طارق البشري صانع الأزمة يزيد النار إشتعالا
حسن عامر
منذ أن تولي المستشار طارق البشري مسؤولية ، لجنة تعديل الدستور ، توقعت أن هذا الرجل سوف يلعب أسوأ المواقف في تاريخ ثورة ٢٥ يناير . علي غرار مافعله سليمان حافظ في إفساد ثورة ١٩٥٢ ..
كنت علي أمل أن يستقيظ ضمير طارق البشري ، ويدرك ماقترفته يداه في حق هذا الوطن والثورة .. لكن الضمير لم يستيقظ بعد ..
بالعكس مازال البشري علي غيه وضلاله . بل إنه حرق مؤخرا المحاولة الأخيرة لتصحيح المسيرة . وهي إصدار وثيقة يهتدي بها واضعوا الدستور ..
وأدلي سيادته بتصريحات لقطع الطريق علي هذه المحاولات . وجاء فيها :
أكد المستشار طارق البشري، نائب رئيس مجلس الدولة سابقًا، أن تصريح د. علي السلمي نائب رئيس الوزراء بإصدار إعلان دستوري جديد بوثيقة مبادئ تجمع بين جميع الوثائق التي طرحتها القوى السياسية في حالة التوافق عليها غير قانوني.
وأوضح لـ(إخوان أون لاين) أن المحكمة الدستورية العليا ستقضي بعدم دستوريتها، ويمكن لأي محكمة أن تمتنع عن تنفيذ أي قانون يعد مخالفًا للمبادئ التي قررها الاستفتاء، وأن محاولات الوصاية على الشعب بمبادئ حاكمة أو فوق دستورية لن تؤثر ولا تلزم الشعب.
وأضاف: أن الحقيقة الثابتة دستوريًّا أن هناك استفتاءً جرى على المواد والأحكام التي شملتها التعديلات والمتعلقة بـ9 مواد تضمنها بيان دستوري تميز بالشمول والسعة، وصوَّت فيه الشعب بإرادة حرة ونزيهة وحازت التصويت لهم بـ"نعم" على الأغلبية.
وشدد على أن أحكام الاستفتاء على التعديلات الدستورية ملزمة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة والقوى والتيارات الوطنية والسياسية كافة، ويجب احترام إرادة الشعب المصري.
سأعيد الي ذاكرة القراء ماكتبته في ١١ فبراير ٢٠١١
البشري يكرر سيناريو سليمان حافظ .. ياخسارة .
حسن عامر
ربما لا يعرف شبان ثورة ٢٥ يناير من هو سليمان حافظ .
الوصف اللائق له : أنه شخصية محورية ، لعبت دورا رئيسيا في إختيارات ثورة ١٩٥٢ .
كان سليمان حافظ مناضلا عظيما وشريفا قبل الثورة . وتم إختيارة رئيسا للحزب الوطني الذي أنشأة مصطفي كامل .
وظل الحزب علي إمتداد تاريخه ، منظمة نضالية ، تواجه الإحتلال الإنجليزي ، والملك والسراي ، وكل الإنحرافات السياسية والإجتماعية التي نشأت في مصر ، خلال النصف الأول من القرن العشرين .
عندما إنفجرت ثورة ١٩٥٢ ، تم إختياره نائبا لرئيس الوزراء في وزارة محمد نجيب أغسطس ١٩٥٢ .
لم يكن سليمان حافظ زعيما سياسيا فقط ، بل كان فقيها دستوريا ، ومحاميا شجاعا ، أمام المحاكم السياسية .
عندما تم إختياره نائبا لرئيس الوزراء ، إنحاز تلقائيا الي الرأي الذي ينادي بالغاء الأحزاب السياسية .
كان سليمان يكره الوفد كراهية التحريم . وكان واضحا في موقفه ..
فهو يؤمن أن الوفد سرق الثورة الشعبية التي فجرها الحزب الوطني ( حزب مصطفي كامل ) . ولهذا يجب أن يختفي من الساحة .
هذا الموقف كان علي هوي مجموعة من الضباط الأحرار ، وفي مقدمتهم جمال عبد الناصر ..
