
يجعل هذا ذلك العصيان والتمردأكثر إثارة للإعجاب، لكن ما قد يبدو كفعل نابع عن التمرد والتعدي الصارخ
على المبادئ النازية ورموزها، كان في الواقع نابعا عن الحب، فقد كان ( أوغست لاندمسر )
الرجل الذي رفض تحية هتلر متزوجا من امرأة يهودية.قصة أوغست لاندمسر
وحركته المتمردة ضد الحزب النازي الحاكم .
في سنة 1930، كان الإقتصاد الألماني يعاني كثيرا ويتقهقر، كما أدت طبيعة عدم الإستقرار
التي ميزت النظام الحاكم آنذاك إلى سقوطه في نهاية المطاف وبروز الإنتهازيين وتسلمهم
مقاليد السلطة في البلد، أي نشأة حكومة أدولف هتلر والحزب النازي.
وباعتقادهأنه بحصوله على الإرتباطات الصحيحة بإمكانه أن يحصل على عملفي خضم
ذلك الإقتصاد المتقهقر، أصبح لاندمسر من الناشطين في الحزب النازيالذي بدا واعدا آنذاك،
ولم يكن يعلم ما يخبؤه له المستقبل، ولم يكن يعلم كذلك أن قلبه سيقوم في القريب العاجل
بتخريب أي تقدم كان قد أحرزه في مضماره السياسي القصير ذلك.في سنة 1934،
إلتقى لاندمسر بـ ( إرما إكلر) ، وهي امرأة يهودية، ووقع الإثنان في زمن قصير
في حب بعضهما، فتسبب تقدمه لخطبتها بعد عام على علاقتهما بطرده من الحزب النازي،
ثم تم رفض طلب زواجهما من طرف السلطات بداعي القوانين الجديدة
في النظام الحاكم الجديد .رزقا بعد ذلك بابنة أطلقا عليها اسم ( إنغريد ) في شهر أكتوبر
من نفس السنة،وبعد سنتين لاحقا، في سنة 1937 بالضبط، قامت العائلة الصغيرة
بمحاولة فاشلة في الهروب إلى الدنمارك، عندما تم احتجازها على مستوى الحدود،
تم إلقاء القبض على إثر ذلك على ( أوغست ) ووجهت إليه تهمة ” إهانة العرق الآري “ ،
وتم سجنه على الفور ،خلال المحاكمة، إدعى الإثنان عدم معرفتها بالأصول اليهودية
لحبيبته ( إرما ) ، حيث أنها صرحت بأنها قد تم تعميدها في الكنيسة البروتستانتية بعد
أن تزوجت أمها للمرة الثانية .في شهر مايو من سنة 1938، تمت تبرئة ساحة أوغيست
لعدم توفر الأدلة الوافية،لكن ذلك لم يثن المحكمة من توجيه تحذير شديد إليه أنه
قد يتعرض لعقوبات قاسية جدافي حالة ما تجرأ على إعادة سلوكه المهين ذلك.
وقد كانت السلطة القضائية عند كلمتها آنذاك،حيث أنه بعد شهر فقط تم إلقاء القبض مجددا
على أوغيست وتم الحكم عليه بالإقامة الجبريةلمدة ثلاثين شهرا في مخيم محتشد،
ومنه فإنه لن يرى زوجته الحبيبة مجددا.
في هذه الأثناء، تم تمرير قانون يقضي باعتقال الزوجات اليهوديات للرجال الألمان
الذين يقومون بـ ” تدنيس العرق وإهانته “ ، ومنه تم إلقاء القبض على ( إرما )
من طرف الغيستابو ( وهي الشرطة السرية النازية ) وتم اقتيادها إلى العديد
من السجون ومخيمات الإعتقال والمحتشدات، اين قامت بإنجاب ( إرين ) ،
إبنتها الثانية من ( أوغيست ) .تم إرسال كلا الطفلين إلى دار للأيتام،
على الرغم من أن الطفلة ( إنغريد ) قد تم تجنيبها قدرا أسوأ لكون حالتها
التي تجعلها نصف آرية ( من أب ألماني ) ، لذلك تم إرسالها للعيش مع جديها الآريين .
أما إرين ( الإبنة الثانية التي ولدت في المحتشد فكانت السلطات تشكفي كون والدها هو أوغست ) ،
فقد تم انتشالها من الميتم ثم ارسالها إلى المحتشدات،أين تعرفت عليها إحدى صديقات العائلة،
التي قامت بتهريبها إلى النمساإلى أحد معارفها للإعتناء بها.وبعودة ( إرين ) إلى ألمانيا،
تم إخفاؤها مجددا،وهذه المرة في مستشفى أين ادعت أن وثائقها الرسمية قد ضاعت منها،
مما سمح لها بالعيش تحت أنوف مضطهيدها إلى أن تمت هزيمتهم .
إلا أن حكاية والدتهما هي أكثر حزنا ومأساوية، بينما كانت ابنتاها تساقانمن ديار الأيتام
إلى مخيمات الإعتقال، إلى المخابئ، لاقت إرما حتفهافي سنة 1942 في غرفة الغاز في بيرنبرغ .
المصدر / موقع .. دخلك بتعرف .