قال لي الطبيب :
ســيّدتي : أنّ الجنين خطر على حياتكِ ! فآختاري بين خروجــهِ للحياة ؛ وبين فقدانكِ
لحياتـــكِ ! أو بين موتهِ ؛ وبقاءكِ على قيـــد الحيـــــاة !
يجب أن تتّخذي القـرار بأسرع وقت ممكــن ؛ فالتّـــردد ليس في صالحــكِ !
أخـذت الأفكار تعصف بيّ ؛ تـدقّ على رأسي كمطرقـة ثقيلـة ؛ ووجدّتُ نفسي بعد قول الطّبيب
لي ؛ محصورةً بين كمّاشــــة .. البقاء على قيـد الحياة والتّضحيـة بهِ ؛ أو السّماح لـــه
بالـولادة وفقــداني لحياتـــــي !
وأخذت السّاعات تمرّ بســرعـة ؛ كلّ لحظـة فيها ؛ أصعبُ من ســابقتها !
أخذني قلق فظيـــع ؛ كأني في مركب صغير في بحر عميق ؛ تتقاذفنـي أمـواجــهُ العاتيـة
دون ايّة رحمــةٍ !
فكّرتُ مـراراً ؛ وسـألتُ نفسي : لماذا يخرجُ هذا الجنين المسكين الى الحياة ؟
لمــاذا يعيش يتيم من غير أمّ حنونــة ترعاهُ ؟
حتمـاً ســيتزوّج والدهُ مـن آمـرأة أخــــرى ؛ لأنّــهُ لا يزال في ريعان شبابهِ !
وتصبح تلك المـرأة ( زوجــة ) أبيــــهِ ! فهل ترعـاهُ مثلـــــي ؟
وتعتنـي بــهِ وهــو طفلً صغيـــــر ؟
وإذا / لا سمح الله / تعـرّض والدهُ لمصيبـة ومات ؛ فمـاذا سـيكون مصيرهُ ؟
وكيـف يتـربّى في أكـــفان ( زوجــة أبيـــهِ ) ؟
وإذا سلم بجلـــدهِ وضحك له القدر ؛ فكيف ستكون حياتــهُ وهو شـــــابّ ؟
فاقــداً لرعايــة الأمّ الأصليّــة ؛ تقدّمُ لهُ الطّعام والحنان والعطـــــف !
وكيف سيعيش في هذا المجتمع الذي تحـوّل الى غابـة ( مُخيفـة ) القوي ينهش بأنيابهِ
بلحــم الضّعيــــف ! والغني ( يستغلّ ) الفقير لمضاعفــة ثروتـــــهِ !
حيث بات المجتمع متكـوّن من ( طبقتين ) طبقــة تعيش فوق السّحاب ( الغنـى ) ؛
وأخــــرى تعيش تحت التّـراب ( الفقر المـدقع ) !
حتمــاً سـيلاقي الأمرّين ؛ مرارة العيش محرومـاً من الأمومـــة ؛ والرّعايـة وهو شابّ ؛
ومرارة العيش في زوبعـــة الحياة القاســـــــية ! ومن المحتمل ان تتلقّفــهُ إحدى الجماعات
الإرهـابيّــة / وما أكثرهـــا / في زمننــــا هـــــذا ! وتحوّلــهُ من إنسان سـوي الى مجرمٍ
خطيـــر! فسيكون مصيرهُ ؛ إمّــا الموت بحزام ناسف يربطونهُ لهُ ؛ أو يقضي بقيّـة عمرهِ
نزيــــلاً في آحــدى المُعتقـــــلات إذا ســلمَ بجلـــدهِ !
وبعد كلّ هـــذهِ الأفكار البائســــة ؛ والتي رأيتُ أنّ ليس هناكَ ( مخرجٌ ) منهـــــــا ؛
قرّرت وضع حــدّ لحياتي وللجنيــــن !
آعـذروني وصلّــوا من أجلـــي ؛ لأنّي قـــــرّرتُ ؛؛ أن أنتحـــــر ؛؛
فذلك رحمــة لي ولجنينـــــــــي ؛ فنرتاحُ أنـا وهــو للأبــــــد !!
* بقلمــــــي *