القديس إغريغوريوس النزينزي ..
( القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات أو الثيولوغوس ، النزانزي ، النيزنزي ،
النازيانزي ، النزنيزي ، اللاهوتي الكبادوكي )
شارك القديس يوحنا الحبيب في لقبه " اللاهوتي " أو " الثيؤلوغوس " أي " الناطق بالإلهيات " ،
بسبب براعته في الحديث عن الثالوث القدوس بإلهام إلهي ، ولالتحام حياته التقوية بعمل الثالوث القدوس
ويعتبر أحد الثلاثة آباء الكبادوك العظام : باسيليوس الكبير، وغريغوريوس أسقف نيصص ،
وغريغوريوس الثيؤلوغوس ، عاشوا في عصر واحد في الكبادوك بآسيا الصغرى ، لهم دورهم الفعّال
بعد القديس أثناسيوس الرسولي في مقاومة الأريوسية .
وتذكره الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مجمع القداس الإلهي .
نشأته : ذهبي الفم - القديس غريغوريوس اللاهوتي .
ولد حوالي عام 329 م. بقرية أريانزوس Arianzus جنوب غربي الكبادوك ، والدته القديسة
نونا Nonna التي كسبت زوجها الثري والقاضي إلى الإيمان المسيحي عام 325 م. ، بل وصار أسقفًا
على نزينزا لمدة 45 عامًا .عاش تحت رعاية أمه التي بعثت فيه حب الكتب المقدسة والحياة الفاضلة
في الرب مع الصلاة بتقوى وورع ، روى لنا عن نفسه أنه إذ كان فتى رأى في حلم فتاتين جميلتين محتشمتين
ترتديان ثيابًا بيضاء ، قالت له إحداهما : أنا العفة ، والأخرى : أنا الحكمة ،
وكانتا واقفتين أمام عرش السيد المسيح ، وإذ استيقظ من نومه شعر بحنين شديد نحو العفة يتزايد
على الدوام طوال عمره ، هذا وقد اتسم بالحكمة الإلهية في دراسته للقضايا اللاهوتية وسلوكه ،
التحق مع أخيه الأكبر قيصر بأعلى المعاهد في قيصرية كبادوكية حيث تعرفا على القديس باسيليوس .
إذ كان غريغوريوس يميل لدراسة القانون ذهب إلى قيصرية فلسطين ليلتحق بمدرستها الشهيرة في الخطابة .
ثم سافر مع أخيه إلى الإسكندرية حيث كان القديس ديديموس الضرير مديرًا للمدرسة اللاهوتية ،
قضى غريغوريوس فترة قصيرة بمصر ثم أبحر إلى أثينا للاستزادة في العلم ( الفلسفة ) ،
وهناك التقى بصديقه باسيليوس ليعيشا معًا في حياة روحية مشتركة حتى قيل عنهما أنهما عقل واحد في جسدين .
هناك أيضًا التقى بيوليانوس الذي كان يتظاهر بالمسيحية ، وكان يود صداقة غريغوريوس ، لكن سرعان
ما اكتشف القديس خطورته الخفية ، حتى قال عنه :
" ما أشرس هذا الوحش الذي تربيه المملكة ( الرومانية ) في حضنها " ، فصار يتجنب معاشرته ،
وعندما جلس يوليانوس على العرش حاول اجتذاب غريغوريوس ولم يفلح ، وإنما نجح في اكتساب أخيه
القديس قيصريوس النيزينزي الذي عينه كطبيب إمبراطوري ، فكتب إليه غريغوريوس ليترك
هذا الذئب الخاطف ، وبالفعل تركه .مكث في أثينا عشر سنوات ، وإذ رحل عنها صديقه الحميم باسيليوس ،
تركها هو أيضًا ليعود حوالي عام 357 م. في نزينزا : أراد أن يعيش في بلده حياة الوحدة يكرس
كل وقته وطاقاته لدراسة الكتاب المقدس مع العبادة ، إلا أن صديقه باسيليوس دعاه ليعيش معه
في الدير الذي أسسه في بنطس ، فذهب إليه حيث قضى ثلاثة أعوام في حياة نسكية رائعة
مع تجميع لكتابات العلامة أوريجينوس في تفسيره للكتاب المقدس .
