هل قال المسيح .. أنا هــو الله فاعبدوني ؟
بقلم عماد حنا :
في الواقع هذا السؤال الشهير الذي سأله الداعية الإسلامي الكبير أحمد ديدات يحمل في طياته الكثير من "ذكاء المحاور" …
ونحن إذ نفكر في السؤال نشغل أنفسنا كثيراً في البحث عن إجابة, وقد كتب لنا المفكر المسيحي "يوسف رياض"
كتاب جميل بخصوص هذا الموضوع, وأعطانا فيه 26 نص قال فيهم المسيح عن نفسه أنه هو الله.
ولكن إذا تأملنا في الموضوع بحيادية لاكتشفنا أن أستاذنا العظيم وإن أعطانا بحث لاهوتي رائع إلا أنه لم يجب عن السؤال.
فالسؤال يسأل … هل قال المسيح أنا الله فاعبدوني؟
وبيت القصيد هنا هو ارتباط آخر كلمة في السؤال بالكلمات التي قبلها.
فالمفكر أحمد ديدات بعد دراسته المستفيضة للكتاب المقدس بهدف البحث عن ثغرات من خلاللها يستطيع أن يهدم
إيماننا المسيحي… ذلك الهدف الأساسي الذي تسعى إليها الطائفة الأحمدية والتي ينتمي إليها الداعية …
كنت أقول أن المفكر بعد أن درس الكتاب المقدس يعرف تماماً أن السيد المسيح قال في أكثر من موضع أنه الله …
حتى أن اليهود طلبوا أن يرجموه بسبب تصريحاته هذه في يوم من الأيام.
"31 فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضًا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. 32 أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:«أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي. بِسَبَبِ أَيِّ
عَمَل مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟» 33 أَجَابَهُ الْيَهُودُ قَائِلِينَ:«لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ
تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا» 34 أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ 35 إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ الَّذِينَ
صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ، 36 فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ:
إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ؟ 37 إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي. 38 وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ،
فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ»."يو10
وما كان من احمد ديدات أن يقع في مثل هذا الخطأ ويسأل هذا السؤال الذي له إجابة
لذلك أضاف كلمة تعقد السؤال, وتجعلنا نبحث عن إجابة لهذا السؤال غير موجودة كتابياً … وهو مدخل جيد لحوار
من شأنه نجد أنفسنا نصل إلى نتيجة أن المسيح لم يطلب منا عبادته ومن ثم فهو ليس الله!!!
ذلك شأن المحاور الذي يقود الفكر حيث يريد, ولكن علينا ألا ننساق إلى هذا التيار الذي يجبرنا أن نسير على دربه
داعينا الكبير … لذلك يمكن قبل أن نحاول الإجابة أن نضع لأنفسنا أسئلة من شأنها أن تضعنا على الطريق الصحيح
في معرفة الفكر الإلهي الذي يريد أن يشرحه لنا الكتاب المقدس وهذه الأسئلة التي وضعتها هي :
1- هل الله بحاجة إلى التجسد لكي يقنعنا أن نعبده؟
2- هل المسيح تجسد لكي يقنعنا أن نعبده أو بالأحرى أن نعبد الله؟
3- ما هو هدف التجسد الحقيقي؟
هذه الأسئلة الثلاث إذا أجبنا عليها لعرفنا بطلان السؤال الرئيسي الذي سأله أحمد ديدات... لأن الله ليس في حاجة مطلقاً
لأن يتجسد حتى يقنعنا أن نعبده, والتجسد له هدف آخر بعيد عن محاولة الأقناع هذه!! ... لذلك عندما نجيب بالنفي على
سؤال الداعية أحمد ديدات لن يتأثر إيماننا المسيحي أو يهتز... ففي الواقع المسيح لم يقل مطلقاً أنا هو الله فاعبدوني ... لماذا؟
لأنه ببساطة عندما تجسد الكلمة لم يكن الهدف مطلقاً العبادة... ولكن المسيح تجسد ليكون الحمل الإلهي...
فعندما رآه يوحنا النبي تنبأ قائلاً... هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!... فإذا قال المسيح (فاعبدوني)
لضاع منه الهدف الذي جاء لأجله... في الواقع لقد أراد الشيطان أن يقنعه بهذه الفكرة عندما أراد أن يجربه في البرية
عند بداية خدمته... وقد قال انجيل متى عن هذا الموضوع في أصحاحه الرابع " ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَل عَال جِدًّا،
وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا، 9 وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا"... لقد حاول الشيطان أن يقول للمسيح أجعل
هدفك أن يعبدوك الناس ولا تجعل هدفك خلاص الناس...
ففكرة أحمد ديدات ليست فكرة جديدة بل أنها فكرة شيطانية لم تنطل مطلقاً على الرب يسوع... بل أنه رفضها...
رفض أن يكون السبب الأساسي للتجسد هو أن يعبد... الأمر لا يستحق لأنه منذ البداية كانت الوصية أحب الرب إلهك
من كل قلبك... وهذه هي العبادة... فالأمر لا يستحق أن يتجسد الله ليقنع الناس أن يعبدوه
إذا المسيح لا يمكن أن تكون رسالته (أنا هو الله فاعبدوني)
لماذا جاء المسيح؟
جاء المسيح ليكون حمل الله الذي يرفع خطية العالم ومن ثم ينجح الإنسان في التواصل مع الله وعبادته...
هذا هو الهدف الذي جاء لأجله المسيح... جاء ليمارس عبادة الله بصورة صحيحة لم ينجح آدم الأول في أن يستمر فيها...
تجرب المسيح من إبليس وضغط إبليس عليه كثيرا لكي يبتعد عن الهدف فيخطيء ولكنه لم يخطيء ففعل ما لم يفعله آدم
لقد جاء المسيح إلى عالمنا عابداً لا معبودا وبالتالي لا يمكن أن يطالب الناس بعبادته... وعلى الرغم من أنه أعلن
هويته الحقيقية في أكثر من موضع إلا أن هدفه الأساسي لم يكن أن يُعبد... بل أن يعبد هو الله بصورة صحيحة نتعلمها منه,
ويقدم كحمل صحيح لا عيب فيه عوضا عن البشر أجمعين ونجح المسيح في مهمته... فاستطعنا بنجاحه أن نتواصل
مع الله وأن نعبد الله عبادة حقيقية... وماذا كانت نتيجة هذا النجاح بحسب الرسالة الى فيلبي يقول الرسول بولس " لِذلِكَ
رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ 10 لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ
وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، 11 وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ."
هل المسيح قال أنا هو الله فاعبدوني؟
الإجابة: لا ... المسيح لم يقل أنا هو الله فاعبدوني ، لأن رسالته وهو على الأرض متجسداُ كانت تختلف ...
لقد أتى المسيح لكي يصنع الفداء الذي بسببه يمكن للأنسان أن يعبد الله
* مُنتـــدى : الأقبـــــــاط اليـــــوم *