وصف بأنه "توجه خطير نحو الديكتاتورية" .. تنديد محلي ودولي ...
متواصل بإقالة رئيس تونس لعشرات القضاة !
03 ـ 06 ـ 2022
انتقدت منظمات وهيئات مدنية، بينها الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة
العالمية لمناهضة التعذيب، إضافة إلى عدد من النشطاء والجامعيين، إقدام الرئيس
التونسي قيس سعيد قبل يومين على إعفاء نحو ستين قاضيا من مهامهم.
وآعتبرت هذه المنظمات في بيان أن "انتهاج المسلك الانفرادي المتسلّط لإعفاء
القضاة هو ضرب لسلطة الدستور واستمرار في نهج الاستبداد وتوجه خطير
نحو الدكتاتورية"، وفق تعبير البيان.
وآستنكر البيان عمليّة الإعفاء، مشدّدا على أن هدفها الأساسي ترهيب القضاة
وتخويفهم، على غرار ما قامت به حكومة الترويكا في تونس عام 2012،
على حدّ وصفه.
وأشار البيان إلى أن إصلاح القضاء يجب أن يكون في إطار دولة القانون
الحامية للحق في المحاكمة العادلة دونما تضليل أو تحصين للأوامر الرئاسية
من الطعن فيها.
كما دعا البيان الشخصيات الوطنية والمنظمات والأحزاب السياسية إلى الوقوف
ضد ما وصفه بالحملة الممنهجة التي يتخذها رئيس الدولة من أجل تركيع
القضاء بحسب البيان.
وعزّز الرئيس التونسي قيس سعيد -الذي يتهم باحتكار السلطات في البلاد -
صلاحياته القضائية بتعديل قانون منظم للمجلس الأعلى للقضاء أعفى
بموجبه 57 قاضيا من مهامهم.
تُهم :
وصدرت في الجريدة الرسمية مساء الأربعاء قائمة تضم أسماء 57 قاضيا اتخذ
قرار عزلهم بتهم من بينها "التستر على قضايا إرهابية"، و"الفساد" و"التحرش
الجنسي" و"الموالاة لأحزاب سياسية" و"تعطيل مسار قضايا" وستتم ملاحقتهم
قضائيا، على ما أكد سعيّد في اجتماع وزاري.
ومن بين القضاة المعزولين متحدث سابق باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب
ومدير عام سابق للجمارك والرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء وقضاة آخرون
وجهت لهم سابقا اتهامات بالتقرّب من أحزاب سياسية كانت نافذة.
ويشمل القرار أيضا قضاة كانوا يشرفون على ما يعرف بملف "الجهاز السرّي
" المتعلق بالتحقيق في اغتيالات سياسية طالت سياسيين اثنين في العام 2013.
وعدّل سعيّد مرسوم المجلس الأعلى الموقت للقضاء ليتمكن من اتخاذ القرار، وحلّ
في فبراير/ شباط الماضي المجلس الأعلى للقضاء، الهيئة الدستورية المستقلة التي
تأسست في العام 2016 وتعمل على ضمان استقلالية القضاء في البلاد. كما عدل
قانون الانتخابات والاستفتاء.
مناقض للدستور :
من جهة أخرى، قالت حركة مشروع تونس إن إعفاءات القضاة تناقض الدستور
والقانون بسبب تحصينها من الطعن. وأضافت الحركة في بيان نشرته عبر صفحتها
على الفيسبوك أن القضاء مثل غيره من القطاعات يتطلب إصلاحات جوهرية.
وأكد البيان أن المرسوم والأمر الرئاسي المذكورين يعارضان مقومات استقلال القضاء
ومقومات المحاكمات العادلة.
واعتبر البيان أن العديد من الإعفاءات إضافة لتضاربها مع الدستور والقانون بسبب
تحصينها من الطعن، تقوم على شبهات سياسية.
وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي إن إصدار مرسوم
رئاسي لعزل 57 قاضيا في هذا التوقيت لا يخلو من ترهيب وتخويف بحسب تعبيره.
وأضاف الطبوبي في تجمع عمالي لنقابات قطاع النقل بالعاصمة التونسية أن وزيرة
العدل مارست ضغوطا عن طريق تدخلها في عدة قضايا.
بدوره اعتبر الأمين العام لحزب "التيار الديموقراطي" المعارض غازي الشواشي
في مؤتمر صحافي الخميس أن قرار العزل "تصفية حسابات ضد قضاة".
المنصف المرزوقي :
من جهته، قال الرئ :يس التونسي السابق منصف المرزوقي إنه يفتخر بموقف
كل القضاة الذين رفضوا تعليمات من وصفه بغير الشرعي، في إشارة إلى قيس سعيد.
ودعا المرزوقي في تدوينة نشرها عبر صفحته على فيسبوك لاغتنام الفرصة التاريخية
التي ستغفر للسلك كل أخطائه وكل خطاياه الماضية، وذلك عبر اتخاذ كل ما يرونه
صالحا من تدابير قانونية ونضالية.
وأكد على وقوف من وصفهم بالأحرار مع القضاة من أجل استقلال القضاء وبناء دولة
قانون ومؤسسات "لا تخضع لنزوات حاكم مغرور وغير واع بالزمن الذي يعيش فيه".
واعتبرت جبهة الخلاص الوطني -وهي تكتل لأحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني
معارضة لسعيّد- في بيان الخميس، أن ما قام به الرئيس "تدخل فظ" في القضاء.
واتهمته بأنه أعطى لنفسه "حقّ عزل القُضاة بناء على مجرّد الشبهة دون حق
الاعتراضِ قبل أن يقول القضاء الجزائي رأيه النهائي".
موقف أميركي رافض :
واتهمت واشنطن الرئيس التونسي قيس سعيد بتقويض المؤسسات الديمقراطية
في البلاد بعد أن أقال عشرات القضاة ضمن مجموعة من الإجراءات التي تهدف
فيما يبدو إلى تعزيز حكم الرجل الواحد.
وفي خطاب نقله التلفزيون الأربعاء، اتهم سعيد القضاة بالفساد وحماية الإرهابيين.
وغير الرئيس التونسي أيضا أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وقال إنه
سيطرح دستورا جديدا هذا الشهر.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن عملية "التطهير"
جزء من "مجموعة مثيرة للقلق من الخطوات التي تقوض المؤسسات الديمقراطية
المستقلة في تونس".
وقال برايس في مؤتمر صحفي دوري إن المسؤولين الأميركيين أبلغوا نظراءهم
التونسيين بأهمية الالتزام بضوابط النظام الديمقراطي.
وقال برايس "ما زلنا نحث الحكومة التونسية على متابعة عملية إصلاح شاملة
وشفافة بمساهمة من المجتمع المدني والأصوات السياسية المتنوعة لتعزيز شرعية
جهود الإصلاح".
وكان سعيد أصدر في 25 يوليو/تموز 2021 قرارات احتكر بموجبها السلطات
إذ علّق عمل البرلمان وأقال الحكومة وعلّق أجزاء من دستور 2014 الذي كان قد
وعد بتعديله، وهو مذاك يمارس الحكم عبر إصدار مراسيم.
المصدر / موقع الجزيرة + وكالات .