كتب / عماد توماس :
فاجأ الشيخ السلفى مريدية فى صلاة الجمعة الماضية ، بمسجد العزيز بشارع النصر
بمنطقة تدعى " ستوتة " بطنطا ، بخطبة من الانجيل مستشهدا بما جاء فى انجيل
" متى " الاصحاح العاشر وقول المسيح " لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ . مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا "
وبدأ يفسر تفسيرا على هواه يزعم فيه أن " النصارى " يريدون تقسيم البلاد وان " مسيحهم "
يدعو للعنف والقتل والفرقة . اعجب كلامه مريدة من السلفيين فى المسجد الذى لا يصلى
فيه معظم جيرانه المسلمين كونه مسجدا غير تابع للأوقاف ومعروف عنه التشدد .
فوجئ الجيران المسيحيين بجوار المسجد بصوته العالى فى الميكروفون وهو يهدد ويتوعد النصارى ويقول عليهم ما ليس فيهم ويفسر آيات الانجيل على هواه .
من جانبه، قال القس رفعت فكرى ، راعى الكنيسة الانجيلية بأرض شريف بشبرا ،
أن بعض المتعصبين يزعمون أن المسيحية تدعو للعنف وأن السيد المسيح طالب
باستخدام السيف , وفي اتهامهم هذا هم يقتبسون بعض نصوص الكتاب المقدس
ثم يفسرونها وفقاً لأهوائهم الشخصية فينزعون الآيات من سياقها التاريخي ومن
القرينة والخلفية الحضارية والثقافية , ويظن بعض المتربصين بالمسيحية
أن السيد المسيح يساعد على الفرقة والشقاق , ويدعو إلى الخصام والانقسام .
ويوضح القس فكرى ، قصد السيد المسيح بهذه الأقوال كونه كان يردد كلاماً
معروفاً عند اليهود آنذاك . فاليهود كانوا يعتقدون أنه عندما يأتي يوم الرب الذي
يخترق فيه الله التاريخ ويحضر المسيا إلى العالم ستحدث انقسامات خطيرة في العائلات ،
ومن بين أقوال المعلمين اليهود المشهورة " إنه عندما يأتي ابن داود
ستقوم الابنة على أمها ، والكنه على حماتها ، ويحتقر الابن أباه ويصير
أعداء الإنسان هم أهل بيته " وكأنما بالسيد المسيح أراد أن يقول لسامعيه
من اليهود أن يوم الرب الذي ينتظرونه قد أتى ، وقد تدخل الله في التاريخ ،
وهكذا تنقسم العائلات والجماعات إلى قسمين : فالبعض يقبلونه ويتحمسون له ،
والبعض الآخر يرفضونه ويتحمسون ضده , لقد كانت رسالة السيد المسيح
رسالة حب وسلام , فهو لم يأت بجيوش كسيل عارم منساقة , أو مزينة بأعلام
مرفرفة خفاقة ، لكن دعوته وتعاليمه ومبادئه من شأنها أن ينقسم الناس
بإزائها إلى فريق يقبلها ، وفريق يرفضها، ولابد أن تقوم بين الفريقين
حرب فكرية تحتدم بين المؤمنين به والرافضين له . نار قوية تؤدي إلى
حرب وقتال بالتصفية الجسدية ، وهذا ما حدث بالفعل لشهداء المسيحية
في القرون الأولى الذين شن عليهم الرافضون لمبادئ المسيح حرباً
شرسة شعواء ذهب ضحيتها عشرات الألوف والملايين من المؤمنين بالمسيح .
ويؤكد القس فكرى ، على ان السيد المسيح هو باعث كل رجاء وهو مصدر كل سلام ,
فقد جاء إلى عالمنا ولم يعلن حرباً , ولم يشكل جيشاً , ولكنه حارب الظلم والفساد والشر
والخطيئة , لم يحمل سيفاً ولا عصا , ولكن بمحبته ورحمته صار ملكاً على قلوب البشر,
لم يركب جواداً ولم يرفع سيفاً ولا حتى صوتاً , لقد كان سيفه الوداعة , ورمحه المحبة ,
وسلطانه سلطان الغفران والتسامح , لم يفتح مدينة ولكنه فتح أعين العميان
وآذان الصم كما فتح أبواب الأمل أمام البائسين واليائسين والساقطين ,
لم يثر مشاعر البغضة , ولم يحرض أحداً على أحد لكنه حرض الجميع على
الحب والتآخي والعطاء والغفران بلا حدود .