خادم المسيح مشرف (ة)
الجنس : عدد المساهمات : 24257 التقييم : 4957 تاريخ التسجيل : 11/08/2012 البلد التي انتمي اليها : العراق
| موضوع: ♀ قصـــة الأبــن الضّـــالّ كما جاءت في الكتاب المقـدّس ♀ السبت أبريل 12, 2014 5:53 pm | |
| لك أيها القارئ العزيز قصة الأبن الضال كما جاءت في الكتاب المقدس : " وقال : " كان لانسان ابنان . فقال أصغرهما لابيه : يا أبي , أعطني الحصة التي تخصني من الميراث فقسم لهما كل ما يملكه . وبعد بضعة أيام، جمع الابن الاصغر كل ما عنده ، ومضى إلى بلد بعيد . وهنالك بذّر حصته من المال في عيشة الخلاعة . ولكن لما أنفق كل شيْ , اجتاحت ذلك البلد مجاعة قاسية , فأخذ يشعر بالحاجة. فذهب والتحق بواحد من مواطني ذلك البلد. فأرسله إلى حقوله ليرعى خنازيره وكم اشتهى لو يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله فما أعطاه أحد . " " ثم رجع إلى نفسه , وقال : ما أكثر خدّام أبي المأجورين الذين يفضل عنهم الخبز, وأنا هنا أكاد أهلك جوعا ! سأقوم وأرجع إلى أبي , وأقول له : يا أبي , أخطأت إلى السماء وأمامك , ولا أستحق بعد أن أدعى ابنا لك : اجعلني كواحد من خدامك المأجورين . فقام ورجع إلى أبيه . ولكن أبها رآه وهو ما زال بعيدا , فتحنن , وركض إليه وعانقه وقبّله بحرارة . فقال له الابن : يا أبي , أخطأت إلى السماء وأمامك , ولا أستحق بعد أن أدعى ابنا لك. أما الاب فقال لعبيده أحضروا سريعا أفضل ثوب وألبسوه , وضعوا في إصبعه خاتما وفي قدميه حذاء , وأحضروا العجل المسمن واذبحوه ولنأكل ونفرح : فإن ابني هذا كان ميتا فعاش , وكان ضائعا فوجد! " ( لوقا 15: 11-24 ) . إن هذه القصة القصيرة هي إحدى أعظم القصص في العالم. في الشريعة اليهودية , لم يكن الاب حرّاً في تصرفه في أمواله , إذ كان الابن الأصغر يأخذ ثلثاً من مال أبيه ويأخذ الابن الأكبر ثلثي المال , وإذا أراد الاب أن يستريح من إدارة أمواله قبل موته , فعليه أن يوزع أمواله على أبنائه . لكن نجد في هذه القصة كم كان قاسياً على نفس الاب أن يتقدم الابن الأصغر بطلب كهذا , طالباً القسم الذي يصيبه من مال أبيه . ولم يعارض الاب بل لم يتردد , وأعطاه حصته وكما طلب , لكنه أراد بذلك أن يتعلم الابن درساً قاسياً إذا أصابه ضرر أو سوء. والآن لنبحث في شخصية الابن الأصغر: تاريخ الابن الأصغر هو تاريخ كل خاطئ بل هو تاريخ الخطية نفسها. وإليك بعض الأدوار في تاريخ الخطية : نشأة الخطية .. ( عدد1 ) : قال الابن لأبيه " أعطني الحصة التي تخصني من الميراث . " معنى هذا أن الابن الأصغر سئم العيش تحت سقف بيت أبيه , وملّ الخضوع للوصايا الأبوية , ورغب في الحرية والاستقلال والتمتع . كان هذا الصبي معجبا بنفسه مغرورا جدا بقدرته , فهو لم يثق في إدارة أبيه , حيث طلب نصيبه من المل إذ توهم أنه يمكنه إدارة أمواله أفضل من أبيه , وأنه يستطيع أن ينميه ويعمل منه ثروة أعظم , وأراد أن يكون سيّدا لنفسه. فكأن الخطية في نشأتها هي طلب البعد عن الله , أو هي طلب الانسان ما لنفسه . ومما يؤسف له في أمر ذلك الشاب أنه لو كان فقيراً لما تمكن من هجر بيت أبيه . فكأنه استعان ببركات أبيه ليكسر وصاياه . وكثيرون في هذا العالم يتّخذون من بركات الله عليهم , سلاحاً يحاربون به الله . قلب الخطية : ( عدد 13 ) : إن الله خلقنا أحرار فإذا ما أراد الشرير أمرا , أسلمه الله لأهواء الهوان . وعندما طلب الابن الأصغر القسم الذي يصيبه من المال , أعطاه أبوه نصيبه . وبعد أيام ليست بكثيرة إذ رتب الابن كل شيء , أخذ في تنفيذ فكرته , فجمع كل شيء وسافر إلى كورة بعيدة. هذا هو قلب الخطية البعد عن الله : " ليس خوف الله قدام عيونهم " ( رومية 18:3 ) , بل هذا هو بدء قصاص الخطية . لأن الخطية تحمل معها عقابها . تعاسة الخطية : ( عدد 14 ) : يتجرع الجاهل آخر جرعة من كأس مسرّاته بغاية السرعة لانه يحرق شمعة أفراحه من جميع أطرافها. فكما ترك الابن الأصغر بيت أبيه بسرعة , كذلك أنفق كل شيء بنفس هذه السرعة , فابتدأ يحتاج , وهكذا أمسى ذلك الفتى الشقي محتاجاً بعيداً عن بيت أبيه . فقد اجتمع عليه عدوّان : فراغ الجيب , والجوع الذي حلَّ بتلك البلدة , فصار الابن بينهما كقطعة من الحديد بين المطرقة والسندان . عبودية الخطيه : ( عدد 15 و16 ) : إن الحرية التي تُقدمها الخطية هي في الواقع حرية كاذبة , وهي تشبه قطر الندى الذي يتبخر عاجلا , فسرعان ما تنقلب الحرية إلى عبودية . طلب ذلك الشاب أن يخرج من بيت أبيه طمعا في الحرية التي وعدته بها الخطية . وبعد خروجه وجد من ساعده على أن يقضي سريعا على ما كان معه إذ أنفق كل أمواله واشترى ثيابا ناعمة , وكذلك أنفق الكثير على الطعام والشراب , وسلك سلوكا فاسدا . وبعد قليل وصل إلى درجة بدأ فيها يحتاج إلى لقمة العيش , فذهب والتصق بواحد من أهل تلك الكورة ليخدمه. وبهذا نجد كيف أخذ الابن ماله وذهب إلى كورة بعيدة تاركا وراءه بيت الاب , وهناك بدد وبذر ماله بعيش مسرف إلى أن وصلت به الحاجة إلى رعي الخنازير. لكن يسوع المسيح لم يقف في كلامه عند ذلك , بل قال أن هذا الابن ندم . عرف يسوع أن الانسان لا يستطيع أن يُمجد الله إلا بعد أن يرجع إلى الله تائبا " ورجع إلى نفسه " , وبهذه العبارة التي تحمل بين حروفها كل معاني الحياة مجتمعة , أظهر يسوع أن الانسان البعيد عن الله بعيد عن نفسه , وهو لا يمكن أن يكون ما يجب أن يكون عليه , إلا عند الرجوع لبيت الاب . نجد هنا الفرق الشاسع بين حالته الاولى وبين حالته الان بعد أن هجر بيت أبيه ساعيا وراء حرية الخطية ! سابقا كان ابنا والان صار عبدا . سابقا كان في البيت والان صار في الحقل . سابقا كان يأكل أفخر الطعام والان صار يشتهي الخرنوب الذي تأكله الخنازير. سابقا كان يعاشر خيرة الناس , والان صار عشراؤه من الخنازير النجسة . هذه هي الدرجات السفلى التي هبط إليها ذلك الشاب . إن الجوع الذي كان يعض معدة ذلك الفتى , قد اصطحبه جوع أشد , في قلبه , جوعه الروحي إلى أبيه , وإلى البيت الذي نشأ فيه . والان انتقل الشاب من الخطية إلى التوبة عن الخطية ( لوقا 15: 17-20 ) , فالتوبة هي يقظة : " رجع إلى نفسه " , فندامة فاتضاع : " لا أستحق " , فرجوع الى الله : " فقام " فعزيمة : " وقال أقوم " فتنفيذ لهذه العزيمة "فقام " . وهكذا قرر الابن أن يرجع لبيت أبيه , ان يتضرع ليُقبل كأجير وليس كإبن . إن العبد المستديم قد يُحب من العائلة , أما الأجير فينصرف من البيت في آخر النهار, ولكن الاب لم يجعل – في محبته – الفرصة سانحة ليطلب الابن هذا الطلب , إذ اندفع إليه قبل أن ينطق بشيء , اندفع