البابا يؤكد أن "التوازن اللبناني" يمكن أن يشكل نموذجاً للمنطقة آخر تحديث:السبت ,
استقبل لبنان أمس، في حدث استثنائي في الشكل والمضمون، ضيفه الكبير بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر، في زيارة تستمر ثلاثة أيام تحت شعار “سلامي أعطيكم”، وهي الزيارة الثالثة له بعد زيارة سلفه البابا يوحنا بولس الثاني عام ،1997 وزيارة البابا بولس السادس عام ،1968 وحطّت طائرة البابا في مطار رفيق الحريري الدولي، وكان في استقباله كبار أركان الدولة وشخصيات ووفود شعبية، وكانت كلمة ترحيبية للرئيس اللبناني ميشال سليمان أكّد فيها أن “لبنان أظهر على الدوام مقدرة على المقاومة والتضحية والاستشهاد في سبيل حريته واستقلاله وقيمه”، وقال إن “الكرسي الرسولي ولبنان ارتبطا بعلاقة تاريخية واليوم إذ تستقبلكم العائلة اللبنانية فإنها ترحب بقداستكم، وقد شئتم أن تعلنوا للعالم أجمع مدى أهمية وطننا بوصفه نموذجاً ومثالاً في تنوعه ووحدته ورغم حجم المخاطر، لتؤكدوا مدى اهمية الوجود المسيحي الإسلامي للحفاظ على دعوة لبنان التاريخية في خضم التحولات الكبرى التي تطول عالمنا العربي والتي تفرض توضيح الرؤى وتوحيد الصفوف لبناء مجتمع قائم على الحرية والعدالة والمساواة” .
وعبّر بنديكتوس السادس عشر عن سعادته للترحيب الحار الذي لقيه على أرض المطار، وقال إن “هذه الزيارة لتأكيد متانة العلاقة بين لبنان والكرسي الرسولي”، وأشار إلى أن “زيارتي لبنان لتوقيع الإرشاد الرسولي للعام 2012 للمنطقة كلها” . وأضاف “إنه حدث مهم أريد أن أشكر الكنيسة الكاثوليكية والكاردينال مار نصرالله بطرس صفير والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي”، ودعا “اللبنانيين إلى الصلاة”، مضيفاً “لم أنس المشكلات التي عصفت بلبنان، وأشيد بالحوار بين المسيحيين والديانات الأخرى، ما يؤمن توازناً يتم اختراقه أحياناً بسبب المشكلات، ولكن ذلك يتعارض مع روح الشعب اللبناني” . وتابع “أراد الله أن يكون كل البشر أخوة، ما يستدعي ذلك إرادة من كل اللبنانيين ليكون بلدهم نموذجاً للعالم، لذلك نطلب من الله مساعدتنا على حماية هذا البلد” . وأكد “أتيت إلى لبنان لأرسل رسالة “سلامي أعطيكم”، كما أتيت في رسالة رمزية لكل بلدان الشرق الأوسط كصديق للسلام مهما كانت طائفتهم”، مؤكداً أنه “سيكون لبنان أرض السلام” .
ويلتقي البابا اليوم السبت في القصر الجمهوري سليمان ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والوزراء نجيب ميقاتي، ثم رؤساء الطوائف الإسلامية، وأعضاء الحكومة ومؤسسات الدولة والهيئات الدبلوماسية ومنظمات شبابية .
وكان بابا الفاتيكان اعتبر في حديث إلى الصحافيين على متن الطائرة التي أقلته من روما إلى بيروت، أن “الأصولية هي دائما تحريف للدين، ومهمة الكنيسة والأديان هي تنقية نفسها” . ورأى أن “الرسالة الأساسية للدين يجب أن تكون رفض العنف الذي هو تحريف، مثله مثل الأصولية” .
وقال: “إن الربيع العربي أمر إيجابي، رغبة بالمزيد من الديمقراطية والحرية والتعاون وبهوية عربية متجددة . ودعا إلى وقف إمداد الأطراف في سوريا بالسلاح”، وأضاف إن “إرسال الأسلحة يجب أن يتوقف نهائيا . من دون إرسال الأسلحة لا يمكن للحرب أن تستمر” .
ووجه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي بياناً شديد اللهجة إلى البابا بنديكتوس السادس عشر، مطالباً إياه بالاعتذار للمسلمين كما اعتذر لليهود، وجاء في البيان “في الوقت الذي يعمل الاتحاد جاهداً لتهدئة غضب المسلمين في أنحاء العالم نتيجة لإيذاء الآخرين لرسولهم الأكرم، يطالب بابا الفاتيكان بالاعتذار للمسلمين عما قاله في محاضرته (في ألمانيا) وفي الإرشاد الرسولي وعما حدث من المجازر على أيدي الصليبيين في الأندلس كما اعتذر لليهود” .