القيامة المجيدة والحياة الجديدة
بقلم / القس اســــپر عجــــاج
" أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ وَلِيِّي حَيٌّ، وَالآخِرَ عَلَى الأَرْضِ يَقُومُ، وَبَعْدَ أَنْ يُفْنَى جِلْدِي هذَا،
وَبِدُونِ جَسَدِي أَرَى اللهَ ... إِلَى ذلِكَ تَتُوقُ كُلْيَتَايَ فِي جَوْفِي"
(أيوب 25:19-27).
من هذه الأعداد القليلة نتعلم أولاً أن الديانة المسيحية هي ديانة اليقين.
فهي ليست ديانة " الله أعلم "، لأن الله الذي خلقنا وأبدع في خلقنا
لا يمكن أن يتركنا نهيم على وجوهنا بدون رجاء.
ولكن ربما تسأل : ما هي الأدلة الواضحة لهذا اليقين ؟ والجواب :
أولاً : كلمات الرب يسوع، ووعوده الصادقة والأمينة اذ قال بفمه العزيز المبارك :
” لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي ...
أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا
آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا "
(يوحنا 1:14-3).
ثم قال : " خرافي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ،
وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي.
أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي "
(يوحنا 27:10-30).
لقد قال لمرثا عند قبر لعازر: " أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا،
وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فلن يموت الى الأبد "
(يوحنا 25:11-26).
وقال أيضًا : " اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ،
بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ "
(يوحنا 24:5)؛
" لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ،
بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ "
(يوحنا 16:3).
لأنه حي ... لا يهمنا ما سيأتي به الغد
لأنه حي ... قد زال كل خوف
لأنه حي ... في يده زمام أمرنا
والحياة جديرة بأن نحياها، لأنه حي
والسؤال الذي يخطر على البال :
ما هي الامتيازات التي صارت للمؤمنين بقيامة المسيح ؟ وإليك الامتيازات التالية :
1 ) لأنه حي ... حصل المؤمنون على يقينية الخلاص
كتب لنا بولس الرسول هذه الكلمات المملوءة باليقين :
" لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ "
(2تيموثاوس 12:1).
وكتب يوحنا الرسول مؤكدًا : " كتبت إليكم أنتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية "
(1يوحنا 13:5).
وكتب بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس :
" الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا،
بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ "
(2تيموثاوس 9:1-10).
ثم كتب أيضًا في رسالته إلى كنيسة كورنثوس :
" وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ، وَقَبِلْتُمُوهُ،
وَتَقُومُونَ فِيهِ، وَبِهِ أَيْضًا تَخْلُصُونَ، إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلاَمٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ.
إِلاَّ إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثًا ! فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا :
أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ،
" وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ "
(1كورنثوس 1:15-3).
2 ) لأنه حي ... فقد تيقن المؤمنون به من غفران خطاياهم
إن أعظم حاجة للإنسان هو أن يتأكد من غفران خطاياه. والغفران هو النعمة التي لو حُرم منها بطرس
لأضحى مكان يهوذا، ولو حُرمنا نحن منها لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة.
فالغفران هو السبيل إلى راحة النفس المعذبة. عندما أحسّ قايين بخطيته صرخ قائلاً :
" ذنبي أعظم من أن يُحتمل ".
وعندما أحسّ داود بخطيته قال : " آثامي طمت فوق رأسي كحمل ثقيل أثقل مما أحتمل... دحرج عني العار ".
كان الغفران في العهد القديم أمنية يتمناها الإنسان... فداود النبي تأوّه قائلاً :
" طوبى للذي غُفر إثمه وسُترت خطيته. طوبى لرجلٍ لا يحسب له الرب خطية ".
فالمسيح بموته وقيامته قد وفى الحساب عن كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية.
3 ) لأنه حي ... فقد صار للمؤمنين به رجاء
كتب لنا بطرس الرسول : " مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة
ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات "
(1بطرس 3:1).
فرجاؤنا حي لأنه مؤسس على الرب يسوع المسيح الحي. أما الذين يموتون بدون المسيح فلا رجاء لهم
اذ كتب لنا بولس الرسول :
" ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الإخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم "
(1تسالونيكي 13:4).
