لقاء بين عون وجعجع لفك العقدة المسيحية في التشكيلة الحكومية
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من قصر بعبدا: توصلنا لاتفاق على خارطة طريق .
الثلاثاء 0 ـ 07 ـ 2018
العرب :
بدت أوساط سياسية لبنانية حذرة في التعاطي مع اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية
ميشال عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع، خاصة في ظل تعنت صهر
الرئيس جبران باسيل الذي يضع فيتو على تمكين القوات
من حصة وزارية وازنة في الحكومة المقبلة .
بيروت - استقبل رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ، الإثنين ، في قصر
بعبدا رئيس حزب القوات سمير جعجع ، لبحث العقدة المسيحية في التشكيل الحكومي
وإنقاذ اتفاق معراب الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار.
ويعول اللبنانيون على هذا اللقاء لتسريع تشكيل الحكومة ، بيد أن أوساطا سياسية لبنانية
تبدي حذرا في إعطاء جرعة زائدة من التفاؤل حيال اللقاء في ظل
التأثير القوي لصهر الرئيس جبران باسيل على قرارات الأخير .
وقال رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع عقب اللقاء الذي لم يدم طويلا ، إنه أكد للرئيس
ميشال عون أن بإمكانه الاعتماد على القوات، مشيرًا إلى أنه تم الاتفاق على خارطة طريق ،
دون أن يقدم المزيد من التفاصيل بشأنه .
وردا على سؤال أحد الصحافيين بخصوص ما إذا كان جرى الاتفاق على حصص القوات والتيار
في اللقاء أوضح جعجع “ أن مسألة الأعداد والحصص لن يتم الحديث عنها في الإعلام متمنيًا
عدم الدخول في موضوع الأحجام والحصص ” .
وقال جعجع إن الرئيس عون أكد أن “ التيار ” في عين و” القوات ” في عين .
وأضاف : “ يجب أن يكون هناك سقف معين للتنازل لدى جميع الفرقاء ” .
وذكر رئيس حزب القوات “ نحن لم نضع فيتو على أحد كما أننا لم نقبل بوضع أي فيتو علينا ” .
وأكد أن التواصل مع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل سيعود
منوّها بالتمييز بين الرئيس عون وبين التيار الوطني الحر. كما اعتبر أن ما يربط
القوات بالوطني الحر ليس وثيقة أو اتفاقا إنما الترجمة والأفعال ، وعندما يسود المنطق
لا يستطيع أحد أن يرفض المطالب المنطقية ، وقال “ دعْمنا للعهد مطلق ” .
وأشار إلى أن البعض ينظر إلى دعم “ القوات ” للعهد وكأن علينا تأييد كل ما يقوم به
وزراء “ التيار ” ، وختم جعجع بقوله : “ الأجواء واعدة وسنبدأ بالخطوات التي اتفقنا عليها ” .
ويبرّر التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل رفض تمكين القوات من حصتها الوزارية
التي تطالب بها في الحكومة المقبلة بناء على ما أفرزته الانتخابات النيابية الأخيرة ،
بأنها نقضت تفاهم معراب من خلال وضع العصا في دواليب العهد منذ انطلاقته ،
عبر التصدي لمشاريع “ التيار” على طاولة مجلس الوزراء .
ويثير هذا استنكار القوات واستهجانها حيث أن الأخيرة ما فتئت تؤكد دعمها للعهد
وتشبثها باحترام الخطوط العريضة التي تم التوصل إليها في تفاهم معراب ،
فيما من حقها أن يكون لها موقف مختلف في ما يخص الملفات اليومية ، وتعتبر قيادة القوات
أن هذه الذريعة غير المنطقة للتيار الوطني الحر هدفها هو تحجيم حضورها في الحكومة المقبلة ومحاصرتها .
وتراوح أزمة التشكيل الحكومي في لبنان حتى الآن مكانها حيث يجد الفرقاء صعوبة
في الخروج بتوليفة توافقية في ظل الصراع على الحصص ونسب التمثيل ،
حيث يسعى كل طرف إلى التشبث بسقف عال من المطالب ومحاولة تحجيم
الطرف المقابل الأمر الذي ينذر باستمرار الأزمة .
الخلاف بين التيار الوطني الحر والقوات يتعدى كونه مجرد صراع على الحقائب إلى صراع أعمق يتعلق
بالتوازنات السياسية وتنحصر عقد تشكيل الحكومة في ثلاث قضايا وهي الحصة الدرزية
حيث يصر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على أحقيته بأن تكون
من نصيب حزبه بالكامل في ضوء ما حققه في الانتخابات النيابية من اكتساح للمقاعد الدرزية ،
في المقابل يصر البعض على تمكين النائب طلال أرسلان من حقيبة ، إلى جانب ذلك هناك
مسألة سعي حزب الله لتوزير عدد من حلفائه السنة ، الأمر الذي يقابل بفيتو من تيار المستقبل
الذي يرى أن ذلك يشكل استهدافا مباشرا له .
ويقول مراقبون إنه رغم ما يثار حول المسألتين فإنهما قابلتان للحلحلة في ظل حرص كل من حزب الله
والتقدمي الاشتراكي ورئيس الحكومة المكلف على معالجة الأزمة الحكومية في أسرع وقت ،
لكن العقدة الأساس تكمن في الحصة المسيحية، حيث يصر التيار الوطني الحر على تحجيم
حزب القوات اللبنانية عبر رفض منحه 4 حقائب وزارية بينها حقيبة سيادية ، كما يتمسك التيار
بحصول رئيس الجمهورية على حصة وزارية ، وهذا الأمر محل
رفض من القوات وتحفظ من قوى رئيسية أخرى .
وكان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قد سعى - قبيل إجازته العائلية التي انطلقت الإثنين
وتدوم أياما - إلى إحداث خرق في الخلاف بين القوات والتيار الوطني الحر عبر لقاء
مع رئيس الأخير جبران باسيل ، وذكرت تسريبات أن الحريري اصطدم بموقف متشدد من باسيل ،
حيث أصر على رأيه القاضي بتمكين القوات فقط من 3 حقائب وزارية ، مشددا على رفضه
حصول الأخيرة على أي حقيبة سيادية مخصصة للطائفة المسيحية ( الدفاع والخارجية ) .
ويقول مراقبون إن الخلاف بين التيار الوطني الحر والقوات يتعدى كونه مجرد صراع
على الحصص والحقائب إلى صراع أعمق يتعلق بالتوازنات السياسية داخل الطائفة المسيحية ،
ويشير المراقبون إلى أن باسيل على وجه الخصوص يتصرف من واقع أنه في حل من تفاهم معراب ،
الذي تم توقيعه في العام 2016 وكان البعض يراهن على فتحه صفحة جديدة في العلاقة بين الطرفين .
وثبت مع الأيام أن هذا التفاهم من وجهة نظر باسيل ما هو إلا تفاهم ظرفي الهدف الأساس منه
كان التوصل إلى تسوية رئاسية تضمن وصول مرشح التيار ورئيسه السابق ميشال عون إلى قصر بعبدا ،
ويقول المتابعون إن اللقاء الذي جمع بين عون وجعجع قد يفسح المجال أمام حل العقدة المسيحية
في التشكيلة الحكومية ، بيد أن ذلك يبقى مشكوكا فيه في ظل تعنت باسيل الذي يمارس حرب إلغاء
على القوات ويحاول محاصرة رئيسها سمير جعجع الذي يشكل منافسا
قويا له في ظل رغبته في أن يكون سيد بعبدا القادم .