ما سر إنخفاض عدد وفيات وإصابات كورونا في اليابان ؟ !
الجمعة 13 ـ 11 ـ 2020
كانت اليابان ، بسكان هم الأكبر سناً في العالم ومدن مكتظة للغاية ، تُعتبر فريسة مؤكدة لفيروس كورونا المستجد ، لكن يبدو أنّ الأرخبيل الآسيوي العملاق تجنّب الأسوأ حتى الآن حسب البيانات الرسمية ، لأسباب لا تزال غير واضحة ،هل العادات الاجتماعية والغذائية سبب انخفاض عدد الوفيات والإصابات بفيروس كورونا أم قلة عدد الاختبارات ؟ .
أحصت اليابان التي تعدّ 126 مليون نسمة حوالى 16 ألف إصابة بفيروس كوفيد - 19
على أراضيها منذ بدء الأزمة الصحية ، من بينهم 678 وفاة ، في أرقام أقلّ بكثير من الأعداد المسجّلة
في أوروبا والولايات المتحدة ، قُدمت فرضيات عدة لمحاولة تفسير هذه الظاهرة ، مثل ثقافة إرتداء الأقنعة الواقية وهي شائعة جداً في اليابان حتى قبل ظهور كوفيد - 19 ، ومعدّل البدانة المنخفض أو حتى طريقة إلقاء التحية عنّ بعد من دون قبلات ولا مصافحة باليد ، وإرتفاع عدد ضحايا " كورونا " في الصين وفوق سفينة " دايموند برينسس " ، وفي فرضيات أكثر غرابة، يدور الحديث عنْ عادات غذائية مثل تناول السمك بشكل كبير وهي غنية بفيتامين - د أو تناول الـ " ناتو " وهو فول الصويا الياباني المخمَّر الذي يقوّي الجهاز المناعي ، ومقابل التراجع الواضح في عدد الإصابات في الأسابيع الأخيرة ، أعلن رئيس الوزراء شينزو آبي اليوم الخميس ( 14 مايو/ أيار 2020 ) رفع حال الطوارئ في معظم مناطق البلاد، قبل أسبوعين من الموعد الأولي لرفعها ، لكن هناك اعتراض على هذا النجاح إذ يعتقد خبراء
أن الأرقام الرسمية أقلّ بكثير من الأعداد في الواقع ، بسبب إجراء عدد محدود من الفحوص وتخصيصها للأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض حادة ، حتى 11 أيار/ مايو ، لم تُجرِ اليابان إلا 218200 فحصاً منذ بداية الأزمة ، وفق وزارة الصحة ، مسجّلةً أدنى مستوى للفحوص بالنسبة لعدد السكان من بين دول مجموعة السبع ، وفق موقع " وورلدوميترز " للإحصاءات ، وأقرّ أحد المستشارين الطبيين للحكومة ، شيغيرو أومي ، بأنّ " أحداً لا يعرف " ما إذا كان العدد الحقيقي للإصابات في اليابان " أكبر بـ 10 ، 12 أو 20 مرة " من الأرقام الرسمية ، وأشار أستاذ السياسات العامة في جامعة هوكايدو ( شمال ) كازوتو سوزوكي إلى أنّ " إجراء فحوص بشكل مكثّف ليس سياسة اليابان " معتبراً أنّ مع معدّل 7,5 بالمائة من الفحوص إيجابية ، فإنّ ما تقوم به السلطات غير كافٍ ، وقال مساعد مدير مركز استشفائي كبير في طوكيو ، ريوجي كويكي ، إنّ المعطيات الرسمية " لا تعني بالضرورة أننا ندير ( الوضع ) بشكل جيّد " ، وأوضح : أنّ آنخفاض عدد الإصابات الجديدة " لا يعود إلى ما تفعله الحكومة " ، وإنما إلى عوامل " لا يمكن قياسها " مرتبطة بعادات اليابانيين مثل النظافة الصحية والتباعد الاجتماعي
الموجود أصلاً في الثقافة المحلية .
لا عقوبات على المخالفين :
تعرّضت اليابان في وقت مبكر جداً للأزمة الصحية مع وصول سفينة " دايموند برنسيس " السياحية
التي كانت آنذاك أكبر بؤرة للإصابات خارج الصين، منشأ الفيروس، مطلع شباط/ فبراير إلى مياهها ، وبعدما تعرّضت لانتقادات جراء إدارتها لأزمة " دايموند برنسيس " ، ضربت الحكومة بعدها بيدٍ من حديد إعتباراً من شباط / فبراير عبر طلب إغلاق المؤسسات التعليمية في كافة أنحاء البلاد ، ورغم ذلك ، إرتفع عدد الإصابات في اليابان في أواخر آذار/ مارس . وأُغلقت حدود البلاد أمام عدد متزايد من الأجانب ،
وأعلنت الحكومةحالة الطوارئ في مطلع نيسان / أبريل ،لكن هذا النظام أكثر مرونةً من التدابير المتخذة
في دول أخرى ، إذ إنه يسمح للسلطات الاقليمية بدعوة السكان إلى البقاء في منازلهم لأكبر قدر ممكن
من الوقت ولبعض المتاجر غير الضرورية بالإغلاق موقتاً ، لكن من دون فرض عقوبات على
المخالفين ، وأقرّت الحكومة أيضاً خطة مساعدات هائلة بقيمة 117 ألف مليار ين ( أكثر من تريليون يورو) لدعم الشركات والسكان مع تقديم إعانة موحدّة بقيمة مئة ألف ين (حوالى 860 يورو )
لكل مواطن في البلاد ، إلا أنّ رئيس الوزراء استمر بارتكاب الأخطاء ، فقد تعرّض للسخرية جراء قراره القاضي بتوزيع كمامتين من قماش قابل للغسل لكل أسرة ، وأثيرت حينها انتقادات لرداءة نوعيتها ، ويرى خبير السياسة اليابانية في شركة " تينيو " الاستشارية توبياس هاريس أنّخطوة شينزو آبي كانت " غير عادلة " ، وأضاف في حديث لوكالة فرانس برس " أعتقد أنه واجه صعوبة في استباق الأحداث منذ البداية، لم يتواصل بشكل فعّال بما فيه الكفاية وأضرّ به مساعدوه " ، ووفق استطلاع للرأي حديث أجرته وكالة " كيودو نيوز " للأنباء ، فإنّ 57,5 بالمائة من الأشخاص الذين شاركوا في الاستطلاع غير راضين عنْ عمل الحكومة في مواجهة الجائحة ، مع 34,1 بالمائة فقط من الآراء مؤيدة لها .
المصدر / D . w عربي .