كل ديانات العالم تنتهي عند القبر ما عدا المسيحية لأن قبر المسيح فارغ، " ليس هو ههنا لكنه قام ".
4 ) لأنه حي ... صار للمؤمنين به الفداء
" الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته ".
إن مبدأ الفداء أساسي وضروري إذ به يغفر الله لنا خطايانا.
يقول الكتاب : " النفس التي تخطئ تموت "، و" أجرة الخطية هي موت "؛
" لكن الله بيّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا "
(رومية 6:5-
.
ويكتب لنا بطرس الرسول : " افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ ...
بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ ".
ثم كتب بولس الرسول أيضًا إلى مؤمني كنيسة رومية " متبرين مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح ".
5 ) لأنه حي... نال المؤمنون به السلام
كانت قلوب التلاميذ مليئة بالخوف وهم في العلية إذ أغلقوا الأبواب وأوصدوها وقد ملأهم الشك، متسائلين :
كيف يمكن للمسيح الذي أقام الموتى، وشفى المرضى، وطهر البرص، وفتح أعين العمي يُساق كشاة إلى الذبح
وكنعجة صامتة أمام جازيها ؟ ولكن، بعد القيامة، جاءهم المسيح والأبواب مغلّقة ووقف في الوسط وقال لهم :
سلام لكم. ثم أراهم يديه وجنبه، ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب.
السلام الحقيقي هو " سلام الله الذي يفوق كل عقل "،
" فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح ".
نعم، لقد مات المسيح لأجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا.
فبموت المسيح وقيامته حصلنا على سلام التبرير أمام العدالة الإلهية.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو : كيف يبرر الله الإنسان الذي أهانه بعصيانه ؟
العدالة الإلهية تطالب بالقصاص، ومحبته تطالبه بالغفران. والسؤال :
ما هي الطريقة التي بها يقدر الله أن يوفّق بين عدالته ومحبته ؟
والجواب : لا يوجد طريق إلا في الصليب. فعلى الصليب، إذ مات المسيح، استوفت عدالة الله حقّها،
فقد مات البار من أجل الأشرار ليتبرروا ببر المسيح.
6 ) لأنه حي ... فقد تأكد المؤمنون به من قيامتهم
لأني " أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ ". قال الرب يسوع لمرثا التي مات أخوها عندما قالت له :
" لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي !... قَالَ لَهَا يَسُوعُ : سَيَقُومُ أَخُوكِ. قَالَتْ لَهُ مَرْثَا :
أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَامَةِ، فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ.
قَالَ لَهَا يَسُوعُ :
" أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا "
(يوحنا 25:11).
7 ) لأنه حي ... صار للمؤمنين به رسالة يقدمونه
قال الملاك للنسوة : " هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعًا فِيهِ وَاذْهَبَا سَرِيعًا قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ :
إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ ".
حقًا إنه لامتياز عظيم أن يترك لنا الرب يسوع هذه الخدمة المباركة بأن نذهب ونخبر الآخرين،
كما فعلت السامرية
إذ ذهبت وأخبرت جميع أهل مدينتها، فلما جاءوا قالوا لها :
" إِنَّنَا لَسْنَا بَعْدُ بِسَبَبِ كَلاَمِكِ نُؤْمِنُ، لأَنَّنَا نَحْنُ قَدْ سَمِعْنَا وَنَعْلَمُ أَنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ الْمَسِيحُ مُخَلِّصُ الْعَالَمِ "
(يوحنا 42:4).
الله لا يطلب الشكليات بل الحياة العملية، لذلك كتب بولس الرسول :
" إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس ".
ثم قال بأن المسيح " مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام "،
وينبهنا إلى شيء مهم وهو إن كنا قد اختبرنا قوة القيامة، فلماذا نعيش بعد في العالم الفاني،
لأن " العالم يمضي وشهوته " الذي لا يقدر أن يشبع النفس البشرية.
إن حياة القيامة تنادينا بأن ننفض غبار الكسل ونذهب لنخبر عن قوة القيامة والخلاص
الأكيد الذي صار لنا في المسيح المقام.
وسؤالي لك : هل قبلت المسيح المقام ربًّا ومخلصًا على حياتك ؟ هل تصالحت مع الله القدوس،
وحصلت على الغفران ؟ وهو لا يزال يقول لك :
" تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم ".