طهران تستثني النّفط من ميزانيتها تهرّبا من العقوبات الأميركية !
الأحد 08 ـ 12 ـ 2019
واشنطن اعتبرت الاحتدجاجات في إيران التحدي الأسوأ الذي يواجه النظام
في طهران بعد العقوبات المفروضة عليه.
ميدل ايست أونلاين :
روحاني يدعو لتقليص الاعتماد على النفط فيما يتم تهريبه في الخفاء
طهران - عرض الرئيس الإيراني حسن روحاني على مجلس الشورى الأحد ما
وصفها بـ " ميزانية مقاومة " العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على بلاده،
في محاولة يائسة لامتصاص غضب الشارع على الأوضاع الاقتصادية الخطيرة
التي خرج الإيرانيون للشارع احتجاجا عليها وقوبلت بالرصاص والقمع.
وقال روحاني للبرلمان في تصريحات تم بثها على الإذاعة الرسمية
" ميزانية العام المقبل، كما كان الحال العام الجاري، هي ميزانية مقاومة وصمود
في وجه العقوبات " ، في وقت لا تزال السلطات تحاول إخماد الاحتجاجات
التي تعتبرها واشنطن التحدي الأسوأ الذي يواجه النظام في طهران بالإضافة
إلى العقوبات المفروضة عليه.
وأضاف الرئيس الإيراني أن " هذه الميزانية ستعلن للعالم أنه بالرغم
من العقوبات، سندير البلاد، خصوصًا في ما يتعلق بالنفط ".
وحدد قيمة مسودة الميزانية عند حوالي 4845 تريليون ريال
( 38.8 مليار دولار بسعر السوق الحرة ) للسنة الإيرانية المقبلة
أي بزيادة حوالي 10 بالمئة عن عام 2019 في وقت تعاني البلاد
من معدل تضخم وصل إلى نسبة 40 بالمئة.
وأكد روحاني أن موازنة العام الجديدة لا تعتمد تقريبا على إيرادات
صادرات النفط، التي سيتم صرفها على المشاريع العمرانية فقط.
وتأتي ميزانية العام المالي المقبل الذي يبدأ في آذار/ مارس 2020
بعد قرار رفع سعر البنزين الذي صدر عن الحكومة في منتصف
تشرين الثاني / نوفمبر وتسبب باندلاع تظاهرات داميةفي أنحاء الجمهورية الإسلامية.
وأعلن روحاني في خطابه عن زيادة بنسبة 15 بالمئة لرواتب
موظفي القطاع العام في البلد الذي يرزح اقتصاده
تحت وطأة العقوبات الأميركية.
زيادة بـ10 بالمئة في الميزانية المقبلة دون اعتماد صادرات النفط
في وقت تعاني إيران من معدل تضخم وصل إلى نسبة 40 بالمئة
وبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض العقوبات في أيار/ مايو 2018
بعدما انسحب بشكل أحادي من الاتفاق النووي الذي نص في 2015
على تخفيف العقوبات على إيران مقابل فرضها قيوداً على برنامجها النووي.
وأبلغت واشنطن جميع الدول والشركات بوقف واردات النفط الإيراني
وإلا فسيتم عزلها عن النظام المالي العالمي.
وتوقع صندوق النقد الدولي بأن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 9.5 بالمئة هذا العام
بعدما كان توقع في نيسان / أبريل انكماشا بنسبة 6 بالمئة، مع تأثر البلد
بتشديد العقوبات الأميركية.
وأعادت واشنطن فرض عقوبات تهدف إلى وقف جميع صادرات النفط الإيرانية،
قائلة إنها تسعى لإجبار إيران على التفاوض للتوصل إلى اتفاق أوسع نطاقا،
لكن طهران ترفض إجراء محادثات ما لم تتراجع واشنطن وتلتزم بالاتفاق النووي
وتلغي جميع العقوبات.
وطالت العقوبات الأميركية على طهران مسؤولين بارزين في النظام الإيراني،
وشملت قطاع الإنشاءات والتجارة في أربع مواد تستخدم في برامجها العسكرية
أو النووية وشركات، ما عمق أزمة الاقتصاد الإيراني الذي يعاني
ركودا حادا منذ بداية التوتر العام الماضي.
