أصل القديس من بلاد فارس من مدينة السلوقية عاصمة الساسانيين عاش في عهد الملك يزد جرد (420 399) مسيحيين سليل أسرة من الأشرف تلقى تنشئة مميزة انخرط في خدمة الملك فاستمالته حياة الرغد والمتعة في بلاط الساسانيين ولم يتوان كسبا ً للحظوة عند الملك عن التآلف مع الديانة الرسمية للفرس كما وضع أصولها زرادشت نبي الفرس الأقدمين فقادته المسايرة لحياة القيصر إلى الأنحراف وجحود الإيمان بالمسيح وعرفت أمه وزوجته الراسختان في الإيمان بجحوده فوجهتا إليه رسالة تعبران فيها عن الحزن الشديد أمام تخاذله وتتوسلان إليه أن يعود عن غيَه وتنذرانه إذا ما تمادى في جحود المسيح بالتخلي والانفصال عنه نهائيا ً وكان لهذه الرسالة أثر صاعق على يعقوب فصحا كأنما من سبات عميق وتراءى له حجمُ الهلاك الذي يتربص به وباندفاع حماسي إلهي قرَر أن يصلح خطأه فذهب إلى الملك وجاهرَ بإيمان هو حاصلٌ عليه من امتيازات وحثه على التعقل ولكن نار حبّ المسيح كانت قد اضطرمت في قلب يعقوب وانكشفت أمامَ عينيه عبادة النارعلى حقيقتها إنها ليست فقط جنونا ً بل خزيا ً وعارا ً فصار َ مستعدا ً أن يخسر َ كل كنوز الأرض ليربح ملكوت السماء وأمام ثبات يعقوب وصموده استشاط َ الملك يزد جرد الأول ِ غضبا ً وتشاورَ مع حاشيته ليقرّر أي نوع من العقاب سوف ينزله بيعقوب فاجتمع جميعهم على أن يكون َ عقابا ً لاسابق له وبالتالي عبرة ً لمن يعتبر ورادعا ً للآخرين فابتكروا تعذيبا ً بمنتهى الشدة والقساوة وهو تقطيع يعقوب إربا ً إربا ً بدءاً من أصابع القدمين وكان يعقوب اتحاده بآلام المسيح وامتلائه من الروح ومن صورة المجد النتظر يتجاوز آلامه بصلاة ٍ حارة تجعل منه شفيعا ً عظيما ً لوحدة المسيحين:
إلهي هاأنذا منطرحٌ على الأرض في وسط أعضائي المبعثرة في كل أتجاه لم تعُد لي قدماي ولا ساقاي ولا ذراعان ؛ فصرت شبيها ً ببيت خرب لم يبقَ منه سوى الجدران فياربّ أعط هذا الشعب المضطهد الذي شرده الطغاة السلام والرحمة اجمع شمله من أطراف العالم ؛وعندئذ أنا الأخير بينَ خدامكَ سأسبحك وأباركك مع جميع الشهداء واللمعترفين ،الذينَ من الشرق ومنه الغرب ،والذين من الشمال ومن الجنوب ،أنت وأبنك الوحيد وروحك القدوس إلى دهر الدهرين أمين .
وهكذا قبل أن يسلم الروح وعلم بدنو ساعته الأخيرة سأل الرب من أجل العالم والشعب لكي يرحمهم ويتحنن عليهم وللوقت ظهر له السيد المسيح وعزاه وقواه فإبتهجت نفسه وقبل أن يسلم الروح أسرع الجند وقطع رأسه فنال أكليل الشهادة وتقدم بعض المؤمنين وأخذوا جسده وكفنوه ودفنوه .
ولما علمت أمه وزوجته بذلك فرحن وأتين الى الجسد وبكين وقبلنه ولفنه بأكفان فاخرة وسكبن عليه أطياب غالية .
ولما علم ملك الفرس بذلك وبظهور العجائب والأيات من جسده و غيره من القديسين أمر بحرق سائر أجساد الشهداء في كل أنحاء المملكة فأتى بعض المؤمنين وأخذوا جسد القديس يعقوب وتوجهوا به الى أوراشليم ووضعوه عند القديس بطرس الرهاوي أسقف غزة فظل هناك حتى الملك مرقيان الملك الذي أضطهد الأرثوذكسيين في كل مكان فأخذ القديس بطرس الأسقف الجسد الى مصر ومضى به الى البهنسا وأقام هناك في دير فيه رهبان قديسون وهكذا وهم يسبحون الله وقت الساعة السادسة في الموضع الذي فيه الجسد المقدس ظهر لهم القديس يعقوب مع جماعة من شهداء الفرس واشتركوا معهم في التراتيل وباركوهم وغابوا عنهم بعد أن قال لهم القديس يعقوب أن جسدي يكون ههنا كما أمر الرب .ولما أراد الأنبا بطرس الأسقف العودة الى بلاده حمل الجسد معه ولما وصل الى البحر اختطف من أيديهم الى المكان الذي كان به وهكذا بنيت للقديس يعقوب المقطع كنيسة في زمان الملكيين البارين أركاديوس و أنوريوس