كان ناصر يؤمن أن الوفد ساهم في إفساد الحياة السياسية . وإستمراره في العهد الثوري ، يعني مزيدا من الإفساد والإضرار بالشعب .
المهم نجح سليمان حافظ في تعزيز الإتجاه الي الغاء الأحزاب ، وإلغاء دستور ١٩٢٣ ، وإستبداله بإعلان دستوري لمرحلة إنتقالية تمتد ثلاث سنوات .
بدأت المرحلة الإنتقالية بالغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية في يونيو ١٩٥٣ . وتشكيل لجنة من خمسون فقيها دستوريا ، لإعداد دستور جديد .
إنتهت اللجنة من صياغة الدستور عام ١٩٥٤ . ولهذا سمي بدستور ١٩٥٤ ..
كان عبد الرازق السنهوري يرأس لجنة الدستور . وماأدراك من السنهوري . إنه أمير الفقهاء الدستوريين علي إمتداد القرن العشرين .
إنتهت اللجنة من عملها ، وتسلم سليمان حافظ نسخة من الدستور . لكنه أصيب بإحباط عميق ..
هذا الدستور يسمح بعودة الأحزاب ، ومن بينها الوفد . بالتالي لا مكان للحزب الوطني في مستقبل البلاد .
الدستور يقيم دولة مدنية ، لا مكان فيها للميلشيات المسلحة ، أو مراكز القوي ..
والحزب الوطني كان يتأسي بأحزاب الفاشيست في أوروبا ، وأنشأ لنفسه ميلشيا مسلحة لحراسة قيادته وأهدافه .
هذا الدستور يقيم دولة برلمانية ، يتمتع فيها رئيس الوزراء بسلطات واسعة ، فهو رئيس منتخب ، ويخضع لإرادة شعبية . بينما يميل سليمان حافظ الي نظام جمهوري علي النمط الفاشستي في إيطاليا والمانيا .
هكذا كره سليمان حافظ دستور ١٩٥٤ . وبدأ في تحريض الضباط ضد الدستور الوليد ..
قال لهم : هذا الدستور سيعود بكم الي الثكنات العسكرية . وربما يقدمكم للمحاكمة يوما ما ، لأنكم قمتم بإنقلاب ضد الشرعية .
ثم إنفرد بجمال عبد الناصر وقال له : الدستور ينص علي شروط محددة عند الترشيح لرئاسة الجمهورية . ولا يسمح لأحد منكم بإعتلاء الرئاسة . فقد إشترط أن يكون عمر المرشح ٤٠ سنة . وكلكم في الثلاثينيات . ( كان عمر عبد الناصر آنذاك ٣٤ سنة ) .
وأضاف سليمان حافظ : الوحيد الذي يمكن ترشيحه هو اللواء محمد نجيب . وهو ترشيح لا يوافق عليه معظم الضابط الأحرار ..
بهذه الوقيعة قرر أعضاء مجلس قيادة الثورة ، دفن دستور ١٩٥٤ . وكان من أفضل الصياغات الدستورية لمصر ..
وإكتفي الثوار بدستور مؤقت ، خضعت له البلاد طوال عهد عبد الناصر ..
هل ثمة تشابه بين دور سليمان حافظ ١٩٥٤ ، ودور المستشار طارق البشري ٢٠١١ ..
نعم ..
إن طارق البشري يرفض مبدأ تغيير الدستور . ويقبل بمبدأ تعديل الدستور في أقل الحدود الممكنة .
والبشري شخصية عظيمة الشأن . قيمة وقامة كما يقولون . ووجوده علي رأس لجنة تعديل الدستور يمكن أن يمرر أية تعديلات شكلية، تشق الطريق أمام احد العسكريين ، لتولي الرئاسة ..
ومن ثم يبدأ التاريخ الضبابي من جديد ..
ضبابية تحيط بالثورة ، والديموقراطية، وفصل السلطات ، والرقابة الشعبية والبرلمانية ، وحقوق الإنسان والعدالة الإجتماعية ، والحريات العامة ، وإدارة موارد الوطن لصالح كل المواطنين ..
يابشري : لا تكن سليمان حافظ . بل كن طارق البشري الذي عرفناه ، وقرأنا التاريخ الوطني علي يديه ، والهمتنا حكمته بكل المواقف الشجاعة