العظيم في الشهداء مار كيوركيس المظفر
سيرته . عجائبه . عذاباته . استشهاده
ماذا يعني اسم كيوركيس . ؟
القديس المجيد والعظيم في الشهداء اللابس الظفر الذي إكراماً له كانت هذه السيرة المجيدة .
ونعيّد له في يوم 24 نيسان من كل عام ذكرى استشهاده الخالد ونقل جثمانه الطاهر
الى مدينة اللــدمسقط راسه ونعيد له يوم الاثنين الاول من شهر تشرين الثاني ذكرى ميلاده المبارك اسم .
كوركيس يعني : حارث .
فلاّح .. مولد مار كوركيس الخالد
=========
ولد العظيم في الشهداء مار كوركيس المظفر في بلاد كبادوكية حوالي سنة 280 للميلاد
في عهد الملك ديوكلنسيانوس من اسرة عريقة في التقوى غنية بالفضائل الانسانية وتربّى
على يدي ام شريفة في الحسب والنسب ضالعة في المسيحية والتقوى الراهنة لقد ربّته أحسن تربية
منذ حداثته حتى بدت سيرته نيّرة وجهاداته عظيمة .
كان والده غاراتيوس وثنياً وقائداً كبيراً ومقدماً مرموقاً له باع طويل وصولة في حاشية الملك السفّاح
ديوكلنسيانوس وما ادرك هذا الاخير ان لقائده المرموق فتى وسيماً يطفح الطهر والظرف والادب
من طلعته السنية حتى أحبّه وتودّد له وأدخله في فرقة حرسه الخاص ثم رقاه بعد مدة وجيزة
الى أعلى المراتب وجعله قائد ألف ومديراً لجيشه ثم مشيراً مع انه لم يكن قد بلغ من العمر
سوى عشرين ربيعاً لا أكثر وكان يزداد كل يوم عند الملك اعتباراً وشرفاً لحسن تدبيره
واستقامته وشجاعته النادرة في مواقع الحروب الملك السفاح يضطهد المسيحيين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حين تسلم مار كوركيس بعد وفاة والده زمام المنزل أوقف حياته كلها لخدمة مصالح الدولة
والامبراطور فضرب في ذلك المثل الرائع لاخلاص المسيحيين لأوطانهم في الوقت الذي كانت
فيه الامبراطورية الرومانية تناوىء الدين الجديد العهد وتلاحق تابعيه .
مرت الايام وحذا الملك السفاح حذو من سبقه من الأباطرة في التنكيل بالمجاهدين من النصارى
فأخذ يضطهدهم ويلاحقهم أينما وجدوا وحيثما حلّوا ويسوم العذاب لمن يقع بين يديه
فجرت الدماء غزيرة في كل صقع وناد وعم الحزن والآسى باللارواح البريئة تزهق ظلماً وعدواناً
لا لشىء الا لان جباه الشهداء لم ولن تنحني لأوتان المملكة .
وازاء ذلك كله فلم يطق كوركيس الخالد الذكر هذا الحيف يصيب اخوانه من جراء ذلك المرسوم
الذي أمر بتعليقه الامبراطور على جدران مدينة نيكوميذية وبه يلاحق المسيحيين أينما وجدوا
او ينكل بهم بدون محاكمة رأى كوركيس ذلك فهبّ للذود عن ديانته وراح يشد بازر اخوانه
ويجاهر معهم بايمانه المسيحي ويناهض كل من تحدثه نفسه الاساءة اليهم وانتزع المرسوم
عن الجدران الذي أمر بتعليقه الامبراطور ومزقه شر
تمزيق غير حاسب لغضب سيده العاتي أي حساب .
