شخصية هيرودس ؛ ومجزرة أطفال بيت لحم !
بقلم / وردا اسحاق عيسـى : كنـــــدا ..
لنتطلع أولاً على بعض السطور من تاريخ الرجل الطاغية هيرودس
الذي كان يعاني من المرض يوم مولد الرب يسوع .
تغشاه من الموت رهبة بات وعيدُها يتفاقم يوماً بعد آخر لكن رغم ذلك كان متشبثاً بعرشه باذلاً كل حقده وقوته
من أجل التشبث في منصبه ، فكان يعترض طريق كل من كان يًشيم فيهمُ مخايل المنافسة ،
فكان له ميل أنيق الى الضراوة . فأغرق على يد حرسهِ الغلاطيين ، صهره ىأرسطوبولس ، وكان فتى غطريفاً ،
أستندت اليه رئاسة الكهنوت وهو في السابعة من عمره ، فذهب ضحية شعبيته .
ثم أمر بصهره الآخر يوسف ، ثم بهيركان الثاني ، الملك العجوز ، ومن بعده بمرَيمنة ،
زوجته الأسمونية الأبية التي كان مع ذلك مغرماً بها ، ثم بولديهِ أرسطوبولس وألكسندرس ، فقضوا كلهم بأمره .
وإذ كان على شفا الموت كان لا يزال يتربص بفريسةٍ أخرى ، أنتيباتر ، أبنه الثالث ، وما زال حتى قطع رأسه نهاراً واحداً قبل وفاته .
وهكذا فقد تصرّج عهده بسيول من الدماء . أحرق 40 شاباً ، فالتهبوا مشاعل حيةً ،
لأنهم حطموا النسر الذهبي الذي كان قد أمر بتنصيبه – صنماً مُشيناً – عند باب الهيكل .
وفي نزاعه المحموم أمر بقتل جميع وجهاء الأمة اليهودية ، وذلك لكي تُذرَف على ضريحه بعض الدموع .
هكذا كان يحسب لكل حدث حساباً دقيقاً من أجل النيل منه .
فعندما وصل الحجاج المشرقيون الى أورشليم وقابلوه ، بعد التحوط بآراء أهل الأطلاع من كهنة اليهود
لمعرفة مكان وزمن مولد المسيح المنتظر الذي جاءوا المجوس من أجله .
فقيل له سيولد في بيت لحم . فطلب من ضيوفه ، إذا وجدوا الطفل ،
أن يعودوا ويخبروه ليذهب هو أيضاً ويسجد له ! بل لقتله .
لكن المجوس عملوا بما أوحى اليهم الوحي في الحلم ، ولم يعودا الى قصر الملك .
لما رأى هيرودس أن المجوس قد سخروا به ، سخط جداً ، فأمر بقتل جميع صبيان بيت لحم وضواحيها ،
من هم دون السنتين من العمر . على حسب الزمان الذي تحقق من المجوس " مت 16:2 " .
فقتل هؤلاء الأبرياء ، لم يكن ينافي قساوة ومزاج هيرودس .
ولكنه ربما لم يبدُ للأقدمين بمثل ما نرى له اليوم من الفظاعة .
فقد أورد المؤرخ الروماني سويتون في كتابه ( حياة القياصرة الأثني عشر ) أن في تاريخ هيرودس صدى أشاعة :
مفادها أن مجلس الشيوخ الروماني ، قبل مولد أوغسطس بفترة يسيرة كان قد أُنبىء عن طريق
عرافة بميلاد طفل يملك على روما ، فأمر بمجزرة شبيه بمجزرة أطفال بيت لحم .
مجزرة هيرودس يبدو فيها عدد المواليد المقتولين لم يكن كبيراً ، فالقرية لم تكن آنذاك أكثر من الفي نسمة .
فإذا ثبت أنه يولد لكل ألف نسمة ثلاثون طفلاً في السنة تقريباً ن مع أن تراعي قانون توزّع المواليد على الجنسين
( لأن المجزرة كانت خاصة للصبية فقط ) مع نسبة الوفيات المألوفة فيصل عدد الأطفال المقتولين
الى خمسة وعشرون طفلاً ! قيل على لسان النبي أرميا القائل : " مت 18:4 " .
هل راحيل بكت ( صُراخً سمع من الرامة . بكاء ونحيب شديد ! راحيل تبكي على أولادها ،
وتأبى أن تتعزى ، لأنهم قد رحلوا ! ) في القبر على أبنها يوسف الذي بيع للمصريين ؟
وهؤلاء هم أحفادها فأبت أن تتعزى بسبب الظلم . أما الكنيسة اليوم فتكرم تلك الضحايا البريئة
التي أفتدتبدمها حياة المسيح الذي أنقذ بأعجوبة من بطش حلكمٍ ظالم .
فلولا ملاك الرب الذي تراءى ليوسف في الحلم فأن هيرودس كان موشكاً لأن يطلب الصبي ليهلكهُ " مت 13:2 " .
أطاع يوسف أمر الملاك ففر بالعائلة المقدسة الى مصر في الليلة عينها .
ليتمجد أسم الله القدوس .