قصة العفو عند المقدرة ممتعة وذات مغزى :
أراد شاب أن يسافر إلى مكّة ليؤدّي العمرة ، فأعدّ جمله وطعامه ، وبدأ رحلته . وبعد ساعات من السفر وجد الشاب مكانا به عشب أخضر، فلجأ إليه ليستريح بعض الوقت .
جلس الشاب تحت ظل شجرة وراح في نوم عميق ، وفي أثناء نومه راح جمله يتنقّل
هنا وهناك حتى كتب : -
أراد شاب أن يسافر إلى مكّة ليؤدّي العمرة ، فأعدّ جمله وطعامه ، وبدأ رحلته .
وبعد ساعات من السفر وجد الشاب مكانا به عشب أخضر، فلجأ إليه ليستريح بعض الوقت . جلس الشاب تحت ظل شجرة وراح في نوم عميق .
وفي أثناء نومه راح جمله يتنقّل هنا وهناك حتى دخل في بستان قريب .
بدأ الجمل يأكل من الثّمار والأعشاب ويفسد كل مكان يمر به. وكان حارس البستان شيخا كبير السّن ، حاول الحارس طرد الجمل من البستان فلم يقدر، خاف الحارس أن يفسد الجمل البستان كلّه فقتله ، ولما استيقظ الشاب من نومه بحث عن جمله فوجده داخل البستان مقتولا جاء حارس البستان فسأله الشاب :من قتل هذا الجمل ؟ ، ذكر الحارس ما فعله الجمل بأشجار البستان مما دفعه إلى قتله ، غضب الشاب غضبا شديدا. وضرب الشيخ ضربة
قتلته في الحال.
ندم الشاب على ما فعله وفكّر في الهرب . وفي أثناء ذلك وصل ابنا الحارس وأمسكا بالشّاب ، وذهبا به إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وطلبا تنفيذ حكم القصاص في الشاب الذي قتل أباهما .
سأل عمر – رضي الله عنه – الشاب، فاعترف بجريمته ، وقال أنّه نادم على ما فعل
أشد النّدم .
قال عمر رضي الله عنه : ليس لك عندي إلا تنفيذ شرع الله .
عندئذ طلب الشاب من عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ان يمهله يومين يذهب فيهما إلى بلدته ليسدّد بعض الدّيون الّتي عليه ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
أحضر من يضمن لنا عودتك ثانية ، وإذا لم تعد نفّذنا فيه الحكم بدلا منك .
فقال الشاب : أنا – يا أمير المؤمنين – غريب عن هذه الدّيار، ولا أستطيع أن آتي بضامن ، وكان الصّحابيّ أبو ذرّ الغفاريّ – رضي الله عنه – حاضرا، فقال لعمر يا أمير المؤمنين .. هذه رأسي أقدّمها لك إذا لم يحضر الشاب بعد يومين ، فقال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في دهشة:أأنت الضّامن .. يا أبا ذرّ .. يا صاحب رسول الله؟ !.
قال أبو ذرّ:نعم، يا أمير المؤمنين .
وفي يوم تنفيذ حكم القتل انتظر الجميع عودة الشاب ، وكانت المفاجأة !
فقد رأى الحاضرون الشّاب مقبلا من بعيد في سرعة حتّى وصل إلى مكان تنفيذ الحكم، فنظر الجميع إليه في دهشة ! حينئذ قال عمر رضي الله عنه : لماذا عدت أيّها الشاب وكنت تستطيع أن تنجو من الموت ؟ .
قال الشاب : يا أمير المؤمنين ، فعلت هذا حتّى لا تقول الناس أن الوفاء بالوعد قد ضاع بين المسلمين ، وتوجّه عمر – رضي الله غنه – إلى أبي ذرّ وسأله : وأنت يا أبا ذرّ.
لم فعلت ما فعلت وأنت لا تعرف هذا الشاب ؟ ! ،فأجاب أبو ذرّ رضي الله عنه :
فعلت ذلك حتّى لا تقول الناس أن المروءة قد فقدت من أهلها ! ، وعنئذ قال الشّابان ابنا الشيخ المقتول : ونحن بدورنا – يا أمير المؤمنين – نشهدك بأننا قد عفونا عن هذا الشاب وتنازلنا عن حقّنا ؛ فليس هناك أفضل من العفو عند المقدرة .
المصدر / موقع كـل العرب .