لولايات المتحدة الأمريكية تواجه «الطلاق الأكبر» .. الرئيس بايدن فشل ...
في مصالحة الأمريكيين !
06 - 06 ـ 2022 | 10:20 |
بقلم : لوك دو باروشيه :
تحولات داخلية كبيرة تلك التي تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية وتحديات متعددة الأبعاد تلك التي
بات يتخبط فيها المجتمع السياسي في بلاد العم سام في خضم التطورات التي تشهدها
في الوقت الراهن الخارطة الجيوسياسية العالمية والتي قد تعود بعواقب وخيمة على
مختلف الدول، ولا أدل على ذلك من أزمة الغذاء التي بدأت تتفاقم وخاصة منذ التدخل
العسكرية الروسي في أوكرانيا.
لم تعد الهواجس والمخاوف التي تتحدث عن تفكك الولايات المتحدة الأمريكية تمثل
سيناريو خياليا. ففي ظل الطريقة التي تسير عليها الأمور في داخل هذه القوة العظمى
بها الأمور والأزمات والتحديات التي تتخبط فيها الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت
الراهن، قد يختار الأمريكيون قريبًا المكان الذي يعيشون فيه بناءً على معتقداتهم
السياسية.
وبناء عليه قد يتخذ أولئك الذين يرفضون حظر الإجهاض قرارا بالانتقال للعيش
والعمل في داخل إلى دولة زرقاء - في إشارة إلى تلك الولايات والمناطق والدوائر
الانتخابية المؤيدة للديمقراطيين. أما أولئك الذين لا يريدون أن يتعلم أطفالهم نظرية
النوع في المدرسة الابتدائية فإنهم قد يفضلون العيش في الولايات والمناطق والدوائر
الانتخابية الحمراء التي يسيطر عليها الجمهوريون.
في ظل هاذ المشهد المتأزم في داخل الولايات المتحدة الأمريكية نجد صراعات
متصاعدة باضطراد ما بين التقدميين من جهة، والتيارات السياسية والاجتماعية والفكرية والدينية المحافظة من جهة أخرى ... فبعض المؤلفين، مثل كاتب المقالات ستيفن ماركي أو عالمة السياسة باربرا ف. والتر، يرون في هذه التطورات والتحديات المتفاقمة في داخل الولايات المتحدة الأمريكية ما يشبه
الدوامة التي قد تؤدي إلى حرب أهلية، في مجتمع ممزق حيث يظهر العنف السياسي على السطح وحيث توجد الأسلحة بشكل مفرط وحيث تتسع الهوة وتزداد انقسامات المجتمع في كل يوم.
لم تعد مسألة إلغاء العبودية هي الوقود الذي يغذي الصراعات ويعمق حالة الاستقطاب السياسي والمجتمعي في داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كما كان الحال خلال الحرب الأهلية ولكن مسألة
الإجهاض هي التي أصبحت تمثل هي جوهر الطلاق الأمريكي العظيم والذي ستكون له تداعيات مستقبلية وخيمة. منذ انتخابه في عام 2020 فشل الرئيس جو بايدن في تنفيذ وعده بمصالحة أمريكا مع نفسها.
على العكس من ذلك، فإن الحرب الثقافية التي تتصاعد هي معارضة الرجعيين لـحركة «استيقاظ» أي
Woke , فقد احتشد اليمينيون المحافظون من ناحية راية دونالد ترامب وهم
يعززون سيطرتهم تدريجياً على الحزب الجمهوري.
أما حركة «استيقاظ» أي Woke فهي تعزز بدورها من نفوذها داخل الحزب
الديمقراطي. تتفاقم المواجهة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية النصفية
في 8 نوفمبر 2022.
أصبح مسألة الإجهاض اليوم من العوامل الرئيسية التي تعمق حالة الاستقطاب
السياسية والمجتمعي في الولايات المتحدة الأمريكية. فقد أدت مسودة حكم للمحكمة
العليا، نُشرت تفاصيله في الصحف الأمريكية، إلى إلقاء البنزين على النار.
فقد تبين أن أغلبية من خمسة قضاة من أصل تسعة يؤيدون إلغاء الحق الدستوري
في الإجهاض المعترف به منذ عام 1973.اذا اتخذت المحكمة إجراءً، فسيكون
الأمر متروكًا لكل ولاية من الولايات الخمسين التي تتكون منها الولايات المتحدة
أمريكية لتبني تشريعاتها الخاصة. لقد أظهرت استطلاعات الرأي أن ولاية واحدة
من بين كل ولايتين من الولايات الخمسين (23 ولاية من بين 50 ولاية)
تعتزم سن قوانين لمنع الإجهاض أو فرض قيود صارمة عليه تستهدف أكثر
من ثلاثين مليون امرأة أمريكية في سن الإنجاب.
يعتبر المحللون أن معركة الإجهاض الدائرة رحاها الآن تمثل هي أحد أعراض
الشر العميق الذي يقوض الديمقراطية الأمريكية. فالأركان الثلاثة التي تتكون منها
تتلاشى في نفس الوقت.
تم نزع الشرعية عن السلطة التنفيذية إذ يعتقد ثلثا الناخبينالجمهوريين حتى اليوم أن دونالد
ترامب هو الذي فاز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في عام 2020 وأن الاحتيال على نطاق واسع هو فقط الذي أدى إلى انتخاب جو بايدن.
عاني السلطة التشريعية بغرفتيها من حالة من الشلل فمجلس الشيوخ منقسم منذ50 - 50
بينالديمقراطيين والجمهوريين كما أن إمكانية التعطيل تفرض تصويت أغلبي اماع 60
مجلس الشيا لقرارات مثل تشريع الإجهاض الفيدرالي.
اما السلطة القضائية فقد باتت تعاني حالة من الهشاشة في الوقت الراهن.
فحالة الانسداد التي تتخبط فيها السلطة التشريعية - أي مجلس النواب ومجلس
الشيوخ،
هي التي تفسح المجال مفتوحًا أمام «حكومة القضاة». إن التيار المحافظ، الذي
طالما
رسخ معارضة الإجهاض كمعيار حاسم لاختيار أعضاء المحكمة العليا من قبل
رئيس جمهوري، يتوقع فوزه في انتخابات التجديد النصفي المزمع إجراؤها في
شهر نوفمبر 2022.
ينشأ الخلاف من الإرادة المعارضة لأقليتين متشددتين -المحافظون المتطرفون
من ناحية، والتقدميون «المستيقظون» من ناحية أخرى- لفرض هيمنتهم الثقافية
على المجتمع بأسره، من دون أي اعتبار لتماسكه وخطر تفككه.
هناك خطر حقيقي يتهدد المؤسسات الديمقراطية الأمريكية والتي قد لا تكون قوية بما
يكفي لتحمل الصدمات. أظهرت أعمال الشغب التي اندلعت في 6 يناير2021
فيمبنى الكابيتول هيل كيف أن حالة الاستقطاب السياسي المتصاعدة تجعل الأوضاع
الداخلية الراهنة قابلة للاشتعال.
يعتبر الكاتب والمفكر وعالم الاجتماع الأمريكي المعروف جيمس دافيسون هانتر
أن الحروب الثقافية هي التي غالبا ما تمهد الطريق لنشوب الحروب الأهلية وهو
يضرب على ذلك عدة أمثلة من الصراعات الدامية التي اكتوت بها الكثير من
الدول في العالم إن الحروب الثقافية لا تفضي بالضرورة إلى نشوب الحروب
الأهلية لكنها تغذيها.
المصدر / موقع اخبار الخليج الإخباري .