بقلم / وردا اسحاق عيسى
ونـزدرد/ كنــدا :
شخصيات من الكتاب المقدس
داود النبي في صباه :
داود النبي كان الأصغر بين أخوته ، كان يرعى الغنيمات القليلات لوالده ،
وهو ذلك الجسور الذي تحدى جيش أسرائيل ، وهو العازف على آلة العود .
داود الغلام الأشقر الجميل المنظر . ( 1صم 42:17 ) .
كان راعياً أميناً على قطيعه وشجاعاً تحدى الأسد وأنقذ الشاة من فمه
وقتله وكذلك فعل بالدب ( 1صم 17 : 34-36) .
كان يمتاز بالشجاعة والقوة ، أنه نموذج الراعي الصالح الذي يبذل نفسه
عن الخراف ( يو 11:10 ) هذا الذي تدرب في الصحراء مع الخراف ،
أختاره الله لرعاية شعبه لكي يحميه من الأعداء .
قساوة الصحراء ورعاية الأغنام هي المدرسة تعلم الصبر والشجاعة
وطول الأناة والتأمل بالخالق وتعد رجال بمستوى المسؤولية كموسى النبي
الذي عاش في الصحراء أربعين سنة يرعى الغنم وبعدها أستلم مسؤولية
قيادة الشعب العبري . من نفس المدرسة تخرج داود النبي فترقى
من قيادة الأغنام الى قيادة البشر. كان متكلاً على الله
ومنه أستمد قوته وكما وضح ذلك في المزمور 23 :
( الرب راعي فلا يعوزني شىء . في مراع خضر يربضني .
الى ماء الراحة يوردني .... ) أنها خبرة رعوية وأيمانية روحية .
بسب أتكال داود على الله نضج مبكراً في الشجاعة والقوة والتحدي والشعر
والموسيقى والغناء ...الخ كان داود مهملاً من قبل والده واخوته ،
لذا لم يدعى للحضور مع أخوته عندما حضر النبي صموئيل لأختيار
واحداً منهم للرب بديلاً من شاؤول الملك . لهذا سأل صموئيل يس قائلاً :
هل كمل الغلمان ؟ فأجاب يس ( بقي الصغير ، وهوذا يرعي الغنم ) .
أذاً أنه الحجر الذي رفضه البناءون سيصير رأساً للزاوية
( مز 118 : 22 ) لأنه رمزاً لليسوع ، الراعي الصالح .
فأتوا به ومسحه صموئيل ملكاً وسط أخوته .
وحل روح الرب عليه من ذلك اليوم فصاعداً ( 1 صم 13:16 ) .
مسحَة داود هي دعوة له من الله لكي يرعى قطيعه الكبير بدلاً من
القطيع الصغير لغنيمات والده وكما دعا الله كل من أبراهيم وموسى وبولس الرسول .
مُسح داود ملكاً ولم يجلس على كرسي الملك ، بل بقي شاؤول المتمرد جالساً عليه ،
أما داود فعاد ليرعى في البرية لأنه وديع فلا يطالب بمنصبه .
كل أخوة داود كانوا في ساحة الحرب ضد الفلسطينيين ،
فأرسله أبوه ليتفقد أخوته وأرسل معه الطعام .
صعق داود عندما رأى جليات الجبار يعير صفوف الله الحي .
كان منظره مخيفاً ويلبس درعاً ثقيلاً . وطوله ستة أذرع وشبر .
وهو يتحدى جيش شاؤول قائلاً : أختاروا لأنفسكم رجلاً ولينزل اليّ .
أن قدر أن يحاربني ويقتلني نصير لكم عبيداً . وأن قدرت أنا عليه وقتلته ،
تصيرون أنتم لنا عبيداً وتخدموننا . أرتاع أمامه شاؤول وكل الشعب وخافوا جداً
( 1صم 17: 8 - 11 ) . الجميع أرتعبوا منه ، أما داود فقال :
( من هذا الأغلف حتى يعير صفوف الله الحي ؟!)
أعتمد داود على ثقته بالله وتذكر حروبه مع الأسد والدب فقال :
( الرب الذي أنقذني من يد الأسد ، ومن يد الدب هو أيضاً ينقذني )
" 1 صم 37:17 " لهذا استهان بقوة جليات ونظر الى قوة الله الذي
سيدفعه الى يده فيقتله .
أمتيازات شاؤول لمن يقتل جليات كثيرة ( الغنى ، يعطيه أبنته ، ويجعل بيت أبيه حراُ ) .
