" انظروا إلى نهاية سيرتهم ؛ فتمثلوا بإيمانهم "
( عب7:13 )
الشهيد بابياس ورفقاؤه الشهداء *
من كورنثوس :
نُفيّ جماعة من الشبان من كورنثوس باليونان إلى منطقة طيبة بصعيد مصر بسبب إعلانهم
عن إيمانهم بالسيد المسيح ، وذلك في عهد الإمبراطور مرقس أوريليوس نوميريان ،
سنة 284 م . أما أسماء هؤلاء الشبان فهي :
بابياس Papias ، فيكتوريانوس ، فيكتور ( بقطر ) ، أنيسيفورس ،
كلوديانوس ، ديسقورس ، سيرابيون .
إذ التقى هؤلاء الشبان بالوالي سابينوس ، وقد ظهرت عليهم علامات الوقار والاتزان
مع الغِنى والشرف رقّ لحالهم ، وصار يحثهم بلطفٍ سائلًا إيَّاهم أن يترفَّقوا بشبابهم
وينكروا مسيحهم ويخضعوا لإله الإمبراطور حتى لا يتعرضوا للعذابات المريرة وإلى فقدان حياتهم .
أجابه الشباب بلطف وحزم مُعلنين إيمانهم بمسيحهم ، أما عن الآلام التي هدَّدهم بها فقالوا له :
" هذه هي طلبتنا التي لن نكف عن أن نسألها من ربنا خلال صلواتنا البسيطة ، وإننا نشعر
بسعادة عظيمة إن استجيب لنا " ، عندئذ عرَّضهم لبعض المتاعب البسيطة ليرى إن
كانوا ينهارون أمامها ، وإذ أظهروا كل ثبات عذبهم بعنف .
مع الشهيد فيكتوريانوس :
كما اعتاد الولاة الرومان ، سأل الوالي سابينوس فيكتوريانوس عن اسمه ، وكانت الإجابة
أنه مسيحي ، هدَّده الوالي بالعذابات القاسية التي يعدَّها له إن لم يذبح للآلهة ، فأجابه :
" إنني أخشى الآلام الفائقة الوصف التي تنتظرني إن ارتدِّيت عن إيماني ، أما عن العذابات
التى تعدّها لي فإني أتقبلها حتى أنجو من العذابات التي ما بعد الحياة ، هذه التي أُعدَّت
لكم وللشيطان أبيكم " .
ابتكر الوالي سابينوس طريقة للتعذيب ، إذ جاء بساق شجرة طويلة من البلوط وجوَّفها
وملأها فتحات ، ثم قال لفيكتوريانوس في سخرية :
" أدخل إلى مخدعك الجديد " .
أجابه القديس : " يالك من مسكين ! إنك تريد أن تسخر بي بهذه الوسيلة مع إنني أينما
وُجدت أكون أنا نفسي منزلًا يسكن فيه إلهي يسوع المسيح ، الذي بفضله أحتمل كل عذاباتكم " .
دخل فيكتوريانوس في ساق الشجرة بنفسه ، ثم أُعطيت الإشارة للجلادين
أن يُدخلوا أدوات حديدية مسننة من الفتحات حتى امتلأ جسد القديس من الجراحات ،
وكان الدم ينزف من كل جانب ، وكان الوالي في سخرية يقول لعسكره :
" قولوا لفيكتوريانوس الذكي أن يحمى إيمانه الذي يبشر به " .
أُخرِج الشهيد لكي يسحق الجند يديه ورجليه بالمطارق ، ثم قطعوا رأسه بالسيف ،
ونال إكليل الاستشهاد .
مع الشهيد سابينوس ورفقائه :
أمر الحاكم ببتر يديّ سابينوس ورجليه وإلقاء جسده في الاسطوانة الخشبية ، وكان الشهيد
يصرخ : " هذا كله يزيد من مجدي الأبدي " ، وإذ خرج كجثة هامدة ضربوه بالسيف ،
لتنطلق نفسه متهللة إلى الفردوس .
أما أنيسيفورس فإذ رأى رفيقيه اللذين استشهدا انطلق بنفسه نحو الاسطوانة طالبًا من الوالي
أن يُسرع بالحكم عليه ، فأمر الوالي بإخراجه من الاسطوانة ليُشوى بالنار ؛ لكن قبل مفارقة
نفسه لجسده قطَّعوا جسمه إلى أجزاءٍ صغيرة ، أما نفس القديس فكانت ممتصَّة في المجد الأبدي .
جاء دور كلوديانوس فقُطع جسمه إربًا وألقيَّ بها عند أقدام زملائه الباقين لعلَّهم يرتعبون .
أما سيرابيون فقُطعت رأسه ، وبابياس ألقيّ في النهر، وهكذا نال الكل إكليل الشهادة ،
حاملين بفرح سمات ربنا يسوع المصلوب !
_____
* المرجع Reference ( الذي استخدمه كتاب " قاموس آباء الكنيسة وقديسيها
مع بعض شخصيات كنسية " للقمص تادرس يعقوب ملطي ) .
موقع / S . Takla . org