دعاه والده في ذلك الحين لمساعدته إذ كان قد بلغ أكثر من ثمانين عامًا ، وكان قد رسم أسقفًا في نزينزا ،
وهناك أصر الشعب على سيامته كاهنًا بالرغم من تحاشيه لنوال أية درجة كهنوتية ورغبته في الهروب ،
وتم ذلك على يدي والده عام 361 م. كان والده مع شيخوخته بسيطًا فسقط في التوقيع
على مرسوم مجمع ريميني الذي يحمل اتجاهًا شبه أريوسي مما أثار الشعب ضده ، فقام غريغوريوس يُظهر
ما في المرسوم من خبث خفي وكشف لأبيه خداع هؤلاء النصف أريوسيين فاعتذر الأب عن توقيعه المرسوم ،
وعاد الشعب إلى الأسقف من جديد ، سيامته أسقفًا : سيم القديس باسيليوس رئيس أساقفة قيصرية أراد
أن يحيط نفسه بجماعة من الأساقفة المستقيمي الرأي ، لتحطيم البدع المنتشرة في ذلك الحين
فألح على صديقه غريغوريوس أن يقبل سيامته أسقفًا على سازيما ، فرفض لكنه ألح عليه
هو ووالد غريغوريوس فاضطر أن يقبل نعمة الأسقفية عام 372 م. ، لكنه لم يدخل الإيبارشية
إذ كانت موضع نزاع بين القديس باسيليوس والأسقف أنتيموس ، عاد القديس غريغوريوس إلى خلوته
لكن والده الأسقف طلب معونته ، فجاء إليه مشترطًا ألا يرتبط بالإيبارشية .
وبالفعل إذ تنيح والده عام 374 م. ووالدته في نفس السنة وزع ممتلكاته التي ورثها وانفرد
في دير يمارس الحياة النسكية مع التأمل والدراسة خمس سنوات ، في القسطنطينية :
إذ سمع أن مدينة القسطنطينية امتلأت بالهراطقة حتى استولوا على جميع الكنائس اضطر أن يقبل
دعوة المؤمنين هناك تحت إحساسه بالالتزام بالمسئولية ، وفي فترة قصيرة استطاع أن يرد كثير
من الشعب من الهرطقات إلى الإيمان المستقيم ، وفي سنة 381 م. إذ انعقد المجمع المسكوني الثاني بالقسطنطينية
كان الاتجاه سائدًا أن يُثبت القديس إغريغوريوس على القسطنطينية ، وإذ اعترض الفريق المصري
على هذا من جهة أنه سبق فسيم أسقفًا على إيبارشية أخرى أعلن أنه كمحب للوحدة والسلام
يرفض قبول تثبيته ، خاصة وأنه لا يشتهي المراكز، وقد ترك المدينة بعد أن ودّع الأساقفة
والشعب بخطاب مؤثر للغاية ، ثم ذهب إلي نزينزا يقاوم بدعة أتباع أبوليناريوس .
وفي سنة 381 م. اعتكف بجوار المدينة ليستعد لرحيله من هذا العالم عام 390 م.تعيِّد له
الكنيسة اليونانية في 10 مايو ، أما كنيستنا ففي 24 توت .كتاباته :ترك لنا القداس الإلهي ( الإغريغوري )
وكنزًا من الكتابات اللاهوتية العميقة مع عظات ورسائل وقصائد .
1 . العظات : أجمل ما تركه لنا هو 45 عظة قدمها في أهم فترة في حياته من 379 ? 381 م. ،
حينما كان أسقفًا على القسطنطينية، جاذبًا أنظار العالم إليه .
2 . القصائد الشعرية : كتبها في أواخر حياته ، في خلوته باريانزيم Arianzum لم يبق
سوى 400 قصيدة ، في أحدها سجل لنا علة اتجاهه للشعر في أواخر حياته ، ألا وهو إظهار
أن الثقافة المسيحية الجديدة ليست أقل من الثقافة الوثنية بأية حال ، ولأن بعض الهرطقات كالأبولينارية
تستخدم القصائد في نشر أفكارها ، لهذا استخدم ذات السلاح للرد عليها ،
جاءت بعض قصائده لاهوتية ، والبعض سلوكية .
3 . رسائله : أول مؤلف باليونانية ينشر رسائله ، وذلك بناء على طلب نيكوبولس Nicobulus
حفيد أخته جورجونيا .بغير قصد وضع نظرية " كتابة الرسائل " ، إذ طلب أن تكون الرسالة قصيرة ،
وواضحة ، ولطيفة ( رقيقة ) ، وبسيطة ( رسالة 51، 54 ) ، مدحه القديس باسيليوس ،
إذ كتب إليه يقول : " وصلتني رسالتك أول أمس ، هي بالحقيقة منك ، ليس من جهة الخط
وإنما من جهة نوع الرسالة ، فإن كانت عباراتها قليلة لكنها تقدم الكثير" .
من كلماته : من لا يؤمن بأن القديسة مريم والدة الإله " ثيؤتوكس " qeotokoc ، يعنفه اللاهوت
( رسالة 101 ) .
لسان الكاهن يتوسط لدى الرب فيقيم المرضى ؛ لتصنع ما هو أعظم بتقديس الليتورجيا
فتمحى خطاياي الكثيرة عندما تقيم ذبيحة القيامة .