وزير داخلية ألمانيا للاجئين : آندمجوا أو إرحلوا !
الجمعة 01 ـ 04 ـ 2016 | 14 : 10 م
أعلن وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير ، عن نية حكومته إدخال
تعديلات جديدة على قانون اللجوء ، تفرض على اللاجئين الاندماج
في المجتمع الألماني ، وحـذّر دي ميزير:
" من سيرفض تعلم اللغة الألمانية والسماح لأقاربه بالاندماج ، كالنساء والفتيات
على سبيل المثال ، ومن سيرفض عروض العمل .
فلن يحصل على تصريح إقامة مفتوح بعد السنوات الثلاث ! " .
وبحسب تقرير نشرته " RT " ، جاءت هذه الخطوة بعد الضغوط والانتقادات الكبيرة ،
التي تعرضت لها الحكومة الائتلافية والمستشارة أنجيلا ميركل بشأن ملف اللاجئين ،
وصعود نجم حزب " البديل من أجل ألمانيا " ( AfD ) المعارض
لسياسة الباب المفتوح للاجئين ، التي آستقبلت ألمانيا بموجبها قرابة مليون مهاجر
غير شرعي العام الماضي ، إضافة إلى نحو مئة ألف آخرين وصلوا
منذ بداية العام الحالي ، بحسب دي ميزير.
من جهته ، انتقد رئيس الجالية التركية في ألمانيا غوكاي صوفو أوغلو
مشروع الوزير دي ميزير إزاء تطبيق سياسة فرض الاندماج على اللاجئين ،
وصرح لصحيفة " برلينر تسايتونغ " الألمانية بأنّ هذه الأساليب
لم تُجد نفعا مع المهاجرين خلال الأعوام الخمسين الماضية ، وقال :
" يجب على ألمانيا أنْ تدرك أنّ الاندماج لنْ يتحقق إلا على أساس التحفيز " .
ودعا صوفو أوغلو إلى عرض دورات تعلم اللغة والاندماج على الأفراد ،
وإظهار أنهم جزء من المجتمع " ، كما إنتقد " الاتحاد الألماني النقابي للتجارة "
( DGB ) ، وهو أكبر منظمة نقابية في البلاد ، المشروع الحكومي المقترح ،
وقالت أنيلي بونتينباخ ، عضو مجلس إدارة الاتحاد :
" الاندماج الناجح لا يمكن أن يتحقق عبر تغيير القوانين ،
وإضافة العقوبات ، وشروط ثابتة للإقامة " ، وعوضا عن ذلك ،
دعت بونتينباخ إلى إفتتاح دورات لغة ألمانية ، وإطلاق برامج آندماج شامل ،
على أنْ تتولى البلديات هذه المهمة ، وفي هذا الصدد ،
ترى لينا كنامة المرشدة الاجتماعية في مركز " لقاء واستشارة النساء العربيات "
في برلين ، والمقيمة في ألمانيا منذ 26 عاما ، أنّ تصريحات مسؤولي
الحكومة الألمانية المتعلقة باللاجئين هي مجرد دعايات آنتخابية لتهدئة
الغضب الشعبي ، الذي لمْ يستوعب وصول هذا العدد الكبير من اللاجئين بشكل مفاجئ بعد .
وأضافت كنامة أنّ وسائل الإعلام الألمانية الرئيسة لعبت دورا سلبيا سواء
بصورة الطفل الغريق في شواطئ تركيا ، أو بعد أحداث التحرش الجنسي
في مدينة كولونيا [ كولنْ ] ، وقالت كنامة إنّ الفخ الذي نصبه أردوغان
بترويجه لصورة الطفل الغريق إيلان وقع فيه الألمان بسذاجة ،
وإنّ التفاعل معه كان آرتجاليا ومتسرعا تحت شعار " الإنسانية " ،
فكان أنْ دفعت الأحزاب المؤيدة للاجئين ثمنا باهظا في الانتخابات الإقليمية الأخيرة
على حساب حزب " البديل " المعارض . وأشارت إلى أنه ،
وعندما بدأ الجميع يستغل أسم " السوري " ، ويأتي إلى ألمانيا لتقديم اللجوء ،
خرجت الأمور عن المألوف ، وسادت فوضى عارمة في مخيمات اللجوء ،
وباتت الحكومة الألمانية عاجزة عن تنظيم إجراءات اللجوء ،
وسقطت في فخ البيروقراطية الصارمة ، لذا بدأت الأحزاب السياسية باستغلال
هذا الموضوع كورقة آنتخابية ، وبقي " الإنسان " اللاجئ مجرد رقم في اللعبة السياسية .
ختاماً ، تقول مسؤولة شؤون اللاجئين في مقاطعة " لاهن ديل كريس " ،
السيدة نتالي بيكندي إنّ تعلّم اللغة الألمانية والعثور على وظيفة غير كافيين
لدمج اللاجئين القادمين منْ مجتمعات لها خلفيات وعادات وتقاليد مختلفة تماماً
عن المجتمع الألماني ، تصل أحياناً إلى حد التناقض الحاد .
وتقترح بيكندي أنّ تباشر الحكومة الألمانية بإطلاق برامج إندماج شامل
يتضمن تعليم اللغة والتعريف بالقيم الألمانية والغربية وضرورة إحترامها .
لكنها غير متفائلة تماماً بشأن فعالية هذه البرامج مع شعوب مشبعة
بشكل عام بالقيم الطائفية والعشائرية والمناطقية ،
لذا ، فإن التحدي الحقيقي التي ستواجهه الحكومة الألمانية لنْ يكون مقتصراً
على مجال اللغة فقط ، بل سيشمل النواحي المجتمعية والثقافية كافة .
جدير بالذكر أن سياسة ألمانيا تجاه اللاجئين ليست وليدة اليوم .
فمنذ الحرب الأهلية في لبنان وحرب الخليج الأولى والثانية والاجتياح الإسرائيلي
للبنان وحروب الصومال وإريتريا وأثيوبيا والسودان ،
عرفت ألمانيا موجات من اللجوء ، وكانت تتفاعل مع اللاجئين بما يتناسب وسياستها .
بيد أنّ موضوع اللجوء السوري ، برأي المرشدة الاجتماعية ،
كان قراراً سياسياً بامتياز، وكان لجوءاً " مميزاً " لحرب " مميزة " ؛
إذ لمْ يجر التعامل مع اللاجئين بهذا الكرم ، من حيث توفير الإقامات
والمعاشات الشهرية ، في تاريخ سياسة اللجوء في ألمانيا .