خادم المسيح مشرف (ة)
الجنس : عدد المساهمات : 24257 التقييم : 4957 تاريخ التسجيل : 11/08/2012 البلد التي انتمي اليها : العراق
| موضوع: ◙ الشّـــــعب يُريـــــد ... قصّـة ◙ الثلاثاء نوفمبر 26, 2013 9:31 pm | |
| الشَّعب يُريد ….. عند مخبز المدينة المركزي .. شعر بالإحباط ، فكل أنواع الخبز الذي تذوقه لم ترض ذوقه .. كانت تحوي كلها على طعم غريب .. كانت فيها مرارة لاذعة ….. ! والغريب أن الجميع كانوا يأكلون بشكل طبيعي تماماً !! اتجه نحو البائع وسأله عن سر هذا الطعم السيِّئ الذي يشوب طَعمَ خُبزِ المدينة .. وهنا صُعِق بِردَّة الفِعل .. صاحب المخبز زجره وصَرَخ بالموجودين بأنَّ هذا الشخص “ المدسوس ” يريدُ أن يحرِمكم الخبز .. فهاجمته مجموعة منهم موجهين إليه الشتائم والضَرب ثم ألقوه خارج المخبز .. البعض كانوا يجولون بنظرهم بين الشاب ، وبين بعضهم .. لكنهم أخيراً عادوا لعملهم دون أن يحرّكوا ساكناً .. بعد أن أُلقِيَ خارج المخبز ، تَلَوّى ألماً ثم بدأ يستجمع طاقته ليقف على قدميه ، وتحسس الكدمات على وجهه وفي مختلف أنحاء جسمه .. وقام يترنح في الطريق باتجاه منزله .. وبعد ابتعاده عن المخبز جاء رجل عجوزٌ قد غطى بِعمامَتِه معظم وجهه لكي لا يعرفه أحد فأمسك يده ليُعينَه على المشي وربَّت على كتفه وهمس بأذنه : “ حيّاك الله يا بطل ! ” التفت إليه مستغرباً !! وقال بصوت متقطع : - بطل ؟ ! ! ربما تقصد أني مازلت حيّاً بعد هذا الضرب ؟؟ - لا يا صديقي ، بل لأنك قلتَ الحقّ ! - أتقصد سؤالي عن سبب طعم الخبز الكريه ! وهل هذه بطولة ؟؟ - يبدو أنّك لم تقضِ وقتاً طويلاً في هذه المدينة .. الجميع يعرف قصة المخبز .. القصة بدأت منذ سنين بعيدة ، كان لدينا في المدينة مخابز كثيرة تتنافس بينها لإنتاج ألذّ وأرخص معجنات .. وكان المواطنون يتجهون لأي مخبز يريدون ويأكلون ما يعجبهن .. حتى أتى يومٌ جاء فيه رجل غريب وبدأ يحاوِل إقناع أصحاب المخابز جميعاً أنهم إن اجتمعوا وفتحوا مخبزاً كبيراً سيكون الربح أكبر وسيسهل هذا الخيارات على المواطنين .. اقتنع البعض وفعلاً اجتمعوا وافتتحوا هذا المخبز الكبير ، وثم بدأ هؤﻻء بالتضييق على الآخرين وإيذائهم والتعرض لهم وإرسال بعض المخربين ليُحطِّموا لهم محلاتهم ليلاً حتى لم يبقى إلا هذا المخبز … وعندها صار طعم الخبز أسوأ فأسوأ ، وعندما بدأ البعض يشتكون من طعم الخبز صار أصحاب المخبز يقومون بعقوبات على الجميع بِحرمانِهِم من الخبز لفترات طويلة ، وطبعاً يستمرون بمحاربة أيّ فكرة لإنشاء مخبز آخر … وهكذا صار الجميع يقفون ضدّ أيِّ شخص يحاول التذمر من طعم الخبز أو مِن معاملة أصحاب المخبز … وصار كلُّ شخصٍ يتحدَّث بموضوع الخُبز هو شخص " مدسوس " من قِبل الخبَّازِين القُدامى ويحمل خططاً خارجية ويريد أن يحرِم الناس الخبز كما حدث سابقاً … وبمجرد الشكوى عن وضع الخبز تجد الجميع يصرخون بـكَ : “ ماذا تريد أحسن من هذا الخبز ؟؟ ” ، “ من سيأتي بعد هؤلاء الخبازين المخلصين ؟ وهل تظن أنه سيكون أحسن ؟ ماذا لو قدم لك أرغفة الخبز أسوأ طعماً وأغلى سعراً ؟ ؟ ” ، “ أتنكر فضلهم، فهُم يقدِّمون لنا كل فترة رغيفُ خبزٍ مجانيّ لكلّ أسرة تتكوّن مِنْ أكثرَ مِنْ سبعة أشخاص ؟ ” . للأسف فمع الزمن نسوا أن سعر الأرغفة أساساً أعلى بكثير من السعر المفترض ، ومع توالي الأجيال حُمّلنا فكرة أن نظامَ المخبز الواحد هو الحل الوحيد والأفضل لنعيش !! وصاروا يعتقدون أننا إما أنْ نأكُل الخبز من هذا المخبز أو أنْ نُحرَم الخُبز نهائياً !!! دهش الشاب لما سَمعه ، فَهَل يُعقل أنّهم يأكُلون هذا الخبز منذ سنوات وسنوات ويحتملون طعمه ، ويقنعون بعضهم، بل ويقنع كل شخص نفسه أنه ألذ خُبزٍ في الدنيا !! اشتعلت روح الشابّ الحُرّة فَسَحَب يدهُ من يد العَجوز ، والتفت حازماً ، واتجه عائداً نحو المخبز وهو يصيح بأعلى صوته : “ الشعب يريـد ، الخبز اللذيذ ! ” بقي لدقائق ينادي وحده والآخرون يبتعدون عنه ، وقذفه آخرون بالحجارة ليسكت ، وصاح شيوخهم أن اتركوه فهذه فتنة قد تحرمكم الخُبز !! لكن إصراره واستمراره جعل كل من في قلبه ذرّة حريّة يعيد التفكير بالأفكار المزروعة في رأسه ، وفي النهاية ساروا خلفَه بالآلاف وردَّدوا شعاراتهم المُطالِبَة بالخُبزِ ، واتَّجهوا للمَخبز ، وطردوا المتنفعين وأصحاب العمل ، وحطّموا المَخبـز ، ومزقوا الوثائق التي تحرمهم حقوقهم بأكل الخبز والمطالبة به بل والعمل على صنعه بأي مكان … المصـدر / منتدى حكايات مدينـــــة . | |
|