منتدى يسوع المخلص
مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
منتدى يسوع المخلص
مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
منتدى يسوع المخلص
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى ثقافي ديني اجتماعي حواري واقسام للتسلية والترفيه.
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
لأي مشكل وللرسائل هنا
welcome maria

 

 مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية

اذهب الى الأسفل 
+3
KALIMOOO
RAANIAA GIRL
georgina
7 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
georgina
المميز(ة)
المميز(ة)
georgina


الجنس : انثى
الجدي
عدد المساهمات : 4920
التقييم : 2705
تاريخ التسجيل : 03/09/2011
البلد التي انتمي اليها : افتش

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 17, 2011 9:27 pm

الجهاد في المسيحية يختلف عنه في الأديان والفلسفات الأخرى فالجهاد في غير المسيحية هو حركة تصوفية تعتمد على المجهود البشرى فحسب للقيام ببعض الأعمال لتعذيب الجسد ظنا منهم أن هذه الأعمال تخلص الجسد من نجاساته وتطهره من أدناسه، وقد خفي عنهم أن الجسد الفاسد من الداخل لا تفيده مثل هذه الأعمال. فمثلهم كمثل من يأخذ خنزير ليغير طبعه عن طريق وضعه في مكان نظيف وتقديم فاخر الأطعمة له وتمرينه على النظافة … ولكن طبيعته الفاسدة المائلة لقذارة البرك لا زالت فيه من الداخل. فما قيمة كل هذه التدريبات والتمرينات؟ لا شئ بالمرة. فهو وإن كان قد منع من التمتع برائحة الطين وقذارة الرمم ... إلا أن قلبه يحلم بها ويعيش في جوها مشتهيا نتانتها … وإذا أتيحت له الفرصة اندفع بلا وعى ولا تفكير إلى مراغة الحمأة !!!.



قصة الوزير والخنزير:

كان الملك يتنزه مع وزيره فجاءا إلى بركة تتمرغ فيها الخنازير، فقال الوزير للملك هل يمكن أن تجعل هذا الخنزير لا يتمرغ في الطين؟ فقال الملك هذا الأمر في منتهى البساطة فالخنزير إذا تعود على النظافة لن يطيق طين البركة.

أمر الملك أن يحضروا الخنزير إلى القصر وأمر له بأفخر الطعام وأن يلبس ثيابا ملوكية. ودام الأمر لمدة عام. فأخذ الملك الوزير والخنزير وذهبوا إلى البركة ليريه كيف أن البيئة النظيفة قد أثرت في الخنزير وبالتالي لن يقبل النزول إلى البركة. وما أن اقتربوا من البركة حتى نط الخنزير في الطين متهللا وكأنه وجد حياته من جديد!!

فاغتاظ الملك وأمر الوزير أن يجعل هو هذا الخنزير لا يقبل النزول إلى طين البركة. وفعلا أخذ الوزير الخنزير وبعد شهر واحد طلب من الملك أن يذهب معه وأخذا الخنزير معهما وذهبا إلى بركة الطين، و تعجب الملك بشدة عندما لم يجد الخنزير يندفع إلى الطين فظن أن الوزير قد ربطه وكتفه حتى لا يستطيع النزول، فحاول عبثا أن يجعل الخنزير يقفز إلى طين البركة، ولكن الخنزير كان يتراجع بقوة بعيدا عن الطين.

سأل الملك الوزير عما فعله مع الخنزير، فشرح له كيف أنه استدعى طبيبا مشهورا وأجرى للخنزير عملية تغيير قلبه بقلب حمل وديع، والحمل لا يطيق الطين.

وشرح الوزير للملك كيف أن المسيح يخلق فينا قلبا نقيا فلا نطيق البقاء في طين الخطية.

فالجهاد في المسيحية ليس مجرد أعمال بشرية دون نعمة الله. فهو وإن كان عملا بشريا في ظاهره إلا أنه لا يعتمد على الإنسان في جوهره. وإنما يعتمد على من قال "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً"(يو5:15).

والجهاد المسيحي ليس بدءاً للحياة الروحية بل هو محافظة على الحياة الجديدة التي أخذها المؤمن من الله ... وعملية الحفظ هذه لا تعتمد بجملتها على الإنسان وإنما على قوة الله الحافظة إذ قال بطرس الرسول " أنتم الذين بقوة الله محروسون" (1بط5:1) وكتب عنه المرنم "هو حافظ نفوس أتقيائه"(مز10:97). وقال بولس الرسول "أمين هو الرب الذي سيثبتكم ويحفظكم من الشرير"(2تس3:3).

ولكن هل معنى هذا أن دور المؤمنين في الجهاد سلبي؟ كلا، بل إنه يشترك مع الله في هذا العمل، فقد كتب يوحنا الرسول قائلا "المولود من الله يحفظ نفسه"(1يو18:5).

وقال بولس الرسول "كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شئ"(1كو25:9).

فمفهوم الجهاد الحقيقي في المسيحية هو :-

جهاد الروح بالنعمة فيك ومعك ولأجلك إذ قال بولس الرسول "بالروح تميتون اعمال الجسد"(رو13:Cool. وقوله أيضا "لأن الله هو العامل فيكم"(فى13:2).

وقد كتب الدكتور موريس تاوضروس المدرس بالاكليريكية في مجلة الكرازة حول هذه النقطة فقال: "إن المسيحي في جهاده يعتقد بأنه لا يمكن أن يبلغ كماله الروحي والأخلاقي إلا بمعونة السماء وبعمل النعمة الإلهية فيه. هذه النعمة الإلهية كفيلة بأن تأخذ بيد الإنسان وتقوده في طريق تحقيق الكمال الروحي. وكذلك فإن المسيحي في جهاده لا يتعرض للمشاعر الكئيبة الحزينة بل يتمتع بالتهليل الروحي والفرح القلبي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
georgina
المميز(ة)
المميز(ة)
georgina


الجنس : انثى
الجدي
عدد المساهمات : 4920
التقييم : 2705
تاريخ التسجيل : 03/09/2011
البلد التي انتمي اليها : افتش

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 17, 2011 9:31 pm

ضرورة الجهاد الروحي



ظن البعض أنه لا ضرورة للجهاد مطلقا في حياة المؤمن، فحادوا عن جادة الصواب. فإن هذا الظن في منتهى الخطورة على حياتهم الإيمانية لأنه يتعارض مع روح الكتاب ويناقض الحقيقة التي لمسها رجال الله المختبرون.

وحتى لا تفقد إكليلك يا أخي أضع أمامك الأدلة التي توضح لك ضرورة الجهاد من واقع شهادة الكتاب المقدس. وشهادة آباء الكنيسة وشهادة مشاهير البروتستانت أيضاً.



أولا: شـهادة الكتـاب:


اهتم الكتاب المقدس بإبراز ضرورة الجهاد في مواضيع كثيرة نقتصر على الآتي:-
* فبولس الرسول يوصي تلميذه تيموثاوس قائلا "جاهد جهاد الإيمان الحسن وامسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت"(1تى12:6). وحتى لا يعترض أحد بأن الجهاد المقصود هنا هو الجهاد في الخدمة أقول أن هذه الوصية جاءت تالية لوصية خاصة بحياة تيموثاوس الروحية إذ يقول له في الآية السابقة مباشرة "أما أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا واتبع البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والوداعة"(1تى11:6).

فبولس الرسول يقول بلسان الوحي (جاهد) وصية صريحة تماما مثل وصية (توبوا) فليس فيها مجال للاختيار وإنما هي وصية لازمة للتنفيذ.

* ثم يعود بولس الرسول يؤكد لتيموثاوس ضرورة الجهاد فيقول عن نفسه "قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الإيمان أخيرا قد وضع لي إكليل البر"(2تى7:4).

ويتضح فعلا جهاد هذا الرسول من قوله "أقمع جسدي واستعبده حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضا."(1كو27:9).

* ولهذا فهو يوصي أهل كورنثوس بالجهاد قائلا "هكذا اركضوا لكي تنالوا. وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شئ" (1كو24:9،25).

* ويوصي العبرانيين أيضا بذلك قائلا "لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاصر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكملة يسوع" (عب1:12،2). وفي قوله "ولنحاضر بالصبر في الجهاد" نص صريح بضرورة الجهاد ...



* لذلك نراه يوبخهم على عدم الصبر في الجهاد حتى الموت قائلا: "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية"(عب4:12). وفي قوله "مجاهدين ضد الخطية" قد وضح اتجاه الجهاد أنه ضد الخطية فلم يدع مجالا للشك بضرورة الجهاد ضد الخطية.



* وبطرس الرسول أيضا يتكلم عن ضرورة الجهاد فيقول "لذلك بالأكثر اجتهدوا أيها الأخوة أن تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين لأنكم إذا فعلتم ذلك لا تزلوا أبدا."(2بط10:1). فهو ينبههم ويحثهم على ضرورة الاجتهاد للمحافظة على الدعوة والاختيار حتى لا يسقطون ويحرموا من الملكوت.



* ولعل بولس الرسول قد أدرك بروح النبوة ما سيصيب الجهاد من إهمال أو من سوء فهم وتطبيق، لهذا يحذر المؤمنين قائلا: "إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا." (2تى5:2).

فقوله هذا يرينا أنه يتكلم عن الجهاد كقضية مسلم بها لا تحتاج إلى جدال أو نقاش أو إثبات وإنما الذي يحتاج إلى توضيح في موضوع الجهاد هو نوع الجهاد نفسه فلا بد أن يكون جهادا قانونيا.


ثانيا: شـهادة آباء الكنيـسة
* يقول مار إسحاق السرياني:

"محبو الراحة لا يحل فيهم روح الله بل الشيطان. يا بنى لا تمسك الرياح في كفك أعنى الأمانة (أي الإيمان) بلا عمل وجهاد".



* الأب يوحنا: "علينا أن لا نقف كسالى حتى ولو ساعة واحدة، لأن في ساعات غفلتنا وتوانينا يأتي العدو خلسة وبغيرة حادة يرمى بذار الزوان. [وفيـما الناس نياما جاء عدوه وزرع زوانا في وسط الحنطة] (مت25:13).



* القديس أوغسطينوس: "المعمودية تغسل كل الخطايا عامة سواء بالفعل أو بالقول أ, بالفكر. أصلية كانت أو فعلية، بمعرفة أو بغير معرفة.

ولكن لا تنـزع الضعف البشرى الذي يظل يقاومه المتجدد في جهاده الحسن". (N. &P. Frs. 1st ser. V P. 404.)



* وقال أيضا: "لكي نهرب من إطاعة الخطية يجب أن نجاهد في صراع يومي دائم ضد الميول الدنسة غير اللائقة". [ Ibid. P 136. ]


* ومن أقوله أيضاً: "في جهادنا الحاضر، قد ارتدينا ثوب البر الذي أخذناه بالأيمان وارتديناه كدرع ... فرداؤنا في الحاضر هو بلا شك رداء حرب لا حلة سلام".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
georgina
المميز(ة)
المميز(ة)
georgina


الجنس : انثى
الجدي
عدد المساهمات : 4920
التقييم : 2705
تاريخ التسجيل : 03/09/2011
البلد التي انتمي اليها : افتش

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 17, 2011 9:34 pm

عنـاصر الجـهاد الروحي



عرفت يا أخي أن الجهاد في مفهومه السليم هو تضامن العنصر البشرى مع العنصر الإلهي لإتمام الخلاص. والآن نريد أن نوضح مدى نصيب كل من هذين العنصرين في عملية الجهاد:-


أولاً: العنـصر البشـرى



يشترك العنصر البشرى في عملية الجهاد المبارك بالنصيب الآتـي:


( أ ) الإرادة :

ففي الإرادة مجاهدة لرغبات النفس ضد مشتهياتها الرديئة. فعندما تقدم أنت هذا العنصر من جانبك، فالرب يقوم من جانبه بتـثبيت عزيمتك في طريق النعمة، ويميت الرغبات المضادة. من هذا نستطيع أن ندرك السر الكامن خلف سؤال السيد المسيح لكل مريض "أتريد أن تبرأ؟". ذلك لأنه يريد من المريض أن يشترك في عملية الإبراء ولو بالإرادة. فإذا قدم المريض من جانبـه هذه الرغبة أتم السيد له الشفاء.

لهذا يقول القديس مقاريوس: "في الروحيات يجب أن يعمل ويجاهد كل إنسان بإرادته وعزيمته … ولكن إذا لم تدركه نعمة الله من فوق … يـبقى بلا ثمرة في جهاده".

وقد قال قداسة البابا الأنبا شنوده الثالث: "أمر خلاصك يتوقف إذن على اتفاق إرادتك مع أرادة الله وقبولك للخلاص".

وقال أيضاً "فإرادتك تـتحد مع الروح القدس في خلاص نفسك".

وأيضاً "فالنعمة عبارة عن سلاح يمكنك به أن تحارب لو أردت" (لك يابنى ص90،71،72).

فما قيمة جهادك يا أخي إن كنت لا ترغب في قرارة نفسك أن تترك الخطية؟‍‍ يوجد أناس يصومون ويصلون ويتناولون من الأسرار المقدسة ويزرفون الدموع أمام الله ولكن قلوبهم لا تريد أن تفارق الخطية لأن محبتها قد ملكت عليها. أفيرتضي الرب أن يخلصهم وهم لا يرغبون في ذلك؟

أخشى يا أخي أن يكون هذا وضعك. فإن كنت كذلك وتشعر بمحبة الخطية المتملكة على قلبك تستطيع أن تطلب من الرب فيطفئ هذه المحبة الملتهبة إن أردت.



(ب) الإيمـان :

والإيمان الذي نقصده هنا ليس الإيمان الذي هو ثمرة من ثمار الروح الذي قال عنه الكتاب "أما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام … إيمان …" (غل22:5).

وليس الإيمان الذي هو موهبة من مواهب الروح التي كتب عنها الرسول "لكل واحد يعطي إظهار الروح للمنفعة. فإنه لواحد يعطي بالروح كلام حكمة ... ولآخر إيمان... " (‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍1كو12: 7،9).

ولكن الإيمان المقصود هنا هو الإيمان الخلاصي الذي يتطلبه الرب من الإنسان لينال الخلاص "من آمن واعتمد خلص" (مر16:16).

