هذه الرعية مؤلفة من قرى صغيرة او كبيرة. والقرية مؤلفة من عائلات، والإنسان موصول بعائلته ويحبّها، وإذا أَحبّها فهو على حق. من تجاوز الخلافات ضمن العائلة الواحدة يقترب من عائلة واسعة سمّاها بولس الرسول عائلة الآب. هذه لا تقوم على لحم ودم. الرابطة العظيمة بين الناس لا تقوم على الدم ولكن على معرفة الإنسان أنه هو ونسيبه وغير نسيبه من أبناء الله، وهذا أقوى رباط يجمع الإنسان والإنسان.
المُلاحَظ اجتماعيا أن كثيرا من العائلات في حالة مواجهة للعائلات الأخرى تصل أحيانا الى حد المجابهة، والمجابهة كلمة عربية تعني ان تكون الجبهة (الجبين) الى الجبهة الأخرى بحيث يدقّ العظم بالعظم فتتولد الخصومة. المشهد هو هذا أن هنا قلّة من الناس وهناك قلة، وان الانسان يشعر بحاجة الى دعم ولا سيما اذا كان لا يشعر بضرورة مشاركته للآخرين أقرباء كانوا أَم بعيدين. يتقرب الى من هم ألصق به، الى من يلتقيهم كثيرًا.
والانسان لا يقترب من آخر بعيد الا بالقلب، والقلب عطيـة الله، فإذا أَحببـت البعيـديـن يكـون الـرب قـد استولى عليك وأعطاك نفحاته او أنزل عليك روحه فتكون علاقتك بالآخر مسكوبة فيك من عند الرب، واذا لم تحب البعيد يكون قلبك خاليا من الشعور الإلهي.
التعاضد العائلي من أجل عمل إنسانيّ مشترك شيء جميل. ولكن أن تسيء الى الآخر لأنه أساء إليك يعني أنك لا تعرف المسيء أخًا لك. في المسيحية كل إنسان آخر أخوك، وعلى صعيد المحبة تُحبّه كما تحبّ أخاك او أختك. هذا مات المسيح من أجله، والمحبة واحدة له ولشقيقك او لأبيك وأُمّك فلا تفريق في المحبة. أخوك ليس أقرب اليك من أي مخلوق. أخوك والغريب كلاهما ينموان بمحبة الرب النازلة عليهما.
في التجمع القرويّ، انت في خدمة الناس جميعا، وإن اختلف عضو العائلة التي انت منها مع إنسان من عائلة اخرى فأنت لست بالضرورة مع نسيبك. أنت مع الحق ومع المشاورة لأنك تريد إصلاح النفوس. فإذا أخطأ أخوك او أبوك الى آخر يكون واجبك أن ترده عن الخطيئة. همّك أن تُصلح نفسه، أن تقودها الى الحق، أن تُطهّرها بتذكيرها بالغفران.
الغفران هو الصلة الحقيقية بين البشر. فإذا أسأنا في أي شيء وتُبنا الى الرب فهو غفور. لذلك أمام الله إنسان يغفر او إنسان لا يغفر. الحقود ليس من عائلة الله. في البغض يفصل نفسه عنها. بالغفران تنضم الى الله.
عائلات متنازعة لا تؤلّف مجتمعا مسيحيا. العائلات التي تُبغض بعضُها بعضا ليست قريبة الى الله. التلاصُق الاجتماعي ليس بشيء. إلتصاق الروح الطيّبة بروح أُخرى تجعلها طيّبة. العائلات التي أصلحت نفسها تصبح كنيسة.
أُمنيتي ألاّ تبقى القريةُ قريةً بل أن تُصبح كنيسة. كيف تصير انت عدوّا لمن تأكل معه جسد الرب؟ نحن واحد في الرب. إذا فهمتم هذا تحيون.