إليه في شوق جارف وفرح عظيم. لقد " رجع الابن إلى نفسه " ( عدد17 ) . تستعمل هذه العبارة لوصف المجنون بعد شفائه , والسكير بعد صحوه . وهذا يوافقه معنى " التوبة " في اللغة الأصلية , فهي " تغيير الفكر " لأن الفاقة أطاحت بجنونه , بعد أن سيطرت الخطية عليه . والان عاد إليه فكره ورجع إلى صوابه . الخطية سالبة غادرة , لانها سلبت من ذلك الشاب نفسه الشريفة , فلما أفاق من غمرة الخطية رجع إلى نفسه , ولما زالت عنه هذه الغمامة , حنَّ إلى بيت أبيه وإلى وفرة الغنى الذي كان فيه فقال في نفسه : " كم من أجير لابي يفضل عنه الخبز " , وذكر حالته التعسة , فقال : " وأنا أهلك جوعاً . " هنا تبدأ قوة عزيمته في الظهور " أقوم وأذهب إلى أبي وأقول له يا أبي أخطأت ( عدد18و19 ) . لو اكتفى الشاب بالخطوة الاولى , لماتت فيه تلك الفكرة الحسنة , لأن الفكرة إن لم تتحول إلى عزيمة , صارت بخارا . كانت هذه العزيمة تحتوي على : ثقة : " أرجع لابي وأقول له يا أبي " , فمع أنه خرج من بيت أبيه لكنه لم يخرج بعد عن بنوته لابيه . فمع أنه صار ابنا ضالاً , لكنه لم يزل بعد ابنا . اعترافا : " أخطأت إلى السماء وأمامك " القول " أخطأت إلى السماء " تعبير عبري معناه أخطأت إلى الله . تذللاً : " لا أستحق بعد أن أدعى ابنا لك " , بعد أن استنفذ الشاب حقوقه التي أتاحها له الناموس أو الشريعة , التجأ الان إلى باب النعمة : " لست مستحقا " . الخطوة النهائية التي اتخذها هذا الفتى هي تنفيذ العزيمة " فقام وجاء إلى أبيه " . هذا هو عمل الايمان , بل هذه هي المعركة الأخيرة الفاصلة , وقد خرج منها ذلك الفتى منتصراً ظافراً . قد تتبخر محبة الابن لأبيه , فتصير هباء , لكن محبة الاب لابنه ملتهبة على الدوام . والان لنلق نظرة إلى شخصية الاب المحب . ( 15: 20-24 ) : عين المحبة الابوية : " وإذ كان لم يزل بعيداً رآه " . إن عين المحبة أقوى من عين الشر. هي العين الساهرة المنتظرة , التي ترى كل شيء من بعيد . فإذ رأى الوالد ابنه من بعيد ميّز ملامحه بالرغم مما علاه من الاضمحلال . قلب المحبة الأبوية : " تحنن " ( عدد20 ) , كان لهذا الحنان باعثان : أولهما العاطفة الابوية وثانيهما الحال التعيسة التي وصل إليها الولد. أقدام المحبة : سواء كانت خطوات الابن متثاقلة أو مسرعة إلاّ أن خطوات المحبة الابوية واسعة سريعة . وهكذا الله قد يتأنى في كل شيء إلاّ في ملاقاة الانسان التائب , والترحيب به . لغة المحبة : " وقع على عنقه وقبّله . " ذكر لنا المسيح شيئا عن كلام الابن لابيه لكنه لم يذكر شيئا عن كلام الاب لابنه . في الحقيقة إن الاب استعان بالقبلات عوضا عن الكلمات . واستبدل التعبيرات بالعبرات , فعبرت الاجفان عما عجز عنه اللسان . الكلمة " قبّله " تعني في الاصل " عمره بالقبلات " . كل هذا قد فعله الاب , والابن لا يزال في خطاياه . ذلك لان الاب لم يقبل خطايا الابن بل قبل الابن نفسه. حقا , إن الابن أخذ في الاعتراف لابيه , لكن أباه لم يمهله حتى يكمل الاعتراف نجد هنا في محبة الاب قبولا وغفرانا تاما لابنه . عطايا المحبة : ( عدد 22 ) أمر الاب عبيده بأن يخرجوا الحلة الاولى – وهذه ترمز إلى ثوب البر وهي أيضا دليل الشرف والعزة . " الخاتم " هو رمز السلطة المطلقة, لان الذي يعطي خاتمه لاخر