وقد أوضح الرب يسوع أن هذا الإيمان هو عمل إرادي عندما سأل والد الفتي الذي كان به روح نجس قائلاً "إن كنت تستطيع أن تؤمن، كل شئ مستطاع للمؤمن" (مر23:9). والكتاب يرينا أنه ليس علي الإنسان إلا أن يبدى إشارة الإيمان والرب يثبت هذا الإيمان، يتضح ذلك من كلمات والد هذا الفتي الذي كان به الروح النجس عنـدما قال رداً علي سـؤال المسيح السـابق " أؤمن يا سيد فأعن عدم إيماني" (مر24:9).

فهذا الرجل يبدي إيمانه ثم يطلب من الرب إتمام ذلك فيقول له: "أعن عدم إيماني". ولقد أدهشني تعبير هذا الرجل فهو لا يقول أعن (ضعف إيماني) بل (عدم إيماني) وكان هذا الطلب كافياً لأن يتم الرب إيمان الرجل ويجري المعجزة.

أخي إن إتمام خلاصك يحتاج إلى إشارة الإيمان من جانبك والرب سيثبت هذا الإيمان ويكمله ليتمم خلاصك.

وفي الإيمان يا أخي مجاهدة النفس ضد شكوكها وارتيابها وزعزعة ثقتها ... وعندما يرى الرب ثباتك رغم هذه التيارات التي تقلقك يتقدم هو ليبارك عليك وينتهر رياح الشكوك وتيارات الارتياب. وفي هذا الصدد قال القديس يوحنا (من كرونستادت):-

"الإيمان هو فم الروح كلما انفتح بسخاء كلما انسكبت فيه الينابيع الإلهية. آه ... !! ليت هذا الفم على الدوام مفتوحاً فلا تحبسه شفتا الشك وعدم الإيمان فـتنحبـس عنا كثرة أنعام الله." وقال أيضا: "في شدة إيمـانك الصادق به يصير اتحادك معه. وحينئذ ما تطلبه يكون لك حسب مشيئته سواء كان من أجل خلاصك أنت أو من أجل قريبك..."

فهل تستطيع يا أخي أن تؤمن أن الله قادر أن يعمل فيك لإتمام خلاصك "من ثم يقدر أن يخلص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حي في كل حين يشفع فيهم" (عب7: 25).

هل تستطيع أن تؤمن أن الرب معك في جهادك طول الطريق ضد أعداء النعمة "يدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا." (مت23:1).

إن كان لك هذا الإيمان فسوف تغلب العالم "هذه هي الغلبة التي تغلب العالم إيمـاننا." (1يو4:5).

وإن كان لك هذا الرسوخ في الإيمان تغلب الشيطان "قاوموه راسـخين فـي الإيمان" (1بط8:5).

وإن كان إيمانك ضعيفا لدرجة الانعدام اصرخ قائلا: "يا سيد أعن عدم إيماني." (مر24:9).

وليس مقياس إيمانك الحس والشعور كما قلت سابقا، ولكن هو تصـديق مواعيد الله. فقد وعد الله أنه يقدر أن يخلصـك إلى التمام (عي7: 25) فهل تصدق ذلك وتثق فيه من كل قلبك ... إذن سلم ذاتك له في اتكال تام عليه.


( ج ) الهـروب :

يقول القديس أوغسطينوس : "الهروب من إطاعة الشهوات هو جهاد دائم وصراع يومي ضد الرغبات الغير لائقة."

(N.P. Frs 1st Ser. Vol. V P. 13G)


ففي الهروب مجاهدة للنفس ضد ميولها وانحرافاتها نحو مجال الخطية والإثم. فان قمت بهذا العمل من جانبك فإن الرب من جانبه يميت ميولك الداخلية المنحرفة.

ولهذا حرص القديس باسيليوس أن يقول في القداس الإلهي: "أنعم لنا يا سيدنا بعقل وقوة وفهم لنهرب إلى التمام في كل أمر رديء للمضاد." ثم يطلب قائلا : والمجرب أبطله واطرده عنا. وانتهر أيضا حركاته المغروسة فيـنا. واقطع عنا الأسباب التي تسوقنا إلى الخطية."(القداس الإلهي).

وفي صلاة الأجبية نقول: " أمت حواسنا الجسمانية أيها المسيح إلهنا ونجنا." فلا بد لك يا أخي أن تهرب من مجالات الخطية لتتم خلاصك... ولكن لا يكون هروبك من هذه المجالات سلبياً فحسب ... بل بعد أن تفرغ القلب من أشواق الخطية لا بد وأن يملأه بالأشواق المقدسة ... بعد أن يفرغ من إبليس لا بد وأن يملأه يسوع ... وإلا عاد هذا الشيطان بعد تجوال في برية لا يجد فيها راحة فيجد قلبك مكنوساً مزيناً فيرجع ومعه سبعة شياطين أشر منه !! (مت12: 45).

لهذا حرص معلمنا بولس الرسول أن يوضح ذلك لتلميذه تيموثاوس بقوله: " أما الشهوات الشبابية فاهرب منها." ولا يكتفي بهذا الوضع بل يحثه على استكمال هذا الأمر بقوله: "واتبع البر والإيمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي." (2تى22:2).

فما هو قيمة الهروب من مجال اللذة الباطلة في الخطية إن لم يتلذذ القلب باللذة الحقة في الرب؟! فإن عملية الهروب لا تكون إلا مجرد حرمان وعذاب ونسك تصوفي ممقوت إن لم تجد النفس لذتها وسعادتها في شخص الرب يسوع المبارك.!!

( د ) التـغصب:

يجب ألا يغيب عن بالك يا أخي حقيقة هامة وهي أن "الجسد يشتهى ضد الروح" (غل5 :17) لهذا لا بد من عدم الاستـسلام لرغبات الجسد ليس في شهوته فحسب بل في طلبه للراحة أيضاً … فبينما الروح نشيط نجد أن الجسد ضعيف (مت26: 41) لهذا فأحيانا تشتاق النفس لمحادثة حبيب الروح وإذ بالجسد في تكاسله يشدك إلى الفراش … أو بسبب مرض يقعدك عن الاتصال … فهل تستسلم إذن لسلطان الجسد؟! هنا الخطورة البالغة على الحياة الروحية بأكملها … من هنا لزم للمؤمن أن يغصب جسده لإتمام مقاصد الروح.

وفي هذا قـال القديسـون:-

* "يقول الناس إذا كنت لا تشعر بميل إلى الصلاة فالأحسن لا تصلى. هذا احتيال وسفسطة جسدانية. لأنك إذا كنت تصلى فقط حينما يكون لك ميل للصلاة، فأنت لن تصلى قط. لأن ميل الجسد الطبيعي هو ضد الصلاة. ومعروف أن "الجسد يشتهي ضد الروح"، "وملكوت الله كل واحد يغتصب نفسه إليه" (لو16:16). فأنت لن تستطيع أن تعمل لخلاص نفسك إذا لم تغتصب ذاتك". (الأب يوحنا من كرونستادت).

* "لا تتبع راحة الجسد ولكن صلي. وصلي بجد واهتمام حتى ولو كنت طول النهار تكد وتتعب. لا تكن مهملاً في الصلاة المقدسة ... (لا أصعد على سرير فراش ولا أعطى لعيني نوما أو لأجفاني نعاساً ولا راحة لصدغي إلى أن أجد موضعاً للرب). (مز131).

(القديس مار اسحق السرياني)

* "حينما نصلي يجب أن نغصب ذواتنا كل لحظة لننطق كل كلمة بصحو وشدة من شعور القلب. وعندما نهمل الصلاة تصبح بلا شك ضرباً من الرياء والغش وتخلو من روح العبادة والتقوى". (الأب يوحنا من كرونستادت)

* "إن من يتلو صلواته بتسرع وهو مغلوب من كسله ونعاس جسده، دون أن يتفهم معاني الكلمات في قلبه، ويتحسس روحها بمشاعره ووجدانه، لا يخدم الله البته بل يرضى نفسه ويسكت ضميره. هذه ليست صلاة لكنها ضرب من الكذب ومخاتلة الله. "الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا".(يو24:4). فمهما كان جسدك ضعيفا متكاسلا. ومهما كانت تيارات النعاس شديدة وقد سرت في جسدك كله وأخذت ترضى أعضاءه عضوا بعد الآخر. هنا وقت الشهادة، قم انفض غبار الكسل وانزع نوم الغفلة، وجاهد نفسك حتى تغلبها ولا تشفق عليها. ومن أجل حبك لله ارفض ذاتك واجحدها وتقدم للصلاة بقلب شجاع ونفس حارة.

(الأب يوحنا من كرونستادت).

* مهما كان الجسد متعبا من عمل النهار فالصلاة لا تزيده تعبا بل على العكس فإن الصلاة سوف تنعش روحك وجسدك أيضا. (أحد آباء البرية)

* ثم إن التغصب يا أخي ضروري للمؤمن المبتدئ الذي تمتع بنعمة التغيير والتجديد ... فهو محتاج لأن يغصب نفسه على الصلاة حتى تصبح جزءا لا يتجزأ من كيانـه.

* في بدء حياة العبادة تكون الصلاة أمرا ثقيلا على الجسد والعقل. وإن تركا لذاتـيهما لما تقدمنا للصلاة قط. لذلك وجب أن نغصب ذواتنا حتى تصير الصلاة جزءا هاما من حياتنا لا نستطيع أن نهمله أو نستـغني عنه. (أحد شيوخ البرية).

* كل ما تغصب نفسك عليه في البدايـة سوف يكون سـهلا هيـنا في النهاية. (أحد الآباء).

* والجهاد في الصلاة عموما عمل مقدس يستمطر فيض النعمة الإلهية ذات البركات الغنية. فبولس الرسول يضع لنا هذا المبدأ بقوله " أطلب إليكم أيها الاخوة ... أن تجاهدوا معي في الصلوات..."(رو3:15).

ويحكى لنا الكتاب قصة صراع في الصلاة كان بطلها يعقوب إسرائيل "بقـى يعقوب وحده، وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر، لما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه، فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه، وقال اطلقني لأنه قد طلع الفجر. فقال لا أطلقك إن لم تباركني… فقال لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل إسرائيل. لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت. وباركه هناك"(تك24:32ـ29).

ويعلق هوشع النبي على قصة صراع يعقوب هذه بقوله: "بقوته جاهد مع الله … بكى واسترحمه"(هو3:12).

فالصراع يا أخي في الصلاة معناه دموع منسكبة، أنات وتنهدات، زفرات وصرخات، طلبات وتضرعات. هذا ما صوره معلمنا بولس الرسول عن صراع رب المجد نفسه يسوع في بستان جسثيماني قائلا: "الذي في أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تـقواه"(عب7:5).


ألا تريد أن تـتمثل بسيدك فتجاهد في صراع مع الله ألا تريد أن تتشبه برجال الله القديسين لكي يـتمم الرب خلاصك "تمموا خلاصكم بخوف ورعدة" (فى12:2).؟

ولكن اعلم يا أخي أن الصلاة في حد ذاتها كلا شئ إنما هي مجرد قنطرة العبور إلى شاطئ الروح حيث تلتقي النفس بمن تحبه وهناك تعانقه في شوق وهيام !!!

بانسياب تيار الحرارة الروحية الحلو الدافئ في القلب. وفي شغف الفرح بل إن التغصب يا أخي هو من ألزم الأمور في معالجة الفتور الذي يعتري المؤمن أحيانا وقد قيل في هذا الصدد:-

* [ أحيانا تفتقد النفس حركة روحانية حادة تتذوق فيها الله بحرارة وتشتعل بحب الأشياء الإلهية. ثم تعود تفقدها فتجدها قد بردت وجفت منك لأن التشويش الحادث من خلطة الناس قد أصابك في موضع ما. أو لأنك تكون قد فضلت بعض الأعمال الجسدية وقدمتها على خدمتك الروحية. إلا أنه على أي حال فالدموع وقرع الرأس على الأرض أثناء الصلاة وانسحاق النفس تسرع مرة أخرى بانسياب تيار الحرارة الروحية الحلو الدافئ في القلب، وفي شغف الفرح الروحي الممدوح يطير القلب وراء الله هاتـفا: "عطشت نفسي إلى الله الحي القوى . متي أجئ وانظر إلى وجه الله"(مز 42).

كل من تذوق حلاوة هذه الخمر ثم فقدها وحرم منها يعرف جيدا أي عذاب وصلت إليه خسارته التي خسرها بسبب انحلاله.] (القديس مار اسحق السرياني)

إن كان التغصب ضروريا لمناهضة رغبات الجسد، ومهماً بالنسبة للمؤمن المبتدئ في صلاته فهو ضروري أيضا لممارسة الفضائل المسيحية التي هي ثمار الروح.

فإذ يحل الروح القدس في المؤمن يغرس فيه بذار الفضائل الروحية التي ذكرها بولس الرسول "أما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف."(غل22:5).

وهذه البذار التي غرست تحتاج إلى سقى دائم من سحائب النعمة الهاطلة مع دموع الصلاة المنسكبة ... وإلى جانب ذلك تحتاج إلى تنقية التربة القلبية باقتلاع ما فيها من شوائب تحول دون نمو هذه البذار ... لهذا وجب غصب النفس على أن تتيح الفرصة للبذار أن تثمر ... وهذا ما سماه الرسول (ضبط النفس) فقال: "كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شئ."(1كو25:9).

ومتى نمت هذه البذار وأثمرت لا يحتاج المؤمن فيما بعد إلى تغصب أو إرغام كما وضح رجال الله المختبرون في أقوالهم:-

* [ الإنسان الذي يرغب أن يأتي إلى الرب… كل ما يغصب نفسه لأجله ويعمله وهو متألم بقلب نافر غير راضى سوف يأتي عليه يوم يعمله برضى وقبول.] (القديس مقاريوس الكبير).

* [حينما يرى الرب نية الإنسان واجتهاده، وكيف يغصب ذاته لذكره وعبادته، وكيف يرغم قلبه سواء رضى أو لا يرضى إلى عمل الخير والتواضع والوداعة والصدق، وكيف هو يـبذل كل ما في وسعه يتحنن الرب عليه ويظهر له رحمته، ويخلصه من أعدائه، ومن سلطان الخطية، ويملأه من الروح القدس وحينئذ يتمم وصايا الرب دون تغصب وإجتهاد. لأن الرب الساكن فيه هو يكون العامل فيه. وبذلك يثمر ثمار الروح بطهارة.] (القديس مقاريوس الكبير).