أفرع الولاة كنانة جهدهم بادىء ذي بدءً ليحملوا هذا الشهم على الانثناء عن عزمه لكن اتعابهم
ذهبت أدراج الرياح ولم يعبا بكلامهم ولا بمواعيدهم بل ازداد حماساً ونصرة في السر والعلانية
وراح يوزع أمواله التي ورثها عن أبويه على المساكين واعتنق كل عبيده وامائه ونزل
الى ميدان المجابهة والجهاد غير هيّاب ولا تزعزع عزمه أعاصير البطل والالحاد
لقد حسب نفسه كالسقط ليربح المسيح ـ ولما تالفت الجمعية الملوكية للنظر في أمره وبني ملته
هذه الجديدة دخل الجمعية في اليوم الثالث من التئامها وشرع يناقش أولياءها ويخاطبهم
بجراة نادرة قائــــــــلاً :الى متى ايها الملك وأتم أيها الرؤساء وشيوخ الشعب تظهرون سخطكم
وغضبكم على جماعتنا نحن الذين ندين بدين المســـــيح وتضطهدون الأبرار منا
وانتم أنفسكم مقتنعون بأن آلهتكم صمّاء أصنام
أفرع الولاة كنانة جهدهم بادىء ذي بدءً ليحملوا هذا الشهم على الانثناء عن عزمه لكن اتعابهم
ذهبت أدراج الرياح ولم يعبا بكلامهم ولا بمواعيدهم بل ازداد حماساً ونصرة في السر والعلانية
وراح يوزع أمواله التي ورثها عن أبويه على المساكين واعتنق كل عبيده وامائه ونزل
الى ميدان المجابهة والجهاد غير هيّاب ولا تزعزع عزمه أعاصير البطل والالحاد لقد حسب
نفسه كالسقط ليربح المسيح ـ ولما تالفت الجمعية الملوكية للنظر في أمره وبني ملته هذه الجديدة
دخل الجمعية في اليوم الثالث من التئامها وشرع يناقش أولياءها ويخاطبهم بجراة نادرة قائــــــــلاً :
الى متى ايها الملك وأتم أيها الرؤساء وشيوخ الشعب تظهرون سخطكم وغضبكم على جماعتنا
نحن الذين ندين بدين المســـــيح وتضطهدون الأبرار منا وانتم أنفسكم مقتنعون بأن آلهتكم صمّاء أصنام
عذابات الشهيد مار كوركيس المتنـــوعة .
لقد سبق ان قلنا ان ما قاساه الشهداء من العذاب والتنكيل فاق الادراك والوصف ولعل مار كوركيس
أحد هؤلاء الابطال الذين القوا بين أيدي هؤلاء الجلادين الذين قــدّت قلوبهم من الصخر الجلمود
فاستلموه وبالغوا في تعذيبه فعندما أمر الملك بسوقه انقض عليه المعذبون كذئاب مسعورة
وأخذوا يمزقون ثيابه ويجلدونه بقساوة وشراسة وحتى أسالوا دماءه الطاهرة أوثقوا يديه ورجليه
وشدوها بالحبال الى ظهره وطرحوه أرضاً ووضعوا حجراً ثقيلاً على صدره وتركوه
على هذه الحال لساعـــات طويلة ملقى على الحضيض بين حىّ وميّت لكن العظيم
في الشهداء القديس ماركوركيس وهو في وسط آلامه لم يقطع التسبيح والصلاة لله
يعظم قدرته ويشيد بحمده وهكذا أمضى ليلته كلها يترنّم بعظائم الله وأمجاده فلما تنفس الصباح
أمر بالأفراج عنه وفك رباطاته واستقدمه ديو كلنسيانوس مجدداّ الى ديوانه وتظاهر بالملاطفة
ولين الكلام والنصح الشديد آملاّ ان تكون تلك المذابات قد قتّتت في عضده وآب
الى رشده لقد حاولت الوحشية البشرية في اختراع الاضطهاد وآلات التعذيب وتفننت في ذلك
الى حد لم يسبق معه زيادة لمستزيد ورغم ذلك كله لبث القديس مار كوركيس ازاء الملك المتملق
أشد صلابة وجرأة فلما رآه الحاكم ثابتاّ هكذا على ايمانه عيل صبره وأمر
ان يحموا الأسياخ الحديدية ويدخلوها في جسمه الطاهر علهّم يظفروا في هذا التهديد
برضاه واستسلامه ولكنهم كانوا كالنافخين في الماء أو كمن يضرب حديد بارد لا شىء يثنيه
عن عزمه وأمر الجند من جديد فطرحوه في أثون الكاس المحمّى لكن هذه الآساليب الجهنمية
أيضاً لم تثنيه عن عزمه وكان في وسط الآلام يرفع التعظيم والحمد لله كفتية بابل قديماّ
ويترنم بآيات التسبيح والشكران قائـــــــلاً : ياحافظ الحزانى ومعين المضطهدين ورجاء الآيسين
أنت ياالهى استجب لتوسلات عبدك ونجنّى من كمين العدو وأعطني ان احفظ الاعتراف باسمك
الى النهاية ولا تهملني ياسيدي بسبب خطاياي لئلا يقول أعدائى وقتاً أين الهه ..