داود لم يقاتل بسبب هذه العطايا بل بسبب الغيرة المقدسة التي تشتعل صدره
بسبب تعيير جليات لجيش الرب . زجره أخوه اليآب واتهمه بالكبرياء والشر
وهو سبب نزوله الى ارض المعركة ولكي يرى الحرب .
أتهامات باطلة ضد داود المؤمن الشجاع ، صاحب الغيرة المقدسة
التي دفعته للذهاب الى الملك ، فقال له وبكل شجاعة
( لا يسقط قلب أحد بسببه . عبدك يذهب ويحاربه )
قول عجيب من صبي جرىء لملك وقائد مرتعد فرد عليه الملك
( لا تستطيع أن تذهب لتحاربه ، لأنك غلام وهو رجل حرب منذ صباه ) .
أحتوى داود كلام الملك بخبرته وبطولاته وأنتصاراته السابقة على الأسد والدب
مضيفاً له بأن هذا الأغلف يكون واحداً منهما . ( 1 صم 17: 34 -36 ) .
أمتنع داود من لبس الدرع وسلاح الحرب كي لا ينسب الأنتصار الى قوة السلاح ،
ففضل أن يلبس سلاح الأيمان الذي هو سلاح الله القوي ، وهذا ما قاله لجليات
( أنت تأتي اليّ بسيف ورمح . وأنا آتي اليك بأسم رب الجنود ) .
" 1 صم 45:1"
قلب داود مجرد من الخوف هذا الذي جرى خلف الأسد لينقذ الغنم من أنيابه ويقتله .
هكذا لم يخف من جليات . داود لأنه أحد جبابرة الأيمان الذي لا يخاف من جبار الحروب ،
لا وبل لم يخاف أن حاربه جيش وحسب قوله في " مز 3:27" ( أن يحاربني جيش ،
فلن يخاف قلبي . وأن قام علي قتال ، ففي هذا أنا مطمئن ) . لهذا أستهزأ داود بجليات قائلاً ( اليوم يحبسك الرب في يدي ) " 1 صم 46:17 " .
أحتقر جليات ذلك الطفل الأشقر مع حلاوة في العينين ، لكنه لم يدري
سر قوته وشجاعته وجرأته . أما داود فأستصغر به لأنه كان يرى الله أمامه كل حين ،
وهدف داود من هذا كان ( لكي تعلم كل الأرض أنه يوجد أله ) " 1 صم 46:17 " لم يستخدم داود الحصوات الخمسة في المعركة بل أحتاج فقط الى الواحدة منها والتي
رماها بمقلاعه ، فأرتكز في جبهته وسقط العملاق على الأرض ،
وسيطر داود على سيفه وقطع به رأسه وأحضره لشاول الملك الذي سأل قائلاً :
( أبن من أنت يا غلام ؟ ) لم يتباهى داود بأنتصاره فقال أنا أبن عبدك يس البيتلحيمي ،
ولم يقل أنا الذي كنت أحمل سلاحك . ولم يقل له ، ألم أقل لك
( لا يسقط قلب أحد بسببه ) . أو أنا الذي كنت أعزف لك على العود لتهدأ
من أقتحام الروح النجس لك . الروح النجس لن يغادر شاول بسبب العزف
كما كان يعتقد ، بل بسبب الروح القدس الموجود في داود بسبب المسحة المقدسة ،
فكان الروح النجس يغادر المكان عندما يدخلها داود الممسوح ،
حيث يقف داود بين شاول وغضب الله عليه ، والمتمثل بالروح
النجس فيهرب بسبب هذا النجاح تحمل داود متاعب كثيرة تضايقته
في حياته وخاصة حسد شاول له الذي كان كحسد هابيل لقايين ،
وحسد أخوة يوسف له . وهكذا حتى المجرب يحسد الأنسان الناجح في أيمانه
ولا يحتمله بل يدخل معه في حروب لأجل أسقاطه .
هكذا وقع داود في متاعب وضيقات بسبب مدح النساء له بعد الأنتصار ،
ولم يعرف سبب الأنتصار ، ولا عن مسحته من قبل صموئيل ملكاً على الشعب .
ظل داود الصغير يخدم شاول كمسيح الرب .
فكان يخاطبه سيدي رغم كونه شريراً .
كان داود مثالاً للأحترام والقوة والشجاعة
والتحدي والوداعة والأيمان والتواضع .
ولربنا المجد دائماً .
[/color]