* [حينما يغصب الإنسان نفسه هكذا إلى كل الفضائل، ويلح في طلب وسؤال كل ما هو صالح لخلاص نفسه، ويثبت سؤاله بأعماله وجهاداته فإن الرب يعطيه روحه ليعمل به. ويكمل كل صلاح. وبدون عناء وتغصب يعمل الفضائل التي كان يتممها قبلا بكل جهد وتغصب. وتحل عليه الحكمة الروحانية ومعرفة الحق وتصير كطبيعة له لأن الله يكون ساكنا فيه.] (القديس مقاريوس الكبير).

وبالجملة يا أخي فإن التغصب أمر لازم في جميع الاتجاهات الروحية حتى لا نرضى الجسد في رغباته ضد الروح.

* [ إن أمر غصب النفس على العمل هو أمر هام جدا في الأمور الدنيوية والروحية أيضا : للصلاة، لقراءة الإنجيل والكتب الروحية النافعة، حضور الخدمات الإلهية في الكنيسة، للتعليم، للوعظ، لخدمة الكلمة. لا تطع الجسد الكسول الغاش لأنه مملوء خطية "فإني أعلم أنه ليس ساكن في أي في جسدي شئ صالح."(رو18:7). والجسد يشتهى أن يرتاح على الدوام غير مكترث بالهلاك الأبدي الذي يكون عوض راحته القليلة الزائلة. "ملكوت الله يغصب والغاصبون يختطفونه."(مت12:11)]. (القديس مار إسحق السرياني).


(هـ) الصـوم :

فالصوم يا أخي هو جهاد ضد الذات لإماتـتها ، ليس ضد شهوة البطن فحسب بل ضد كل رغبات الجسد الذي هو مسكن الذات وستارها. وفي حرمان الجسد من شهواته انطلاق للروح ليتمم مشتهياته "لأن الروح يشتهى ضد الجسد والجسد ضد الروح."(غل13:5).

فعدم سماحك للجسد أن يكمل شهوته هو إعلان رضاك للسلوك بالروح "أقول اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد"(غل16:5).

* كل جهاد ضد الخطية وشهواتها يجب أن يـبتدئ بالصوم خصوصا إذا كان الجهاد بسبب خطية داخلية. (القديس مار أسحق السرياني).

* إذا ابتدأت بالصوم في جهادك الروحي فقد أظهرت بغضتك للخطية وصرت قريبا من النصرة. (القديس مار اسحق السرياني).

ومن اجل هذا قال داود النبي " أذللت بصوم نفسي."(مز13:35).

وقال أيضا " أبكيت بصوم نفسي."(مز10:69). ولا يفهم من هذا أن الصوم هو مجرد إذلال للنفس وتعذيب للجسد وإنما هو :-

حرمان من الطعام الأرضي للتمتع بمن السـماء غذاء الروح.

حرمـان من خـبز الأرض للشـبع بـخبز الحيـاة يسـوع.

تفـريغ للنفـس مما يمـلأ البطن استـعدادا للملء بالـروح.

إشارة خضـوع الجسد لقيادة الـروح فـي انسحاق وخشـوع.

ضبـط لكل غرائز الجسـد لوضعها تحت سـيطرة الـروح.

إذلال للجســـد حتـى يـنـتـعـــش الــــروح.

إذلال لذلك الوحش الرابض في القفص الصدري بتفريغ معلفه الكائن بالتجويف المعوي. وإخضاعه لسلطان الروح. ثم أنه بالصوم أيضا إعلان لضعفك البشرى ومسكنـتك أمام الرب حتى يتحنن ويشفق عليك فيمد يد المعونة لنجدتك. هذا ما يوضحه يوئيل النبي قائلا "الآن يقول الرب أرجعوا إليَّ بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح. مزقوا قلوبكم لا ثيابكم. قدسوا صوماً نادوا باعتكاف … فيغار الرب لأرضه ويرق لشعبه ويجيب الرب ويقول لشعبه: لا أجعلكم عاراً بين الأمم والشمالي أبعده عنكم واطرده إلـى أرض ناشفة ومقفرة"(يؤ12:2ـ20).

فـتأمل يا أخي في قوله: "يرق لشعبه … والشمالي أبعده" ما أرق قلب الله إذ ينظر إلى شعبه الصائم النائح فـيرق له ويـبعد عنه الشمالي (أي العدو الآتي من الشمال)



هكذا الأمر معك يا أخي فصومك في حد ذاته بلا قيمة وإنما هو وسيلة لتسترق بها قلب الله فيمد يده ويبعد الشمالي (أي إبـليس) بعيـداً عنك.

فليتك تكون قد فهمت الآن معني الصوم فهو العنصر البشري في الجهاد إذ تقدمه في انسـحاق وتذلل فيكمل الرب عمله إذ يـبعد عنك الشمالـي.

وعلاوة على ذلك فإن الصوم هو عملية تمهيد وتهيئة القلب لقبول نعم مباركة من لدن الرب فقد قيل :-

* موسى صام أربعين يوماً ثم صعد على الجبل وتكلم مع الرب كما يتكلم الرجل مع صاحبه. وأخذ من الرب لوحي الوصايا المكتوبة بـإصبع الله، ودانيال صار في الرؤيا بعد ما صام واحداً وعشرين يوماً، والفتية الثلاثة لم تؤذهم نار الأتون المحمى بسبب صومهم وصلاتهم. (القديس باسيليوس الكبير).

فلا يكون صومك مجرد فريضة تؤديها في مناسباتها ولا واجب ثقيل تـتململ وتضايق منه ولا عادة تـتبعها دون الاستفادة منها … بل ليتك يا مبارك عندما تصوم تضع في قلبك كل هذه المعانـي الروحية للصوم … ثم في نهاية اليوم تحاسب نفسك عن البركات التـي نلتها في أثناء فترة صومك.



( و ) السـهر:

"اصحوا واسـهروا لأن إبليـس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسا من يـبتلعه هو."(بط8:5). فالسـهر يا أخي هو أحد جوانب العنصر البشرى في الجهاد الروحي . وليس معنى السهر هو عدم النوم في الليل فقد يكون المؤمن نائما بينما قلبه مستيقظ . " أنا نائمة وقلـبي مستيقظ."(نش2:5).

وإنما مفهوم السهر هو اليقظة الروحية الدائمة كما يتضح مما يلـي:- "لسنا فـي حاجة إلى شئ قدر حاجتنا إلى القلب اليقظ المجاهد."(الأنبا ألمتنيح بيمن).

والسهـر يا أخي يشـتمل علـى :-


* الانـتباه والصحو:

فبولس الرسول يقول : "لا ننم إذن كالباقـين بل نسهر ونصح"(1تس6:5). فالسهر دائما يرتبط بالصحو كما يوضح أيضا معلمنا بطرس الرسول بقوله: "اصحوا واسهروا…"(1بط8:5).

ولهذا كتب الآباء فـي صلاة نصف الليل : "نـبـه عقولنا وأيقظ قلوبنا من نوم الغفلة."(تحليل الكهنة). والمقصود من الانتباه والصحو هو الحذر والاحـتراس من حيل إبليس وخداعه ولذلك يقول بطرس الرسول: "اصحوا واسهروا لان إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسا من يـبتلعه هو."(بط8:5).

فإذ نحن فـي ميدان حرب دائمة مع قوات الشر الروحية لهذا يجب أن نكون متيقظين ومنتبهين على الدوام لئلا يغافلنا العدو ويقتحم حصوننا فيهلكنا.

فكن حذراً يا أخي واحـترس من حيل إبليـس وتجاربه لهذا يحذرنا رب المجد قائلاً: "اسهروا وصلوا لـئلا تدخلوا فـي تجربة."(مر38:14).

* التـحـفـظ:

يقول يوحنا الرائي "طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشى عريانا فيروا عورته."(رؤ15:16).

فكما أن الحارس الساهر يقوم بحفظ ما يحرسه من التبديد، هكذا المؤمن الساهر يحفظ ثوب النعمة الذي اكـتسى به وستر خزي عورته حتى لا يغافله إبلـيس ويجرده من ثيابه فيمشى عريـاناً.

وكما أن الحارس الساهر لا يخشى فقط من اللصوص النهابين، بل وأيضا يتحفظ من حقد الأعداء المخربين إذ قد يغافـله أحدهم ويلقى بجمرة نار على ما يحرسـه فيحترق، أو يلقى بـبعض المواد الضارة فيـفسده.

هكذا المؤمن الساهر يتحفظ من أعدائه الروحيـين، الذين يريدون إفساد قلبه بأفكار الشـر والدنس أو حرقه بنـار الغـيرة غـير المقدسة والغضب الذي لا يصنع مرضاة الله ... الخ.

لهذا كتب سليمان الحكيم قائلا "فوق كل تحفظ احفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة"(أم23:4).

ويحذرنا هذا القديس المختبر فـي ساعات غفلتنا وتوانينا لئلا يأتـي العدو خلسة وبغـيرة حادة يرمى بذار الزوان. "وفيما الناس نيام جاء عدوه وزرع زوانا فـي وسط الحنطة." (مت25:13). (الأب يوحنا من كرونستادت).


*التسـلح:

الجندي الساهر لا بد وأن يكون متسلحاً إذ ما قيمة سهره إن كان أعزلاً من كل سلاح ؟!

هكذا المؤمن الساهر لا بد وأن يكون متسلحاً بالأسلحة الروحية ليكون مستعدا للدفاع عن نفسه متى هجم عليه الأعداء.

ولهذا كتب بولس الرسول قائلا "لنسهر ونصح لابسين درع الإيمان والمحبة وخوذة هـي رجاء الخلاص." (1تس6:5ـCool.

ونراه في أكثر تـفصيل يستعرض الأسلحة الروحية التي يجب أن يتسلح بها كل مؤمن ساهر مجاهد ضد قوى إبلـيس المعاند فيقول: "البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكائد إبليـس … فإن مصارعتـنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة هذا العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات. من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا فـي اليوم الشرير وبعد أن تتمموا كل شئ أن تـثبتوا. فاثـبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق. ولابسين درع البر. وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله."(أف10:6ـ16).



فالسلاح يا أخي هو سلاح الله قد أعده لك ووهبك إياه، فقط عليك أن تـتسلح به فهل أنت لابس منطقة الحق أى الأمانة والإخلاص؟ وهل أنت متدرع بـبر المسيح أم بـبرك الذاتي؟ وهل تسعى في صنع السلام حقا أم أنك متكاسل متـغافل؟ وهل أنت حامل ترس الإيمان والثـقة في مواعيد الرب أم أنت مزعزع الإيمان فاقد الثقة مرتاب متشكك؟ وهل كللت رأسك بخوذة الخلاص والغلبة أم تنكسها فـي مذلة الهزيمة والانكسار؟ وهل أنت شاهر سيف الروح الذي هو كلمة الله؟ أم أنك متوان في التسلح بالكلمة متكاسل في دراستها واستخدامها في حروبك الروحية؟.

* الاتـصـال :

من لوازم السـهر فـي الجهاد والحرب ضرورة الاتصال. فالجنود فـي موقع المعركة لا بد وأن يزوُدوا بالأجهزة اللاسلكية ليكونوا على اتصال دائم بالقيادة إما لأخذ التعليمات أو طلب النجدة والمدد إذا لزم الأمر.

هكذا المؤمن الساهر المجاهد لا بد وأن يكون على اتصال دائم بالقائد الأعلى السماوي ليأخذ منه التعليمات والتوجهات، وليطلب منه المعونة والنجدة فـي حينها.

لهذا نرى أن بولس الرسل بعدما وضح أنواع الأسلحة الروحية مؤكدا ضرورة التسلح بها نجده يلحق ذلك بهذا الـتـنـبـيه الجوهري "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت فـي الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة."(أف18:6).

وقال أيضا رب المجد يسوع "اسهروا إذا وتضرعوا فـي كل حين لكي تحسبوا أهلاً للنجاة من جميع هذا المزمع أن يكون."(لو36:21).

فكيف تهمل هذا العنصر؟ عليك أن تـتصل بقائد حياتك الظـافر ليوجهك إلى طريق الغلبة؟! لا تستسلم لكسل الجسد ونوم الغفلـة لئلا تسقط!


* التـشدد والتـقوية :

من المعلوم أن الشخص النائم يكون في حالة استرخاء كامل فإذا ما باغته العدو في هذه الحالة قضى عليه بسهولة إذ لا قوة له للمقاومة، فـي حين أن المتيقظ الساهر يكون متشدداً فينازل العدو بكل قوته.

هكذا الحال مع المؤمن فعندما يكون غافلاً ونائما يكون ضعيفاً واهن القوى فمتى باغته أعداؤه الروحيون وهو في حالته هذه تمكنوا من القضاء عليه!.

ولكن إذا ما كان ساهراً متيقظاً ففي لحظات يستجمع قواه ويتشدد ويستطيع أن ينازل العدو ويقهره بقوة المسيح. من أجل هذا نرى الروح ينبه ملاك كنيسة ساردس المتغافل قائلا "كن ساهرا وشدد ما بقى الذي هو عتيد أن يموت"(رؤ2:3).

فليتك يا أخي تتشدد وتتقوى ساهراً على حياتك الروحية حتى لا يغافلك العدو ويهلكك وأنت نائم لهذا اسمع قول بولس الرسول: "اسهروا … تقووا"(1كو13:16).


* الترقـب والاسـتعداد :

فالعروس لا تنام طالما عريسها بعيداً إذ أن قلبها يظل منشغلا بيوم مجيئه ترقبه بكل لهفة بل ترسل إليه رسائل تتعجله المجيء … وإذا كان مجيء عريسها هو لكي يأخذها حتى تقيم معه في موطنه نراها قد جهزت كل شئ لتكون على استعداد للرحيل معه في أية لحظة.

هكذا المؤمن الذي هو عروس المسيح كما يوضح معلمنا بولس الرسول بقوله "خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح."(2كو2:11). نراه ساهرا متيقظا يترقب مجيء العريس الذي وعد قائلاً " أنا أمضى لأعد لكم مكانا. وإن مضيت وأعددت لكم مكانا آتي وآخذكم إلى حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً." (يو2:14ـ3).

وقد أوصى قائلاً "اسهروا لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم … لذلك كونوا أنتم أيضا مستعدين لأنه فـي ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان."(مت42:24).