أنت هو المبارك والمسبّح الى أبد الدهور :
عندما سمع الملك هذا الدعاء أمر من جديد فربط القديس ماركوركيس على دولاب
من حديد له مسامير وأشواك ناتئة ومخالب حادة ودير الدولاب بعنف حتى تمزقت لحمان الشهيد
وتفككت اوصاله وتخضب جثمانه كله بالدم . لقد احتمل القديس الشهيد الظافرمار كوركيس
هذه العذابات الأليمة أيضاً بصبر وجلد عظيمين حتى تعجب الوالى جداً وطار رشده
واجتمع مجدداً بحكماء وسحرة مملكته وتشاور معهم بهـــذا الرجل المذهل العجيب
فقالوا ان كوركيس لساحر عظيم وبقوة سحره يكمن هذا الجلد عنده وفي تحمل ستى العذابات .
بينما كان الشهيد ماركوركيس على هذه الحالة اذا بصوت ناعم لطيف ليصل الى اذنيه ويقول له
{ يا كوركيس لا تخف فأنا معك} وبغته ظهر له رجل مهيب ينبعث منه نور وضاء فانحنى عليه
وقبله وشجعه فكان هذا الظهور بلسماً لجروحه وعزاء لروحه وشفى لتوّه وعاد صحيحاً سليماً
معافى وبسبب هذه الاعجوبة الباهرة آمن كثير من الوثنيين وجاهروا
بايمانهم ككوركيس ونالوا اكليل الاستشهاد مثله .عزّ على الملك ان يفقد هذا القائد الأمين ابن صديقه
وقد أعيته الحيل فعمل على ابقائه حيّاً وأمر بتضميد جروحه وحاول ان ينفرد
به يلاطفه ويتملقّه ويغريه ويعيد على مسامعه ما كان له من صداقة مع والده وكيف ان الوالد
وصل بأمانة لأعظم المراتب علّ هذا الكلام يثنيه عن عزمه فيخضع للآلهه وينتهي الامر
فقال له اعلم يابني لقد قسوت عليك وعاملتك هذه المعاملة السيئة عن اضطرار مني
وان قلبي ليفطر حزناً عليك لما اصابك من ويلات انك عزيز عندي كوالدك فدع عنك
هذا العناد المهلك وهلّم معي الى هيكل الآلهه وهكذا تكون قد هدأت من غضبهم وسخط الشعب لك
وانتهى كل شىء فتعود الى منصبك واعتبارك أطرف مار كوركيس الخالد الذكر رأسه هنية
ثم رفعه وتظاهر بالأنصياع لأوامر ملكيه حتى طار قلب هذا شعاعاً من الفرح وطلب اليه
ان يرافقه الى المعبد لزيارة الآلهه واخبر ديوكلنسيانوس أعيان البلــــــدعن اذعان كوركيس للأوامر
وسرت الاشاعة في المدينة كلها حتى تقاطرت الوفود من كل حدب وصوب واجتمعوا
في معبد أبولون ليسمعوا اعتراف القديس العلنى ....
كوركيس يدخل معبد أبولون باحتفال منقطع النظير
...................................................
غصّ المعبد على رحبه بالمتفرجين والمتطفلين وكلهم اشتياق لرؤية هذا الملحد بدينهم
يجحد أيمانه وراحوا ينتظرون قدومه بلهفة ما بعدها لهفة وأتوا بكوركيس مرتدياً برفيراً قرمزياً
يحوطه الحرس من كل جانب وكانت الجماهير تموج كالبحر الزاخر واصوات البهجة والارتياح
تملا الارجاء فتعالت الصيحات وتطالت الاعناق مستبشرة خيراً بعودته وعند وصوله
الى تمثال أبولون خيّم سكوت رهيب على المحلة وحبس الجميع انفاسهم وهنا رسم القديس
الظافر الخالد مار كوركيس على صدره أشارة الصليب المقدس ثم رفع عينيه
مخاطباً الصنم العظيم قائــــــــــــــلاً :
ياأبولون ارفع صوتك عالياً وجاهر علناً امام هذه الحشود المتماوجة احقاً تريد ان اقدم لك الذبائح والبخور
ألا قل لي هل أنت أله السماء والأرض ؟
فما كاد ينهي القديس كلامه حتى خرج صوت أجش مرعب من أحشاء الصنم كانه الرعد دوت له
ارجاء المعبد يقول :لا ..لآ .. لآ. أني لست الهاً فالأله الحقيقي هو الذي انت تعبده ياكوركيس ..
