♣ الأحـد الخامس من الصّيــــف : منطق الإيمــان المســــيحي ♣

الاحد الخامس من الصيف : منطق الايمان المسيحي :

بقلم الأب الفاضل پولس ثابت حبيب :

في انجيل اليوم يسوع يعلمنا أهمية الغفران من خلال وصيته لتلاميذه

( لوقا ١٧: ١- ١٠) ، 

اذ يعتبر الانجيل بان الغفران هو ميزة مسيحية مهمة تخص تلميذ يسوع .

ان كل الوصايا او التشريعات التي تضعها الأديان تنبع من إعتقادها الأساسي ، والتشريعات ليست

الا انعكاس لإيمان تلك الديانة ، الايمان المسيحي يترجم الى واقع وسلوك معاش 

من خلال وصية الحب والغفران ، ان كل عملية الخلاص تتمركز على هذين الامرين ،

حيث يكون كلاهما شيء واحد ، لان الحب الحقيقي يعني قبول الاخر مثل ما ما هو ومن دون شروط ،

هذا يعني بوجود الحب ينتج الغفران مباشرة. ان ايماننا في جوهره هو بإله بادر من دون

ان نستحق واتى إلينا غفارا لنا مسبقا خطايانا. من هنا يمكننا ان نجد مبررا للغفران .

ليس الغفران فعلا بطوليا ذاتيا ، وليس ايضا فعلا جبانا ، وليس فعل مقايضة او مساومة ،

كلا فسبب الغفران هو لاهوتي ، اي يرتكز على الله وبه فقط يجد له مبررا . 

من اجل هذا يطلب الرسل ان يتقوى إيمانهم ، فمن دوت القبول بهذه الحقيقة الكبرى

التي يكشفها يسوع وإخضاع الحياة لها وتشكيلها حسب مقتضياتها ، لا يمكن للإنسان

ان يقبل بالغفران ، فالعدالة البشرية ترتكز على مبدأ المبادلة بالمثل ، وهذا شائع اليوم

حتى في عقليتنا اليوم : اساء الي فلماذا لا أسيء اليه ؟ او نحسب أنفسنا احيانا رحومين 

فنكتفي فقط بمقاطعة هذا الشخص من دون ان نعيد العلاقة معه . 

الايمان الحقيقي يعني بأن ارى في الاخر الخاطيء صورتي ، والا كيف أقول وأؤمن بان الله

قد غفر لي ؟ فإذا وقفت امام الله معتبرا نفسي بريء من كل ذنب آنذاك لن يكون للخلاص

معنى في حياتي ، لأنني انسف جوهره وإيماني سيكون مجرد قبول بنظريات او أفكار

تطرحها المسيحية تعالج جزءا سطحيا من حياتي ، اي وكأنها سلوكيات ، او اقل اي

ان تكون كماليات تخص مظاهر الحياة وسطحيتها . قبولي بان الله هو القدوس وقبولي

بوضعي الخاطيء وتبريري من قبل الله هذا يعني ان إيماني هو امر جوهري وأساسي

يمسني بالصميم وينتظر مني قرارات مصيرية تصهر حياتي وتغيرها . 

الله يبررني وقبولي بهذه الحقيقة يعني السماح لها لتعمل وتشكل حياتي .

من هنا أستطيع ان اتعامل مع الاخر، مشكلتنا اليوم هي اننا نتعامل مع الآخرين 

وفقا لقناعات شخصية سطحية قد اهملت دور الله الجوهري في حياتنا ، اتكل على حسن

نيتي وتصرفي وبها أواجه الاخر لاقيس فعله واقرر، بالطبع أتناسى فعل الله تجاهي

وأصبح انا من يقرر تجاه هذا الانسان الخاطيء بحقي .

نحتاج اليوم الى طلب قوة تزيد ايماننا ، اي قوة تساعدنا في قبول الحقيقة وعيشها ،

قوة تترجم فينا ما نؤمن به ليصبح معاشا في سلوكيات حياتنا ، هنا تصبح حياتي مسيحية

وليس حياة تتلون سطحيتها بالمسيحية ، نحتاج الى الانفتاح وهذا ليس الا التواضع 

الذي يعني القبول بالحقيقة الإلهية من دون اي تبجح ومن دون مقايضة الله أو القريب

بأعمال حسنة ، كلا التواضع يعني ان نتذكر دوما بان كل ما نفعله إنما هو ضروري

لعيش هويتنا ، وليس فضل نضيفه على الآخرين ، زدنا إيمان يا رب لنرى 

حياتنا الإيمانية بعيون حبك التي تعلمنا بأن ما تعطيه لنا هو اكبر ولا يقارن 

بما نفعله نحن ، ساعدنا لننطلق ونعيد حساباتنا لنكون دوما خدام كلمتك خاضعين لها

من دون ان نجعل ذواتنا متسلطين عليها .