أستيقظ كل صباح كما تستيقظين أنت، إذ تلامس وجهي أشعة الشمس الذهبية بدفئها عندما تخترق نافذة الغرفة، فأسارع في النهوض وأغسل وجهي، وألقي تحية الصباح على خالق هذا اليوم الجديد وعلى من حولي. ولكنّ عقارب الساعة تبدأ لتسابقني، فأتوجه نحو خزانة الملابس لأختار ما يناسبني ويناسب يومي ومكان خروجي.
وفي أحد الأيام وقفت كعادتي أمام باب الخزانة المفتوح، لكنّ ذهني سرح بعيداً، وكأنما هناك شيئاً ما يسرقه مني. لقد تذكرتك أنتِ.. نعم أنتِ.. أراكِ كلّ يوم تمرين من أمامي، وتجلسين بجواري في قاعة المحاضرات، وقبل مجيء المحاضر تتحدّثين مع هذه وتلك.. تبتسمين وتضحكين.. أنت جميلة جداً.. أرى في عينيك شعاعاً برّاقاً، وعندما تبتسمين يزداد ويزداد، وحين تضحكين فإنك تبثين فيّ شعوراً مملوءاً بالفرح والسعادة.. نعم أنتِ جميلة جداً في داخلك أكثر مما تتصوّرين، لكن عندي عليك شيء واحد، هو أنك تظنين أنّ جمالك ينبع من الخارج ولكنه بالحقيقة ينبع من أعماقك.
صديقتي العزيزة.. وأنا واقفة أمام باب الخزانة المفتوح على مصراعيه غلبني الوقت وانتصرت علي الدقائق والثواني لدرجة أنني في ذلك اليوم تأخرت عن محاضرتي ساعة كاملة! لم أكن أفكر في هذا فقط (في جمالك فقط)، بل تهت وأنا أبحث عن طريقة أقول لك فيها عن طريقة اختيارك لملابسك (لما ترتدينه). عزيزتي جمالك ليس فيما يُظهر أدقّ تفاصيل جسدك حين تمشين وحين تجلسين (وحين تنحنين)، هو ليس في طبقات مساحيق البودرة الملوّنة (التي تخفي بعض العيوب، وهي بالحقيقة تجعل منك أحياناً مهرّجاً)... ألا تعلمين أنّ الله قد خلق أجسادنا كي نمجّده بها؟
فقد قال في (1 كورنثوس 6: 19، 20): "أم لستم تعلمون أنّ جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم. لأنكم اشتريتم بثمن. فمجّدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله".. ألا تعلمين أنّ نقاط الضعف والإثارة لدى الشباب هي في عيونهم؟ فما هي الرسالة التي تحاولين أن تقدّميها إلى أخوتك في المسيح؟ لا أقول أن تلبسي برميلاً وتمشي داخله، كلا! وإنما أن يكون لباسك محتشماً بعيداً عما هو قصير أو ضيّق أو مغرٍ، فقد قال الكتاب المقدس في (1 تيموثاوس 2: 9-10): "وكذلك النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن، بل كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة".. كما أرجو ألا تكوني عبدة للموضة والصيحات المختلفة، فتتحكّم بك وتجعلك تنسين أنك تمثلين يسوع في حياتك.
أخيراُ أطلب منك حين تقفين أمام باب خزانتك أن تسألي نفسك سؤالاً واحداً: هل تفضلين أن يتقدم لك ألف عريس يوماً ما لجمالك وجسدك؟ أم يتقدم لك عريس واحد فقط لأنه مغرم بطريقة حياتك وأفكارك وأهدافك؟ وأطلب منك أن تسألي نفسك سؤالاً حين تخرجين إلى السوق لشراء الملابس: هل ما سأشتريه سيكون حجر عثرة لغيري؟ يقول الكتاب المقدس في (أمثال 31: 30): "الحسن غش والجمال باطل أما المرأة المتقية الرب فهي تمدح".. وفي (1 بطرس 3 :3) "ولا تكن زينتكنّ الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب. بل إنسان القلب الخفي في العديمة الفساد زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدّام الله كثير الثمن".