ضغط الاهل الدائم

ضغط الاهل

عندما يصبح التدخين والإنترنت والشات والحركات المسترجلة والعنف اللغوي والتقليعات الصارخة، نوعا من هروب الفتيات غير المبرر من ضغط الأسرة، فإن الأمور تصبح بحاجة إلى مراجعة يتشارك فيها الجميع.

قالت إحدى الشابات: "علاقتي بأمي ينتابها الفتور ولا أشعر أبدا بأنها أمي لأسباب عديدة أهمها أنها تكرس اهتمامها الأكبر لصديقاتها، كما أن كل واحدة من شقيقاتي تعيش عالمها الخاص لذا أعتبر صديقاتي بمثابة أسرتي فهن يعالجن مشكلاتي ويشاركنني في أفراحي وأحزاني ولا أستطيع الاستغناء عنهن أبدا". وقالت أخرى: "جميع صديقاتي يتصرفن بهذا الشكل على أساس أن ذلك هو التقدم ولذلك وجدت الكثيرات منهن يشجعن بعضهن على متابعة الشات، وكتابة الخواطر عبر الإنترنت، وتبادل الأحاديث مع الغرباء لأننا في هذه السن نحب أن نجرب ونتعرف ونكسب عادات وتقاليد جديدة". وتصف إحدى الطالبات إقبالها على تبادل السجائر مع صديقاتها قائلة: "ألجأ إلى التدخين عندما أكون متضايقة ولكي انتقم من أسرتي التي لا تهتم لأمري بإقبالي المستمر على التدخين". وقالت أخرى: "من باب التجربة والتقليد تمنيت أن أكون مدخنة فذلك يعطيني أنوثة وجاذبية طاغية! أحيانا لا أدخن، بل أتظاهر أمام صديقاتي بذلك حتى لا يقلن عني متخلفة ".

وهذا ما ذكرته أحد الأمهات: "لاحظت تغييرات كبيرة في تصرفات ابنتي المراهقة التي أخذت تجنح إلى العزلة وتكثر من الاتصال بالصديقات، والحديث في الموضات التافهة وتطالبني بشراء تقليعات غريبة من الإكسسوارات وصبغات الشعر ولاحظت أنها تقلد نجمات التلفزيون في وضع أشكال غريبة على إنحاء جسدها، والغريب أنها تعتبر ذلك متابعة للموضة، أحاول الآن أن أتابعها لأنني اشعر إنني سأخسر ابنتي".

كيف يمكن إذن تجنب الكارثة قبل وقوعها؟

أن السبب الرئيسي في العديد من السلوكيات الخاطئة التي تقوم بها المراهقات، والتي منها التقليد الأعمى للتسريحات الغريبة، والتدخين، والسرقة، وعدم احترام القوانين والاستهتار بها، والخروج عن طاعة الأهل، وكذلك التخريب والكتابة على الجدران، هو الفراغ وإهمال الوالدين للأبناء وعدم وجود أندية تحتوي فراغ الفتيات، بحيث تتمكن الفتاة من تفريغ الشحنات النفسية التي بداخلها بأساليب صحيحة تنمي مواهبها وثقافتها بما لا يتعارض مع القيم والعادات التي تحكم المجتمع.

ولا بد أن تعمل الأسرة على خلق نوع من الوجود والتعاون بينها وبين صديقات بناتها حتى تستطيع إن تناقشهن في الآمر المختلفة التي تطرأ على المجتمع. ومن هنا علينا أن نركز على الأسرة وأن نبدأ منها ثم نهتم بالتعليم عن طريق حث الجهات المعنية بالتعليم على تطوير وتحديث المناهج والاهتمام بالتربية والثقافة جنبا إلى جنب مع التعليم، فالأسرة والمؤسسات، هي الخطوة الأولى نحو تكوين جيل جديد من الفتيات المهذبات القادرات على تحمل المسؤولية، لان اثر الصديقات في هذه المرحلة في توجيه الفتيات إلى العديد من السلوكيات السيئة يجعلهن يدفعن ثمنا غاليا لذلك.. وكم من سلعة رخيصة يتسلى بها الشباب.

إن الفتيات المراهقات يعانين من ضغوط نفسية ناتجة عن الفجوة بينهن وبين الآباء وعدم وجود لغة تفاهم بين الطرفين بسبب عدم القدرة على التنفيس عما لديهن من هموم، مما يجعل الفتاة غير متزنة ومتوترة. كما أن وصف بعض مشكلات الفتيات المراهقات في العيادات النفسية بأنها تؤكد الهروب النفسي للفتيات من الأسرة والمجتمع، وهذا أكبر دليل على عدم وجود لغة تفاهم بين الفتاة وأسرتها، وهي لغة لم تحرص على توفيرها للفتاة منذ مرحلة الطفولة ولذلك أصبحت الأسرة تجد صعوبة في كسب ثقة الأبناء، بحيث يجد كل من المراهق والمراهقة في جماعة الرفاق البديل عن الأهل في هذه المرحلة التي يحاول فيها الآباء إثبات لغة مشتركة بينهم وبين الأبناء.

إن معظم المشكلات التي تمر بها الفتيات في مرحلة المراهقة، ترجع إلى الفراغ والفجوة العاطفية بينهن وبين الأهل، إضافة إلى وجود وسائل الإعلام والفضائيات التي قامت بإدخال الممنوعات في إطار المباح، مما أدى إلى ضعف الوازع الديني عند هذه الفئة المراهقة التي تتلقف هذه الأفكار وتقلدها أضاف إلى عدم وجود الرقيب من جانب الوالدين وانشغال الآباء والأمهات عن الأبناء، ومن هنا أطالب بتوفير أنشطة لسد فراغ الفتيات عن طريق التشجيع على ممارسة الهوايات بكافة أشكالها والتقرب من الأبناء وإشباع الفراغ العاطفي لديهم ومراقبتهم وإيجاد لغة تقارب معهم.