فهل يا أخي أنت ساهر ومترقب ذلك اليوم؟ وهل أنت مستعد للرحيل؟ أخشى أن تكون كإحدى العذارى الجاهلات اللائى نمنَ ولم يكنَّ مستعدات للقاء العريس …! فعندما جاء العريس دخلت المستعدات معه وأغلق الباب أما الجاهلات غير المستعدات فقد حرمن من الدخول … ولهذا ينبهنا المسيح قائلاً "اسهروا إذن لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان." (مت13:25).

وأيضا ينبهنا فيقول "لتكن أحقاءكم ممنطقة وسرجكم موقدة وأنتم مثل أناس ينتظرون سيدهم متى يرجع من العرس حتى إذا جاء وقرع يفتحون له للوقت. طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين." (لو35:12ـ37).


( ز ) الصـبر والمثـابرة:

يقول رب المجد "من يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص." (مت22:10). ففي الصبر جهاد ضد القلق، وفيه مثابرة ضد الملل. والصبر والمثابرة يدخلان ضمن العنصر البشرى الذي تقدمه في جهادك وإذ يرى الرب فيك هذه المشاعر وهذا الاحتمال يكافئك حتما بالخلاص لأن من يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص." ولهذا يقول ميخا النبي "ولكنني أرقب الرب . أصبر لإله خلاصي. لا تشمتي بي يا عدوتي. إذا سقطت أقوم … سأنظر بره."(مي7:7ـ9).

فما أجمل الصبر لإله خلاصك … وما أجمل المثابرة رغم السقطات إذ ستستحق أن تنظر بر الله، إذ يبررك من كل خطية برش دمه المطهر من كل إثم. أو ليس هذا ما دعي بولس الرسول أن يقول "إن كنا نصبر فسنملك أيضا معه."(2تى12:2).

وهوذا القديس باسيليوس الكبير يوضح أهمية الصبر والمثابرة بقوله "تأمل صبر القديسين: إبراهيم أبونا دعاه الله وهو صبى ونقله من أرض الكلدانيين إلى فلسطين، ووعده قائلاً إنـي أعطيك هذه الأرض ولزرعك من بعدك. ثم تأنى الله على إبراهيم جداً حتى شاخ وكلت قوته. وما عاد له قدرة على إنجاب الأولاد، ولا سارة امرأته أيضا. ولكن ما تزعزع إيمانه وثقته بالله. فلا ينبغي أن نمل في صلاتنا حتى ولو طالت بنا السنون."

وقال أيضاً : "لعلك تقول قد سألت مرارا كثيرة ولم تأخذ شيئاً. أقول لك حقا سألت، لكن ربما سألت شيئا حقيراً! أو سألت بغير إيمان! أو بأفكار منحلة وأنت مرتاب. أو أن الذي سألته غير نافع لك أو ربما لم تدم طويلاً في سؤالك فلم تأخذ لتهاونك لأن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص!"

ثم يكمل قائلاً: " فلا يصغر قلبك (أي لا تيأس) يا ابني إذا لم تنل مسألتك (أي طلبتك) فإنه لو علم ربنا الصالح أنك لا تتلف النعمة إذا أعطاك إياها لمنحك إياها سريعاً وبدون جهاد لأنه ما يسر بأتعابنا وشقائنا."

فهل أنت كثير القلق والإضطراب سريع الملل في حياتك الروحية؟ أصبر يا أخي لتتمم خلاصك. وأحذر من الملل الذي يفقدك كل ما نلته … واثبت في الرب بالإيمان لترى بره … واسمع قول القديس اغريغوريوس الكبـير: "اسأل الرب بمثابرة وثقة عن كل شئ يعود لخلاصك ولتقدمك في الصلاح والعبادة وأنت لن تخيب من نواله."


ثانيا: العنصــر الإلهـي



لقد عرفت يا أخي مدى نصيب العنصر البشرى في الجهاد الروحي. ولكن في الحقيقة أن كل هذا العمل البشرى يصبح بلا قيمة على الإطلاق إن اعتمدت عليه مجرداً من الشق الثاني للجهاد القانوني ألا وهو: العنصر الإلهي .

فإذا اقتصر عمل المجاهد على العنصر البشرى السابق ذكره مهملا فاعلية العنصر الإلهي فقد انحرف عن الطريق رغم أنه سائر فيه ولذلك حذرنا سليمان الحكيم قائلا: "توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طريق الموت " (أم12:14).

فمتى اتكل الإنسان على تلك الوسائل وحدها، فإنه بذلك يكون قد ألغي رسالة المسيح وعمل الروح القدس، ويكون تجسد وصلب السيد المسيح بلا سبب، ويكون انسكاب الروح القدس ومجيئه إلى العالم هو بلا داع.

ثم إن من يتكل على مجرد تأدية تلك الوسائل فقط فذلك يؤدي إلى الكبرياء والسبح الباطل لأنه آنئذ سيشعر بأن ما أحرزه من انتصارات (مؤقتة) إنما هو راجع إلى قوة إرادته وصلابة عزيمته وعظمة قدرته… وهو في الواقع مخدوع ومسكين لأن السيد المسيح قد سبق فقال "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً." (يو5:15) فكيف إذن لهذا المسكين أن يتوهم أنه بمجهوداته الشخصية قد خلص من ذنب وسلطان الخطية.

ولكن اعلم يا أخي أن ما قلناه عن نصيب العنصر البشرى فـي الجهاد الروحي إنما هو بمثابة إشارة الموافقة من جانبك لعمل العنصر الإلهي فيك ومعك ولأجلك. وبهذا يصبح جهادك قانونيا.



أن العنصر الإلهي الفعال في عملية الخلاص من سلطان الخطية، والذي لابد للمؤمن أن يتيح له فرصة التدخل في جهاده لإتمام خلاصه هو الروح القدس أي روح المسيح. ويمكن أن نوضح فاعليته في المؤمن فيما يلي:


( أ ) الروح القدس يـحــرر:

فالروح القدس هو القوة المحررة من سلطان الخطية، فهو الذي يختن القلب أي يزيل ويقطع حواسه وميوله المنحرفة. يوضح بولس الرسول هذا الموضوع بقوله: "ختان القلب بالروح"(رو29:2).



وإذ تتم عملية ختان القلب بالروح هذه يستطيع المجاهد أن يقول مع بولس الرسول "ناموس روح الحياة فـي المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت."(رو2:Cool.



ألا تعلم يا أخي سر هزيمتك المتوالية؟ إن السر كامن في أنك تقوم بعدة محاولات شخصية دون أن تتقدم وتطلب انسكاب الروح في قلبك ليقوم بختانه وإماتة حواسه الجسدية !


ليتك الآن تطلب في ثقة وإيمان سكيب الروح فيك، وصل هذه الطلبة التي تعلمنا إياها الكنيسة "هلم تفضل وحل فينا وطهرنا من كل دنس أيها الصالح وخلص نفوسنا."

(ب) الروح القدس يـقـوى:

في أثناء رحلة الحياة عبر وادى الغربة والآلام قد يصاب المؤمن بالضعف والتراخي من كثرة مواجهاته مع عدو الخير الجائل كاسد زائر ملتمسا من يبتلعه.(1بط8:5).



والرب نفسه يعرف الجانب البشرى إزاء قوات الشر الروحية في السماويات ويقول على لسان بولس الرسول "إن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة هذا العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات."(أف12:6).



ولهذا فإن الرب لم يتركنا نحارب بمفردنا بل قد أيدنا بروح القوة " لكي يعطيكم بحسب غنى مجده أن تـتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن"(أف16:3).


وقد وعد الرب المؤمنين بهذه القوة التي تسند ضعفاتهم بقوله "ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم." (أع8:1).


ولهذا يصيح الرسول صيحة النصر والغلبة قائلا "لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة." (2تى7:1).


ففي جهادك يا أخي تحتاج أن تتأيد بروح القوة هذا فهو يقوى عزيمتك الخائرة، وهو يحول فشلك إلى نصرة، وضعفك إلى قوة "وكذلك الروح أيضا يعين ضعفاتنا."(رو26:Cool.

ليتك يا أخي تختبر فعلاُ وعمليا في حياتك قوة الروح القدس !


(جـ) الروح القدس يـشــفع:

" لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها."(رو26:Cool.

إن سر النصر في الحرب الروحية هو وجود الله مع المجاهد، ولكن إذا دخل المجاهد المعركة بمفرده كان لقمة سائغة للعدو الشرير.


وحيث أن الإنسان ليس خبيراً بهذه الحروب الروحية فلا يعرف ما يجب أن يصلى لأجله كما ينبغي، لهذا فالروح الساكن في قلبه يشفع فيه ويعين ضعفاته "وكذلك الروح يعين ضعفاتنا لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها."(رو26:Cool.


فيا أخي يا من لك كل هذه الامتيازات لماذا لا تستفيد بها؟ ولماذا تترك نفسك فريسة في يد أعدائك؟ أو ليس مكتوبا " قد هلك شعبي من عدم المعرفة."(هو6:4). لذلك كتب الحكيم قائلا: "بالمعرفة ينجو الصديقون."(أم9:11). وقال أيضاً "ذو المعرفة متشدد القوة." (أم5:24).


فليعطك الرب أن تعرف هذه الامتيازات ويفتح قلبك لتدرك فاعليتها في حياتك فتطالب بها وتختبر حياة الغلبة بالروح القدس.


ثالثاً: تضـامن العنصـرين

مما سبق قد تأكد لك أنه لا بد من تضامن العنصر البشرى مع العنصر الإلهي لإتمام خلاصك، ولتوضيح اندماج هذين العنصرين نضع أمامك هذه الصورة العملية:

1- فبالإرادة تسلم ذاتك لقيادة الروح القدس ليتمم خلاصك.

2- وبالأيمان تثق في قوة الروح القدس لاتمام خلاصك.

3- وبالهروب تلجأ إلى أحضان الروح القدس فيحميك ويتمم خلاصك.

4- وبالتغصب تنهض الروح القدس الساكن فيك فيتمم خلاصك.

5- وبالصوم تستعطف الروح القدس فيعمل لاتمام خلاصك.

6- وبالسهر تـتسلح بأسلحة الروح التي بها يتم خلاصك.

7- وبالصبر والمثابرة تثبت في الروح القدس الذي يتمم خلاصك.

فليتك يا أخي تبدأ من الآن في حياة الجهاد القانوني فلا تهمل الواحد وتترك الأخر … أي لا تعتمد على مجهوداتك البشرية تاركا فاعلية الروح القدس روح المسيح الذي بدونه لا تستطيع أن تفعل شيئاً. وأيضا لا تتواكل على عمل الروح القدس مهملاً نصيبك في الجهاد إذ لا بد أن تتمم خلاصك بخوف ورعدة.(فى12:2).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
georgina
المميز(ة)
المميز(ة)
georgina


الجنس : انثى
الجدي
عدد المساهمات : 4920
التقييم : 2705
تاريخ التسجيل : 03/09/2011
البلد التي انتمي اليها : افتش

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 17, 2011 9:37 pm

ميـدان الجـهاد



إذ نحن في ميدان حرب وجهاد دائم علينا أن نضع خطة شاملة للصمود حتى الظفر. ولكي تكون خطـتنا دقيقة متـينة علينا أن نتعرف على:

+ شخصيات الأعداء

+ ثم على قواتهم

+ وأخيرا نعرف الأسلحة التي نستخدمها فـي الحرب ضدهم لنحرز الغلبة والانتصار.


أولاً: شـخصيات الأعداء


في حرب بورسعيد عام 1956 كان الظن في بادئ الأمر أنها حرب بين إسرائيل ومصر ولكن سرعان ما تكشفت الحقيقة بظهور إنجلترا وفرنسا في ميادين الحرب … ولهذا وضعت خطة حربية حكيمة لمواجه الأعداء الثلاثة مجتمعين.

هكذا الحال يا أخي في الحرب الروحية فلا تظن أنك تحارب عدوا واحدا بل ثلاثة أعداء مجتمعين هم :

1) الجسـد. 2) العـالم. 3) الشـيطان.


(1) الجسـد:

يقول الرسول "إن الجسد يشتهي ضد الروح. والروح ضد الجسد."(غل17:5) والجسد هو الإنسان العتيق الفاسد بنـزعاته القديمة واتجاهاته الشريرة.

ورب معترض يقول : إن جسد الخطيـة قد صلب تماما إذ يقول بولس الرسول "لكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات."(غل24:5). وهذا يعني صلب الإنسان العتيق أيضا إذ يقول الرسول "عالمين هذا أن أنسأننا العتيق قد صلب معه."(رو6:6).

هذا صحيح ولكن بالرغم من هذا نجد أن الإنسان العتيق لا زال حيا وله شهواته كما يقول الرسول: "لا تملكن الخطية في جسدكم المائت، لكي تطيعوها في شهواته."(رو12:6). فمن هذا يتضح أن جسد الخطية مائت، ولكن الرسول يقول أن لهذا الجسد المائت شهوات يحذرنا منها.

ثم يعود الرسول فيقول "اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد لأن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر حتى تفعلوا ما لا تريدون."(غل16:5ـ17).

فهذا الجسد (جسد الخطية) يشتهى ضد الروح وينشب بينهما صراع عنيف يرجح المؤمن كفة أحدهما … ولهذا يوصينا الرسول قائلا : "إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون."(رو13:Cool.

فكيف نوفق إذاً بين قول الكتاب عن (جسد الخطية) أنه صلب، ثم قوله أنه لا زال حياً وله شهواته ومقاومته.

التوفيق يا أخي سهل ميسور لأنه يشمل خطة الخلاص كلها، فإذ نؤمن بشخص المصلوب ونرضى أن نصلب معه يصـدر الحكم فوراً بإعدام الإنسان العتيق، ويقبض عليه ويسجن في زنزانة داخلية ويشدد عليه الرقابة حتى يتم حكم الإعدام الفعلي وذلك يوم أن يأتي الرب على السحاب. وفي الفترة ما بين صدور الحكم وتنفيذه يقوم هذا الجسد بعدة محاولات للإفلات من سجنه وهذه هي شهواته ومقاومته التي يجب أن يحتـرس منها المؤمن.


فأحذر يا أخي من هذا العدو المشاغب. فقد احترس منه سابقاً معلمنا بولس الرسول فقال "أقمع جسدي وأستعبده"(1كو27:9) ولهذا فهو يحذرنا قائلا: "لا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات."(رو14:13).


