العنصرية والانقسام والحملة الانتخابية ، " أمريكا تتفكك "!
الأربعاء 03 ـ 06 ـ 2020
الاضطرابات في الولايات المتحدة الأمريكية بعد مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد تكشف
عن التفاوت الاجتماعي العميق داخل المجتمع ، خبراء يعتقدون أن الرئيس ترامب يستغل الاحتجاجات
لمصلحته في الانتخابات المقبلة وقد ينجح في ذلك .
فاضت الكأس بالنسبة إلى جو بايدن ، مرشح الرئاسة الديمقرلطي الذي كتب على تويترفي الجمعة الماضية : " كفاية " ، كلمة نزلت مثل المطرقة ، وقبيل ساعات فقط تم توقيف أمريكي أسود على ذمة تحقيق الشرطة ،
لقد كان مراسلا لقناة سي إن إن أطلقت سراحه لاحقا الشرطة وعلى الرغم من ذلك كتب بايدن في هذا الصباح :
" أنا غاضب ويجب عليكم معرفة ذلك " .
الولايات المتحدة الأمريكية تنغمس في موجة عنف من كاليفورنيا إلى نيويورك ومن مينيابوليس إلى الساحل
في تكساس : في أكثر من 75 مدينة وقعت في الأيام الماضية صدامات قوية . وفي مدينة نيويورك
آحترقت سيارات شرطة وفي لوس أنجليس حصلت أعمال نهب .
" إنها لم تعد احتجاجات " ، قال اريك غارسيتي ، عمدة بلدية لوس انجليس .
" إنه تدمير " ،والشرارة التي أثارت هذه الاضطرابات هي الموت العنيف لجورج فلويد الذي قُتل الاثنين الماضي على إثر تدخل الشرطة من مينابوليس ، حالة مأساوية لكن ليست حالة استثنائية في علاقة مع عنف الشرطة العنصري في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكلمات فلويد الأخيرة " لا أستطيع التنفس " باتت شعار حركة
احتجاج على مستوى البلاد لم تشهدها أمريكا منذ عقود من الزمن ، والغضب والعنف عوضا الحزن والسخط .
مصرع فلويد يغذي الجدل حول الانقسام الاجتماعي !
والوفاة المأساوية لفلويد تغذي جدلا مبدئيا حول الانقسام الاجتماعي في الولايات المتحدة الأمريكية ،
وأزمة كورونا تبدو في هذا الإطار مثل مادة مشتعلة تكشف عدم المساواة في المجتمع بشكل أكبر من ذي قبل ، ومن لم تكن له وظيفة محترمة قبل تفجر الوباء وتأمين صحي معقول ودعامة مادية فقد كان معرضا بلا حماية لفتك الفيروس ، وبنسبة أعلى يطال هذا في الغالب السود والأمريكيين من أصول لاتينية ، وليست فقط نسبة العدوى والوفاة عالية بينهم ، فهم العمال البسطاء الذين فقدوا وظائفهم ، وغالبية الطبقة الوسطى من البيض
انتقلت في غالبية الحالات إلى العمل من المنزل وفي الغالب براتب كامل ، وبدون هوادة يكشف الوباء
عن التفاوت الاجتماعي في أمريكا .
عواصم العالم مثل هنا لندن تشهد احتجاجات ضد العنصرية !
" أعتقد أن البلاد تواجه أصعب أزمة منذ الحرب العالمية الثانية " ، يقول المحلل السياسي الألماني المتخصص
في الشأن الأمريكي كريستيان هاكه من بون ، فمن جهة يوجد اليأس البين من العنصرية التي تتفجر مجددا
مع وفاة فلويد ، ومن جهة أخرى هناك الانهيار الاقتصادي والمشاكل السياسية الداخلية للولايات المتحدة الأمريكية ، وتضاف إلى ذلك بلا منازع تبعات فيروس كورونا التي تؤدي بعدد أكبر من الأمريكيين إلى اليأس ، " وفاة فلويد هي في النهاية شرارة أدت إلى احتراق جميع البلاد " ، يقول هاكه .