فقد جعل منه وكيلاً مفوضا , وكذلك رمز البنوة الدائمة . " الحذاء " يرمز إلى استعداد للحياة الجديدة التي سيحياها فيما بعد " حاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام " , وهي دلالة على الحرية المباركة وإلى السلوك الجديد الذي يناسب المؤمن الجديد . " الوليمة " ترمز إلى الفرح الدائم الفياض , من فرط سرور الاب بعودة ابنه , لم يستطع أن يؤجل الوليمة لوقت آخر. نجد في سلوك الاب ومحبته الفائقة لابنه الحقائق المهمة التالية : لا نقول ثانية أن هذا المثل هو " مثل الابن الضال " , لان الابن ليس بطل القصة بل نقول : " مثل الاب المحب ", إذ أن المثل يُخبرنا عن محبة الاب أكثر من خطية الابن . كما أن هذا المثل يظهر غفران الاب , فقد كان الاب – رغم كل ما حدث – يتوقع رجوع ابنه بل ينتظره بلهف وشوق لذلك رآه من بعيد , وغفر له عندما رجع ولم يعامله كعمله . وقد كانت طريقة الغفران كهبة أو منحة أبوية شاملة , أما الناس فإنهم يقابلون مساوئ الغير بأخرى أشد وأدهى وأشرّ. كان تقدير الابن الضال لمحبة أبيه وكل ما كان يتوقعه من أبيه هو أن يجعله كأحد أجراه ( خدمه ) لكن الاب أعلن إعلاناً جديداً إذ قال : " ابني هذا كان ميتاً فعاش " . في هذا المثل نستطيع أن نشبه محبة الاب لابنه بمحبة الله لنا نحن البشر. أمّا الابن الاصغر فهو أنت وأنا . + أيها القاريء العزيز، هل تعيش حياة الحرمان من عطايا ونِعَم الله التي أعدّها لك ؟ لماذا تأكل النفايات والطعام الذي لا تستحقه ؟ هل استبدلت عطايا الله العظيمة لك بقذرات وشهوات هذا العالم الزائل ، وجنيت من هذا العالم شهوات المال والملذات الفانية بدلاً من خلاص الله ورحمته الذين يمنحهما لك ؟ بمن تشبّه نفسك حسب هذا المثل، هل أنت ذلك الابن التائب الراجع لأبيه طالباً القبول لديه ؟ هل تقبل أن تكون ابنا لله ؟ نحن نفرح إذ يعتبرنا الله أولاداً له وهو أبونا السماوي . أي ميزة عظيمة لنا لأن نعتبر الله " أبانا .. ! " دعونا ان لا ننسى أننا لو كنا حقيقة أولاد الله وجب أن تكون لنا أفكار وصفات الله . وعلى أعمالنا أن تشبه أفكار ووصايا أبونا السماوي . وكما رحّب الاب المحب بابنه عند عودته تائباً إلى بيت أبيه ، هكذا يرحب الله، أبانا السماوي ، بكل من يأتي إليه تائباً طالباً الغفران والقبول لديه على أساس موت المسيح بدلاً عنه دافعاً ثمن خطاياه لأنّ المسيح هو الذبح العظيم الذي يفدي البشرية . إن الله يحب الجميع، صالحين أم طالحين ، وهو في انتظار كل منا لنعود إليه تائبين لنسلك في طرقه ، ولنعيش حسب وصاياه المقدسة . هل هناك رجاء لنا في الحصول عاى القبول لدى الله الآب ؟ لا شك ، فكما يحب الآب السماوي الابناء المطيعين فهو كذلك يحب التائهين الغير مطيعين . فإن جئت إليه في أمانة وتواضع ، كما فعل الابن الأصغر، طالباً منه الغفران لخطاياك ، فإنه يقبلك بفرح عظيم ويغسلك من خطاياك ويمنحك روحه القدوس وسلامه الدائم . السلام الذي لا يستطيع العالم ولا الاشياء التي في العالم أن يمنحه لك . وبذلك تحصل على الميلاد الجديد وتصبح بالحقيقة ابناً لله . إذ يمتلئ قلبك بمحبة الله وتعيش حياتك تحت ظل عنايته الالهية . + إن قلبي ليس يهوى غير فاديّ الحبيب بآسمه نلت خلاصاً إذْ فداني بالصّليب + * منقــــــول للفائــــدة * | |
|