المسيح هو كلمة الله المتجسّـد :
الفصل الأول : في المسيحيّة .
الفصل الثاني : في الإسلام .
في القسم الأول منْ هذا الكتيب تكلمنا عنْ المسيح من زاوية أنه الله الذي ظهر في الجسد ،
وفي هذا القسم نناقش ذات الموضوع وهو حقيقة المسيح منْ زاوية أخرى لزيادة الإيضاح .
ففي هذه المرة نوضح أنّ المسيح هو " كلمة الله المتجسد " ..
وسوف نشرح ذلك منْ وجهة نظر المسيحية أولا ، ثم نستعرض شهادة الإسلام بعد ذلك .
الفصل الأول : في المسيحيّة .
المسيح هو كلمة الله المتجسّـد :
في العقيدة المسيحيّة :
لست أدري يا عزيزي القارئ إنْ كنت قد قرأت كتابي ( الله واحد في ثالوث ) أم لا .
والواقع أنك إنْ كنت قد قرأته فإن هذا سيوفر علينا جهدا كبيرا في فهم الموضوع
الذي نحن بصدده الآن ..
ولكن إنْ كنت لم تقرأه ، أو إنْ كنت قد قرأته منذ مدة طويلة ونسيت ما فيه ،
فيسعدني أن أقتبس منه الجزء الذي سوف يساعدنا على فهم موضوع المسيح كلمة الله .
فنحن نؤمن أنّ المسيح هو :
كلمة الله إذ يقول الإنجيل " في البدء كان الكلمة … وكان الكلمة الله "
( يوحنا 1: 1 ) .
ويكمل الإنجيل موضحا أنّ كلمة الله هذا قد تجسّد في إنسان بقوله :
" والكلمة صار جسداً "
( يو 1 : 14 ) .
أي أنّ كلمة الله قد حلّ في جسد المسيح وتجلى فيه .
ويجدر ملاحظة أنّ لفظة ( كلمة ) التي ذكرت في الإنجيل هنا يشار إليها
على أنها مذكر فيقول :
( في البدء كان الكلمة ) وليس ( كانت الكلمة ) وأيضاً في قوله :
" والكلمة صار جسداً " وليس ( الكلمة صارت جسدا ) .
فلفظة " الكلمة " هنا إذاً تدل على أنها ليست مجرد كلمة عادية ،
لأن الكلمة العادية مؤنثة وليست مذكرا .. وحيث أن لفظة الكلمة بالإنجيل
هنا يشار إليها على أنها مذكر إذن فالمقصود بها هو أنها ( الله نفسه )
كما جاء في الإنجيل المقدس " وكان الكلمة الله "
( يو1:1 ) .
وسوف نرى في الصفحات التالية كيف يصادق الإسلام على ذلك
وأنّ هذا الكلام ليس كفرا أو إشراكا بالله .
دعنا الآن نرى شهادة الإسلام للمسيح على أنه كلمة الله المتجسد .
الفصل الثاني : في الإســلام .
المسيح هو كلمة الله المتجسّد : بشهادة الإسلام ..
أولاً شهادة القرآن :
هل يشهد الإسلام بأنّ المسيح هو كلمة الله ؟ وهل يشهد أنّ كلمة الله يتجسّد في جسم مادي ؟
لأول وهلة نظن أن هذا الأمر مستحيل ، ولكننا سنثبت إمكانية ذلك منّ الآيات القرآنية
ومنْ أقوال أئمة الإسلام .
أولا : شهادة القرآن :
1 - سورة النساء آية 171 :
" إنما المسيح عيسى أبن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه " .
2 - سورة آل عمران آية 39 :
( إنّ الله يبشرك بيحيى ( أي يوحنا المعمدان ) .. مصدقاً بكلمة من الله ) .
وقد فسر الإمام أبو السعود ذلك بقوله ( مصدقاً بكلمة من الله أي بعيسى عليه السلام .
إذ قيل إنه أول من آمن به وصدق بأنه كلمة الله وروح منه .
وقال السّـدى : لقيت أم يحيى أم عيسى فقالت يا مريم أشعرت بحبلى ،
فقالت مريم وأنا أيضاً حبلى .. قالت ( أم يحيى ) إني وجدت
ما في بطني يسجدُ لما في بطنكِ فذلك قوله تعالى : ( مصدقاً بكلمة منْ الله ) .
( تفسير الإمام أبى السعود محمد بن محمد العمادي ص 233 ) .
3 - سورة آل عمران آيه 45 : " إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله يبشرك
بكلمة منه آسمه المسيح عيسى أبن مريم " ولعلك تلاحظ إشارته إلى الكلمة "
بضمير مذكر في قوله بكلمة منه آسمه " ولم يقل " بكلمة منه إسمها " ،
تماما مثلما جاء في الإنجيل المقدس :
" في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله ، والكلمة صار جسداً "
( يو1 :1،14 ) .
منْ هذا يتضح لنا جليا أنّ المسيح هو كلمة الله .
ولكن هل يمكن أن كلام الله يتجلّي أو يتجسد في إنسان ؟
هذا ما سوف نبحثه في النقطة التالية .
ثانياً : شـهادة علماء الإسلام ..
سوف نذكر أقوال بعض علماء الإسلام والفرق الإسلامية الشهيرة التي تشهد لحقيقة
أنّ المسيح هو كلمة الله ، وأنّ كلمة الله تجسد في مادة ، وبالأخص في شخص المسيح :
1 - الشيخ محي الدين العربي قال :
" الكلمة هي الله متجلياً .. وهي عين الذات الإلهية لا غيرها .
( كتاب فصوص الحكم الجزء الثاني صفحة 35 ) .
وقال أيضاً " الكلمة هي اللاهوت " .
( المرجع السابق صفحة 143 ) .
منْ هذا يتضح أنّ " الكلمة " يقصد به الله أو اللاهوت .
2 - المعتزلة : ( وهى فرقة منْ فرق الإسلام )
يقولون في شرح حادثة ظهور الله لموسى الواردة
في سورة القصص وسورة طه وسورة النمل ،
( إنّ كلام الله حـلّ في الشجرة أو تجسّد فيها ) .
فمن هذا يتضح جلياً إمكانية تجسد كلام الله في شجرة ،
فليس إذن بعسير أنْ يتجسد في جسد إنسان .
3 - الحائطية : ( وهى فرقة أخرى منْ فرق الإسلام )
قال الإمام احمد بن الحائط إمام فرقة الحائطية عن المسيح ..
" إنّ المسيح تدرع بالجسد الجسماني ( أي لبس جسدا كدرع ) ،
وهو الكلمة القديمة ( الأزلية ) المتجسد كما قالت النصارى" .
( كتاب الملل والأهراء والنحل جزء 1 ص 77 ) .
مما تقدم يتضح لنا أنْ :
" كلمة الله " لفظ مذكر يقصد به الله نفسه .
وأنّ " كلمة الله " قد تجسد في أشياء مادية : كما حدث في شجرة موسى .. وفي إنسان :
كما حدث في شخص المسيح . وهذا لا يستلزم الكفر ولا الشرك بالله .
~ منقول للفائـــــدة ~