توقيـع آتّفاق السلام في السّودان ؛ السّبت بحضور إقليمي ودُولي !
الجمعة 02 ـ 10 ـ 2020
رويترز :
الخرطوم / محمد أمين ياسين :
يطوي دوامة من الحروب الأهلية خلفت ملايين الضحايا بين قتيل ولاجئ ونازح .
البرهان وحمدوك وسلفا كير خلال توقيع اتفاق السلام بالأحرف الأولى في جوبا أغسطس/ آب الماضي .
تستعد جوبا عاصمة جنوب السودان ، يوم غد ( السبت ) ، لمراسم التوقيع النهائي على اتفاق السلام بين الحكومة السودانية وعدد من الفصائل المسلحة ، بحضور عدد من رؤساء الدول وممثلي البعثات والمنظمات الدولية ، ويطوي الاتفاق دوامة من الحروب والنزاعات آ متدت لسنوات طويلة في مناطق دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان ، وخلّفت آلاف الضحايا ونحو 3 ملايين لاجئ ونازح داخل وخارج البلاد ، ووصل جوبا أمس وفد المقدمة للسلطة الانتقالية ، ضمّ عدداً من المسؤولين في مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين ، بجانب ممثلين عن قوى التغيير ( التحالف الحاكم في السودان ) ، وشخصيات قومية ، ويقود الوفد السوداني الذي سيشهد مراسم التوقيع ، رئيس مجلس السيادة ، عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء ، عبدالله حمدوك ،ويمهد الاتفاق الذي وقع بالأحرف الأولى في أغسطس / آب الماضي ، لمشاركة الفصائل المسلحة في الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات ، كما خصص الاتفاق نحو 7 مليارات دولار تُدفع على 10 سنوات لإعادة إعمار وتأهيل المناطق المتأثرة بالنزاعات ، ومنذ تشكيل الحكومة المدنية في البلاد بعد ثورة ديسمبر / كانون الأول التي أطاحت بحكم البشير في أبريل / نيسان 2019 ، وضعت السلام في قمة أولوياتها ، وشرعت على الفور في إجراء اتصالات بالمسلحين ، بعد إعلان رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت ، إستضافة بلاده للمحادثات ، وآنطلقت المفاوضات رسمياً بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 ، وضمّت ممثلين عنْ شمال وشرق ووسط البلاد ، وتوصلت المفاوضات إلى رؤية مشتركة حول القضايا المطلبية للأقاليم والقضايا القومية لكل البلاد ، وبموجب الاتفاقية سيتمّ تعيين قادة الفصائل المسلحة في هياكل الحكم مجلسي السيادة والوزراء بالإضافة إلى منحهم نسبة 25 في المائة من مقاعد البرلمان الانتقالي الذي لم يتمّ تشكيله بعد ، ونصّ إتّفاق السلام في ملف الترتيبات الأمنية على دمج مقاتلي الحركات المسلحة وقوات الدعم السريع في الجيش السوداني ، وستجري العملية على 3 مراحل تكتمل بنهاية الفترة الانتقالية البالغة 30 شهراً ، ومن أبرز المجموعات المسلحة الموقعة على إتّفاق السلام ، حركة جيش تحرير السودان ، مني أركو مناوي ، والعدل والمساواة ، بقيادة جبريل إبراهيم والحركة الشعبية بزعامة مالك عقار ، بجانب فصائل أخرى ، وتخلفت عنْ المشاركة في عملية السلام ، حركة تحرير السودان ، التي يقودها عبدالواحد النور المقيم بالعاصمة الفرنسية باريس ، فيما لا تزال المفاوضات غير المباشرة مستمرة مع فصيل الحركة الشعبية شمال ، بزعامة عبدالعزيز آدم الحلو لإلحاقه بالمفاوضات ، ويواجه تنفيذ إتّفاق السلام على الأرض كثيراً من العقبات ، أبرزها الأوضاع الاقتصادية المتأزمة التي تواجه الحكومة الانتقالية التي ورثت تركة ثقيلة من النظام المعزول في كل المناحي ، وكانت الحكومة السودانية طلبت من الأمم المتحدة تشكيل بعثة سياسية تحت الفصل السادس لمساعدتها في عملية إكمال السلام و« الانتقالي » في البلاد وتبنى مجلس الأمن الدولي في يونيو/ حزيران الماضي ، قرارين بشأن السودان ، قضيا بتشكيل البعثة الأممية تحت مسمى يونتامس ، مهمتها تقديم الدعم لحكومة الانتقالية في بناء وتنفيذ اتفاقات السلام وحماية المدنيين في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، ومن المقرر أنْ تباشر البعثة الأممية التي آكتملت هياكلها مهامها مطلع يناير/ كانون الثاني2021 لمدة 12 شهراً كمرحلة أولى ، وفرضت أميركا حصاراً آقتصادياً على السودان ، وأدرجته في قائمة الدول الراعية للإرهاب ، بسبب تورط
نظام الرئيس المعزول في نشاطات إرهابية ، وتوجهاته المعادية للغرب ، وآنخرطت الحكومة في حوار مُباشر مع الإدارة الأميركية ، قطع أشواطاً كبيرة ، وافقت بدفع تسويات مالية تقدر بنحو 335 مليون دولار لأسر ضحايا تفجيرات المدمّـرة « كول » وتفجير السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا ،
ويتوقّع صدور قرار شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، في منتصف أكتوبر الحالي ، بحسب تصريحات سابقة أدلى بها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ، وشكلت الحرب في إقليم
دافور التي اندلعت عام 2003 مأساة إنسانية لفتت أنظار العالم ، للجرائم البشعة التي ارتكبها نظام
الرئيس السوداني المعزول ، عمر البشير ، وجرّت عليه اتهامات بتورطه في جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وضدّ الإنسانية ، ويُنتظر أنْ يمثل « البشير » أمام المحكمة الجنائية الدولية بعد إتّفاق الحكومة والحركات على طاولة التفاوض ، وفشلت كل الاتفاقيات التي أبرمت في عهد النظام المعزول
في إنهاء الحروب ، وتجددت النزاعات أكثر حدة بعد إنفصال الجنوب ، في جنوب كردفان
والنيل الأزرق ، وظل نظام البشير يراوغ في الوصول إلى سلام حقيقي يُخاطب جذور المشكلة
في التهميش والظّلـم .
المصدر / جريدة الشرق الأوســــط .