نشأته :
يُعتَقَد ان جنگيز ولد - حين ولادته سمى باسم تيموجن - مابين عامي 1162 و 1167 ، وقد كان الابن البكر ليسوگـِيْ Yesügei شيخ قبيلة كياد Kiyad وتكتب مفرداً كيان Kiyan ، وتسمى عائلة يسوگيه Yesügei
بـ بورجيگن Borjigin ومفردها هو بورجيگيد Borjigid ، التي كانت تعد من قبائل الصنف الأول المغولية
في أصالة النسب كانت كيات تنزل عند منابع نهري أونون Onon وكيرولين Kerulen في شمال جبال كنتاي
Keantai ، وكان والده يسوكاي Ysugai يتولى رئاسة العشيرة .كانت ولادة جنكيزخان - واسمه تيموجين ، وهي لفظة صينية تعني الصلب أو الفائق - في دولن ـ بولداق Dulun- Boldaq ، الواقعة عند الضفة اليمنى للمجرى الأعلى لـنهر أونون والمنطقة اليوم في أقصى الحدود الشرقية للاتحاد الروسي ، وعُرف والد تيموجين بالشدة والبأس حيث كانت تخشاه القبائل الأخرى ، وقد سمى ابنه " تيموجين " بهذا الاسم تيمنًا بمولده في يوم انتصاره على إحدى القبائل التي كان يتنازع معها، وتمكنه من القضاء على زعيمهم الذي كان يحمل هذا الاسم ، ولم تطل الحياة بأبيه ، فقد قتل على يد التتار المجاورين لهم في عام 1175 ميلادية ، تاركًا حملا ثقيلا ومسئولية جسيمة لـ " تيموجين " الابن الأكبر الذي كان غض الإهاب لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره ، وما كان ليقوى على حمل تبعات قبيلة كبيرة مثل " كياد " ، فانفض عنه حلفاء أبيه ، وانصرف عنه الأنصار والأتباع ، واستغلت قبيلته صغر سنه فرفضت الدخول في طاعته ، على الرغم من كونه الوريث الشرعي لرئاسة قبيلته ، والتفَّت حول زعيم آخر، وفقدت أسرته الجاه والسلطان ، وهامت في الأرض تعيش حياة قاسية ، وتذوق مرارة الجوع والفقر والحرمان ، وقد مازجت الأسطورة حوادث حياة تيموجين الأولى ، فقيل إن قطعة دم متجمد كانت في يده عند ولادته ، كان أكبر أخوته الذكور الثلاثة والأنثى ، ولما بلغ التاسعة خطب له والده على عادة المغول الفتاة بورته Borte' من قبيلة القونغيرات Qongirat النازلة في شمال بوير ـ نور،قضى يسوكاي بسم دسه له التتار 563 هـ/1167 م ، وكانت سلطته قد تجاوزت عشيرته إلى عشائر أخرى ، فاستحق لذلك لقب بهادور
( بطل ـ شجاع ) الذي اشتهر به ،ولكن غالب أنصاره رفضوا الانضواء تحت سلطة ابنه الفتى تيموجين ـ
12 عاماً ـ على الرغم من جهود أمه للم شمل العشيرة وحلفائها ، ففارقوها مع قطعانهم ، واضطرت الأم
إلى الانكفاء مع أطفالها وبعض المخلصين إلى سفوح كنتاي تجمع الثمار والجذور لإطعامهم. ولما اشتد عود الصغار مارسوا الصيد ، وأتقن تيموجين في حقبة التشرد فن الرماية وركوب الخيل ، واجتمع حوله بعض الشبان ، كما استطاع النجاة من أسر أصدقاء أبيه القدامى الحاقدين عليه وتزوج بورته .
بورته اوجين ، زوجة جنكيز خان :
نجحت أم تيموجين في أن تجمع الأسرة المستضعفة وتلم شعثها ، وتحث أبناءها الأربعة
على الصبر والكفاح ، وتفتح لهم باب الأمل ، وتبث فيهم العزم والإصرار، حتى صاروا شبابًا أقوياء ،
وبخاصة تيموجين الذي ظهرت عليه أمارات القيادة ، والنزوع إلى الرئاسة ، مع التمتع ببنيان قوي جعله
المصارع الأول بين أقرانه ، تمكن تيموجين بشجاعته من المحافظة على مراعي أسرته ؛ فتحسنت أحوالها ،
وبدأ يتوافد عليه بعض القبائل التي توسمت فيه القيادة والزعامة ، كما تمكن هو من إجبار المنشقين من الأتباع والأقارب على العودة إلى قبيلتهم ، ودخل في صراع مع الرافضين للانضواء تحت قيادته ، حسمه لصالحه
في آخر الأمر، حتى نجح في أن تدين قبيلته " قيات " كلها بالولاء له ، وهودون العشرين من عمره .
