تحليل اخباري : تهديد القوى السياسية فى مصر بمقاطعة الانتخابات البرلمانية بين المناورة والتصعيد

تحليل اخباري : تهديد القوى السياسية فى مصر بمقاطعة الانتخابات البرلمانية بين المناورة والتصعيد

تباينت وجهات نظر المحللين السياسيين فى مصر حيال تهديد القوى السياسية
بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة حيث رأى فريق منهم هذا التهديد مجرد
"مناورة سياسية لن ترتقى لحيز التنفيذ " بينما اعتبر آخرون المقاطعة
"ضرورة " لاعادة الاوضاع لمسارها الصحيح فيما عدها ثالث " موقفا ايجابيا
لكنه ضعيف" مطالبا ان يرافقها مظاهرات مليونية .

وكان التحالف
الديمقراطي ، الذى يضم حوالي 34 حزبا وحركة سياسية ابرزها حزبا ( الوفد)
الليبرالي و(الحرية والعدالة) الذراع السياسي لجماعة (الاخوان المسلمين) ،
هدد فى اجتماع امس بمقاطعة الانتخابات التشريعية ما لم يتم الغاء المادة
الخامسة من المرسوم الخاص بقانون الانتخابات ، التى تمنع الاحزاب من
المنافسة على المقاعد الفردية، وتفعيل " قانون الغدر" لمنع كوادر الحزب
الوطني الديمقراطي ، الحاكم سابقا والمنحل بحكم قضائي من المشاركة فى العمل
السياسي لمدة عشر سنوات.

ومن المقرر أن تنطلق أولى مراحل
الانتخابات التشريعية ، التي تعد الأولى منذ تنحي الرئيس السابق حسني
مبارك، فى 28 نوفمبر المقبل بالنسبة لمجلس الشعب، على أن تبدأ أولى مراحل
انتخابات مجلس الشورى، الغرفة الثانية للبرلمان، اعتبارا من 29 يناير
القادم.

كما طالب التحالف باجراء الانتخابات الرئاسية عقب
الانتخابات التشريعية بحيث يتم تسليم السلطة فى البلاد قبل منتصف العام
المقبل الى جانب ضرورة انهاء حالة الطوارئ.

وامهل التحالف
المجلس الاعلى للقوات المسلحة ، الذى يدير البلاد خلال المرحلة الانتقالية ،
الى الاحد المقبل للرد على هذه المطالب وقرر عقد اجتماع فى ذات اليوم
لكافة الاحزاب والقوى الاعضاء فى التحالف للنظر فى تعامل ورد المجلس
العسكري عليها .

وقال المحلل السياسي احمد بان لوكالة انباء
(شينخوا) ان التهديد بمقاطعة الانتخابات " قفزة فى الهواء " مؤكدا انه فى
ظل غياب نظام سياسي مستقر فان مقاطعة الانتخابات تكون " غير ذي جدوى" .

واضاف ان هذه الخطوة مجرد " مناورة سياسية لن ترتقى الى حيز التنفيذ"
لان القوى السياسية لن تجرؤ على ان تستبعد من ترتيبات الحياة السياسية فى
مصر خلال الفترة المقبلة .

وحول تأخر الحكومة فى اصدار قانون
الغدر رغم تصريحات لرئيس الوزراء عصام شرف قال فيها انه طلب من وزير العدل
مراجعة قانون الغدر، الذى صدر فى 1953 لمحاكمة من شارك فى افساد الحياة
السياسية ، قال ان السبب فى ذلك هو المجلس العسكري مضيفا لو الاخير جاد فى
مسألة العزل السياسي لرموز النظام السابق لاصدر قانون الغدر .

ومعلقا على المادة الخامسة من قانون الانتخابات اوضح بان ان الغرض من وضعها
هو ضمان تركيبة معينة للبرلمان المقبل بحيث لا تستحوذ اى من القوى
السياسية على الاغلبية البرلمانية منفردة .

واشار الى ان هذه المادة سوف تمكن كوادر الحزب الوطني من دخول البرلمان مجددا .

وحول ما اذا كان الاجواء الحالية تمهد لصدام مرتقب بين القوى السياسية
والمجلس العسكري اوضح ان الجانبين يحاولان تجنب الصدام لكنه دعا المجلس
العسكري الى ادارة اللعبة السياسية بشكل يحقق قدرا من التوافق مع القوى
السياسية حتى لا تندفع الامور باتحاه الصدام.

على النقيض ،
اعتبر الدكتور صلاح سالم استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان التهديد
بمقاطعة الانتخابات " موقفا ايجابيا لكنه ضعيف " داعيا الاحزاب الى موقف
اكثر قوة لاسترداد الثورة خاصة ان النظام الانتخابي الجديد لا يتفق مع
اهداف الثورة ولا يتيح تكافؤ الفرص .

وقال ان النظام الانتخابي
الذى يتيح انتخاب ثلثي النواب وفقا للقائمة الحزبية والثلث حسب النظام
الفردي " يعنى العودة لسلبيات لنظام مبارك الذى كان يستخدم نفوذ المال
والعصبيات والبلطجة" فى الانتخابات .

وحول امكانية تنفيذ
الاحزاب لتهديدها بالمقاطعة قال " ممكن لان قانون الانتخابات يستعيد مآسي
النظام السابق " الى جانب كونه غامضا بالنسبة للناخب البسيط الذى لن يفهم
هذا القانون المعقد.

وتساءل سالم عن اسباب عدم اصدار الحكومة
لقانون الغدر مطالبا بعزل اعضاء الحزب الوطني الديمقراطي سياسيا لمدة لا
تقل عن عشر سنوات محذرا من ان اجراء الانتخابات وفقا للقانون الجديد يعنى
عودتهم الى البرلمان خاصة انهم يملكون المال والنفوذ والخبرة .

ورأى ان " الثورة تجهض وتحتاج لوقفة اكبر من المقاطعة " تتمثل فى مظاهرة
مليونية تتوافق حولها كل القوى السياسية للمطالبة باجراء الانتخابات وفقا
لنظام القائمة النسبية مع الغاء نسبة 50 % من مقاعد البرلمان التى يتم
تخصيصها للعمال والفلاحين .

وحول احتمالات الصدام بين المجلس
العسكري والقوى السياسية رأى سالم انه " لا يوجد صدام فى العمل السياسي لكن
هناك مساومة " خاصة ان مطالب الاحزاب مشروعة متسائلا " لماذا يصر المجلس
العسكري على قانون الانتخابات " الجديد.

بدوره ، اعتبر احمد
بهاء الدين شعبان وكيل مؤسسي حزب (الاشتراكي المصري) مقاطعة الانتخابات "
ضرورة وواجب حتى تعود الامور الى مسارها الصحيح " مشترط لتنفيذ المقاطعة "
اجماع القوى السياسية عليها" .

ورأى ان تفعيل قانون الطوارئ
وعدم اصدار قانون الغدر الى جانب اجراء الانتخابات وفقا للنظام الانتخابي
الجديد من شأنه ان " يعيد انتاج نفس الظروف التى ادت لاندلاع ثورة 25
يناير" .

واوضح انه اذا اجمعت القوى السياسية على المقاطعة فى
حال عدم تعديل قانون الانتخابات فان ذلك سيكون نقطة البداية الحقيقية للعمل
السياسي فى مصر.