أورپا ؛ تعيد إكتشاف " مسيحيتها " :
إختراق المتشددين للجالية المسلمة في المهجر يثيرشكوك الغرب حول قدرة اللاجئين على الاندماج !
خلفية مسيحية لأزمة الهوية :
برلين -
بدأت أورپا تنكمش على نفسها ، ولم يصمد دفاعها المستميت عن حقوق الإنسان في وجه ما تعتقده
مخاوف جدية تهدد هويتها الثقافية والدينية ، وتستحضر هذه المخاوف ،
التي عبرت عنها شخصيات سياسية بارزة ، صورا عديدة تعكس فشل الجالية المسلمة
في أورپا بالاندماج خاصة أن هذه الجالية تحولت إلى أرضية خصبة لأنشطة الجمعيات المتشددة ،
وأعرب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان
عن شكّه في إمكانية إندماج مئات الآلاف من اللاجئين المسلمين في أورپا على المدى الطويل .
وقال أوربان اليميني المحافظ في تصريحات لمجلة “ فوكوس ” الألمانية أنّ الإسلام لا ينتمي مطلقا
إلى أورپا ، مضيفا أنّ الثقافة والدين الإسلامي لا يندمجان مع الثقافة والدين المسيحي ،
وأن ما يحدث هو نشوء تعددية ثقافية بمجتمعات منفصلة ، وأكد أوربان
أن أسلوب الحياة في أورپا قائمعلى الحرية في الفكر والدين والمساواة
في الحقوق بين الرجل والمرأة ، قائلا :
“ يتعين علينا الدفاع عن هذه القيم الثقافية ” .
وكان وزير الخارجية المجري ، بيتر سيارتو ردد قبل ذلك الفكرة نفسها قائلا :
“ إذا تركنا المسلمين يدخلون القارة لمنافستنا فسيفوقوننا عددا ، إنها مسألة حسابية
ولا تعجبنا ” ،مضيفا “ أتحدث عن الثقافة ومبادئ الحياة اليومية كالعادات الجنسية
وحرية التعبير والمساواةبين الرجل والمرأة وكل هذه القيم التي أطلق عليها اسم المسيحية ” .
وحدد سيارتو منتصف الليلة الماضية للبدء في إغلاق حدود بلاده مع كرواتيا أمام المهاجرين ،
وذلك بعد شهر من إجراء مماثل اتخذته على حدودها مع صربيا ،
غداة إنجاز سياج جديد لمنع دخول المهاجرين .
وأوضح سياتو " نظرا لعدم إتّخاذ أي قرار في قمة الاتحاد الأورپي الخميس حول نشر
قوات أوروبية على الحدود الخارجية للاتحاد ( ... ) ، قررت المجر تنفيذ قرارها إغلاق حدودها " .
ولكن عمليا ، ستفعل المجر " مناطق عبور" كما على حدودها مع صربيا ،
حيث يمكن للمهاجرين تقديم طلب لجوء بدون دخول البلاد رسميا ، مع إمكان ترحيلهم في دقائق .
وأعلنت سلوفينيا وهي من البلدان المرشحة لمواجهة تدفق المهاجرين الراغبين في الوصول
إلى شمال أورپا ، " الاستعداد بشكل فعال لمواجهة هذا الخيار" ،
على لسان رئيس وزرائها ميرو سيرار. وبعد اعلان بودابست ،
دعت الحكومة السلوفينية إلى انعقاد مجلس الأمن الوطني بشكل طارئ اليوم .
وتأتي هذه الإجراءات غداة قمة للاتحاد الأورپي في بروكسل لم تتمكن ، وفق بودابست ،
من التوصل إلى حل فوري لوقف تدفق المهاجرين ، ولئن أثارت موجة اللاجئين الجديدة إلى أورپا
مخاوف في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تتعلق بالأعباء التي ستقع على عاتق دول القارة
بسبب الأعداد الكبيرة للمهاجرين الجدد ، إلا أن دول أورپا الشرقية المنضوية تحت
الاتحاد الأورپي حديثا ارتفعت مخاوفها إلى ما هو أكبر وأعمق ،
أي الخوف على الهوية الثقافية والدينية للقارة ، ورغم أن اللاجئين لا يفضلون المجر
أو التشيك أو سلوفاكيا للاستقرار بها ، فإن دول أورپا الشرقية أبدت تخوفا أكبر
على هويتها المسيحية ، وهذا مفهوم في ظل ضعف تمثلها لقيم الاتحاد الأورپي المدافعة
عن حقوق الإنسان والتنوع الثقافي ، وخروجها حديثا من تأثير أنظمة الفكر الواحد
الذي لم يكن يعطي أي قيمة لهويتها الدينية ، لكن هذه المخاوف التي بدأت تلقى تجاوبا
لدى أحزاب يمينية في غرب أورپا ، تجد مشروعية في علاقتها بالصورة التي خلفها
المتشددون المسلمون وشوهت صورة الجالية ، فضلا عن صدى مجازر داعش
في الشرق الأوسط ، التي تزيد من منسوب الخوف لدى الغربيين من صورة الإسلام المتشدد .
وأظهرت أزمة اللاجئين وجود فوارق في استيعاب ثقافة الاتحاد الأورپي بين الدول
الشرقية الجديدة على الاتحاد وبين الدول الغربية المؤسسة له ، رغم أنها عاشت
أزمة لاجئين كانوا يتحينون الفرص للتسلل غربا ، فضلا عن تلقيها الدعم والتسهيلات
للاندماج وإعطاء الأولوية لاستيعاب عمالتها في الاقتصاد الأورپي .
وعارضت المجر والتشيك ورومانيا وسلوفاكيا اتفاق إعادة توزيع 120 ألف لاجئ
على دول الاتحاد الأورپي .