كتبت نيتــــــا :
ماذا كان جهاد اللص اليمين حتى خلص ؟
لقداسة البابا شنودة الثالث
إن الذين يدعون أن الخلاص هو بالإيمان وحده ،
يتساءلون :
أية أعمال صالحة قد عملها اللص اليمين ،
وأى جهاد جاهده حتى خلص ؟
ونحن نجيب بأن اللص عمل أشياء كثيرة،
أهمها :
أ – آمن اللص بالرب في ظروف قاسية جداً :
مجرد إيمان اللص لم يكن أمراً سهلا .
لو أنه آمن بالرب ،
وهو يقيم الموتى ،
ويشفى المرضى ،
ويمشى على الماء ،
وينتهر الريح ،
ويعمل المعجزات الخارقة ،
لقلنا أن تلك أمور واضحة لا تقبل الشك .
ولكنه آمن
-المسيح وهو مصلوب !
آمن به وهو مهان ومحتقر
من الناس ، وأمام الكل فى حالة ضعف ! يلطمونه ،
ويبصقون على وجهه ، ويستهزئزن به ويقولون له تنبأ من لطمك
كانت المقاومات كثيرة من كل ناحية أمام
هذا الإيمان . ولو أن هذا اللص لم يؤمن لالتُمِس
له الناس الأعذار. فكيف يمكن أن يؤمن برجل مصلوب مهان أنه اله ؟ !
لابد أن اللص كان محتاجاً
إلى جهاد كبير مع نفسه من الداخل إلى هذا الإيمان ،
مقاتلاً الشكوك الكثيرة التى تقف أمامه وتكاد تلغى إيمانه ..
كل من يقول إن اللص لم يجاهد ،
يبدو أنه لم يتخيل ويتصور الموقف الذي أحاط باللص ..
ذلك الموقف الذي أعثر فيه غالبية الناس ،
حتى التلاميذ الذين قال لهم الرب
( كلكم تشكون في هذه الليلة لأنه مكتوب أضرب الراعى فتتبدد الخراف )
( مر 14: 27 ) .
وفعلاً تبددت الرعية كلها ! ولم يستطع أن
يقف إلى جوار الصليب الا المريمات ويوحنا الحبيب فقط .. وهذا اللص !
انشق حجاب الهيكل ، واظلمت الشمس ،
وتشققت الصخور فهل كان هذا كافياً للإيمان ؟
إننا نعرف جيداً أنه على الرغم
من كل ذلك ، لم يؤمن رؤساء
الكهنة والكهنة والشيوخ والكتبة والفريسيون .
كما لم يؤمن اللص الآخر أيضاً ..
إن إيمان اللص اليمين لم يكن امراً هيناً .
ب - اعترف بالرب اعترافاً كاملاً :
إن عبارة
( اذكرنى يارب متى جئت في ملكوتك )
( لو 23: 42 ) .
تحمل معانى كثيرة : فهو قد اعترف بالمسيح
ملكوتاً ، وأنه آت إلى ملكوته ، أى أن ليس للموت
سلطان عليه . وآمن أيضاً بأن المسيح يمكنه
أن يدخله الملكوت ، أى آمن بأن خلاصه سيكون على يد هذا المصلوب معه .
وكان لهذا اللص رجاء كبير.
فعلى الرغم من كل ما فعله في
حياته من شرور بشعة ، آمن
أنه يمكن لمثله أن يخلص وأن يدخل الملكوت ، عن طريق المسيح .
ولم يكتف هذا اللص بايمانه ،
وإنما اعترف بهذا الإيمان علانية ، أمام الجميع ، بلا خجل ..
الأمر الذي لم يقدر عليه بطرس الرسول وغالبية الرسل والتلاميذ .
إن اللص لم يعترف قط بايمانه بالمسيح ، وإنما :
ج - اعترف أيضاً بخطاياه :
لم يكتف اللص بالاعتراف بالإيمان ، وإنما ملكته
الغيرة المقدسة حينما سمع زميله يجدف على المسيح قائلاً
( إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وايانا
( فأجابه اللص اليمين منتهراً
(أو لا تخاف أنت الله ، إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه .
أما نحن فبعدل ( جوزينا ) لأننا ننال استحقاق
ما فعلنا . وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله )
( لو 23: 39 – 41 ) .
وهكذا اعترف اللص بخطاياه ،
واعترف باستحقاقه للعقاب .
اعترف أنه إذ يموت مصلوباً ،
إنما ينال استحقاق ما فعل . فكأنه لم يستعظم
الحكم ، وإنما قال ( نحن بعدل جوزينا ) .
وكان هذا اللص روحياً في مسلكه :
فبينما كان اللص الآخر يفكر في وسيلة للنجاة
من الموت والصلب ، قائلاً للمسيح
( خلص نفسك وإيانا ) ،
كان هذا اللص المؤمن يفكر في الملكوت
ويتوسل إلى السيد من أجل خلاصه الأبدى ،
لا من أجل أن ينقذه من موت الجسد . من جهة
موت الجسد فقد رضى اللص اليمين به عقاباً
على خطاياه . ولكنه وجد هذه اللحظات لازمة
له للتفكير في أبديته . وانشغل ذهنه بالرب وملكوته ،
لذلك نراه أيضاً يدافع عن الرب .
د – دافع عن الرب :
وقف المسيح وحيداً يدافع عنه أحد ممن تنعموا
بنعمة ومعجزاته . لم يدافع عنه أحد من رسله ولا
من السائرين وراءه . وباستثناء أسماء قليلة ،
ارتفع صوت هذا اللص ، يُخْجِل الآلاف من ناكري الجميل قائلاً
( وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله ) .
دفاع عجيب من شخص يستقبل الموت ،
دل به على أن البشرية ما تزال فيها بقية من خير.
لذلك استحق أن يقول له الرب
( اليوم تكون معى في الفردوس ) .
أيسأل إذن ويقولون : ماذا كان
جهاد اللص وما الذي فعله ؟
إننى أسألهم جميعاً سؤالاً آخر
يسرنى أن أسمع الإجابة عليه ،
وهو: ماذا كان بامكان هذا اللص
أن يفعل أكثر من هذا ولم يفعله ؟ !
موضوع روحاني اكثر من رائــــع !
..............
اختنا العزيزة * نيتــــا *
جهودكــم مشــكورة وتقييم 100 % !
ربنا يسوع يبارككـم ويحفظكـم آميــــــن .