فاتورة المحبة heart emoticon شاب صغير، يجول سيرًا على الأقدام
ليبيع [ بعض الملابس ] في شمال ولاية بنسلفانيا الأمريكية ، ليسدِّد نفقات تعليمه .
وفي يوم كان خائر القوى من الجوع ، وهو لايمتلك إلا 10 سنتات ،
وهي لا تكفي لشراء ما يُشبع جوعه الشديد .
فقرر أن يطلب طعامًا من أول منزل قريب منه ، ولما قرع الباب ، فتحت له فتاة رقيقة وجميلة ،
ولما سألته عما يريد خجِل أن يطلب منها أن تعطيه طعامًا ، فطلب منها كوب من الماء البارد .
ولكنها لما رأت الجوع والإجهاد يظهران عليه ، أحضرت له
مع كوب الماء البارد ، كوب كبير من اللبن الساخن ، وعلى الفور ابتدأ يشربه ببطء ليسدّ جوعه ..
وعندما سألها عن الثمن الذي يجب عليه أن يدفعه نظير هذا ، أجابته بكل لطف وذوق
“ لقد تعلمت أن لا أتقاضى أجرًا عن عمل طيب أقوم به ” ،
فشكرها بعمق ، ثم غادر المكان ، مرت أعوام وأعوام ، وتغيرت الأحوال ،
وأصبح الشاب الفقير “ هوارد ” هو الدكتور “ هوارد كيلي ” رئيس قسم أمراض النساء والولادة ..
كما صارت الفتاة الصغيرة شابة كبيرة ، ومرضت مرضًا عضالاً لم يعرف أن يعالجه ،
ولا حتى يشخِّصه أي طبيب في بلدتها الصغيرة .
فأرسلوها من مستشفى لأخرى ،
حتى وصلت إلى المستشفى المشهور، لتكون بين يدي أعظم الأطباء والإستشاريين وقتها ؛
الدكتور هوارد كيلي .. وبينما كان الدكتور هوارد كيلي يمرّ على مرضاه ، شاهد هذه المريضة ،
ولمّا قرأ اسم البلدة التي أتت منها ، دارت في ذهنه سريعًا عجلة الزمن ، وتذكَّر الماضي
وكأنه في حلم جميل قائلا : “ آه إنها نفس الفتاة الرائعة الرقيقة التي قدَّمت لي كوب اللبن وأنا جائع ..
كم تغير شكلها بسبب المرض ! كم أنت قاسٍ أيها المرض الشرس ” ،
ورغم أنه لم يَقُل لها شيئًا ، لكنه اعتنى بها عناية خاصة ، وأوصى بها كل من بالمستشفى .
وبدأت معركته مع المرض اللعين ، فأجرى لها الفحوصات ،
ثم عملية جراحية ، بكل مهارة مع الأطباء معاونيه ، واعتنى بها جدًا ..
تم شفاؤها تمامًا ، وجاء وقت خروجها من المستشفى .
فطلب الدكتور هاورد من إدارة خزينة المستشفى فاتورة العلاج والتي كانت باهظة ،
نظرًا لارتفاع تكاليف العملية والعلاج والفحوص والتحاليل والإقامة في المستشفى وباقي المتطلبات ..
وكتب بخط يده ، تحت الرقم الرهيب من الدولارات المطلوبة من التي كانت مريضة ، كتب عبارة :
“ خالص مع الشكر بكوب من اللبن ” ..
ووقَّع بإمضائه تحت الفاتورة .. وصلت الفاتورة للشابة التي كانت قد شُفيت تمامًا ،
ولكن قلبها كان ينبض سريعًا منزعجة وهي تفتح المظروف الذي بداخله الفاتورة ،
فقد ظنت أن عليها أن تعمل بكل جهد طوال حياتها لتسدِّد التكلفة ..
ولما فتحت الفاتورة فوجئت وهي تقرأ :
{ “ خالص مع الشكر بكوب من اللبن ” ، مع توقيع الدكتور هوارد } ،
الذي أتى بنفسه بعد هذا ليذكِّرها بما قدَّمته له وهو جائع ، وكيف أنه يحاول
أن يسدِّد فاتورة المحبة والخير الذي قدَّمته له وقتها !!!
إنه الدكتور هوارد كيلي Howard A . Kelly
الذي ولد في 20 فبراير عام 1858م في بلدة كامدن بولاية نيوجيرسي الأمريكية ،
ورحل عن دنيانا في 12 يوليه 1943 ..
وكان أستاذًا مميَّزًا في الطب البشري . واحد من الأربعة الأطباء الكبار
الذين أسّسوا جامعة جونس هوبكينز Johns Hopkins الشهيرة ،
والتي تُعتبَر من أقدم الجامعات الطبية للبحث العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية ..
وهو أيضًا مَن أسس فيها قسم أمراض النساء والولادة عام 1895م ..
* العبرة : إزرع جميلاً ولو في غير موضعه ، فلا يضيعُ جميلاً أينما زُرِع *