كتاب طبيعة المسيح :
بقلم المتنيّح الپاپا شنودة الثالث
ـ تعبير أبن الإنسان ـ
إستخدام عبارة ابن الإنسان في مناسبات تدل على اللاهوت :
لاشك أن عبارة ابن الإنسان تعبر عن ناسوت المسيح ، كما أن عبارة ابن الله تدل على لاهوته .
ومع ذلك فإن السيد المسيح استخدم عبارة ابن الإنسان في مواضع كثيرة نذكر منها :
1 - شرح أن ابن الإنسان موجود في السماء وعلى الأرض :
وذلك في قوله لنيقوديموس " ليس أحد صعد إلى السماء ،
إلا الذي نزل من السماء ، ابن الإنسان الذي هو في السماء "
( يو13:3 ) .
فمن هو هذا ابن الإنسان الذي نزل من السماء ؟
والذي هو من السماء ويكلم نيقوديموس على الأرض ؟
أهو الطبيعة الإلهية أم الطبيعة البشرية ؟
لا يمكن أن يكون هو الكلمة المتجسد .
فهذه العبارة واضحة جدًا في إثبات الطبيعة الواحدة .
2 - وقال " إن ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا "
( متى 8:12 ) .
فإن كان تعبير ابن الإنسان يعنى الطبيعة البشرية ، وفي نفس الوقت هو رب السبت أي الله ،
إذن فقد اجتمع اللاهوت والناسوت معًا في تعبير واحد .
وهذا دليل على وحدة الطبيعة .
3 - قال إن ابن الإنسان له سلطان على الأرض أن يغفر الخطايا
( متى 6:9 ) .
بينما لا يغفر الخطايا إلا الله وحده ، فهل الذي قال للمفلوج " مغفورة لك خطاياك "
هو الناسوت أم اللاهوت ؟ أليس حسنًا نقول إنه الكلمة المتجسد .
4 - قال إن ابن الإنسان هو الذي سيدين العالم .
فهل الطبيعة البشرية هي التي ستدين العالم أم اللاهوت ؟
يقول إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته .
وحينئذ يجازى كل واحد بحسب عمله
( متى 27:16 ) .
نلاحظ هنا أنه يقول ابن الإنسان وفي نفس الوقت يقول .
" في مجد أبيه " .
أي يجمع بين كونه ابن الإنسان وابن الله في عبارة واحدة ، مما يدل على وحدة الطبيعة .
ويقول ابن الإنسان مع ملائكته بينما تعبير ملائكته يدل على لاهوته .
وهكذا نرى هنا أن تعبير ابن الإنسان ، لا يمكن أن يدل على الطبيعة الإنسانية وحدها ،
ولا على الطبيعة اللاهوتية وحدها .
وإنما على وحدة الطبيعة أي الطبيعة الواحدة التي للكلمة المتجسد .
5 - ونفس التعبير نجده في (متى 25:31-34 ) " ومتى جاء ابن الإنسان في مجده ،
وجميع الملائكة والقديسين معه ، فحينئذ يجلس على كرسي مجده ، ويقيم الخراف عن يمينه ،
والجداء عن اليسار، ثم يقول الملك للذين عن يمينه ، تعالوا إلى يا مباركي أبى
رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم " .
هنا ابن الإنسان ، وأبى في عبارة واحدة .
أي أن المتكلم هو ابن الإنسان ، وهو ابن الله في نفس الوقت ،
وابن الإنسان هو الذي سيدين العالم ، بينما الدينونة هي للابن ابن الله
( يو22:5 ) .
وهنا وحدة الطبيعة واضحة .
6 - وقال لرئيس الكهنة ( في محاكمته ) " من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسًا
عن يمين ، وآتيًا على سحاب السماء "
( متى 26:63-65 ) .
وفي ذلك قال القديس اسطفانوس وقت استشهاده " ها أنا أنظر السماء مفتوحة ،
وابن الإنسان قائم عن يمين الله "
( أع 56:7 ) .
فمن هذا القائم عن يمين الله ؟ والجالس عن يمين القوة والآتي على سحاب السماء ؟
هو الطبيعة البشرية أم الطبيعة اللاهوتية ؟ .
لا نستطيع هنا أن نفصل أو نميز، بل نقول أنها الطبيعة الواحدة طبيعة الكلمة المتجسد .
7 - وهو كابن الإنسان يدعو الملائكة ملائكته والمختارين مختاريه .
إذ يقول " يبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير،
فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت ، فيجمعون مختاريه .."
( متى 24: 29-31 ) .
وهنا كابن الإنسان يتصرف كإله ولا نستطيع في هذه العبارة أن نقول هنا الطبيعة البشرية
وهنا الطبيعة الإلهية ، فالمتكلم هو يسوع ابن مريم ، والمتكلم في نفس الوقت
هو ابن الله ديان الأرض كلها ، الذي له سلطان على الملائكة يرسلهم .
وله سلطان على البشر يجمع مختاريه من أقصاء السماوات إلى أقصائها .
إنها طبيعة واحدة لا فصل فيها .
8 - قال السيد المسيح أيضًا في حديثه مع تلاميذه :
" فإن رأيتم ابن الإنسان صاعدًا حيث كان أولًا "
( يو 62:6 ) .
المهم هنا في عبارة ( حيث كان أولًا ) ، أي أنه كان أولًا في السماء .
والمعروف طبعًا أن الذي كان في السماء هو أقنوم الابن ، ولكن هنا لوحدة الطبيعة
يقول عن ابن الإنسان ، ما يقوله عن أقنوم الكلمة ، لأنه هو الكلمة المتجسد .
وهذا يطابق أيضًا قوله لنيقوديموس عن ابن الإنسان ، إنه هو الذي نزل من السماء
( يو13:3 ) .
بينما الذي نزل من السماء هو أقنوم الابن أي اللاهوت .
وبنفس هذا المعنى يقول بولس عن السيد إنه " الرب من السماء "
( اكو 47:15 ) .
المصدر / St - Takla . 0rg