وفي الحال هوى التمثال على الارض وتحطم شرّ تحطيم وهكذا هوت معه
بقية الأصنام واخذت تنبعث من الجدرات شهبُ من النار ومن الارض اصوات منكرة هائلة
حتى ارتعدت فرائص كل الحاضرين وهربت الجماهير لا تلوي على شيء لما اعتراهم الخوف
وكانوا يصيحون ان كوركيس بفعل سحره الشيطاني حطّم آلهتنا فالويل له .
والموت الاحمر للخائن ثم هجموا عليه وكالكلاب المسعورة كادوا يقطعونه ارباً ارباً
لم يتداركه الجنود ويخرجوه من بينهم اما ديوكلنسيانوس فلما رأى ما حصل أمر الجلادين
ان يبالغوا في تعذيبه فعروّه من ثيابه وراحوا يضربونه بالحجارة على فمه وكسروا له أسنانه
وهشّموا له وجهه اما هو فلبث صامتاً كالمسيح امام صالبيه فامر عنئذ بقطع راسه
ليتخلص منه ويرضى بذلك الشعب فعندما جثا العظيم في الشهداء الخالد الذكر القديس ماركوركيس
على الارض ورفع عينيه الى السماء وصلّى الى الفادي ليتقبل روحه ثم حنى راسه للجلادين
وبضربة سيف قاضية فصلت هامته المكرّمة عن جسمه الطاهر وطارت روحه الخالدة
الى خالقها لتنال اكليل المجد الذي لا بديل وكان ذلك سنة 303 للميــــلاد ،
دفـــــن الشهيد ماركوركيس الخالد تمكن المسيحيون من الحصول على جثمانه الشهيد فاخذوه
ودفنوه بكل اجلال واحترام وقد شيدت على ضريحه في اللد في فلسطين وفي عهد قسطنطين الكبير
كنيسة فخمة وما زالت كل الطوائف المسيحية في كل ارجاء المعمورة تحتفل بعيد تدشينها
ومنذ دفنه أخذ جاورجيوس يمطر الاشفعية والبرء لكل من يستجيب به ويطلب شفاعته
وطار صيته في كل أرجاء المملكة وشغفت به قلوب الملايين من البشر واتخدوه لأنفسهم
شفيعاً يعاونهم ويؤازرهم في الضيقات وتسمّوا باسمه لقد اجرى الله على ضريحه آيات وعجائب
باهرة واضحى قبره والكنائس التي شيدت في مختلف المدن والاصقاع مزاراً شريفاً يحجون اليــــه
طالبين شفاعاته حتى فاقت معجزاته أى قديس قبله وبعده فكان للأسرى ممتقاً وللمساكين
مجيراً وللسقماء طبيباً وعن الملوك مناضلاً عنيداً لا يقهر واتخدته الدول العظمى شفيعاً حاراً وتلقّب
ملوكها باسمه وتهافت الامراء على التماس عونه ومساعدته لهم للأنتصار على اعدائهم
في الحروب واتخذته عدة دول شفيعاً حاراً لها فما كان يخيب لأحد مطلبـــاً ابداً
مار كوركيس والكنيسة :
ان الكنيسة المقدسة ما فتأ ت منذ استشهاده الخالد تصوغ له اجمل التقاريظ والمديح وتترنم بأمجاده
مدى الأجيال بقولها : لما كنت للأسرى ممتق وللمساكين مجير وللسقماء طبيب وعن الملوك
مناضل ايها العظيم في الشهداء ماركوركيس المظفر اشفع لدى المسيح الاله لخلاص نفوسنا
وجاهدت بالأيمان فاحسنت ايها المجاهد في سبيل المسيح وبه اخزيت كفر المضهدين
وقربت لله ذبيحة مقبولة فلذلك احرزت اكليل الظفر وانت ايها القديس تمنح الجميـــــع بشفاعاتـــك غفران الزلات
اسطورة القديس ماركوركيس :
ان الفنانين والرسامين اظهروا لنا القديس اما برسومهم او باشعارهم بطلاً مغواراً وجندياً رومانياً
ممتلياً ظهر جواد ابيض دليلاً لنقائه وبيده رمح يطعن به تننيناً هائــــلاً ووحشاً مفترساً
ويخلص بذلك ابنة ملك مذعورة والاسطورة هذه تناقلها الخلف عن السلف وهـــــــــــــــى .....
