ادفع أموالك ؛ لتحصل على تعليم داعشي في الموصل دراسة على ' منهاج النبوة ' مدفوعة الثمن !
السبت 31 ـ 10 ـ 2015
يقول نص سؤال حسابي في مادة رياضيات ربما ستُدرّس لتلاميذ المدارس الخاضعة
لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق " في إحدى المعارك بلغ عدد جنود
الدولة الإسلامية الأبطال 275 ألفا و220 جنديا ، بينما عدد الجنود الكافرين
بلغ 356 ألفا و230 جنديا جبانا ، أيهما أكثر عددا " ؟
إذن ، فعلها ديوان التعليم التابع لتنظيم الدولة الإسلامية ، واصدر مناهج دراسية جديدة
لجميع المراحل الابتدائية والثانوية، بعدما أتلف المناهج السابقة .
وحتى وقت قريب ، كان أبو عمران أب لثلاثة طلاب ما زال يعيش معهم في الموصل ،
يأمل عودة أولاده الى مقاعدهم الدراسية التي هجروها منذ سقوط المدينة بيد التنظيم
في حزيران / يونيو 2014 ، لكن أسهم اليأس ارتفعت عنده مع التغيير الجديد .
ويقول أبو عمران " خسر أولادي عامين دراسيين ، ويبدو أنهم سيخسرون الثالث أيضاً
فمن غير الممكن أن ادعهم يتلقون تعليما على القتل والتطرف ، وفي النهاية لا احد يعترف بشهاداتهم " .
وبنبرة حزينة يضيف " أولادي متميزون لذا انا في حيرة من أمري ، وليتني استطيع إخراجهم
من المدينة ليكملوا مشوارهم الدراسي " .
وتبدو المشكلة كبيرة حقا ؛ فما بين 300 إلى 400 ألف طالب يواجهون الأزمة عينها
التي يمر بها أبناء أبو عمران ، خاصة وان وزارة التربية العراقية اعلنت منذ اكثر من سنة
عدم إعترافها بالدراسة في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية .
ويؤكد حجي سيدو رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس محافظة نينوى أن أي نتائج
دراسية للتعليم في ظل حكم الدولة الإسلامية باطلة ولا يمكن الاعتراف بها .
وتوجد نسخ الكترونية لعدد من الكتب المنهجية الخاصة بالمرحلة الابتدائية
أي لتلاميذ تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 12 سنة .
ومن يطلع عليها ابتداء من المقدمة الموحدة لجميع المواد ، سيجد بوضوح شديد أنها
ترويج لفكر " دولة الخلافة " والتطرف الديني .
مثلاً، في كتاب اللياقة البدنية للصف الأول الابتدائي ، وضعت كلمتا " باقية " و" تتمدد "
كإشارة لممارسة التمارين الرياضية للطلبة ، وهاتان الكلمتان تردان في الشعارالذي
يردده عناصر التنظيم بحماسهم المعهود " دولة الإسلام باقية ، وتتمدد " .
والمضحك المبكي ان الرسوم التوضيحية لهذه الكتب كـ " التربية الجهادية " تكون
على شكل أطفال يرتدون لباس الدولة الإسلامية الرسمي ( الأفغاني ) ، إلى جانب أسلحة مختلفة
كالمسدس والرشاش وغيرها ، أمل حامد مشرفة تربوية متقاعدة ، ارتسمت على وجهها ضحكة صفراء
وهي تتصفح بعض تلك الكتب على حاسوبها وعلقت " هذا جنون ، والواجب على أولياء الأمور
لمنع أبنائهم من ارتياد المدارس بتاتا ، لأنهم سيتخرجون دواعش وليس أطباء ومهندسين " .
وتضيف حامد التي تقيم حاليا في السليمانية التابعة لإقليم وكوردستان العراق " لقد توقعت ذلك قبل عام ،
فمسؤول التعليم هناك شاب ثلاثيني يحمل شهادة الماجستير في العلوم الإسلامية ويدعى خالد الأعفري
وهو من المتشددين في تنظيم " الدولة الإسلامية " .
وظهرت هذه المناهج الى العلن قبل أسبوعين على أقراص مدمجة فقط .
وبحسب خالد العطار وهو مدير مدرسة فان الدولة الإسلامية وزعتها على المدارس الابتدائية والثانوية ،
ليتولى الطلبة طباعتها على نفقتهم الخاصة ، أو يشترونها من المطابع التي باشرت
بتحويلها إلى كتب ورقية ، ويبدو حجي سيدو متخوفا جدا من تأثير مناهج تنظيم الدولة الإسلامية
على الأطفال والمراهقين خاصة ، لكنه يرى في الوقت نفسه ان التنظيم عاجز أكثر من
أي وقت مضى عن إدارة العملية التعليمية في الموصل " والدليل أن المدارس لم تفتح حتى الآن " .
نعم ثمة عزوف شبه شامل عن الدوام ، لكن في الحقيقة هناك عامل آخر يقف وراء تعطيل الدراسة ،
هو قرار ديوان التعليم فرض رسوم على الطلبة ، معللا ذلك بالسعي الى توفير رواتب
المعلمين والمدرسين والأساتذة الجامعيين ، الذين يعزفون عن الدوام بسبب قطع الحكومة العراقية
رواتبهم منذ ستة شهور ، وكانت الحكومة العراقية قد بررت قرار حجب الرواتب بإجراءات
الحد من تمويل الدولة الإسلامية ، لاعتقادها انه يستولي على جزء من رواتب موظفي الموصل ،
لاسيما وان نصف موظفي قطاع التربية والجامعات البالغ مجموعهم 53 ألف موظف تقريبا ،
ما يزالون باقين حتى الساعة في الموصل .
وكشف موظف في تربية نينوى ، طلب تسميته أبو عائشة ، عن قيمة الرسوم بشكل عملي .
وقال " هناك 12 دولارا تقريبا على كل طالب في المرحلة الابتدائية للنصف الأول من السنة ،
و18 دولارا للمرحلة الثانوية ونحو 50 دولارا للجامعات " .
ويعلق ، اذا كان البعض مستعدا لإرسال أطفاله للدراسة وفق مناهج " الدولة الإسلامية " فان
هذه الرسوم كفيلة بتغيير رأي الكثير منهم. وبما انه مر أسبوعان على موعد بدء الدراسة الذي
أعلنه " ديوان التعليم " ، وما زالت الغالبية الساحقة من الصفوف الدراسية خالية
من المعلمين والطلاب على السواء ، فإما أن مناهج " الدولة الإسلامية " مجرد دعاية كعملته الذهبية ،
او انه مشروع جاد سينفذه بحد السيف عن قريب .