يريدنا الله أن نفكّر في كل ما هو حقّ وجليل وعادل وطاهر ومُسِرّ وكل ما صيته حسن, لذلك يجب أن نقيس كلماتنا على الصفات السابقة قبل أن نتفوّه بها، وكتابنا هذا يتحدث عن فم الإنسان البارّ ويبحث عما هو اللسان, ذلك العضو الصغير الذي به نبارك الله وبه نلعن الناس, وتقدّم الكاتبة من خلال سطور كتابها هذا دعوة لتكون كلماتنا ولساننا لمجد الله كل أيام الحياة.
الفصل الأول: ينبوع مياه
لا شكّ أنّ البداية الصحيحة هي البداية لكل أمور صالحة. لذا فعندما تمتلئ حياتنا بشخص الرب نصبح مُلكاً للينبوع الحي الذي ننهل منه ونعكس صورته، وأوّل خطوة لجعل الله يأتي ويملأ حياتنا هي أن ندعو شخص المسيح ليأتي ويدخل إلى حياتنا ويسيطر على زمام الأمور ويملك على أحاديثنا، ويملأ كل أفكارنا، وتقول الكاتبة إننا عندما نبدأ يومنا بتسبيح العلي سنساعد أفكارنا وأقوالنا أن تكون مملوءة بفكر الرب طوال اليوم, وليس التسبيح فحسب بل أن نلهج أيضاً بالكلمة كما تقول كلمة الرب: "حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم" (تثنية 6: 7). من هنا ستجدين الحكمة والحقّ وكلمات محبة صادقة وتشجيع للآخرين تملأ حياتك، وتصبح كلماتك ينابيع حياة لمَن يستمع إليها.
الفصل الثاني: هل التباهي خطية؟
كثيراً ما نذكر أسماءنا ومكانتنا الاجتماعية وخدمتنا الناجحة, ونبرّر تفاخرنا وتباهينا هذا بأن نشارك الآخرين باستجابة صلواتنا، وهنا لا يستطيع أحد أن يحكم على دوافعنا سوى الله, فالكتاب المقدس يقول: "ليمدحك الغريب لا فمك، الأجنبي لا شفتاك" (أمثال 27: 2). إننا عندما نتفاخر بإنجازاتنا وأهميتها ومنزلتنا الرفيعة فإنّ ذلك يكون خطية، فالتفاخر يجذب الانتباه لذاتي أنا، وكثيراً ما يسبّب هذا التفاخر أذىً للآخرين إذ نضعهم في موضع مقارنة قد يجلب الحقد في داخلهم، ليس ذلك فقط بل إننا بالتفاخر أيضاً لا نعطي المجد لله ولا نهذّب ونبي المؤمنين الآخرين, إلا أنّ الله وحده الذي يمكنه أن يساعدنا لكي نتحرّر من التفاخر.
الفصل الثالث: التذمر والشكوى
كثير من المؤمنين دائمو التذمر والشكوى، وسبب روح الشكوى والتذمر هو عدم الرضا والقناعة بأنفسنا وبأحوالنا وبعلاقتنا بالآخرين ومع العالم كله, وعندما لا نكون قانعين فإننا نصبح كثيري الشكوى, وعدم كوننا قانعين يكون غالباً بسبب ميلنا للمقارنة, وعندما لا نشعر بالرضا يكون من السهل أن نجد شخصاً نقارن به أنفسنا، وتدعونا كلمة الحقّ: "افعلوا كل شيء بلا دمدمة ولا مجادلة، لكي تكونوا بلا لوم، وبسطاء، أولاد الله بلا عيب" (فيلبي 2: 14), وهذه أول خطوة لشفائنا مع حرصنا ألا نضع في أذهاننا أموراً أو مواقف سلبية حدثت لنا في الماضي، فإذا فعلنا هذا سنتخلّص من السموم التي تؤذينا, ويمتلئ نبعنا باستمرار بمياه عذبة نقيّة ونتخلّص من المياه الراكدة العفنة.