انه في قديم الزمان وسالف العصور قامت مدينة في حوض البحر الابيض فوق هضبة متوسطة
الارتفاع تكتنفها الغابات الكثيفة ويغسل قدميها بحر قليل الموج وكان يعيش في هذه المدينة
تنين هائــل ووحش نذر وجوده يظهر من وقت الى آخر يلقى الرهبة
والذعر في قلوب يختطف كل من يصادفه ويقتاده الى البحيرة ليفترسه ويبطش به
لقد كانت قدما الوحش كثيرة الشبه بارجل الأسد وان ذيله يشبه الأفغى الضخمة بطولها وتنقيط جسمها
وكان له جناحان عظيمان كاجنحة النسور الكبيرة الجارحة اما عيناه فكانتا تقدحان شرراً
وان خياشيم انفه تفرزان مادة سامة تسمم الهواء وتعكر صفاءه وتلوثان مياة البحر وكل من يرتوى
من هذا الماء بعد ذلك انسياً كان ام جنّياً فنصيبه الموت الزؤام المحتم على حد ما رؤي عنه .
ضجت عوالم تلك المنطقة وحارت في امرها وارادت ان تنتقم من هذا الوحش الغريب وتبيده
ولكن ما من احد كان يجرؤ على الأقتراب من محل سكناه ومن جحره فعقدوا يوماً مجلساً بحضرة مليكهم
واقر رايهم على ان يلقوا له كل اسبوع كبشين كبيرين من الغنم او الماعز يتلهى بازدراد
لحمهما الشهي وهكذا يامنون شره وسارت مدة الحال على هذا المنوال حتى قربت الاكباش
على الانقراض اخيراً ارتاوا ان يرموا له واحداً مع خليقة بشرية ممن تقع عليها القرعة والملك اقر المشروع
وايده وختمه بخاتم مملكته . وفي ذات يوم القيت القرعة واذا بالحظ التعس يصيب ابنة الملك بالذات
حزن مميت وياس عميق وقع على القصر والناس معاً ان ابنة الملك تلقى فريسة للوحش الكاسر؟
فيا للمصيبة العظمى لقد عز ذلك على الجميع ولكن كان لا بد للجميع ان يعترفوا بالواقع
ولو اليماً لقد اقر الملك القانون وايده فاضطر صاغراً للأنصياع الى ارادة الشعب
المطالب والملح بتقديمها للوحش اسوة باولادهم .
استاذن الملك الجماهير بان يمهلوه ثمانية ايام ليتسنى له وداع ابنته وفلذة كبده لؤلؤة قصره وفرح عمره
بات الشعب على احر من الجمر ينتظر انقراض الايام المضروبة ليشيعوا الى ظاهر المدينة اميرتهم الحسناء
ذات القوام الممشوق والقد المياس وعقدوا حلقاتة ندب ولطم وجوه ونواح على هذا الفراق المريــــــر الىان
ظهرت لهم اخيراً الفتاة وهي متشحة بثوب الاميرات الازرق سماوى المزركش والموشى بحرير
مذهب وخيوط لماعة وان خماراً ابيض كان ينسدل من قمة راسها حتى اخمص قدميها يعلوه تاج يشع
بفعل انعكاس النور عليه لقد ظهرت وكانها العروس الفاتنة في جلوتها يوم عرسها وبدلاً من الزغاريد المعتادة
واكبتــــــها النساء بالبكـــــــاء والعويل حتى المحلـــة حيث وقفت الحشود لوداع سيدتهم على مقربة من مكان الوحـــــــش .
ما هي الا دقائق معدودات حتى انقرظ عقد المودعين والتحق كل واحد منهم بيته اتقاء وخيفة من بروز
الثعبان المفاجى لهم تطلعت العروس الى حواليها بعــد ذهاب الجماعة عنها فوجدت نفسها وحيدة
في هذه المحلة الموحشة الموبوءة بنتن جيف العظام المنثورة هنا وهناك والتى عف عن اكلها الوحش المدلل
فراحت تندب حظها السيء وتنتظر ساعة الظلمة ومصيرها الاسود زمجر التنين واطلق صوتاً مرعباً وراح
يملا الارض من عربدته وهو يتقدم بتودة من الفريسة الحسناء وفي تلك الاثناء بالذات برز فارس مغوار
بالمحلة جندي شهم يمتطي فرساً ابيض وخوذة لماعة تعلوها ريشة وابرقت الارض ومادت تحت سنابك فرسه
واقترب من التنيـــن صائحـــــاً بصوت أجش لقد خسئت ايها الوحش الغادر خذها ضربة قاضيــة ايــها الشــــرير
فانا جرجــــس النصرانـــــى عبد يسوع المسيح وبلمح البصر رسم بسيفه اشارة الصليبب بالهواء وانقض
على الوحش وبضربة واحدة جندله يتخبط بدمائه ثم نزل من عن جواده ولما تاكــد له ان التنين قد مات فصل
له راسه عن جسمه وربطه بذيل فرسه ثم طلب الى الفتاة ان تخلع من عن عنقها طوقها البراق وتحلّى
به جيد الفرس ثم حملها وراءه على دابته وعاد بها الى القصر يزفها لذويها بالفرح الشديــــــــــــد ..
لما وقف الشعب على ما صنع ماركوركيس عظموا الآله وارادوا مع القصر ان يكافئوه فطمانهم بان المسيح
الذي يعبده هو الذي ارسله لهم ليخلص الامة من التهلكة وعمد اهل القصر وخمسة آلاف آخرين
ولما انتى من عمادهم خطفه الروح القدس واختفى هو وفرسه عن اعينهم بعد ذلك تنصرت الامة كلها
وشيدوا كنيسة عظيمة فخمة تليق بعظمة الله وبقديسه المجيد الخالد كوركيس المظفر الذي انقذهم من براثن
الوحش الجهنمي وفتح امامهم باب السمــــــــاء .
ان هذة الاسطورة ان دلت على شيئ فهي تدل على ان العظيم في الشهداء ماركوركيس انقذ الكنيسة الممثلـــة بابنة
الملك التي يضطهدها ويهددها الشيطان عدوها وعدو الانسانية الاكبر ومنذئد انتشرت عبادة القديس
في كل مكان وصقع وراح العظماء يتسمون باسمه ..
صلاة الى العظيم في الشهداء ماركوركيس المظفر الخالد
هذه الصلاة الوجيزة تصليها الكنيســة في الملمات ووقت الشدائد نثنيها هنا ليستفيد منها المؤمنون :
يا ماركوركيس الشهيد لما حملت السلاح الكامل سلاح الرب يسوع المسيح وجدك الذيــن يطلبوك واحترقت بالنار
حباً بالرب يسوع وهزات بالضلالة المفسدة للنفوس ضلالة الأوتان الآله الباطلة مخاطباً وقتئذ المتجاوزي الناموس
انني متجند للمسيح ملكى فلا يستطيع ان يفصلني عن محبة الرب يسوع لا وحوش ولا دواليب ولا نار
ولا سيف فابتهل اليـــه ان ينير ويخلص نفوســـــنا . ايها الكلى السعادة ياماركوركيس القديس احفظني صائــناً
وانا في البحر سائر وفي الطرقات مسافر وفي الليل راقد واحمل عقلي مستيقظاً وارشدني الى فعل ارادة الرب
لكي اجد في يوم الدينونة غفران ما جنيت من الآثام في الحياة ...
