تاريخ جنوب السودان لا يعرف عنه إلاَّ القليل قبل عام 1820.. وبدأ كثيراً من الأوروبيين رحلاتهم لاكتشاف منابع النيل..
خلال فترة الحكم التركي قبل عام 1885عيّن الخديوي « حاكم مصر » بعض الأوروبيين كمديرين للاستوائية
لخدمة أغراضه ومد نفوذه وقد اشتهرت فترة الحكم التركي وفترة حكم المهدية ( 1885 - 1899 )
بغارات جلب الرقيق التي قام بها بعض الأوروبيين والمصريين وأهل شمال السودان مما نجم عنه شعور زائد بالكراهية
وولّد خوفاً شديداً تجاه الشماليين.. بالطبع فقد حُرِّمت تجارة الرقيق بعد الفتح المصري الإنجليزي عام 1899.
من ناحية الدين والمعتقدات فأغلبية سكان شمال السودان يعتنقون الدين الإسلامي أما معظم سكان الجنوب فلا دينيين
وقد بدأت الارساليات المسيحية عملها في الجنوب منذ عام 1848وتم زيادة نشاطها وتنظيمه بعد الفتح في عام 1899
وقد سمح لكل من الإرسالية الكاثوليكية والإرسالية البروتستانية بالعمل التبشيري في جنوب السودان مع تكليفها
بمسؤولية نشر التعليم بين أبناء وبنات الجنوب بل وقدّمت لها إعانات مالية من الحكومة بدءاً من عام 1927.
يعد التاريخ السياسي لجنوب السودان من الملفات المهمة لفهم طبيعة السودان الخاصة، حيث تضافرت مجموعة
من العوامل علي تقسيم السودان معنويًا قبل أن تصبح حدوديًا في القرن التاسع عشر عندما استعمرت
بريطانيا السودان مع مصر. قامت السياسات الاستعمارية علي اظهار الاختلافات الإثنية واللغوية والعرقية والدينية،
وفرقت المملكة المتحدة في التعامل مع الجنوب والشمال في قضايا أهمها التعليم،
فبدأت تظهر الاختلافات الثقافية وساد اعتقاد لدي الأوساط المسيحية في الجنوب أن الشماليين هم تجار رقيق.
وبعد جلاء القوات بريطانيا وانفصال السودان عن مصر طالب الجنوبيون أن يكون لهم نظام خاص لهم داخل
الدولة السودانية الموحدة، وهو الأخذ بنظام الفدرالية، ولكن الحكومة رفضت الاقتراح معللة إنه يؤدي إلى
انفصال الجنوب كتطور طبيعي. في أغسطس 1955 تمرد بعض أعضاء الفرقة الجنوبية من الجيش السوداني
بإيعاز من المملكة المتحدة ضد الشمال، حيث كانت هناك شكوك لدي الجنوبيين على سياسات
وزارة إسماعيل الأزهريالتي تشكلت في يناير من نفس العام.
وفي عام 1958 وبعد تولي إبراهيم عبودللسلطة قامت الحكومة العسكرية باتباع سياسة التذويب بالقوة مع الجنوبيين،
وأدي ذلك إلى مطالبة الأحزاب الجنوبية وعلي راسهم " حزب سانو " باستقلال الجنوب، كما تم تشكيل
حركة أنانيا التي بدأت عملياتها العسكرية في عام 1963، وبعد الشد والجذب تم بحث تسوية سلمية للصراع،
حيث عقد مؤتمر المائدة المستديرة عام 1965. وفي عام 1972 تم توقيع اتفاقية أديس أبابا والتي أعطت
للإقليم الحكم الذاتي في إطار السودان الموحد، إلا أنه في يوليو وسبتمبر من عام 1983 أصدر الرئيس جعفر نميري
عدة قرارات أطاحت بالاتفاق منها تقسيم الإقليم إلى ثلاثة أقاليم ونقل الكتيبة ( 105 ) وبعض الجنود إلى الشمال
وإتهام قائدها كاربينو كوانين بإِختلاس أموال، كما تم إرسل قوات لإخضاعها فأدي ذلك إلى هروبها إلى
الادغال الاستوائية لتصبح فيما بعد نواة لجيش الرب، فكلفت الحكومة { العقيد جون قرنق }
بتأديب الكتيبة،إلا أنه أعلن انضمامه إلى المتمردين مؤسسًا الحركة الشعبية لتحرير السودان ولها جناح عسكري
عبارة عن جيش، وأعلن إن هدف الحركة هو " تأسيس سودان علماني جديد " قائم على المساواة
والعدل الاقتصادي والاجتماعي داخل سودان موحد، وقام برفع شعارات يسارية فحصل علي دعم من إثيوبيا وكينيا
خصوصًا الرئيس الإثيوبي منغستو هيلا ميريام..وبعد الإطاحة بنظام جعفر نميري عبر انتفاضة شعبية عام 1985
كان هناك أمل في التوصل إلى اتفاق مع الحركة، ولكنه فشل بعد اجتماع رئيس الوزراء الجديد الصادق المهدي
مع قرنق بعام 1986. وفي نوفمبر من عام 1988 تم إبرام اتفاق بين قرنق ومحمد عثمان الميرغني في
أديس أبابا والذي نص على تجميد قرارت سبتمبر 1983، ولكن هذا الاتفاق لم يأخذ طريقه إلى التنفيذ
بعد انقلاب يونيو 1989 بقيادة عمر البشير والتي تبنت شعار " الجهاد الإسلامي " ضد القوى الجنوبية
مستعينة بتسليح مليشيات تدعى قوات الدفاع الشعبي، وحققت الحكومة عددة انتصارات عسكرية.
وفي أغسطس 1991 وبعد سقوط نظام منغستو في إثيوبيا وانشقاق الحركة الشعبية، حاولت الحكومة الاستفادة
من هذا الانشقاق فأجرت الاتصال منفردة مع لام أكول بوثيقة عرفت باسم " وثيقة فرانكفورت " والتي وقّعت
في يناير من عام 1992، إلا أن الحكومة السودانية أنكرتها بعد ذلك.
وفي مايو 1992 وتحت رعاية الرئيس النيجيري إبراهيم بابنجيدا أجريت الجولة الأولى للمفاوضات في أبوجا،
ثم الجولة الثانية في مايو من عام 1993، ولكن لم تسفر هذه المفاوضات عن شيء.
وتضاعفت الجهود الدولية من خلال " منظمة الإيغاد " إلى أن تم توقيع اتفاق اطاري يسمي
" بروتوكول ماشاكوس "وذلك في يوليو من عام 2005 والذي أعطى للجنوب حكم ذاتي لفترة انتقالية
مدتها 6 سنوات،وحق تقرير المصير وفرصة للجنوبيين لتفكير في الانفصال، كذلك أعطى الفرصة في بناء
مؤسسات الحكم الانتقالية كنوع من الضمانات. وفي 9 يناير 2005 وقعت الحكومة والحركة الشعبية لتحرير
السودان اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا . المصدر / من ويكيپيديـــا الحــــرّة .