(2) الـعـالـم:

يقول يعقوب الرسول "محبة العالم عداوة لله"(يع4:4) ويقول يوحنا الحبيب "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم."(1يو15:2)

والمقصود بالعالم هو كل ما فـيه من أشياء تجذبنا للخطية من المغريات، والملذات، والمـال، والمطامع، والأزياء الخليعة، والتسليات الدنسة، … الخ.

فالمؤمن الذي خرج من كورة العالم واستقر قلبه في جو السماء … لا زال جسده في العالم وقد يخدعه العالم ببريقه المزيف محاولاً إرجاعه إلى حياته القديمة … ولكن احذر يا أخي من العودة ثانية إلى قيئك أو إلى طين البركة التي خرجت منها. "فالعالم يمضى وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد."(1يو17:2).


(3) الـشــيطـان:

هذا العدو الجبار دائما يقاوم الله ويغرر بشعبه، محاولاً إقصاء المؤمن عن الله بكل وسيلة وأخرى ليحرمه من السعادة والحياة الأبدية والملكوت السماوي والمجد الأسمى.

وقد وضح لنا الكتاب خطورة هذا الخصم العنيد في أقوال كثيرة، فقد قال رب المجد يسوع "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة."(لو31:22).

ومعلمنا بولس الرسول يقول: "إن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات."(أف12:6).

ومعلمنا بطرس الرسول يقول "إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسا من يـبتلعه هو."(1بط8:5).

فيا أخي المبارك لا تسقط هذا العدو من حسابك لئلا تغفل فيمزقك … احترس من حيله ومن خداعه ومن مكايده وسهامه التي سنوضحها فيما بعد.

والواقع إن خطورة هذا العدو كامنة في أنه يستخدم العالم والجسد في تكتيكات حروبه لإتمام مقاصده … فهو يـثير الجسد (الإنسان العتيق) في المؤمن ليقوم عليه من الداخل وفي نفس الوقت يثير مغريات العالم عليه من الخارج فيوجد المؤمن بين (الكماشة) وهى خطة حربية خطيرة فيصبح المؤمن محصوراً بين ضغطات من الداخل وضغطات من الخارج والشيطان نفسه من فوق في جو السماء لأنه رئيس سلطان الهواء.(أف2:2).

فإذا كان المؤمن بمفرده في المعركة سقط صريعا لا محالة. من هذا يتضح قيمة وجود الله ذاته في أرض المعركة إلى جوار المؤمن ليدافع عنه، "الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون."(خر14:14).

ولكي نحرز النصر على قوى الأعداء يجب أن نعرف أسلحتهم حتى نستخدم الأسلحة المضادة لهـا.

ثانياً: قـوات الأعـداء

إن لأعدائنا الروحيين جيوشاً منظمة ذات قوات مسلحة برية وبحرية وجوية.


(1) القوات البرية:

أسلحة إبليس التي يستخدمها ضدنا في هذه الحرب البرية هي :

( أ‎ ) مغريات العالم:

فيوجه إلى عينيك وحواسك هذا السلاح من ملذات وشهوات ليغريك ثانية ليردك إلى أحضانه كما كنت من قبل … فيعيد إلى فكرك حياتك الأولى … ويحاول أن يجذبك عن طريق وسائل التسلية العالمية أو زينة بنات العالم … الخ.

ولقد نجح العدو في إصابة ديماس بهذا السلاح إذ قال عنه بولس الرسول "ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر"(2تى10:4).

فأحذر يا أخي من هذا السهم الملتهب الذي يوجهه إلى قلبك عدو الخير. ولا تعود تنظر إلى العالم ومباهجه فقد خرجت منه فلا تعود تنظر إلى ورائك لئلا تهلك ... لا يتعلق قلبك بأرض مصر لئلا تهلك في برية الجهاد.

ألم يصلب العالم لك وأنت للعالم؟(غل14:6) أي أن العالم لا يعود يؤثـر فيك وأنت لا تـتأثر به لأنك قد مت عنه ومات هو بالنسبة لك.

فأحذر يا أخي لئلا يغريك إبليس ببريق العالم الكاذب فيحيا فيك من جديد.


(ب) مـلـذات الجســد:

هذا هو السلاح البرى الثانـي الذي يحارب النفس كما وضح معلمنا بطرس الرسول إذ قال " أيها الأحباء أطلب إليكم كغرباء ونزلاء أن تمتنعوا عن الشهوات الجسدية التي تحارب النفس."(1بط11:2).

ألم يوجه إبليس طعنة نجلاء بهذا السلاح إلى قلب شـمشـون فأرداه قتيلاً ؟!

أو لم يرشق به قلب داود النبي ففرَّ على وجه الأرض طريداً بعد أن كان ملكا مكرماً ؟!


فاحذر يا أخي من (كمين) ملذات الجسد، فغالبا ما يتخفى إبليس في هجماته بهذا السلاح حتى إذ يطمئن إلى استسلامك فيـباغتك فجأة بهذا الخطر الداهم ويتسلط عليك. لهذا يحذرنا بولس الرسول قائلا "لا تملكن الخطية فـي جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته ولا تقدموا أعضاءكم آلات إثم للخطية."(رو12:6ـ13).


( ج ) محبـة المـال:

"فالمال أصل لكل الشرور إذا ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة." (1تى10:6).

ألم يهزم الشيطان يهوذا بهذا السلاح الماضي إذ باع سيده من أجل محبة المال؟ يهوذا الذي سار مع المسيح وتمتع بجماله ورأي معجزاته وأخذ منه سلطانا على الأرواح النجسة وعمل المعجزات. ونادى باسم المسيح … ثم يوجه إليه إبليس هذه الضربة القاضية فتنـتهي حياته على أشر ما يكون!!

أو ليس حنانيا وسفيرة قد أصابهما هذا السهم المميت فأودى بحياتهما؟ … إذ بعد أن آمنا وانضما إلى جماعة الرب لم تزل محبة المال متملكة على قلبيهما فأخفيا جزءاً من ثمن الأرض !!

أخي أخشى عليك من محبة المال إذ أن إبليس يخدعك بهذا السلاح ويموه عليك بحجة أنك تؤمِّن مستقبلك ومستقبل أولادك بما تدخره لهم من أموال … ثم ينقلب الأمر في قلبك إلى شهوة مال تستعبدك فتصير ضمن الأسرى الذين قبض عليهم العدو في هذه المعركة …!

وقد اتخذت محبة المال لونا جديداً في حياة الخدام. فقد تكون أمينا للصندوق أو مسئولا في الكنيسة وتجمع المال للخدمة والمشروعات … وحقيقة أنت لا تجمعه لنفسك فإنك أمين حقا ولكنك عبد لمحبة المال والدليل على ذلك أنك تفرح بتحصيله وتسر بزيادة أرقام الرصيد ... وفي ذات الوقت تحزن إذا رأيت بند المصروفات بدأ يتضخم.

عزيزي، إن سهم محبة المال لا يصيب من يجمعونه لأنفسهم فحسب بل أيضا الأمناء عليه متى تعلقت قلوبهم بحب التحصيل وبغضـة التوزيع !!


( د ) مـحبة الذات:

ذاتك التي صلبت مع المسيح في طريق الخلاص فقلت يوما "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في." (غل20:2). سيأتيك الشيطان ليثير الذات فيك من جديد بعد أن تكون قد قطعت شوطاً في طريق النعمة … فإن كنت متغافلاً نجح في إلقاء بذار الزوان ...

آه يا أخي من سلاح محبة الذات، أليس هو السلاح الذي كاد إبليس أن يطعن به يعقوب ويوحنا عندما ذهبا إلى المسيح يطلبان منه أن يجلس واحد عن يمينه والآخر عن يساره في مجده. (مر37:10) إنها الأنانية الممقوتة سواء في النواحي المادية العالمية أو في النواحي الروحية ... انتبه يا أخي جيدا لئلا ينجح إبليس في القضاء عليك بهذا السلاح.

إن الأربعة البرص الذين كانوا جالسين على باب السامرة أيام أن كانت تحاصرها جيوش الآراميين وصار جوع شديد في السامرة حتى أكل الناس الحمير وزبل الحمام ووصل بهم الأمر إلى أن أكلت الأم ابنها (2مل6) لقد فكر هؤلاء البرص ـ أن يذهبوا إلى معسكر الأعداء فإن أطعموهم نجوا من الموت جوعا، وإن قتلوهم فقد رحموهم من مصارعة الموت البطيء بسـبب الجوع.

وعندما ذهب البرص إلى خيام الأعداء لم يجدوا أحدا من الأعداء لأن الرب قد أرهبهم فتركوا الخيام وفروا … فأكل البرص وشبعوا ثم بدافع الأنانية أخفوا ذهبا وفضة وثيابا … ولكنهم انتبهوا أخيرا لخطة إبليس هذه "فقال بعضهم لبعض لسنا عاملين حسنا. هذا اليوم هو يوم بشارة ونحن ساكتون فإن انتظرنا إلى ضوء الصباح يصادفنا شر. فهلم الآن ندخل ونخبر …" (2مل9:7).

وبهذا نجوا من الموت بسلاح الأنانية. فاحذر يا أخي لئلا تحيي في قلبك محبة الذات القديمة !


(هـ) العـادات القـديمة:

سيحاربك إبليس أيضا بهذه الأسلحة فإن كنت قد تخلصت من الخمر سيحاول أن يغريك بمحبة الكأس ثانية. وإن كنت قد انتصرت على السجائر سيجاهد ضدك ليجذبك إليها ثانية. وإن كنت أيتها السيدة أو الفتاة قد أقلعت عن ثياب الخلاعة والتبهرج سيحاول جاهدا معك ليثنيك عن عزمك …

أخشى عليك يا أخي من أن تخضع لهمسات العدو ظانا أنها من صديق مخلص، وحينئذ سوف يتكشف لك الأمر أخيرا عندما ترى أن الأواخر قد صارت لك أشر من الأوائل (2بط20:2ـ21).

ولكن اعلم أنه إن كانت نفسك متلذذة بالرب فلن تبحث قط عن أي لذة أخرى لأن "النفس الشبعانة تدوس العسل" (أم27: 7).

هذه هي بعض أسلحة القوات البرية الشيطانية ولنستعرض الآن :


(2) القـوات البحريـة:

ففي المعارك البحرية تصوب القذائف إلى البواخر لإغراقها في لجة البحار أو المحيطات فتهوى بمن فيها إلى الأعماق.

وهكذا نرى أن لإبليس قوات بحرية لإغراق سفن حياة المؤمنين في لجة التهلكة مستخدما أسلحة منها:



( أ ) الشــكوك :

يحاول إبليس أن يشككك في وجود الله وفي محبته لك وفي قدرته على خلاصك وفي حقيقة تجديدك وفي رجاء مجيئه المبارك ليأخذك معه .. الخ.

ألم يسقط بطرس نفسه صريعا من إحدى هذه القذائف عندما أمره سيده أن يسير على الماء، ثم ابتدأ يغرق فقال له المسيح رب المجد "يا قليل الأيمان لماذا شككت" (مت31:14) وفي الحال مد يسوع يده وأمسك به!

( ب ) الـخــوف:

يحاول الشيطان أن يخيفك من أخطار الطريق الروحي وبأنك لا تستطيع أن تحتمل السير فيه قاصداً أن يثنى عزيمتك ويعوق سيرك. ويبلغ به الجرأة أن يخيفك من جبروته وأنك سوف لا تقوى عليه!


من يقرأ كتاب (سياحة المسيحي) يستطيع أن يرى مدى اعتماد إبليس على هذا السلاح ليرهب قلب السائر إلى أورشليم السماوية. إذ يذكر يوحنا بنيان مؤلف الكتاب أن المسيحي وهو المؤمن الذي خرج من مدينة الهلاك (أي العالم) إلى مدينة النور (أي أورشليم السماوية) قد صادف في الطريق محاربات عديدة ومخاوف شديدة نذكر منها قصة الأسدين :

ففي الطريق كان عليه أن يدخل في نفق كان الظلام قد خيم عليه فجعل يحدق بنظره في ذلك النفق وهو يمشى فرأى أسدين عند نهاية النفق. فارتاع وكان ذانك الأسدان مقيدين بسلاسل لم يكن يراها. ولذلك غلب عليه الخوف وهمَّ بالرجوع لأنه لم يتصور قدامه سوى الموت … فرآه ملاك فناداه قائلا: يا صاح هل قوتك ضعيفة هكذا. لا تخف من الأسدين فإنهما مقيدان وقد وضعا هنا لأجل امتحان إيمان المؤمنين وإظهار الذين لا إيمان لهم. فاسلك في وسط الطريق من بينهما فلن يصيبك أدنى ضرر. فواصل المسيحي السير في الطريق مرتعدا من صوتهما إذ كانا يزمجران عليه ويزأران لكنهما لم يستطيعا أن يمساه بسوء . ولما تجاوزهما صار يطفر فرحاً.

فيا أخي لا ترتعب من الشيطان فهو مقيد ولا يستطيع أن يمسك إذ يقول يوحنا الحبيب "المولود من الله يحفظ نفسه والشرير لا يمسه." (1يو18:5).


(ج) الــقلـق:

وهو سلاح آخر من أسلحة العدو البحرية ليغرقك في لجة الهموم والارتباكات، فيجعلك تفكر في مشاكل المستقبل ومتاعب الحاضر ومآسي الماضي …

وإذا استسلمت إلى هذه الأفكار غرقت سفينتك في محيط القلق والأوهام فاحذر من ذلك وسلم أمورك لليد الأمينة المدبرة.

قال رجل الله المختبر: "الشيطان عندما يدرك أننا متضايقون بسبب شعورنا بأعمالنا الشريرة، يضع في نفسه أن يلقى علينا حملاً إضافياً من الرصاص وهو القلق .. فإن قبلناه يتبع ذلك حتما انجذابنا إلى تحت بسبب الثقل ساقطين في عمق البؤس الذي أنت فيه الآن." (القديس يوحنا ذهبي الفم).


( د ) الحــزن :

وثمة سلاح آخر يصوبه إبليس إلى قلب المؤمن فيفسد عليه حياته، وهو روح الحزن والكآبة.

والحزن وليد الخوف والقلق، وإذا تملك على إنسان عرض حياته لخطر الهلاك.

وقد قال القديس المختبر: "روح الحزن المفسد يظلم النفس ويحرمها من رؤية الله ويمنعها من كل صلاح. هذا الروح الشرير إذا ملك على النفس واستحوذ على الإرادة لا يجعلها تصلى بفرح روحاني ولا يدعها تثابر على قراءة الكتب باجتهاد لئلا تعثر على مفتاح النور فتخرج من فخ الظلمة المخيم عليها".

