حرب من خلف السّتار بين السعودية وقطر :
وفي مقال مُطوّل على موقع "زمان فرانس" (Zaman France) الإعلامي
بعنوان "السلفية، أداة للسياسة الخارجية السعودية"، أورد الكاتب
فُؤاد بحري ما جاء على لسان محمد علي العدراوي، الباحث والمحاضر
في معهد العلوم السياسية والمتخصص في شؤون العالم العربي،
وسمير أمغار، الباحث المُتخصص في الحركة السلفية ومؤلف كتاب
"الإسلاميون وتحدي السلطة" ( Les Islamistes au défi du pouvoir).
وتساءل بحري عمّا يجري في تونس بالقول "هل يشكل تفاقم أعمال
العنف التي ارتكبها السلفيون في أعقاب الثورة التونسية منعطفا سياسيا
كبيرا في تاريخ هذا البلد الذي شهد ولادة الربيع العربي؟".
وقال "كيف يمكن فهم هذه الظاهرة التي طالت أيضا دولا عربية
أخرى مثل مصر وحتى أفريقيا السوداء على غرار ما يقع في مالي والصومال؟".
وذكّر بـ"الاعتداء على النائب الفرنسي من أصل تونسي جمال الغربي في
مهرجان بنزرت يوم 16 أغسطس، وحادثة سيدي بوزيد، حيث اعتدى
العشرات من السلفيين على المواطنين مخلفين سبعة جرحى،
وإلغاء عرض 'صنع في تونس %100 حلال' للكوميدي لطفي
العبدلي في مدينة منزل بورقيبة... وهي أحداث تعكس
بروز هذه الأقلية المتطرفة لكن النشيطة جدا".
وقال سمير أمغار "في تونس، يبدو أن السلفيين يأتون من العدم،
لكنهم متجذرون في المجتمع"، مضيفا أن "نظام بن علي كان
متسامحا معهم. وقد سمح لهم بالحركة لأنهم لا يتبنون العمل
المسلح ولأنهم غير سياسيين ومنتقدين جدا للحركات الإسلامية الأخرى".
وأضاف "منذ الثورة التونسية، نلاحظ تنامي الحركة السلفية التي
تعد مزيجا لثلاثة عوامل: عودة السلفيين من أوروبا بعد سقوط
بن علي، والجهاديين من العراق والإفراج عن
النشطاء المتطرفين من السجون التونسية".
وقال "الحركات السلفية، التي كانت دائما حاضرة في البلدان الإسلامية،
استفادت من دعم مالي وسياسي خارجي معروف عزز من مكانتها".
وبالنسبة للعدراوي، فإن ظهور الحركات السلفية في تلك البلدان هي
"من نتائج وأدوات السياسة الخارجية السعودية"، مضيفا أنه "
منذ الحرب في ليبيا، تبنت المملكة العربية السعودية سياسة
أكثر استباقية لمنع ظهور بؤر قد تضر بمصالحها".
"وفي مصر، فإن النتيجة الساحقة التي حققها الحزب السياسي السلفي
'النور' في الانتخابات الأخيرة أصبحت ممكنة بفضل الدعم المالي
السعودي المقدر بعدة ملايين من الدولارات". ورأى العدرواي أن هذا
الدعم كان حاسما لأن "حزب النور كان يرفض اللعبة السياسية
أقل من سنة قبل تنظيم الانتخابات المصرية".
أما عن أهداف الدعم السعودي للحركات السلفية، فقال أمغار،
إنها "لاعتبارات جيو- سياسية بحتة بعيدة عن أي دوافع دينية"،
مضيفا "ينبغي أن نعلم أن الإخوان المسلمين يتلقون أيضا الدعم من قطر".
إذن، هناك حرب قائمة في الكواليس وتجري من خلف الستار بين البلدين
من أجل ريادة العالم الإسلامي والحصول على موالين سعوديين
أو قطريين في هذه البلدان. وتراهن كل من السعودية وقطر
على أنه في وقت أو آخر، ستصل هذه الأطراف للسلطة.
وفي خضم هذا التنافس السياسي، يتم استخدام الحركات
السلفية كوسيلة لصد الإخوان المسلمين
الذين لا تثق فيهم الرياض.
* منقول *