مع قدوم عيد الميلاد كلمات عن الشجرة
الشجرة كائن حي منذ بداية الخليقة ،خـُلـَقَ مع ماهو موجود في العالم ليتمجد اسم الرب به من خلال مظهره الخارجي وتركيبه الداخلي المعقد والمبهر للعقل والتفكير، في كيفية نموه وعمله لبناءكيانه وحمايته. وهو المُمَول الوحيد للطاقة الغذائية لكل الكائنات الحية بصورة مباشرة وغير مباشرة لخدمة وفائدة الانسان . انها في الأصل بذرة تكونت من كلمة من الله، حينما قال كَن فيكن. وهذه البذرة ، بعدها تموت من الخارج ولكن داخليا هي حية، تبدأ بالنمو والتبرعم وشقّ التربة والظهور الى خارجها لترى نور الشمس الذي هو طاقتها الوحيدة، لتصنع غذائها، مستعملة جذورها لإمتصاص المواد التي في التربة، لتحوّلها الى غذاء على سطح اوراق البرعم .
الشجره تملك قوة عظيمة في تحويل كل شيء بسيط في الطبيعة الى مواد معقدة ومركّبة، اي انها اعطيت قوة لصنع هذا الشيء ،ولتحمّل كل الظروف التي تحيط بها. الشجرة امينة للانسان فانها تثمر وتظلل عليه ومنها تبنى البيوت ويتدفىء عليها الانسان. وهل سمعنا يوما ان شجرة اخطأت؟ اكيد لا ، اذن هذا الكائن الحي الخالي من العقل والنفس هوامين لخالقه ومُسَبحُ له ومُسَلمُ ذاته اليه، منذ الصباح الباكر والى آخر شعاع من خيوط الشمس، وبعدها يبقى مشتاقا الى هذا النور لينتهي الليل عليه ويبزغ فجرا جديدا ونورا جديدا، ليديم حياته وليحول مواد الطبيعة الى طاقة، وكأن الشمس تجسدت فيه لتكون هي الطاقة المحركة للكائنات كلها عندما تتغذى عليها .
انه مَثل بسيط يمكن ان نُشبهُهُ بنزول الروح القدس اثناء القداس ليحول الخبز والخمر الذي هو من ثمار ايدينا ويمثلنا نحن أيضا، الى جسد ودم يسوع المسيح القائم من بين الاموات الذي هو غذاء روحي للجميع، لانه عند تناولنا إياه نتحول الى المسيح القائم ولكن هناك شيء واحد جوهري هو ان النبات يحوّل المواد البسيطة الى مركبة ومعقدة، ولكن المسيح القائم الموجود في القربان، يحولنا من مركبين الى بسيطين، اي انه ينفي جسدياتنا ويُنمي روحانياتنا .
هناك نقطة مهمة هي ان الشجرة معظم اعتمادها على نور الشمس (اي ان قوة ومشيئة الشمس تؤثر فيها كثيرا وقسما من النباتات تتجه باتجاه الشمس) الذي يشبه نور الله على العالم. ولكن شجرة الانسان الخضراء، اي جسده وحواسه الخمسة، التي اذا لم تتبع مشيئة الله بل مشيئة الانسان، يكون غير روحاني، ولايتجه الى الله، ويحب ان يعيش بالظلام، لان جذوره متعمقة بالعالم وشهواته ومغرياته.
على الرغم من قدرة الانسان على التفكير والابداع، لكن عمره قصير على الارض، فيما اذا تمت مقارنته بعمر بعض الاشجار التي يتجاوز عمرها 4000 سنة، وقسما منها قائـِمة. وهنا نفهم نقطة اخرى، ان كلمة الله وحدها قادرة على جعل الانسان موجودا في الارض والسماء في آن واحد، حتى إن لم يَمُت بعد، في حالة ايمانه وثقته بها . معظم الأشجار في فصل الخريف تفقد اوراقها بنسب متفاوتة حسب انواعها لتستعد بعدها للنمو والاخضرار عند تـَغير الظروف عليها وبقدوم فصل الربيع، لا بل هناك اشجارا تفقد قشرة جذوعها وسيقانها واغصانها مُعلنةً حاجتها الى قشرة جديده تغطيها، لان القشرة السابقة اصبحت ضيقة وصغيرة عليها، لانها نَمـَت وكبر سمكها. هكذا الله يحترم حريتنا ويغفر خطايانا ويمحي أثامنا لكي يجددنا ويجعلنا ننمو روحيا ونخرج من جسدياتنا التي هي قشرتنا القوية المؤثرة على نمونا الروحي. ولكن بنور الكلمة وتناول القربان، فان هذه القشرة السميكة (المتمثلة بأفكارنا ومشاريعنا التي تهتم بالذات والارضيات)، تتكسر لننطلق روحيا ونتحد بالله ولاننجذب للشيطان.
الاشجار بصورة عامة تـُمَثل رئة وروح الارض، لانها تطرح الاوكسجين للجو بعد عملية التركيب الضوئي مستعملةً غاز ثاني اوكسيد الكاربون (المضر لصحة الانسان) ومنقية الجو، هكذا المؤمنين بالكلمة جعلهم الله ان يكونوا ملحا للارض ومافيها ليحافظوا عليها من الفساد. ان الشجرة الوحيدة التي جذورها من السماء ومنها حَلَت علينا النِعَم السماوية، هي تلك الشجرة اليابسة المتمثلة بالصليب، والتي تعلمنا عدم التمسك بهذا العالم، والتغذّي من موارده: الكبرياء، والعنف، والحسد، والسلطة، والمكانة الاجتماعية...الخ)، بل نتغذى من تلك الشجرة اليابسة (التي تُمثل مشيئة الله) بموتنا عن العالم والخروج منه.