ويكمل قائلا: "ويصير الإنسان متكاسلاً في كل عمل مبغضا للعبادة والصلاة مسلوب الإرادة من رجاء الخلاص. ويهدم كل ما فيه من اشتياق نحو الحياة الأبدية حتى أنه يقيده بقيود اليأس من رحمة الله.

ويخلص إلى هذه الحقيقة فيقول "لذلك وجب أن نسهر ونجاهد ضد روح الحزن المفسد لأنه كما تأكل العته الثوب ويتهرأ، وتأكل الدودة العود الأخضر فيـيبس، هكذا هذا الروح المفسد يضعف النفس ويجعلها جافة لا تقبل كلمة نصيحة أو مشورة من إنسان أو تجيب بكلمة هادئة وديعة. بل يملأها مرارة وضجراً وحسداً. ويشير على النفس أن تفر من الناس لزعمها أنهم سبب قلقها وأتعابها. ولا يترك النفس البائسة لتعرف أن سبب شقاوتها وبلوتها هو ليس من الخارج بل من الداخل. لأنه واضح أن الإنسان لا يتوجع من آخر إلا بسب مرض النفس المختفي في أعماقها. لذلك قال السيد نظف أولا داخل الكأس."

( يوحنا كاسيان).

(هـ) الـضجـر:

ما أخطره سلاح على المؤمن إذا أصيب به ضاقت نفسه من كل شئ ، من الكنيسة ومن البيت من الأصدقاء ومن الأقرباء .. لا يعود يطيق شيئاً لا كلام اللين ولا كلام العنف .. بل يصبح متململاً من كل أمر، من الصلاة ومن الكتاب المقدس، ومن قراءة الكتب الروحية … هذه الحالة قال عنها أيضا ذلك القديس المجاهد : "أما روح الضجر فهو زميل روح الحزن المفسد، وهو متولد منه ويأتي على الإنسان بكسل وتراخى وبغضة للمكان الجالس فيه وحتى الأشخاص الذين يسكن معهم ولكل عمل كان وحتى لقراءة الكتاب المقدس ... وليس من علاج لذلك إلا بتعود الكف عن كلام البطالة والمزاح والمثابرة على الصلاة والعمل ... مع طلب معونة الله."

(القديس يوحنا كاسيان).

( و ) اليـــأس:

ولعل هذا هو أقوى أسلحة الشيطان البحرية وخاصة إذا نجح في إسقاطك في أي خطية أخرى، ففي دوامة الحزن والشعور بالفشل يمد هذا السيف الحاد ليقطع رجاءك في الخلاص. فهو بمثابة الطرقة الثانية على الرأس المصاب للقضاء على الحياة، أو الضربة القاضية بعد صراع طويل على حلبة الإيمان.

فلا تستسلم لليأس يا أخي فالرب قادر أن يقيمك. وما أجمل ما كتبه قديس الله في هذا الصدد: إن كان ـ رجوعك إلى بهائك الروحي السابق ـ يبدو أمراً مستحيلا بالنسبة للبشر لكن كل شئ مستطاع لدى الله فهو: "المقيم المسكين من التراب . الرافع البائس من المزبلة ليجلسه مع أشراف شعبه." (مز7:113ـCool.

إذاً لا تيأس من تغييرك تغييرا كاملاً … إن كان الشيطان لديه هذه القدرة بأن يطرحك أرضا من العلو الشامخ والفضيلة السامية، إلى أبعد حدود الشر، فكم بالأكثر جدا يكون الله قادر أن يرفعك إلى الثقة السابقة، ولا يجعلك فقط كما كنت ، بل أسعد من ذي قبل." (يوحنا ذهبي الفم). N. & P. Frs. Vol. 1XP.

بعد أن تكلمنا عن الحرب البرية والحرب البحرية نتكلم عن الحرب الجوية.


(3) الـقـوات الجـويـة:

إن أقسى حرب يا أخي يجتازها المؤمن قبالة قوات الشر الروحية هي الحرب الجوية. إذ يرتفع إبليس إلى العلو الشاهق فيجذب أنظارنا معه إلى التعالي وعندئذ يسدد قذيفته الفتاكة التي تودي بحياة المؤمن في لحظة.

لهذا قد سمى الأباء المختبرون هذه الحرب "بحرب العظمة، والقذيفة التي يفجرها العدو هي الكبرياء. ومن هنا يتضح خطورة هذه الحرب أيضا إذ أنها تصيب المتقدمين في الحياة الروحية. وقد قال القديس يوحنا كاسيان في هذا الصدد:

¬ شيطان العظمة روح خبيث لا يصيب إلا البالغين في القامة الروحية ليهدم برج فضائلهم. كل الأوجاع تحارب في البدايات ما خلا هذا الوجع الرديء فهو يصيب في النهاية، لذلك فضرره عظيم وكسرته شديدة.

وزاد الأمر وضوحا بقوله:

¬ شر العظمة إذا ملك على النفس البائسة يكون كالقائد المنتقم عندما يحاصر مدينة شامخة ويظفر بها، فإنه يهدمها ويدك أساساتها !

وقد دلل على ذلك بقصة الملاك الساقط قائلا :

¬ يشهد بذلك الملاك الذي سقط من السماء من علو رئاسته بسبب العظمة! الذي لم يرد أن يسند الخير والقوة التي كانت فيه إلى خالقه بل شاء أن يجعلها لنفسه. وفي ذلك يبكته النبي قائلا: كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح؟ كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم؟ وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السماوات أرفع كرسي فوق كواكب الله! أصعد فوق مرتفعات السحاب، أصير مثل العلي! لكنك انحدرت إلى الهاوية، إلى أسفل الجب. (اش12:14ـ15).

ونبي آخر يقول : "لماذا تفتخر بالشر أيها الجبار؟... أحببت الشر أكثر من الخير... لسانك غاش لذلك يهدمك الله إلى الأبد. ويقلعك من مسكنك ويستأصلك من أرض الأحياء. فيرى الصديقون ويخافون وعليه يضحكون. هذا هو الذي لم يجعل الله له عونا ولكنه وثق بكثرة غناه واعتز بفساده". (مز52: 1ـ7)

إذا فلنحذر من شيطان العظمة وترفعه المهلك الذي يجلب الموت علينا قائلين مع بولس الرسول "لنا هذا الكنز في أوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا." (2كو7:4). وأيضا "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا" (يو6:15).

في هذه الحرب الجوية يملك إبليس أقوى واخطر سلاح وهو الكبرياء فإذا ما سدده نحو المؤمن أحدث فيه إصابات بالغة في القلب، والراس، واللسان، والنفس، والأعصاب ... فإذا وجدت هذه الظواهر في حياتك كان ذلك دليلا قاطعا على أنك قد أصبت بهذه القذيفة الفتاكة. ولنستعرض الآن إصابات تلك الضربة القاضية:


( أ ) إصـابات القــلب :

فبداية الكبرياء يا أخي هي في القلب من الداخل قبل أن تظهر للآخرين. ونستطيع أن نشبه الكبرياء بمرض السرطان الخبيث إذ يظل مختفيا في مراحله الأولى في الجسم من الداخل حتى إذا ما ظهرت أعراضه في الخارج عسر علاجه.

ومظاهر إصابات القلب بضربة الكبرياء تتضح في:

+ الإعجـاب بالنفـس :

هذه الضربة تلاحق المؤمن المصاب بالكبرياء في كل تصرفاته، في صمته وفي كلامه، في صومه وفي إفطاره، … لهذا قال القديس يوحنا الدَّرَجِي "ويحي … إذا صمت استحوذ العجب عليَّ، وإذا نقضت صومي حتى لا يُعرف تدبيري استولى العجب عليَّ أيضا. إذا لبست ثيابا بهية استحوذ العجب عليَّ، وإذا لبست الحقيرة غمرني العجب أيضا.

متى تكلمت داخلني العجب، ومتى صمت (سكت) انقهرت له أيضا. كلما طرحت عنى هذا المثلث ذا الثلاث شعب تبقى له دائما شعبة منتصبة.!"

وقد ذكر عن نفسه اختبارا في محاربة روح العجب فقال : حدث في جلوسي في مجمع من الناس أن وافاني شيطان العُجْب وجلس بجانبي، فلكز جنبي قائلا: حدِّث الناس عن أعمالك في البرية، فانتهرته مرددا قول داود النبي "فليرجع المفتكرون عليَّ بأفكار ردية."

فانبرى لي عن يساري شيطان الكبرياء قائلا: ما أحسن ما عملت وما أصوبه، لقد صرت عظيما إذ قهرت أمي الخالية من الحياء (يقصد شيطان العُجْب). فأجبته بقول داود "وليرجع بالخزي سريعا جدا القائلين لي حسنا، حسنا."

فلما استخبرت كيف أن شيطان العُجْب هو أم الكبرياء! قيل أن العُجْب هو تذكية النفس وبداية ارتفاعها. أما الكبرياء فهي التي تستلم النفس لترفعها إلى السموات لتهوي بها إلى الأعماق. لهذا قيل: "الويل لكم إذا قال فيكم جميع الناس حسنا". (القديس يوحنا الدرجى).


+ الانتـفاخ والـتشــامخ :

يوضح الوحي قائلا: "قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح". فالتشامخ والانتفاخ هما ذات مرض الكبرياء في بدايته عندما يصيب القلب من الداخل فيظن المنتفخ أنه قد صار كاملا ويبتدئ أن يتشامخ في قلبه على أقرانه فيظن أنه أفضل منهم علما وتقوى.

وقد شَخص الآباء القديسون هذا المرض في أقوال عديدة منها "الذين تقدموا قليلا في معرفـة الصلاة وقوتها، إذا لم يتمسكوا بالاتضاع ينتفخون ويسقطون. فالحية عينها التي أسقطت آدم بعلة الكبرياء قائلة أنك ستصير كاملا كالله، لا زالت توحي بالكبرياء في قلوب بني البشر. وتهمس في قلب الجاهل: لقد صرت كاملا، ها قد ملكت زمام المعرفة، وصرت غنيا، وليست لك حاجة لأحد. طوباك." (القديس مقار الكبير).

"لا يرفض الله إنسانا ما ويكرهه إلا إذا وجد عقله امتلأ بأفكار العظمة والافتراء. فيقع حتما في إحدى مصيبتين إما الزنا أو التجديف. فمن يتعظم بفضيلته حتما يقع في زنى نجس. ومن يتعظم بجودة العقل يقع في التجديف على الأمور الإلهية." (القديس مار اسحق).


+ السـبح البـاطـل:

هو رغبة كامنة في القلب من الداخل تشتهى المدح من الناس. وتتكون هذه الرغبة نتيجة العجب بالنفس والانتفاخ والتشامخ. هذا المرض الداخلي له أطوار مختلفة تبدأ بالارتياح عند سماع المدح ثم يتطور إلى مرحلة أخرى وهي انتظار كلمات المدح عقب كل عمل أو خدمة أو عظة. والمرحلة التالية هي أنه يحزن ويكتئب إذا لم يسمع كلمات المدح والإعجاب. والمرحلة التي تتبع ذلك هي أنه يسعى إلى طلب المدح بوسائل متعددة كأن يفتح مواضيعاً تقود الغير إلى امتداحه ... الخ.

ولخطورة هذا المرض قال عنه القديسون: "السبح الباطل مصيبة مخفية يندس في كل عمل صالح وفي كل فضيلة ليفسدها… فهو ينتظر المجاهد حتى ينمو قليلا في الفضيلة فيأتي ويفسده… ويجعله شغوفا بأن يكشف كل مقتناه الروحي." (القديس يوحنا الدرجى).

ولهذا فالسبح الباطل يمثل نقطة تحول كبيرة في أعراض مرض الكبرياء فبعد أن كان مستترا في القلب طول المراحل السابقة نراه يبدأ في الظهور إذ أنه يجعل صاحبه شغوفا بأن يكشف كل مقتناه الروحي.

( ب ) إصـابات الـرأس:

ونقصد بإصابات الرأس عندما يغزو مرض الكبرياء رأس المؤمن. عندما تصيب هذه الضربة الشيطانية رأسه ليرتفع على الآخرين. ومظهر هذه الضربة يتضح فيما يلي :

¨ حـب الرئاسـة:

وقد نشأت من تفكير المتكبر في نفسه أنه أفضل الناس وأقدرهم وأغزرهم علما. ولهذا فقد امتلأت رأسه بأنه أحق الجميع بالقيادة والرئاسة عليهم. "الرجل المتعظم القلب يرتاح أن يترأس على غيره. ليت الرب يرحمنا من هذا الداء ومن سقطاته المُـرَة." (القديس يوحنا الدرجى).

¨ حـب التـعلـيم:

لا أقول حب الخدمة بل حب التعليم، فالمتكبر لا يخدم الناس بل يخدم نفسه. فهو يشتاق إلى التعليم لا ليقود النفوس إلى يسوع المخلص، وإنما يشتهى التعليم من أجل الشهرة بإظهار العلم والكفاءة، ولمثل هذا المنتفخ كتب يعقوب الرسول قائلا: "لا تكونوا معلمين كثيرين يا إخوتي عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم." (يع1:3).

¨ الكـرامــة:

ومن ضربات الرأس الاعتزاز بالكرامة، وطلب التقدير والاحترام من الناس بناء على اقتناعه الداخلي بتفوقه عليهم وسموِّه عنهم. فصريع الكبرياء مائت بالكرامة كما وضح الآباء : "الكرامة والكبرياء كانتا في البدء علة سقوط آدم بواسطة الحية. ولا زالت إلى الآن تستعمل الحية وسيلتها وهى مختبئة في القلوب لتطرح وتهلك جنس المسيحيين بعلة الكرامة واحترام النفس. لذلك اتخذ المسيح صورة عبد وغلب الشيطان بالتواضع ليعلمنا النصرة." (القديس مقاريوس الكبير).

( ج ) إصـابات اللسـان:

إن مرض الكبرياء المستقر في القلب يظهر طفحه على اللسان لأنه "من فضلة القلب يتكلم الفم."(مت 34:12).

ومظاهر تطرق هذه الضربة إلى اللسان يتضح في الآتي:-

¨ الافـتـخــار :

وهو السماح للسان أن يعبر عن كبرياء القلب الداخلي. ولذلك كتب القديس يعقوب الرسول قائلا: "هكذا اللسان أيضا هو عضو صغير ويفتخر متعاظما."(يع5:3).