توحيد القبائل وتأسيس الدولة :
أوراسيا حوالي سنة 1200 ، بما في ذلك النايمان والمركيت والأويغور والمنغول والقرائيت ، بدأ نجم تيموجين يلمع بين العشائر في السابعة عشرة من عمره ، بعد نجاحه في استرجاع خيول سرقت منه واسترجاع زوجته التي سباها الماركيت ، ووجد في أحد أصدقاء أبيه القدامى وانگ - خان زعيم الكرايت Kerait النازلة في أطراف صحراء گوبي الشمالية الغربية خير حامٍ له في تلك المرحلة من حياته ، ولما بلغ الثالثة والثلاثين بدأ يظهر زعيماً بين القبائل في عقد المعاهدات ، وقيادة الأحلاف ، وتأليب القبائل بعضها على بعضها الآخر، ولذلك أخذ بعض أصدقاء أبيه يعودون للانضواء تحت سلطته ، مبهورين بمواهبه
في القيادة وبإخلاصه لأصدقائه واستطاع في سنة 597 هـ /1200 م مع حليفه وانگ - خان ، وبتحريضٍ من الصين التي أقلقها تعاظم قوة التتار إيقاع هزيمة نهائية بهؤلاء في منازلهم ، فنادى به أتباعه ـ وكان فيهم أحفاد لأسر مالكة قديمة ـ خاناً بموافقة وانغ ـ خان ، وسمح لتيموجين لقبه الجديد أن يلحق نفسه رسمياً بخانات المغول الذين حاولوا توحيد منغولية في حقبة سابقة ، وعد نفسه خلفاً لـ كوتولا Koutoula آخر هؤلاء الخانات ، ولما تابع تيموجين مساعيه لإلحاق بقية القبائل بسلطته ، أخافت أعماله وانگ - خان ، فحاول التخلص منه ، ولكن تيموجين كان أسرع منه واستطاع القضاء على المؤامرة ومدبرها فصار بهذا الانتصار سيد منغولية الشرقية ، وواصل تيموجين خطته في التوسع على حساب جيرانه ، فبسط سيطرته على منطقة شاسعة من إقليم منغوليا ، تمتد حتى صحراء جوبي ، حيث مضارب عدد كبير من قبائل التتار ، ثم دخل في صراع مع حليفه رئيس قبيلة الكراييت ، وكانت العلاقات قد ساءت بينهما بسبب الدسائس والوشايات ، وتوجس " أونك خان " زعيم الكراييت من تنامي قوة تيموجين وازدياد نفوذه ؛ فانقلب حلفاء الأمس إلى أعداء وخصوم ، واحتكما إلى السيف ، وكان الظفر
في صالح تيموجين سنة ( 600 هـ = 1203م ) ، فاستولى على عاصمته " قره قورم " وجعلها قاعدة لملكه ، وأصبح تيموجين بعد انتصاره أقوى شخصية مغولية ، فنودي به خاقانا ، وعُرف باسم " جنكيز خان "
؛أي إمبراطور العالم . بدأ تيموجين يمد سلطته غرباً :
( بين 599 و601هـ/1202 و1204م ) ، فألحق منغولية الغربية بسلطته ، ودعا عام 603هـ/1206 م إلى قورلتاي ـ اجتماع عام ـ للقبائل عند منابع نهر أونون ، منحه الحاضرون فيه لقب « جنكيز خان » . وقد أعطيت للقب تفسيرات شتى الملك القوي أو الأعظم أو المستقيم أو الثابت أو الجبار ، وربما كان اللفظ من أصل صيني
أو أويغوري ، اتخذ جنكيزخان عقب ذلك خطوات لتثبيت سلطاته ، فأصدر شريعته المسماة الياسا ، وقد أعطيت لهذه الكلمة تفسيرات مختلفة ، منها أنها من اللفظة التركية :
يسق ـ ياساق التي تعني ممنوع ، واستمد جنكيزخان غالب شريعته من عاداتالمغول وتقاليدهم ، وتقوم
على أسس : الطاعة العمياء للحاكم ، والاتحاد في القبيلة والعقاب الصارم لكل مذنب ، وبدأ تنظيم حاشيته
من الحرس والمساعدين العسكريين والمدنيين ، وحرّم التناحر القبلي ، ونظم البريد ، وقسم الطرق إلى مراحل ووضع عليها العلامات ، وأطلق على أتباعه رسمياً اسم المغول .
تأسيس الامبراطوريه المنغولية ، وعاد جنكيزخان إلى بسط نفوذه باتجاه الغرب ، وحقق له ذلك
بين 604-608 هـ /1207 - 1211 م خضوع القيرغيز في حوض ينسي Yenissi الأعلى والأويغور
في تركستان الشرقية ، ومملكة القارلون في قياليغ ( جنوب شرقي بلخاش ) ، وبلغت سلطته بلاد الأنهار السبعة
( جنوب بلخاش ) وأحسن جنكيزخان الاستفادة من حضارة الأويغور، وكان أبرز ما نقله منهم حروفهم الهجائية التي أمر بتعليمها لأطفال المغول ، ودوّن بها شريعة الياسا .
اضطر جنكيزخان لإيقاف التوسع غرباً لقتال أسرة كين Kin الحاكمة في شمال الصين ، والتي دأبت
في السابق على تأليب المغول بعضهم على بعضهم الآخر، وانتهت الحملة الرئيسية التي دامت بين 608 - 611 هـ/1211-1215م إلى احتلال بكين ، وعاد بعدها بالغنائم والأسرى والسبايا وصناع الأسلحة النارية ومهندسي الجسور الصينيين .
المصدر / منتدى المعرفـــــة .