كما تسري العقوبات الأميركية على المؤسسات المالية الأجنبية
التي تتعامل مع البنك المركزي وبقية المصارف الإيرانية وتشمل أيضا
الشركات المشغلة للموانئ وأحواض بناء السفن وشركات النقل البحري الإيرانية.
والشهر الماضي أقر روحاني بالخطر العقوبات الأميركية الشديد
على اقتصاد بلاده قائلا إن 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 مثل
" أسوأ أنواع الحظر" ضد بلاده على مر التاريخ.
ودأبت طهران على إصدار التصريح ونقضيه بشأن العقوبات فهي تتحدث حينا
عن عقوبات مدمرة لاقتصادها وأحيانا أخرى عن قدرتها على الصمود
وتفكيك ما تعتبرها مؤامرة أميركية.
وفيما يقول روحاني إن بلاده ستقلص من اعتمادها على صادرات النفط
أكد نائبه إسحاق جهانجيري الاثنين الماضي، إن " طهران مستمرة
في بيع نفطها على الرغم من ضغط أميركا وعقوباتها
المفروضة على صادراتنا النفطية ".
وأضاف " ما زلنا نواصل بيع نفطنا باستخدام سبل أخرى،
حتى مع توقف دول صديقة عن شراء خامنا خشية عقوبات أميركا "،
مشيرا إلى أن " أقصى ضغط " لواشنطن على طهران فشل.
وسبق لوزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنغنة أن أكد استخدام طهران
لطرق " غير تقليدية " للالتفاف على العقوبات الأميركية ومواصلة بيع نفطها.
وقال الوزير في يونيو الماضي " لدينا مبيعات غير رسمية أو غير تقليدية،
جميعها سرية، لأن الولايات المتحدة ستوقفها إن علمت بها ".
وكشف تقرير سابق لمجلة فورين بوليسي الأميركية أن إيران لم تعد
تستطيع الصمود أكثر، حيث كانت خطتها تقضي بأن تضغط على نفسها
حتى انقضاء عهدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحالية، لكن التطورات الميدانية
وعجز البلدان الأوروبية عن مساعدتها دفعها للتصعيد بتهديد أمن المنطقة والتحايل
على العقوبات بشتى الطرق.
ولجأت إيران إلى تقليص اعتمادها على صادرات النفط بعد أن فشلت
في تهديد امدادات النفط العالمية حين هاجمت هي ووكلائها في المنطقة
السفن التجارية في مضيق هرمز ومنشآت نفط سعودية في محاولة
لتخفيف الضغط عليها بعد أن خنقت العقوبات الأميركية اقتصادها ولم تستطع
محاولات تهريب النفط التخفيف من وطأتها.
ويتفاقم خوف النظام الإيراني مع تزايد وتيرة احتجاجات في الداخل،
حيث يرافق الركود الاقتصادي انتشار الفساد بين كبار المسؤولين
في الدولة الإسلامية، في وقت تسارعت فيه وتيرة الفقر بين الإيرانيين أكثر
من أي وقت مضى.
ويشير واقع الحال في إيران إلى أن الاقتصاد الإيراني يعاني
من هزّات خطيرة مع تدهور قيمة الريال وشح في السيولة النقدية والعملة بالنقد الأجنبي
وهي تأثيرات يمكن ملاحظتها في الأسواق الإيرانية ويمكن استنتاجها
من خلال بيانات رسمية تشير في مجملها إلى تراجع إيرادات
قطاعات حيوية وتضرر قطاعات معيشية تقليدية.
ومع تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد انفجر الشارع الإيراني
ليل الجمعة 15 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، حيث نزل آلاف المواطنين
للاحتجاج على إثر زيادة مفاجأة في سعر البنزين، واندلعت المواجهات
التي قابلتها السلطات بالعنف منذ اللحظات الأولى
في عدد كبير من المدن والمحافظات.
وقالت جماعات حقوقية إن الاضطرابات التي انتشرت بسرعة إلى أكثر من 100 مدينة وبلدة إيرانية،
هي الاحتجاجات المناهضة للحكومة الأكثر دموية منذ الثورة الإسلامية عام 1979،
حيث أسفرت عن مقتل أكثر من 200 محتج، بحسب منظمة العفو الدولية.