فايننشال تايمز: دول الخليج تتسابق في الإصلاح والتّغيير الحقيقي بعيد المدى !
الأربعاء 18 ـ 11 ـ 2020
كتب إبراهيم درويش :
لندن / “ القدس العربي ” :
خصصت صحيفة “ فايننشال تايمز ” افتتاحيتها للتنافس بين دول الخليج لإحداث تغيرات اجتماعية
استجابة لما أحدثه وباء فيروس كورونا ، وقالت إن التنافس بين دول الخليج المستبدة في التغيير أمر
يجب تشجيعه مع أنّ التغيير الحقيقي لا يزال بعيد المدى ، وأشارت في البداية إلى قرار دولة الإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي تغييرا في نظامها القانوني ، وكان يستهدف بالدرجة الأولى العمال الأجانب ولكنه قد يترك على المدى البعيد أثاره في المنطقة ، وجاء القرار في وقت انشغل فيه الناس
بما جرى في الولايات المتحدة من جدال حول نتائج الإنتخابات والإكتشاف الذي أعلنته شركة أدوية
المانية وأمريكية بشان لقاح يعالج كوفيد - 19 ، وقالت الصحيفة “ من الصعب التأكد فيما إنْ كانت التغيرات في الخليج مفرطة وتم تسويقها بشكل مكلف للترويج للذات وإعادة تشكيل الماركة أو أنها
من أجل الإصلاح الحقيقي ، لكن ما يجري من إصلاح في الإمارات هو جزء من السباق بين
دول الخليج التي تأثرت بتراجع أسعار النفط وصدمة فيروس كورونا عليها وأجبرت والحالة
على إعادة تشكيل نفسها أنّ آختراع صورتها ، فدولة الإمارات قررت التحرك بالإتجاه العلماني
وسمحت بتناول الكحول والشراكة بين غير المتزوجين وجرمت قتل الشّــرف ، وتسمح الإصلاحات
للعمال الوافدين الذين يتفوقون على السكان الأصليين بنسبة 9 إلى واحد لحل القضايا المتعلقة بقانون
العائلة مثل الطلاق والميراث بناء على القانون المدني لبلادهم وليس تبعا لقوانين الشريعة ،
وعلى خلاف السعودية تسمح الإمارات لأتباع الديانات الرئيسية بحرية العبادة واستقبلت زعيم الكنيسة الكاثوليكية ، البابا فرانسيس العام الماضي ، وهي أوّل زيارة لزعيم مسيحي للجزيرة العربية التي ولد فيها الإسلام ، وركزت الإمارات على التعليم وتوسيع حقوق ودور المرأة في الحياة العامة ، لكن ولي عهد
أبو ظبي ، والحاكم الفعلي للإمارات على علاقة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، الذي كبح
من سلطة الشرطة الدينية لمواصلة نسخته من الإصلاح الإجتماعي والإقتصادي والسماح للشباب بالتنفس لكن إصلاحات هذين الحاكمين المستبدين ترافقت مع قمع المعارضة السياسية والنقد ،وفي الإمارات العربية المتحدة غطت النزعة التجارية الصارخة لدبي على الرد القاسي على الإسلام السياسي في الداخل
والخارج ومنذ الربيع العربي الذي أحدث زوبعة سياسية ، ولكنها تتنافس مع جاراتها في دول الخليج للدخول في دائرة الضوء العالمية ، وأدى الوباء إلى تأجيل معرض اكسبو 2020 حتى
تشرين الأول / أكتوبر، ويتوقع أنْ يزوره 25 مليون زائرا ويقدم صورة عنْ اقتصاد الإمارات المنفتح ، وفي السعودية التي تخطط لاستضافة مناسبات رياضية مثل فورمويولا وان والملاكمة فقد أعلنت
عنْ إلغاء نظام الكفالة الذي يحتاجه العمال الأجانب للعمل في المملكة والتي كانت تعتبر تجارة مربحة وقارنها النقاد بعمالة السخرة ومن بداية آذار/ مارس سيتمكن 10 ملايين عامل على تغيير وظائفهم والسفر بدون الطلب من كفلائهم ، وبنفس السياق تقوم قطر الغنية بالغاز والتي تتعرض لحصار جيرانها منذ عام 2018 بمنافسة حامية وقامت كجزء من خطتها لاستفادة مباريات كأس العالم 2022 بتغيير نظام الكفالة وأقرت الحد الأدنى من الإجور ، وأعلنت عنْ الإنتخابات البرلمانية العام المقبل لتحسين صورتها أكثر، وتقول الصحيفة إنّ الشرق الأوسط وعلى مــرّ القرون ازدهرت فيه مراكز من بغداد العباسيين ومشرق العثمانيين لعبت دور المراكز الثقافية احتكت فيها الحضارات والأديان والتجار
والرحالة ، والتغير في الخليج أمامه طريق طويل لكي يصل إلى هذا المستوى من الراحة ،
ولكنه الطّــريق الذي يجب أنْ تسير به .
المصدر / موقع المــدى الإخباري .