تكريــــم القديــــــــس ألشهيد الخالد ماركوركيس
تكرم كنيستنا المشرقيــــة الاشورية المقدســـة القديس الظافر الخالد ويسمى بمار كوركيس الخيال وتعيّد له
في يوم مولده ويوم استشهاده وقد بنت كنيسة المشرق عدة كنائس في انحاء العالم وسميت باسمه اكراماً
واجلالً لسيرته المقدسة واتخدته شفيعاً لها وفي انكلترا ينشرون فوق اعلى السوارى علم القديس الابيض
ويتوسطه صليب احمر وان جمعية فرسان القديس مار كوركيس يقدمون للملكة في ذاك النهار الورد الاحمر
وشباب الكشاف البريطاني يجددون وعودهم التي قطعوا على انفسهم السير بموجبها وفي براغ مثلاً
رفعوا له على احد مرتفعاتها تمثالاً برونزياً وقصر النواب في برشلونه مزين بايقونة كبيرة للقديس
مع شعاراته وفي فرنسا وايطاليا وغيرها من المدن الغربية تكثر فيها الرموز والشعارات التي تشير
الى هذا القديس العظيم في الشهداء وفي انطاكية توجه الصليبيون الى مدينة اللد واحتلوها واكراماً للمساعدة
التي لاقوها من مار كوركيس رفعوا مقام المدينة الديني الى كرسي الاسقفية بعد عام زحفوا الى مدينة القدس
ودوماً بمساعدة القديس لهم وفي الحملة الصليبية الثالثة هو الذي رفع معنويات ريجار قلب الاسد بظهوراته
المتواترة له واكراماً لذلك شيّــــد له كنيــــسة فخمــــة هناك ايضـــــاً وان هنريكوس الثامن أمر بضرب
صورة القديس على احدى صفحتى الليرة الانكليزية . وان اخواننــــا المسلميـــن يكرمون ماركوركيس
كاحد أبطالهم القدامــــى ويسمونــه الخضر (أبو العباس) وبالتالي ان سيرة هذا القديس العظيم في الشهداء
ومهما يكن من امرها انها سلسلة عجيبة من البطولات والتضحيات التي سطرها
قديسينا كوركيس وديمتريوس وديوميدس وكايوس وسرجيوس وباخوس وغيرهم الكثيرين
الذين لمعوا في سماء الشهادة ونالوا اكليل المجد وان العذابات المتنوعة واساليب التنكيل الوحشية
التي مر بها هؤلاء وملاين المسيحيين غيرهم كانت كثيرة ومتنوعة كرميهم للوحوش الكاسرة
وبقر بطون النساء منهم وتقطيع اوصال البعض وبتر ايديهم وارجلهم وكرمي البعض الآخر فى اتون النار
والكلس الحارق وتكشيطهم بالامشاط الحديدية ثم دهنهم بالقار وحرقهم لاضاءة حدائق القصور ليلاً
ففي وسط كل هذه العذابات كان الشهداء الابرار يترنمون ويصعدون التهليل والتعظيم لخالقهم ومبدعهم
وكالفتية قديماً في بابل كانوا يسيرون في وسط اللهيب وكانهم على ماء الراحة لقد استصغروا
كل ويلاتهم لاتكالهم على المسيح ختن نفوسهم فكنت تراهم يتقدمون الى جلاديهم باقدام تابثة وعزيمة مدهشه
لا يثني من عزيمتهم شيء عالمين ان المسيح ينتظر منهم مثل هذا الثبات والايمان
وهذا الجلد ليفوزوا باكليل المجد الذي لا يذبل . فلا غرو اذاً ان نرى المسيحيين الذين تعاقبوا بعدهم تفننوا
هم ايضاً لا بل بالغوا في اكرامهم الذي استحقوه عن جدارة لانهم كانوا بذاراً حيــّة وصالــحة
وخيـــر شاهد لتوطيد دعائم الايمان وترسيخه في القلوب عملاً بقول بولس الرسول :
انه لا يفصلنا شيء عن محبــة المسيـــح لا جوع ولا عرىُ ولا اضطهاد ...
انما المسيـــــح هــــو كل شيء في حياتنــــا .
تساعيـــــة للقديـــس ماركوركيس المظفر
ايها اللابس الجهاد ماركوركيس بما انك عظيم بين الشهداء نجتمع اليوم لنمدحك لانك تممت السعي
وحفظت الايمان ونلت من لدن الله اكليل انتصارك ايها المجاهد المجيد لقد هرعت باختبارك الى الجهاد ببسالة
وعزم وثقة نظير الاسد معرضاً عن الجسد البالي ومهتماً علانية بالنفس التي لا تبلى ولقد تالمت
مع المخلص الفادي وشابهت موته بموتك الاختباري فملكت معه بهاء لابساً برفيراً دموياً بهما
ومزيناً بصولجان جهادك وممتازاً باكليل الغبة على الابد ...
سبحوا الرب ياجميع الامم امدحوه ياجميع الشعوب يالابس الجهاد ماركوركيس لقد عرفناك كوكباً غزير الانوار
وشمساً تتلالا في الافق ودرة كلية القيمة وحجراً كريماً لامعاً وابناً للنهار وبطلاً صنديداً
في الشهداء وظهراً للمؤمنين لذلك نقيم تذكارك مادحين اياك
المجد للآب والابن والروح القدس
الآن وكل آوان والى ابد الذهــــور
تم بنعمة الرب .
خادم الرب / الشماس
أوديشو الشماس يوخنا