حينما وصل السكين إلى العظم ؛ عقوبات أميركية جديدة على إيران !
الثلاثاء 10 ـ 11 ـ 20
الاقتصاد الإيراني عانى بشكل كبير من العقوبات الأميركية فتدهورت العملة وارتفعت أسعار البضائع
( الصحافة الإيرانية)
كتب محمد رحمن بور / طهران :
مع اقتراب انتهاء مدة حظر الأسلحة على إيران في 18 أكتوبر/تشرين الأول وكذلك اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية في 3 نوفمبر/ تشرین الثاني ، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو فجر الأحد أنّ عقوبات الأمم المتحدة على إيران دخلت مجددا حيز التنفيذ ، وبحسب الخبراء ، فإنّ إعادة فرض العقوبات ليس لها وجه قانوني ، فبعد انتهاك الولايات المتحدة للاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن رقم 2231 ، لا يوجد للولايات المتحدة أي وجه حق في اللجوء إلى آلية فض النزاع والعودة إلى الحالة الأصلية ، وبعد الانسحاب الأميركي في 8 مايو/ أيار 2018 وفرض العقوبات الاقتصادية على إيران التي استهدفت مكوناتها الاقتصادية مثل النفط والبتروكيماويات والبنك المركزي الإيراني ، عانى الاقتصاد الإيراني بشكل كبير مما أدى إلى تدهور العملة وارتفاع مستمر في أسعار البضائع ، وارتفع سعر الدولار الأميركي مقابل الريال الإيراني من 115 ألفا في سبتمبر/ أيلول العام الماضي إلى 275 ألفا خلال الشهر الجاري ،کما وصلت مبيعات النفط الإيراني إلى أدنى مستوياتها، حيث صرح محمد باقر نوبخت نائب رئيس الجمهورية خلال الشهر الجاري بأنه " لا يمكننا بيع النفط ولو قطرة واحدة " ، وأثرت العقوبات السابقة على الاقتصاد الإيراني الذي يعتمد بشكل كبير على تصدير النفط في الوقت الذي يواجه فيه نقصا كبيرا في الميزانية ، لذا يعتقد محللون إيرانيون أنّ العقوبات الجديدة لنْ تكون فعالة للغاية ، ولا يوجد مجال آخر لفرض العقوبات مجددا على الدولة ، العقوبات الأميركية السابقة أثرت سلبا على الاقتصاد الإيراني الذي يعتمد بشكل كبير على تصدير النفط ( رويترز )
تأثير العقوبات الأميركية :
يقول الدكتور محمد خوش جهره ، النائب السابق في البرلمان الإيراني وأستاذ الاقتصاد بجامعة طهران
في حديثه للجزيرة نت : " علينا تحليل العقوبات الجديدة ضمن الأجواء الانتخابية في الولايات المتحدة الأميركية ، لا سيما أنّ ترامب يستخدم كل الوسائل المتاحة لكسب الأصوات المؤيدة له ، وهو يعلم أنّ العقوبات لن تؤثر دون دعم حلفائه الأوروبيين إلى جانب روسيا والصين " ، ويرى خوش جهره أنه قبل توجيه الأصابع للعقوبات الخارجية وربطها بمسألة ارتفاع سعر الدولار مقابل الريال الإيراني ، يجب معاينة القرارات المالية الخاطئة في البلد عنْ كثب ، فبدل أن يُضخ الدولار في التجارة الخارجية ، اتخذ الدولار مسارا آخرا ليقوم الناس بتخزين الدولارات في منازلهم مما أدى لزيادة الطلب عليه ، وأضاف :
أنّ الحكومة تمتلك 95 % من العملات الأجنبية ، فإذا استطاعت بيع بضائعها الحصرية أو حتى العملات الأجنبية بسعر مرتفع ، قد تجني أرباحا كبيرة تعالج بها عجز ميزانيتها ، ولكن في النهاية ستواجه تضخما لا يمكن احتوائه ، لأنّ الدولة نفسها من أكبر المستهلكين في البلاد ( المؤسسات الحكومية وموظفوها ) ، ويبحث الشارع الإيراني إلى الحد الذي سيتوقف عنده الارتفاع المستمر في أسعار المواد الاستهلاكية كالمواد الغذائية والسيارات والعقارات ، وكذلك التضخم المرتفع ( 26 % حسب مركز الإحصاء الإيراني و60 % حسب إحصاءات غير رسمية ) الذي زاد من نسبة العائلات التي تعيش تحت خط الفقر، والتي تحتاج ما لا يقل عن 100 مليون ريال للارتفاع عنه ، في حين يتقاضى العامل أقل من 30 مليون ريال في الشهر، بحسب هادي أبوي الأمين العام لنقابة العمال في إيران ، الإيرانيون يبحثون عن الحد الذي سيتوقف عنده الارتفاع المستمر في أسعار المواد الاستهلاكية التفاوض المستمر، ومن جانب آخر، يعتقد الأستاذ الجامعي والخبير اقتصادي بهمن آرمان أنّ " إيران وأميركا مضطرتان للتفاوض المستمر حتى إنهاء هذه التوترات الطويلة الأمد ، والتي تعتبر سببا أساسيا من أسباب الضغوطات الاقتصادية التي تواجهها الدولة " ، وتابع آرمان حديثه للجزيرة نت : " مع العلم أن الولايات المتحدة تمتلك 24 % من ناتج الاقتصاد العالمي ، إضافة للأدوات المالية والقانونية ، يمكنها من إرغام بقية الدول على اتباعها رغم محاولتهم إظهار أداء معاكس لأميركا ، لكن على أرض الواقع لا تتجرأ الدول الأوروبية على مخالفة الولايات المتحدة ، وذلك لوجود مستوى عال من التبادلات التجارية والاقتصادية والعلاقات السياسية والأمنية التي تجمعها سويا " ، وقد تصيب العقوبات الأميركية الجديدة على إيران هدفها في حال
توفر شرطين أساسيين :
أولا : أنْ تفرض الولايات المتحدة وجهة نظرها على طاولة الدول للوقوف إلى جانبها ،
ثانيا : أنْ تقف الحكومة الإيرانية مكتوفة الأيدي تجاه هذه العقوبات دون أي محاولة لتغيير سياساتها المالية وإصلاح اقتصادها من الداخل ، وبينما تطلع إيران لمرحلة ما بعد الانتخابات الأميركية ومآلاتها وانعكاساتها على الأداء الأميركي في التعاطي الخارجي ، لا سيما في حال فوز جو بايدن المرشح الأقوى والمنافس لدونالد ترامب ، فإنه يجدر بإيران أن تغض الطرف عن كلا الحزبين الأميركيين لأنهما يتفقان على المضي في إستراتيجية واحدة لكنهما يختلفان في التكتيك فقط .
المصدر : قناة الجزيرة .