والمفتخر يكشف عن فضائله بغية ربح المجد من الناس. ولكن اسمع يا أخي قول القديس مار اسحق السرياني: "اعلم أن كل أمر يفتخر به الإنسان يسمح الله بتغييره ليتواضع."

¨ الادعـاء :

هو مرحلة متطورة من الافتخار. فبينما الافتخار هو التكبر بالأعمال التي يقوم بها المفتخر، فالادعاء هو أن ينسب المدعى لنفسه فضائل ليست فيه وأعمالا لم يقم بها. عن مثل هؤلاء كتب القديس بولس الرسول قائلا: "متعاظمين مدعين"(رو30:1) موضحا بهذا أن علة الادعاء هي التعاظم والكبرياء.

¨ الـريــاء:

والمدعى يصير بالضرورة مرائيا … فهو لا يظهر على حقيقته بل يخفى خطاياه وعيوبه عن الناس في حين أن قلبه لازال متعلقا بها. هذا هو ما كتب عنه بولس الرسول قائلا: "لهم صورة التقوى ولكنهم ينكرون قوتــها"(2تى5:3).

والسيد المسيح قد صب الويلات على الكتبة والفريسيين الذين أتقنوا فن الرياء قائلا: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تنقون خارج الكأس والصحفة وهما من داخل مملوآن اختطافا ودعارة … ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهى من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة. هكذا أنتم من خارج تظهرون للناس أبرارا ولكنكم من داخل مشحونون رياء وإثما."(مت25:23ـ28).

¨ الانتـقاد والإدانـة:

يصاب لسان المتكبر أيضا بهذا المرض إذ يحاول بالانتقاد والإدانة أن يهدم الآخرين ليبنى نفسه على أنقاضهم. وأن يزيح الجميع من المسرح ليظهر هو. لذلك فهو يشوه أعمال الآخرين وينقص من قيمتها، وينسب إليهم أخطاء ويظهر ضعفاتهم ويبالغ في نقائصهم حتى يظهر بذلك بره وقوته وكماله.

ألم تسمع يا أخي قول بولس الرسول "من أنت الذي تدين عبد غيرك. هو لمولاه يثبت أو يسقط."(رو4:14).

يحسن يا أخي أن تحول الانتقاد إلى صلاة من أجل من تنتقده وصلاة أيضا من أجل نفسك ليحميك الرب من خطية الإدانة.


( د ) إصـابات نفسـية:

إن من لحقته ضربة الكبرياء أصيب بعلل نفسية كثيرة منها:-


¨ الحســد والغيـرة :

فالمتكبر يحسد كل من أخذ نعمة أو موهبة أفضل منه … وبالتالي تتحرك في قلبه الغيرة من نحوه.

ويضرب لنا الكتاب المقدس مثلاً واضحاً عن الحسد. إذ تملك الكبرياء قلب جماعة قورح فحسدوا موسى وهارون وقالوا لهما: "كفاكما أن كل الجماعة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب. فما بالكما ترتفعان علي جماعة الـرب."(عدد3:16).

ألا تعرف يا أخي ماذا كانت نهاية تلك الجماعة؟ يوضح الكتاب أن الأرض انشقت وابتلعتهم.(عدد31:16ـ32).

فالحسد حقيقة موجودة ولكن ضرره لا يصيب المحسود بل يصيب الحاسد نفسه.



¨ الحقـد والبغـضة:

هذه هي المرحلة التالية للحسد والغيرة، إذ انه عندما يتمكنا من قلب المتكبر يتحولا إلى حقد وبغضة.

ويوضح لنـا الكتاب المقدس هذه الحقيقـة في أماكن متعددة، فأخوة يوسف حسدوه ثم غاروا منه وتحول ذلك إلى حقد ثم بغضة.(تك4:37ـ5).

وأيضا يذكر الكتاب عن عيسـو إذ حسد أخيه يعقوب لأنه أخذ البركة من أبيه كما سبق أن اخذ البكورية، وتحول الحسد إلى غيرة والغيرة إلى حقد والحقد إلى بغضة.(تك41:72).

واسمع يا أخي ما قاله القديس اكليمندس تلميذ بطرس الرسول عن الحسد: [كذا ترون أيها الأخوة كيف قاد الحسد والحقد إلى قتل الأخ لأنه مكتوب "وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام علي هابيل وقتله."(تك3:4ـCool.

ومن أجل الحسد أيضا هرب أبينا يعقوب من وجه عيسو أخيه. وبالحسد اضطهد يوسف إلى الموت ثم أُخذ في عبودية. ونتيجة الحسد هرب موسى من وجه فرعون ملك مصر عندما سمع هذه الكلمات من أخيه العبراني: "من أقامك قاضيا علينا".ونتيجة الحسد أُفرزت مريم خارج المحلة، وهبط داثان وأبيرام أحياء إلى الهاوية عندما قاما بالثورة ضد خادم الله موسى. وبسبب الحسد أضُطهد داود لا من الأعداء فحسب بل أيضا من شاول ملك إسرائيل.]

(القديس اكليمندس).

(هـ) إصـابات عصبـية:

والكبرياء إذ يصيب الإنسان يربكه نفسيا وعصبيا وهاك مظاهر الإصابات العصبية التي تنتاب المتكبر:

§ الغضب وعدم الاحتمال :

إن السر الدفين وراء الغضب وعدم الاحتمال هو الكبرياء.

فالمتكبر معتز برأيه ويثور عندما يُعارض …

والمتكبر معتز بكرامته ويثور متى جُرحت …

والمتكبر مرائي ويثور إذا ما انكشفت حقيقته…

وربما يتستر المتكبر وراء منطوق هذه الآية ويتذرع بها "اغضبوا ولا تخـطئوا" (أف4:26).

ولكن اعلم يا أخي أن هذه الآية تتكلم عن الغضب المقدس الذي لا يعرفه المتكبر. فهذا الغضب هو من أجل حق الله لا من أجل الكرامة. هو غضب مقدس له شروطه التي لا يفهمها إلا من قدم ذاته على مذبح التكريس وصلبها على صليب الجلجثة وانسكب فيه روح المحبة في علية صهيون.

أما المتكبر فلا يعرف سوى الغضب البشرى الذي قال الكتاب عنه "غضب الإنسان لا يصنع بر الله.(يع20:1).



§ القــتـل :

ولعل هذا هو نهاية المطاف بالمتكبر. فإذ قد أصيب بتلك القذيفة الفتاكة، توالت الإصابات عليه حتى انطبق عليه تشخيص أشعياء النبي "كل الرأس مريض وكل القلب سقيم. من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة بل جرح وإحباط وضربة طرية لم تعصر ولم تعصب ولم تلين بالزيت" (أش5:1ـ6).

فبداية الكبرياء إعجاب بالنفس ونهايته قتل للأنفس وكل ما بين النهايتين انفجارات متتابعة لتصل إلى تلك النهاية المحزنة.



فقايين كان معجبا بتقدمته وإذ رُفضت من قبل الرب بينما ذبيحة أخيه قد قبلت نراه يحسد أخاه ويحتد عليه وانتهى به الأمر إلى قتله.(تك4: 3ـ11)

وعيسو يصل به الأمر إلى الشروع في قتل أخيه يعقوب.(تك27: 41).

وأخوة يوسف يتآمرون على قتله.(تك37: 18ـ24).

وشاول الملك إذ يحسد داود ويغير منه يطارده لكي يقتله.(1صم18: 10)

وهامان يدبر مكائد ويرسم خططا لقتل مردخاى.(إس3: 6).

والكهنة وروساء الكهنة بدافع من الغيرة والحسد يثيرون اليهود ويحرضون الرومان على صلب السيد المسيح.(مت27).



وأنت أيها الأخ الحبيب هل أنت معجب بنفسك، حاسد لأخيك تدبر المكائد وتحيك المؤامرات وترسم الخطط لقتله وإن لم يتم لك ذلك عمليا فهل أنت تتمنى موته من كل قلبك ليختفي من مسرح الحياة لتنفرد أنت بالمجد والكرامة؟.



سؤال يفرض نفسه:

ربما مع قراءة هذه الأمراض تسأل: وما هو العلاج؟

لك حق يا أخي فالعلاج هو أهم ما في الموضوع. فهيا بنا لنرى أسلحة محاربتنا.


ثالثا: أسـلحـة محـاربـتنا

لقد استعرضنا معا قوات إبليس المعاند والآن لنستعرض أسلحة محاربتنا المضادة حتى نتعرف عليها فنستخدمها في حروبنا الروحية لكي نغلب وننتصر.

واعلم يا أخي أن أسلحة محاربتنا ليست ضعيفة وإنما هي في غاية القوة إذ يقول معلمنا بولس الرسول "أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون" (2كو4:10).

واليك تلك الأسلحة عساك تتسلح بها :-



( 1 ) سـلاحنا البـرى [ سيف الروح ]

فإذ يتعرض بولس الرسول للأسلحة الروحية نراه يقول : "وسيف الروح الذي هو كلمة الله."(اف17:6).

فالسيد المسيح في حروبه على الجبل في البرية قد استخدم هذا السلاح الماضي الذي سدده إلى قلب إبليس ففر من أمامه هاربا. ففي التجارب الثلاث نرى السيد المسيح يرد على إبليس قائلا: "مكتوب … "

وهكذا الأمر معك يا أخي عندما يحاربك إبليس بشهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة من مغريات عالمية وملذات جسدية ومحبة المال والذات امسك بسيف الروح الذي هو كلمة الله واطعن به إبليس فلا يستطيع أن يثبت أمامك.

وإذ اختبر معلمنا يعقوب الرسول قوة هذا السلاح نراه يوصى المؤمنين قائلا: "اقبلوا بوداعه الكلمة المغروسة القادرة أن تخلص نفوسكم"(يع21:1).

وبولس الرسول يقول لتلميذه تيموثاوس "إنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص."(2تى15:3).

فهل أنت متمسك بكلمة الله؟ هل تذكر يا أخي قول الرب: "لتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم عل قلبك وتكلم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشى في الطريق وحين تنام وحين تقوم. واربطها علامة على يدك ولتكن عصائب بين عينيك."(تث6:6ـCool.

آه يا أخي لقد أصبحت قراءتك للكتاب المقدس مجرد واجب ثـقيل تؤديه بمنتهى السرعة وبكل ضيق لهذا أنت لا تستفيد منها شيئا. ضع في قلبك أن تقرأ الكتاب المقدس لتتسلح به متخذا من آياته ذخيرة حية تطلقها على العدو متى هاجمك. فهي قادرة أن تخلصك (يع21:1).

ولكن اعلم يا أخي أن مجرد ترديد كلمة الله لا يقدر أن يخلصك وإنما مفعول الكلمة هو في أن تخضع فكرك وتستأسره للمسيح. لهذا فبولس الرسول عندما قال "أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون."(2كو4:10)، أكمل قائلا: "هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستاسرين كل فكر إلى طاعة المسيح" (2كو5:10).

فليست العبرة بترديد الآيات بينما الفكر مستعبد للشهوات وإنما يجب أن تستأسر الآيات الفكر للمسيح. ولهذا أيضا قال بولس الرسول "أما نحن فلنا فكر المسيح"(1كو16:2).



( 2 ) سـلاحنا البحـري [غواصة الإيمان]

لعلك تذكر يا مبارك أسلحة الشيطان البحرية التي بها يريد أن يقطع رجاءنا، إذ يجرنا في دوامة الشكوك والخوف والقلق والحزن والضجر واليأس.

ولكن شكرا لله الذي لم يتركنا فريسة لمخاوفه، بل أعطانا سلاحا مضادا يستطيع أن يخرجنا من تلك اللجج بسلام ذلك السلاح هو "غواصة الإيمان" فبطرس الرسول يشير إلى ذلك السلاح قائلا: "قاوموه راسخين في الإيمـان"(بط9:5).

وبطرس الرسول لم يكتب ذلك عبثا، بل كتبه عن اختبار شخصي، فهو لم ينسى دوامة الشك التي أُخذ فيها وكاد أن يغرق لولا صراخه قائلا يا رب نجني. فأسرع يسوع وأنقذه ممسكا بيده ثم وضح له سبب سقوطه في هذه الدوامة قائلا: "يا قليل الإيمان لماذا شككت؟"(مت3014ـ31).

وأركان الإيمان في حرب اليأس ترتكز حول:-



( أ ) الثقة في صدق كلام الله ومواعيده:

فيسوع نفسه قال "السـماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يـزول"(مت35:24).

وقال أيضا "زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس."(لو71:16).

فهل تثق أن الله صادق في مواعيده؟ اسمع ماذا يقول نحميا النبي "وقطعت معه (مع إبراهيم) العهد … وقد أنجزت وعدك لأنك صادق."(نح8:9). ومواعيد الله لنا عديدة بخصوص عنايته بنا ومحافظته علينا أضع منها أمامك ما يلي :-

* قول بطرس الرسول في معالجته لموضوع الإيمان، إذ قبل أن يقول "قاوموه راسخين في الإيمان"(1بط9:5). سبق فقال "ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم"(بط7:5).

* وفي نفس الإصحاح يعالج موضوع حفظ الله لنا فيقول: "وإله كل نعمة الذي دعانا إلى مجده الأبدي … هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمـكنكم."(1بط10:5).

* وقد سبق وأوضح في نفس الرسـالة ذات المعنى فقال: "أنتم الذين بقوة الله محروسون"(1بط5:1).

* ثم ألا تعلم يا أخي أن موضوع حفظك قد كلف به المسيح أباه عندما قال له "أيها الآب القدوس احفظهم في اسمك"(يو11:17).

* ثم يقول له "حين كنت معهم في العالم كنت احفظهم في اسمك … أما الآن فأنى آتى إليك … لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشـرير."(يو12:17ـ15).

وحتى لا تظن يا أخي أنك خارج عن دائرة المحفوظين بيد الله القوية أكمل السيد المسيح صلاته الشفاعية قائلا: لست أسأل من أجل هؤلاء فقط، (أي التلاميذ) بل أيضا من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم" (يو20:17). فماذا تريد يا أخي بعد ذلك؟!!

* أو لم تسمع قط هذا الوعد "من يقبل إلى لا أخرجه خارجا"(يو37:6). تمسك إذن بمواعيد الله في ثقة وقاوم إبليس راسخا في الإيمان.