وتكشف الاحتجاجات أيضا أنه ليس فقط السود من يصرخون من اليأس ، فمن بين غالبية المتظاهرين الشباب
يوجد أيضا أمريكيون بيض لهم مواقع مرموقة يشعرون على الأقل بنفس اليأس ، إنهم يائسون من بلد لا يمنع
عنف الشرطة والعنصرية ، بل يترك لها المجال .
هم يائسون من بلد برئيس مستفز وبدون بدائل سياسية .
" عندما تشاهدون جو بايدن ( المرشح الديمقراطي ) في التلفزة ، فإنه يبدو عجوزا ومكبلا في قبوه ،
ويشعر المرء تقريبا بأنه لا يقدر على شيء فكريا " ، يقول هاكه .
وفي النقيض يوجد الرئيس ترامب الذي يصعد الأزمة بتعصبه الأعمى ، رئيس أمريكي لا يوحد ،
بل يقسم البلاد منذ توليه السلطة ويكذب ويناشد الغرائز ، والاغتيال والاضطرابات تسرع تحول الحلم الأمريكي إلى كابوس أمريكي ، ما يدفع هاكه للقول :
" أمريكا تتفكك " .
تظاهرات في أمريكا للمطالبة بتحقيق العدالة لمقتل فلويد ، ترامب قد يكون المستفيد !
إنها ليست ظاهرة جديدة ، هذا الغضب المتفجر للأمريكيين ، هذا ما يقوله شخص عاش لسنوات في الولايات المتحدة الأمريكية وقام بحملة انتخابية لصالح باراك أوباما ، إنه يوليس فان دي لار الذي قاد في 2007 و2008 الحملة الانتخابية للديمقراطيين ، وفي 2012 أدار مجال التعبئة الانتخابية في ولاية أوهايو الحاسمة
في الانتخابات ، ومنذ تلك اللحظة كان المجتمع منقسما وعنف الشرطة والعنصرية كانا مطروحين ،
لكن نادرا ما تم توثيق التمييز ضد السود مثل اليوم ، والرئيس ترامب من جانبه يلعب من جانبه بكل هذه الأوراق ، ويعيش من تأليب الأمريكيين على بعضهم البعض ، " ترامب هو الرئيس الأول الذي يدرك أنه رئيس فئة معينة " ، يقول فان دي لار ، وعوض أن يكون رئيس دولة لجميع الأمريكيين ـ سواء كانوا بيضا أو سودا فقراء أو أغنياء ـ فإنه يهتم في الأساس بالناخبين البيض الذين قد يساعدونه في نوفمبر القادم ( موعد الانتخابات الرئاسية )
على تولي ولاية جديدة ، واستراتجية ترامب تكمن في بث بذور الفرقة ، ويخشى الخبير السياسي الألماني
هاكه أن ينجح في مخططه ، فترامب يجسد المادية والأنانية والشعور بالحرية غير المتناهي وغطرسة البيض
التي تلقى للأسف تأييدا صامتا ، ويقول هاكه : " أخشى أن يشعر الكثير من البيض بتأكيد الذات في عنصريتهم " .
زبرينة كيسلير/ م.أ.م : حلوى ومشروبات بـ " نكهة عنصرية " .
" هاريبو " تواجه اتهامات بالعنصرية بسب هذه الحلوى شفاه غليظة وأنف كبير:
هذه الحلوى الصغيرة كان من المفترض أن ترمز لرحلة أحد البحارة حول العالم والأشياءالتي جمعها من الرحلة ، موجة احتجاجات شديدة واجهتها شركة " هاريبو " بعد إنتاج هذه الحلوى ، إذ اتهمها البعض في السويد والدنمارك تحديدا بالعنصرية ، وكرد فعل على هذه الاتهامات ، قررت الشركة الألمانية سحب المنتج من البلدين ،
لكن الطلبعبر الإنترنت مازال متاحا .
المصدر / D W عربي .