هل أنت ملاحقة؟ مراقبة؟ مأسورة؟ هل تشعرين بقيود العيون والآذان تتجه نحوك في البيت؟ وهل تتألمين عندما لا تجدين مَن يصدّقك ويثق بكلامك؟ هذا لسان حال الكثير من الفتيات اللواتي يتطلعن إلى الحرية والانطلاق في حياتهنّ، ولكن للأسف تجد الفتاة نفسها داخل أسوار سجن الشك وقيود الأسرة التي تحيط بها من كل جانب، ويبدأ الاستجواب في تصرفاتها وخروجها ودخولها وكأن هناك مؤامرة تحاك ضدّها. وكثيراً ما يشار إلى الأهل بصفات كثيرة من قبل الفتاة، مثل أن أهلي غير متحضرين، وإنهم ظالمون، وإن عقليتهم أصبحت من العصر الغابر، ومن هنا لنا أن نسأل عدة أسئلة تثير وتستفز عقولنا للتفكير بها ومنها:
تُرى هل هناك ما يدفع الأهل لممارسة مثل هذا الحصار ومصادرة حريتك؟ وهل للفتاة دور في تعزيز مثل هذا السلوك؟ إذ عادة ما يمارس الأهل مثل هذه التصرفات كنوع من الحرص على سمعة الفتاة وصيانتها من كل ضرر ومن كل شخص يحاول التعامل معها بقصد الاستغلال أو الإيذاء، وهناك بعض الممارسات التي قد تصدر عن الفتاة عن غير قصد أحياناً، ولكنها تثير الشكّ والريبة لدى الأهل، وهذه بعض منها:
قد تحيطين نفسك بهالة من الصمت والغموض وعدم الانفتاح على عائلتك، لتصبحي مستودع أسرار فلا يمكن التقرب منك.
الشرود والتقلب العاطفي والتنقل من حالة من الابتهاج، إلى حالة من الحزن والاكتئاب، دون التكلم عن هذا لعائلتك، مما قد يجعل الأهل يظنون أنّ هناك مصيبة حصلت لك، وهم لا يستطيعون المشاركة بأي شيء لحلّها.
تعلقك الشديد بالهاتف وأخذك مكاناً جانبياً للتكلم بصوت منخفض مما قد يُدخل الشك إلى قلب أهلك، فتثيرين عندهم الرغبة في التنصت ومتابعة أخبارك من بعيد، بدل المواجهة الشخصية والصريحة معك.
التهرب من قضاء وقت ممتع مع العائلة، والاكتفاء بصديقاتك مما يؤدي إلى هدم جسور التواصل مع عائلتك، وهذا ما يقود إلى شعورك وشعورهم بالغربة تجاه بعضكم البعض.
الكذب في بعض الأمور الصغيرة، وخصوصاً عند خروجك من المنزل بحجج غير صحيحة، مما قد يؤدي بهم إلى عدم تصديقك حتى لو كنت تقولين الصدق.
بعض الحوادث والقصص السلبية التي قد يسمعها الأهل عن تورّط الفتيات في مثل هذا العمر بعلاقات عاطفية مندفعة، قد تؤدي بهم إلى أخذ الحيطة لكي يحافظوا عليك من مثل هذه الأمور.
إن الابتعاد الوجداني وعدم التواصل الجيد يؤديان إلى فقدان الثقة بين الفتاة وأهلها، وعند غياب الثقة يدخل الشك ليحلّ محل الثقة والانفتاح، ويصبح الأهل برج مراقبة للفتاة دون أن يشعروا بذلك، ولكن يأتي هذا كنتيجة حتمية لنوعية العلاقة بينهما.
والنصيحة التي قد تخرجك من هذا المأزق هي أن تبني جسوراً من الصدق والثقة والتفاهم، وأن تجدي طرقاً عملية للتواصل الصحيح معهم، وهذا قد يحتاج إلى جهد خاص منك في البداية، ولكن كيف يمكن للأهل أن يفسحوا مجالاً للحرية دون أن يختبروا مسؤوليتك أمام تلك الحرية، واستخدامك لها الاستخدام الصحيح؟ إن اتخاذ القرارات الصحيحة، والمشورة المتواصلة مع الأهل تمنحك المصداقية، وبهذا تجدين أنّ مساحة الحرية المعطاة لك تزداد يوماً فيوماً، وقد تتفاجئين أنّ أهلك يتعاملون معك كناضجة حتى لو كنت صغيرة السن. إذاً فحريتك بين يديك، وكما تعلّمنا من كلمة الله أنّ الأمين في القليل، يقيمه الله على الكثير، فابدئي بالأمور الصغيرة واصعدي سلّم حريتك درجة درجة لأن حريتك هي من صنع يديك