مسيحيو المشرق: جلجلة الجلد، من المهد الى اللحد!

قد يبلغ الكفر بمسيحيي المشرق، حدّ التوقّف عن سماع عظات المحبة والتسامح والعيش الواحد، في شرقٍ كافرٍ بالقيم الإنسانية، تسكنه شياطين تخوين الآخر وتكفيره وتحليل قتله وتهجيره، وسط صمت مُريب من أخوة مسلمين يدركون جيداً دور المسيحيين في بناء الحضارة الإسلامية وإدارة دواوين الدول الإسلامية منذ عهد الخلفاء الراشدين وحتى اليوم، ويدركون إنجازات حركة النهضة العربية التي كان المسيحيون روّادها.

نحن لا نعوّل على جامعة عربية، ساقطة "ساقطة" بكل معايير التقييم لأدائها العربي والقومي وحتى الإسلامي، ولا نعوّل على أنظمة عربية يحكمها خصيان سياسة ونواطير آبار، بل على الفكر الإسلامي المشرقي المُغيّب والعلماء المُسلِمين المُقَيّدين بطفرة من شياطين الطارئة على الدين، تحكم الشارع العربي المتفلّت من كل المعايير الإنسانية والأخلاقية والدينية، الخارجة على القوانين الوضعية الناظمة لحقوق الإنسان وحرية المعتقد وأداء الشعائر، وعلى الشرائع السماوية التي ترعى وتراعي في الكُتب المُنزلة التراحم والتآخي بين البشر.

87 ألف قبطي مصري غادروا بلادهم خلال أشهر، نازحين إلى جورجيا، وإسرائيل العنصرية تفتح أمام الأقباط باب الهجرة إليها، وكندا وأميركا وأوستراليا استقبلت عشرات آلافٍ منهم منذ إسقاط مبارك في ثورة 25 يناير "المباركة"، ومسلسل لا نهاية له، من إحراق بيوت وتهجير وتدمير، وقتل وانتهاك أعراض وتدنيس كنائس في كل أنحاء مصر، وكان آخرها إطلاق نار على مواكب تشييع جنازات شهداء، سقطوا في الدفاع عن كنيسة في مواجهة شياطين متطرّفين!!
لا يستحق ما يحصل لأقباط مصر وقفة للمسلمين والأقباط في ميدان التحرير كمواطنين مصريين يؤمنون بالله الواحد، في مواجهة متطرّفين، "أمّة لا إله إلاّ الله" تجهل ماذا يريدون ولمصلحة مَن يشتغلون، سوى أنهم في عقولهم المريضة يحملون أفكار "الوهّابية الخلاّقة" لتدمير القيم الإسلامية التي يُفترض أن يكون الأزهر الشريف المؤتمن الوحيد عليها!!!
لم يُخطىء المسيحيون المشرقيون في غالبيتهم، بالإحجام عن طلب النجدة من الغرب، لأن الحضارة المسيحية في الشرق مهدها، والوجود المسيحي سيبقى على الشرق رهانه، رغم الجلجلة الطويلة التي مشاها ويمشيها المسيحيون من بقايا كلدان وأشوريين وسريان في العراق، الى أقباط مصر، وصولاً الى مسيحيي بلاد الشام بمن فيهم من ولدوا في بيت لحم مهد ملك السلام، ولكن كفانا تلقّف الصفعة على الأيمن وإدارة الأيسر يا كل المؤتمنين على الوجود المسيحي في أرض السيد المسيح، وكل أعمال السينودوس والمجامع الكنسية واللقاءات مع الأخوة المسلمين لم توقف الكفر بحق شعب يُصنّف لدى بعض المارقين أنه من الكفّار.

ولم يُدرك المسلمون "المسلمون" بعد، أن القادمين تحت مسمى "الإسلاميين" هم خطرٌ على الدين الإسلامي وعلى الكيان الإسلامي القومي العروبي المعتدل، وعلى الوحدة الإسلامية، أكثر من خطرهم على المسيحيين وأتباع الديانات الأخرى من الأقليات، وما على المشكّكين بقولنا سوى العودة أياماً الى الوراء، حيث عُقِد في القاهرة مؤتمر "خطر التشيّع على مصر" بدعوة من الحركات السلفية، ولو أن الحضور الخجول بل المقاطعة يعكسان نفور الشعب المصري من هذه الظاهرة، لكن الخطابات التكفيرية المُقزّزة اعتبرت الشيعة أنهم أخطر على الإسلام من الكفّار في رفض واضح للتقارب الحاصل مؤخراً بين مصر وإيران.

ثقافة التحجّر والتخلّف ورفض الآخر، التي يحملها البعض تحت ستار الدين، مواجهتها مطلوبة من المسلمين وليس من المسيحيين، ولكن للأسف غياب المرجعيات الإسلامية الكبيرة، والإنكفاء القسري للأزهر الشريف عن أداء سلطته الدينية وسلطانه الشرعي على من ينحرون القيَم الدينية والإنسانية كل يوم، يجعل من هذا الشرق ساحة صراعات مسلمين مع مسلمين يدفع ثمنها المسلمون من سنّة وشيعة أولاً، كما دفع ويدفع أثمانها الباهظة من هو أصل الشرق ومهد الرسالة المسيحية ولا ناقة له ولا جمل في صراعات صحارى العربان، الجدباء حتى من الفكر والعقل والضمير والأخلاق الآدمية...

» الكافيين له منافع ضد بعض أنواع سرطان الجلد
» بطريك لبنان وسائر المشرق كان في رحلة لمصر
» اليونسكو تدرج كنيسة المهد في بيت لحم على قائمة التراث العالمي
» † دراسـة / نبذة تاريخية عن كنيسة المشرق [ القسـم الأوّل ]†
» بايدن يختتم زيارته لفلسطين بزيارة كنيسة المهد .