الفصل الرابع: الكلام الطائش والمتهوّر
"يوجد من يهذر مثل طعن السيف، أما لسان الحكماء فشفاء." (أمثال 12: 18). إنّ الكلمات الطائشة المتهوّرة هي الكلمات التي لا تبالي بالنتائج، فهي كلمات غير مسؤولة تُقال بتهوّر ودون تفكير مما قد يسبّب ألماً للآخرين، وكثيراً ما تكون كلماتنا متهوّرة كنتيجة للشفقة على النفس التي هي أسهل من ضبط النفس الذي يعنى ضبط اللسان "مَن يحفظ فمه يحفظ نفسه" (أمثال 13: 3)، لذا نحتاج أن نصلّي لكي تكون لنا الحساسية السريعة لمعرفة صوت الروح القدس في داخلنا, فعندما يبكّتنا على حديث طائش أو متهوّر علينا أن نعترف أنّ هذا الحديث خطية يجب أن نعترف بها، وكذلك يجب أن نطلب من الله أن يعالج هذا الأمر.
الفصل الخامس: القيل القال والنميمة
عادة ما تكون النميمة عبارة عن أخبار غير حقيقية نقولها عن شخص آخر بنيّة خبيثة لتدمير سمعته، أما في الإنجيل فتعبير "نميمة" تجاوز الأخبار غير الحقيقية، ففي العهد القديم استُخدمت كلمة نميمة عن التقارير السيّئة عن شخص ما مثل ما ورد في قصة يوسف "وأتى يوسف بنميمتهم الرديّة إلى أبيهم" (تكوين 37: 2)، أما في العهد الجديد فإنّ الرسول يعقوب قال: "لا يذمّ بعضكم بعضاً" (يعقوب 4: 11)، وهناك حقيقة سيكولوجية وهي أيضاً حقيقة كتابية أننا نكون مثلَ ما نفكّر فيه "من فضلة القلب يتكلّم اللسان", وعندما تكون أفكارنا غير نقية، فإنّ واحدة من النتائج أن تكون أحاديثنا عبارة عن دردشة بشعة، والقيل والقال تفصل الأصدقاء الحميمين "النمّام يفرّق الأصدقاء" (أمثال 16: 28). لهذا السبب نحتاج أن تكون أفكارنا نقية حتى يصبح كلامنا مُسِرّاً لله.
الفصل السادس: الغضب
الغضب هو عاطفة مثل الحزن والفرح والخوف, ويقول كثير من الناس إنّ عاطفة الغضب ليست صالحة ولا سيئة، وتقول الكاتبة: في كثير من الأحيان عندما أتوقّف لكي أفحص نفسي لماذا أشعر بالغضب, أكتشف أنّ هذا يحدث عندما أكون متعبة جسدياً أو لأنني مشدودة ومتوترة، أو لأنّ احتياطي العواطف الذي عندي منخفض، أو لأنني استُنزفت روحياً. عندئذ تكون الخطوة الأولى هي أن أستمرّ في التحكّم بالغضب إلى أن أحدّد سبب هذا الغضب، وأتذكّر أنّ الطريقة الإلهية للتعامل مع الغضب هي ضبط النفس: "اغضبوا ولا تخطئوا" (أفسس 4 :26), وأدرك أنني كمؤمنة أنمو في النعمة يجب أن أقلّل من غضبي وأن أكثر من ضبطي لنفسي، وهكذا أكون قد حصلتُ على واحدة من ثمار الروح القدس وهي ضبط النفس.
وأخيراً، اطلبي من الله أن يضع حارساً لفمك، وأن يجعلك حسّاسة لصوت تحذيراته لكي تتحكّمي في أقوالك، وتكوني شفوقة على الناس بدلاً من القسوة عليهم لتبني بدلاً من الهدم، وصلّي أن يحفظك الرب من الغضب الذي لا يصنع بِرّ الله.