الوداعة في المسيحية كنز من كنوز المؤمن بها تتجلى الروح،
وتسموا، ومن خلال الوداعة والمسامحة يستطيع كل من يتعامل
معك أن يكتشف انك مسيحي، ليس بالاسم بل بالواقع العملي، لان
المسيحية ليست ديانة تكتب في هوية الأحوال المدنية بل هي حياة
يعيشها المؤمن الحقيقي، متسربلا بثوب العفة والطهارة، التي
سكبتها علية نعمة المخلص والفادي يسوع المسيح في حياة
المؤمن.
الوداعة هي سلاح قوي قادر أن يدخل القلوب ويغيرها لتكون رقيقة
وممزوجة بالطيب أنها قوة خارقة قادرة أن تجعل من المرء رجلا
عفيفا ومباركا ومحبوبا من جميع الناس.
فليكن لسانك عذبا وكلماتك لطيفة ممزوجة بالدعة، تقطر حبا لكل
إنسان في جميع أحوالك، وفي أشغالك، في معاملتك مع رؤسائك
او مرؤوسيك كي تحتفظ بمحبة الجميع لك. لا تتذمر ولا تتضجر،
ولا تبد أدنى شكوى في عمل الخير، لا تظهر الكآبة متى أصابك
سوء، أو وجهت إليك كلمة قاسية قد تكون فيها إهانة لك، بل كن
مثالا للطاعة والاحتمال والمسامحة في كل شيء.
يقول الحكيم: "ليكن كلامكم كل حين بنعمة مصلحا بملح لتعلموا
كيف يجب أن تجاوبوا كل واحد". ومتى أديت جميع أعمالك
بوداعة ورضا وبشاشة ولطف صار كل ما لديك سهلا، وأمكنك
إتمامها بلا تعب ولا عناء، لأنك تكون في سلام ولا يعرف الضجر
له مكانا في نفسك، لكن إن كنت قاسيا في الكلام ومتعجرفا في
الجواب، فانك لا تحتمل نقائص الآخرين وتضجر لأتفه الأمور،
تسأم نفسك وتتضايق روحك وتشعر بحزن داخلي يجعلك تهمل
وتتكاسل، ويصعب عليك اقل الأشياء شأنا، بل تكون مثالا سيئا
لكل من يراك.
إن تكلم احد معك بحدة وغيظ، فلا تعامله كما عاملك، بل جاوبه
بوداعة ولطف، وإن لم يمكنك ذلك في هذا الوقت لشدة هياجه،
فتشاغل عنه وكأنك لم تسمعه، ولا تظهر على وجهك اشمئزاز أو
ضجر، لأنه لا يليق بك أن تطفىء نيران المحبة الملتهبة بقطرات
من الماء قليلة، لا تتكلم بهياج ولا بغيظ ولا بصوت مرتفع، بل
احتفظ بسلامة قلبك وسكون عقلك وهدوء ضميرك. لا تفقد نفسك
السلام والاطمئنان لأمور لا طائل تحتها، تضرك ولا تفيدك. لا
تجمع حطبا على نار غضب غيرك، ولا ترفض توبيخ أحد
فليكن سلام الفادي مرافقا لكم