الراعي في طرابلس وسورية: ليس بالحدث العابر

الراعي في طرابلس وسورية: ليس بالحدث العابر

كبريال مراد -
جريئة كانت زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى طرابلس امس، بتوقيتها وظروفها واسبابها وتداعياتها. وجريئة ايضاً هي زيارته لسورية غداً، لاسيما وانها تأتي بخلفية دينية.

ففي طرابلس، وعلى رغم التحذيرات والمضايقات، وسط تصاعد الحركات التكفيرية التي ترفض كل ما هو مختلف، والتي يزداد اوكسيجانها مع تنامي اشباهها في دول الجوار، حضرت الكنيسة المارونية بين ابنائها في ذكرى الراهب المؤسس، القديس مارون. حضرت لتقول إنها من هذا النسيج ومن هذه الأرض، ليست عابرة بل متجذّرة، وليست منغلقة بل متفاعلة، وليست خائفة، بل صابرة على التحديات، كلها امل ورجاء بغد افضل.

غابت اصوات الرصاص في طرابلس امس وحلّ محلّها صوت قرع الجرس، يدعو بخلفيته الليتورجية المؤمنين الى اللقاء والصلاة. حلّ نثر الارز والورود مكان توزيع الرصاص والبنادق، وكأنها نعمة سلام تكفكف جراح مدينة ترزح تحت هول المأساة المستمرة، بلا علاج فعّال ونهائي.

اما غداً، فالبطريرك الماروني ينضم الى آباء الكنيسة المشرقية، الكاثوليكية والارثوذكسية، ليقولوا معاً للبطريرك الأرثوذكسي: انت لست وحيداً. لا شك انهم سيمرون وسط الكنائس ودور العبادة المدمّرة. وسط ما تبقى من ابنية ومدارس ومنازل. وسط الدمار العابق بالكره ورفض الآخر، لكنهم سيتحدّون الخوف بالايمان، واليأس بالرجاء، ليكونوا المثل والمثال لأبناء الرعية المعذّبة في الشرق عموماً، وسورية الجريحة خصوصاً. فبناء على ذلك، ومن اجل ذلك، وجودهم غداً ليس بالحدث العابر.