( ب ) الثقة في معية الله:

فالله معك في كل الظروف، في الظلام كما في النور، في الضيق كما في الفرج، في الحزن كما في الفرح، في البحر كما في البر، لأن اسمه "عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا"(مت32:1).

وإن كان الله معنا فمن علينا ؟! (رو31:Cool.

واسمع المرنم إذ يقول "إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا لأنك معي"(مز4:23).

فقل إذن مع المرنم "جعلت الرب أمامي في كل حين لأنه عن يميني لكي لا أتزعزع"(مز 8:16).

وأصغ إلى صوته المطمئن "لا تخف لأني معك"(تك24:26). فلماذا تخاف يا أخي وتضطرب والرب معك؟! أليس خوفك ناتج من عدم ثقتك في معية الرب لك؟! إذ تظن أنك تسير في الحياة بمفردك وتقابل الضيقات والتجارب بمفردك وقد نسيت وعده القائل "معه أنا في الضيق أنقذه وأمجده وأريه خـلاصي"(مز15:19).

ليتك يا أخي تثق تماما في وجود الله معك وسكناه في داخلك لأنه مكتوب "أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم"(1كو16:3).

وأمامك يا أخي العزيز أضع أنشودة الإيمان والسلام التي عزفها المرنم منشدا: [لأنه ينجيك من فخ الصياد، ومن الوبأ الخطر بخوافيه يظلك، وتحت أجنحته تحتمي لا تخشى من خوف الليل، ولا من سهم يطير في النهار، ولا من وبأ يسلك في الدجى. ولا من هلاك يفسد في الظهيرة يسقط عن جانبك ألف. وربوات عن يمينك. إليك لا يقرب لا يلاقيك شر. ولا تدنوا ضربة من خيمتك عل الأسد والصل تطأ، الشبل والثعبان تدوس. لأنه تعلق بي أنجيه. أرفعه لأنه عرف اسمى. يدعوني فاستجيب له. معه أنا في الضيق أنقذه وأمجده من طول الأيام أشبعه. وأريه خلاصي.] (مز3:91ـ16).



(جـ) الثقة في قبول الرب لك رغم سقطاتك:

فبطرس الرسول يقول "لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة"(2بط9:3).

وحزقيال النبي يقول "وأنت يا ابن آدم كلم بيت إسرائيل وقل: أنتم تتكلمون هكذا قائلين. إن معاصينا وخطايانا علينا وبها نحن فانون فكيف نحيا؟ قل لهم حي أنا يقول السيد الرب إني لا أسر بموت الشرير بل بأن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا"(حز10:33ـ11).

فحزقيال النبي هنا يوضح بجلاء قلب الله الرحيم الذي يتغاضى عن سقطاتنا ولا يسر بإهلاكنا بل برجوعنا إليه لنحيا.

ولهذا كتب يوحنا الحبيب قائلا: "يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا"(1يو1:2ـ2).

فكثيرون يا أخي يخطئون إذ يظنون أن الحياة مع الله هي حياة العصمة. كلا يا أخي فمهما بلغ المؤمن من درجات في القداسة هو معرض للسقوط وربما يسقط فعلا. فو إن كان القصد من حياتنا مع الله أن لا تخطئ ولكن طالما نحن في سجن هذا الجسد الترابي فنحن معرضون للسقطات بحكم ضعفنا البشرى … فإن سقطنا لنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار إذ قدم دمه كفارة لخطايانا.

لهذا لا تيأس يا أخي إن أُخذت في سقطة ولكن اصرخ مع النبي قائلا: "لا تشمتي بي يا عدوتي إذا سقطت أقوم"(مى8:7).

واسمع يا أخي قول القديس مار افرام السرياني: [ليتني التصق بالله لأنه متعطف على البشر، واقبل إلى طريق الخلاص. وأتوكل على من خلقني فما أيأس من خلاصي لأنه جزيل التحنن فائق في صلاحه. إن كان العدو جرحني فأنت يارب تشفي جراحاتي برأفتك، وتنتشلني من يديه لئلا يجعلني مأكلاً للنار والدود.]

وإليك أيضاً قول يوحنا ذهبي الفم: [إن كان الشيطان لديه هذه المقدرة أن يطرحك أرضا من العلو الشامخ والفضيلة السامية إلى أبعد حدود الشر. فكم بالأكثر جدا يكون الله قادرا أن يرفعك إلى الثقة السابقة ولا يجعلك فقط كما كنت بل أسعد من ذي قبل. لا تيأس ولا تطرح الرجاء الحسن ولا تسقط فيما يسقط فيه الملحدون. فإنه ليست كثرة الخطايا هي التي تودي إلى اليأس بل عدم تقوى النفس. الشرير يستخدم كل الحيل ليزرع فينا فكر اليأس. فإن نجح في ذلك فلن يحتاج بعد إلى جهاد أو تعب في صراعه ضدنا، مادمنا منطرحين وساقطين وغير راغبين في المقاومة ... فمن يقدر أن يتخلص من هذه السلسلة، ويستعيد قوته، ولا يكف عن المقاومة ضد الشيطان حتى آخر نسمة، حتى ولو سقط مرات كثيرة بلا عدد، مثل هذا يقوم ويضرب عدوه.

أما من كان في عبودية أفكار اليأس ... فكيف يقدر أن يغلب وهو لا يقاوم بل يهرب أمام عدوه ؟! N. &P. FRS, Series 2. Vol. 11 P



وإليك هذه القصة من بستان الرهبان ليثبت إيمانك فتطرد شيطان اليأس من أمامك: قيل عن أخ كان ساكنا في دير أنه من شدة القتال كان يسقط في خطية الزنا مرارا كثيرة. وكان هذا الأخ يجاهد ويثابر في إيمان وصبر لكي يسترد ثوب طهارته ولا يكف عن الطلبة والدعاء قائلا: "يارب أنت ترى شدة حالي وحزني فانشلني يارب إن شئت أنا أم لم أشأ، لأني مثل الطين اشتاق وأحب الخطية. وأنت أيها الإله القوى امنعني عن النجاسة، لأنك إن كنت ترحم القدسيين فقط فليس هذا بعجيب، وإن كنت إنما تخلص الأطهار فقط فما الحاجة، لأن أولئك مستحقون.

ولكن فيَ أنا الغير مستحق يا سيدي أرى عجب رحمتك لأني إليك أسلمت نفسي."

هذا ما كان يردده كل يوم سواء أخطأ أو لم يخطئ ... وإذ كان يصلى ذات يوم ضجر منه الشيطان! شيطان اليأس! وغُلب من حسن رجائه ظهر له وجها لوجه وهو واقف يصلى وقال له : أما تخزى أن تقف بين يدي الله وتذكر اسمه بفمك النجس؟ فقال له هذا الأخ: ألست أنت تضرب مرزبة (عصا) وأنا أيضا أضرب مرزبة؟ أنت توقعني في الخطية، وأنا أطلب من الله الرحوم أن يتحنن على، سوف أصارعك هكذا حتى يدركني الموت ولن أقطع رجائي من الهي، ولن أكف عن الاستعداد لك. وسننظر من يغلب أنت أم رحمة الله.

فقال له الشيطان: من الآن لا أعود إلى قتالك لئلا يكون لك إكليل من الرجاء ... وانتصر الإيمان والرجاء وتبدد اليأس وتمتع هذا الأخ ببهجة الخلاص

فلا تيأس يا أخي مهما سقطت بل قم فتخلص، فما أعجب ما كتبه يوحنا ذهبي الفم قائلا: "السقوط في ذاته ليس بالأمر الخطير، بل يكمن الخطر في البقاء منطرحا بعد السقوط، وعدم القيام مرة أخرى"



(3) سـلاحنا الجـوى: [حلـة الإتضاع]

إن رجال الفضاء الذين يقذف بهم إلى العـلو الشاهق في منطقة انعدام الوزن لابد لهم وأن يلبسوا حلة فضاء معينة تـقيهم من أخطار ذلك الجو.

وهكذا في حياتنا الروحية عندما يقذفنا إبليس فكرياً إلى طبقات الكبرياء العليا علينا أن نلبس حلة الاتضاع هذه هي الإماتة وصلب الذات. فلقد سبق وارتداها بولس الرسول إذ قال "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فـي."(غل20:2).

ويتضح لنا من قول بولس الرسول أن الاتضاع ليس هو مجرد إماتة الذات وصلبها فحسب بل هو أسمى من ذلك. إذ أن إماتة الذات وصلبها ليس إلا وسيلة لنصل إلى الاتضاع الحقيقي وهو حياة المسيح فينا. فإماتة الذات بدون حياة المسيح فينا ليس باتضاع وإنما هو ضرب من الانتحار، وهيهات أن يتم بذلك الإتضاع، والحقيقة أنها محاولات فاشلة لا تؤدى إلا إلى العلل والأمراض النفسية وانحراف الشخصية.

وإليك يا مبارك مفهوم الاتضاع فهو :-



( أ ) إلغاء إرادة الذات لتحل إرادة الآب فينا:

فيسوع الذي قال لنا " تعلموا منى لأني وديع ومتواضع القلب."(مت11: 29). نراه في مشهد الاتضاع متجليا في بستان جثماني قبيل صلبه قائلا: "ليكن لا ما أريده أنا بل ما تريد أنت."(مز36:14).

فيسوع المتضع يلغي إرادة ذاته ويحل إرادة الآب عوضا عنها. هكذا أيها الحبيب إذ نتعلم من يسوع الاتضاع يجب أن يكون لنا فكر المسيح. " أما نحن فلنا فكر المسيح."(1كو16:2) فنلغي إرادتنا تماما ولنتصرف بإرادة الآب، كما كان يفعل يسوع فقد قال "لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئة الذي أرسلني. وهذه مشيئة الآب الذي أرسلني، إن كل ما أعطاني لا أتلف منه شيئا بل أقيمه في اليوم الأخير.(يو38:6ـ39).

وقد علق على هذا القول القديس أغسطينوس قائلا: "هذا هو سر الاتضاع، فبينما الكبرياء هو عمل مشيئة الذات، فالاتضاع هو عمل مشـيئة الآب."

N. P. FRS 1 St Series vol. 7 p. 100.



( ب ) إخفاء الذات ليظهر المسيح فينا:

فالاتضاع الحقيقي يا أخي هو إخفاء الذات وإظهار شخص يسوع في حياتنا.



U المعمدان كمثال:

ت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
RAANIAA GIRL
عضو ماسي
عضو ماسي
RAANIAA GIRL


الجنس : انثى
الثور
عدد المساهمات : 700
التقييم : 1092
تاريخ التسجيل : 10/09/2011
الموقع الموقع : الاردن
البلد التي انتمي اليها : مزاجية

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 18, 2011 2:53 am


ميرسي كتير جورجينا
حلو ربنا يباركك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
RAANIAA GIRL
عضو ماسي
عضو ماسي
RAANIAA GIRL


الجنس : انثى
الثور
عدد المساهمات : 700
التقييم : 1092
تاريخ التسجيل : 10/09/2011
الموقع الموقع : الاردن
البلد التي انتمي اليها : مزاجية

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 18, 2011 2:53 am


ميرسي كتير جورجينا
حلو ربنا يباركك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
georgina
المميز(ة)
المميز(ة)
georgina


الجنس : انثى
الجدي
عدد المساهمات : 4920
التقييم : 2705
تاريخ التسجيل : 03/09/2011
البلد التي انتمي اليها : افتش

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 18, 2011 7:19 am

RAANIAA GIRL كتب:

ميرسي كتير جورجينا
حلو ربنا يباركك



أسفة انو طويل

يعني هايكون صعوبة بقراءته بس لما الموضوع مهم جدااااا جدااااااااااا ما بيأخذ هادالحجم

ربنا يباركك

منورة يارانيا

انا كان عندي رفيقة مدرسة اسمها رانيا بجد كنت بحبها كثثير

بعدين افترقنا

ربنا يباركك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
KALIMOOO
ADMIN
ADMIN
KALIMOOO


الجنس : ذكر
الحمل
عدد المساهمات : 17062
التقييم : 10891
تاريخ التسجيل : 09/08/2011

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 18, 2011 7:57 pm

ميرسي لتعبك يا جورينا
موضعك هايل ومتكامل
ربنا يباركك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/groups/165912160129695/?id=2135138053695
asmicheal
الرتبة: مشارك بالتأسيس ومشرف(ة)سابقة
الرتبة: مشارك بالتأسيس ومشرف(ة)سابقة
asmicheal


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3731
التقييم : 410
تاريخ التسجيل : 09/08/2011

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 18, 2011 9:16 pm


موضوع جميل جورجينا

شكرا ليكى امورتى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/pages/%D8%AC%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D9%85%D9
SIMONAAA_GIRL
عضو مبارك(ة)
عضو مبارك(ة)
SIMONAAA_GIRL


الجنس : انثى
الميزان
عدد المساهمات : 700
التقييم : 680
تاريخ التسجيل : 11/09/2011
البلد التي انتمي اليها : تلميذة

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 19, 2011 4:41 am



ميرسي على الموضوع الرائع

ربنا يبركك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
better off maro
الرتبة: مشارك بالتأسيس ومشرف(ة)سابقة
الرتبة: مشارك بالتأسيس ومشرف(ة)سابقة
better off maro


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 6678
التقييم : 2476
تاريخ التسجيل : 09/08/2011
الموقع الموقع : قلب يسوعي
البلد التي انتمي اليها : الرسم والموسيقي

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 19, 2011 7:40 am

جميل يا قمر ميرسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/pages/%D8%AC%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D9%85%D9
jolliette
المميز(ة)
المميز(ة)
jolliette


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3648
التقييم : 1063
تاريخ التسجيل : 18/08/2011
البلد التي انتمي اليها : Cairo

مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية   مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 31, 2011 5:39 am

رائعة وجميلة جدا سكرة
مشكوررة كتيرر جورجينا
الرب يباركك


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/groups/165912160129695/?id=2128895820986
 
مفهوم الجهاد الروحي في المسيحية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مفهوم القداسة المسيحية
» عدم النضج الروحي
» النوم الروحي
» من هو الزّعيم الروحي للإيزدييـن في العالــم ؟
» تيمـوثـاوس هـو الابن الروحي لبولس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى يسوع المخلص :: المواضيع الروحية :: منتدى التأملات والمواضيع الروحية-
انتقل الى: