إسحق السرياني :
نال شهرة عظيمة بسبب حبه الشديد للوحدة ، وممارسته إياها ،
كما وضع أربعة كتب عن الوحدة والسكون ، غاية في الروحانية ،
ترجمت منذ وقت مبكر إلى العربية والأثيوبية واليونانية ،
دخل مع أخيه ديرًا بطور سيناء ، ويرى البعض أنه التحق بدير
في " بيت آب Bethabe " بكوردستان .
ثم توحد في مغارة بينما صار أخوه رئيسًا للدير، ولما دعاه لزيارة الرهبان
أرسل إليه يعاتبه بشدة إذ كان يعشق حياة الوحدة والسكون ،
إذ آشتهر علمه وقداسته آختير أسقفًا لمدينة نينوى ( تبع النساطرة ) ، في ظروف لا نعرفها
( مع هذا فقد رأى الدارسون في الكنيسة الجامعة أنّ كتاباته لا تحمل فكرًا نسطوريًا ) .
في أول يوم للأسقفية جاءه [ دائن ومدين ] يحتكمان إليه ، فطلب المَدين من الدّائن
أنْ يمهله قليلاً حتى يجمع المال ، لكن الدائن أصر على تسليمه للحاكم .
تدخل الأب الأسقف ، قائلاً :
" إنّ الإنجيل المقدس يأمرنا بأن منْ يأخذ مالنا لا نطالبه به ، فلا أقل من أنْ تصبر عليه " ،
أجابه الدائن : " دع عنك كلام الإنجيل ".
+ قال مار إسحق : " إذا كانوا لا يستمعون لكلمات الإنجيل ، فماذا أتيت لأعمل ؟ ! " .
ولما رأى تدبير شؤون الأسقفية يفسد له عمل الوحدة ، هربَ إلى دير
" ربّـن شابور" Rabban Shapur ، وصار رائدًا للسكون والوحدة .
ويرى البعض أنه هرب إلى برية الأسقيط يقضي بقية أيامه في شيهيت متوحدًا
( القرن السادس / السابع للميلاد ) .
يرى البعض أنّ هناك خلطًا بين حياته ، وحياة إسحق الأنطاكي
في القرن الرابع ، من كلماته المسيح هو : ـ
+ الغاية : السابح يغوص غائرًا فيالبحر إلى أنْ يجد اللؤلؤ ،
والراهب الحكيم يسير في الدنيا عاريًا إلى أنْ يصادف فيها الدرة الحقة
التي هي يسوع المسيح ، وإذ ما وافاه فلن يقتني معه شيئًا من الموجودات .
+ الإيمان : بالحقيقة إن المعمودية والإيمان هما أساس كل خير،
فيهما دُعيت ليسوع المسيح لأعمال صالحة ، بالإيمان
يدرك العقل الأسرار الخفية ، كما يدرك البصرالمحسوسات .
+ التوبة : التوبة هي لباس الثياب الحسنة المضيئة .
+ الرهبنة الحقيقية : طوبى للذين يحفظون ويعملون ، لا تفتخر بالاسم
بل آجتهد في الأعمال ، لأن العمل ( لا مجرد الاسم كراهب )
هو الذي يبرر ولو كان بلا شكل أو اسم .
+ الجهاد : لا تحب التهاون ، لئلاتحزن نفسك في قيامة الصديقين .
+ الموت والحياة : كن ميتًا بالحياة ، لا حيًا بالموت .
+ التواضع : من وضع قلبه مات عن العالم ، ومن مات عن العالم مات عن الآلام .
+ من طلب الكرامة هربت منه ، ومن هرب من الكرامة لحقت به وأمسكت .
+جالس المجذومين ولا تجالس المتعظمين .
+ من يهرب من سبح العالم بمعرفة يكتنز في نفسه رجاء العالم العتيد .
+ الذي يفر من نياح الدنيا يدرك بعقله السعادة الأبدية .
+ الصلاة : ثمار الشجرة تكون فجة ومرّة ، ولا تصلح للأكل
حتى تقع فيها حلاوة من الشمس ، كذلك أعمال التوبة الأولى فجة ومرة جدًا ،
ولا تفيد الراهب حتى تقع فيها حلاوة الثاؤريا ( التأمل في الإلهيات بالصلاة ) ،
فتنقل القلب من الأرضيات ، حِبّْ الصلاة كل حين لكي يستنير قلبك بالله .
+ الذي يتهاون بالصلاة ويظن أن هناك ثمة باب آخر للتوبة مخدوع من الشياطين .
+ الذي يمزج قراءته بالتدابير ( العملية ) والصلاة يُعتق من الطياشة .
+ لحياة الداخلية : اصطلح معنفسك فتصطلح معك السماء والأرض .
+ من يصالح نفسه أفضل ممن يصالح شعوبًا .
+ الشكر: ليستخطية بلا غفران إلا التي بلا توبة ،
ولا عطية بلا زيادة إلا التي بلا شكر.
فم يشكر دائمًا إنما يقبل البركة من الله ، وقلب يلازم الحمد والشكر تحل فيه النعمة .
+ الرحمة : كن مطرودًا لا طاردًا ، وكن مظلومًا لا ظالمًا .
+ الذي فرش مراحمه بلا تمييز على الصالحين والأشرار بالشفقة ، فقد تشبه بالله .
+ أستر على الخاطئ من غير أن تنفر منهلكيما تحملك رحمة الله .
+ الاتكال على البشر: الاتكال على البشر يمنع بالكلية الاتكال على الله ،
والعزاء الظاهر يمنع العزاء الخفي ، وهكذا بقدر ما يكون الراهب
منفردًا وفي وحشة تخدمه العناية الإلهية .
+ العادات : رباطات النفس هي العادات التي يعتادها الإنسان ،
إن كانت بالجيد أو بالرديء .
+ كل عادة إذ سُلمت لها باختيارك ، تصبح لك في النهاية سيدًا ،
تسير خلفها مضطرًا بغير اختيارك .
+ النهم : جالس الضباع ولا تجالس الشره الذي لا يشبع .
+ من يشتهي الروحيات حتمًا يهمل الجسديات .
+ من يكرم الجسد ( بالنهم ) يكرم معه الشياطين الذين خدعوه منذ القديم .
+ محبة الاقتناء : التمس فهمًا لاذها ، وآقتن سلامًا لا مُلكًا .
+ المرتبط بالمقتنيات والملذات هو عبد للأوجاع الذميمة .
المصدر/ مطرانية بني سويف : بستان الرهبان .